أحدث الأخبار
مقالات اليوم

الحلقة الحادية عشر (سليمان المشرع (القانونى ))


سليمان المشرع (القانونى )
-----------------
سليمان القانوني أحد أشهر السلاطيين العثمانيين، عاش بين عامي 1495 و 1566، وحكم لفترة 46 عاماً منذ عام 1520، وبذلك يكون صاحب أطول فترة حكم بين السلاطيين العثمانيين. زادت مساحة الدولة العثمانية بأكثر من الضعف خلال فترة حكمه ، حيث فتح شمال أفريقيا، وفي أوروبا قضى على دولة المجر وفتح ڤيينا وبلگراد.
والده السلطان سليم الأول ووالدته حفصة خاتون ابنة منكولي كراني خان القرم.



قام سليمان القانوني بالعديد من أعمال التشييد، ففي عصره بني جامع السليمانية الذي بناه المعماري سنان، كما قام بحملة معمارية في القدس من ضمنها ترميم سور القدس الحالي.


كما عرف بسنه لقوانين لتنظيم شؤون الدولة عرفت باسم "قانون نامه سلطان سليمان" أي دستور السلطان سليمان ، وظلت هذه القوانين تطبق حتى القرن التاسع عشر الميلادي، وكان ذلك مصدر تلقيبه بالقانوني. ولقد سماه الفرنجه بسليمان العظيم.
مات سليمان القانوني أثناء حصار مدينة سيكتوار في 5 سبتمبر 1566.
بلغت الدولة العثمانية في عهد سليمان القانوني ذروة المجد، وبسطت سلطانها على معظم بلدان العالم الإسلامي، وبعض الدول الأوروبية، وارتقت فيها النظم الإدارية على نحو يثير الإعجاب والتقدير، وسنت القوانين التي تنظم الحياة بكل دقة وعدالة، ودون أن تتعارض مع الشريعة الإسلامية، وازدهرت العمارة والبناء.
وكان وراء تلك النهضة الشاملة السلطان سليمان القانوني، وكان شاعرا له ذوق فني رفيع، ويجيد الخط، وعددا من اللغات الشرقية من بينها العربية، وكان له بصر بالأحجار الكريمة، كل ذلك إلى جانب قدرته الفائقة على قيادة الجيوش وإدارة الدولة، وممارسة الدبلوماسية بكل فنونها.
اخماد الثورات
----------------- 
قضى على تمرد "جان بردي الغزالي" في الشام، و"أحمد باشا" في مصر، و"قلندر چلپي" في منطقتي قونية ومرعش الذي كان شيعيًا جمع حوله نحو ثلاثين ألفًا من الأتباع للثورة على الدولة.


كانت البحرية العثمانية قد نمت نموًا كبيراً منذ أيام السلطان بايزيد الثاني، وأصبحت مسئولة عن حماية مياه البحار التي تطل عليها الدولة، وفي عهد سليمان ازدادت قوة البحرية على نحو لم تشهده من قبل بانضمام "خير الدين برباروسا"، وكان يقود أسطولاً قويًا يهاجم به سواحل إسبانيا والسفن الصليبية في البحر المتوسط، وبعد انضمامه إلى الدولة منحه السلطان لقب (قبودان )


وقد قام خير الدين -بفضل المساعدات التي كان يتلقاها من السلطان سليمان القانوني- بضرب السواحل الإسبانية، وإنقاذ آلاف من المسلمين في إسبانيا، فقام في سنة (935 هـ= 1529م) بسبع رحلات إلى السواحل الإسبانية لنقل سبعين ألف مسلم من قبضة الحكومة الإسبانية.


وقد وكل السلطان إلى خير الدين قيادة الحملات البحرية في غرب البحر المتوسط، وحاولت إسبانيا أن تقضي على أسطوله، لكنها تخفق في كل مرة وتتكبد خسائر فادحة، ولعل أقسى هزائمها كانت معركة بروزة سنة (945 هـ= 1538م).
وقد انضم أسطول خير الدين إلى الأسطول الفرنسي في حربه مع الهابسبورج، وساعد الفرنسيين في استعادة مدينة نيس (950 هـ= 1543م).


واتسع نطاق عمل الأسطول العثماني فشمل البحر الأحمر، حيث استولى العثمانيون على سواكن ومصوع، وأخرج البرتغاليين من مياه البحر الأحمر، واستولى العثمانيون على سواحل الحبشة؛ مما أدى إلى انتعاش حركة التجارة بين آسيا والغرب عن طريق البلاد الإسلامية.


الانفتاح على الدول الأوروبية
-----------------
انظر أيضاً: الحروب اخطا السلطان سليمان القانوني خطوات واسعة في سياسة انفتاح الدولة في علاقاتها مع الدولة الأوروبية، وبخاصة فيما يتعلق بالنشاط التجاري، فعقد عدة معاهدات لتنظيم تلك العلاقات التجارية، وتدحض تلك المعاهدات ما يروجه بعض الباحثين من أن الدولة العثمانية فرضت عزلة على ولاياتها العربية عن أوروبا، وقد سبق أن أقدم السلطان سليم الأول في أثناء إقامته بمصر بعد الفتح العثماني لها سنة 923هـ=1517م على عقد معاهدة تجارية مع جمهورية البندقية، لزيادة النشاط التجاري لها في مصر.
معاهدات مشرفة
------------------
عقد السلطان سليمان القانوني معاهدة مع "فرنسوا الأول" ملك فرنسا سنة 934هـ=1528م حددت فيها الدولة العثمانية الامتيازات التي سبق أن منحها سلاطين دولة المماليك الشراكسة للفرنسيين، وكفلت المعاهدة الجديدة لتجار فرنسا ورعاياها الأمن والسلامة على أرواحهم وأموالهم ومتاجرهم، في المدة التي يمكثون فيها في أراضي الدولة العثمانية، وتعطي لهم الحق في التنقل بحرية برا وبحرا، وممارسة التجارة، دون أن يمسهم أحد بسوء، أو يتعرضوا لمضايقات من قبل السلطات العثمانية.


ونظمت المعاهدة إقامتهم وطريقة معيشتهم في أحياء أو خانات خاصة بهم، نصت على عدم المساس بكنائسهم أو فرض ضرائب عليها.


معاهدة جديدة بين الدولتين
----------------- 
وشجّع نجاح تطبيق هذه المعاهدة أن سارع ملك فرنسا فرنسوا الأول والسلطان سليمان القانوني على إبرام معاهدة جديدة، قوى من الإسراع في عقدها العلاقات الودية التي تربط بين العاهلين الكبيرين، وعقدت هذه المعاهدة سنة 941هـ=1535م وعرفت باسم معاهدة صداقة وتجارة بين الإمبراطورية العثمانية وفرنسا كانت أكثر شمولا من المعاهدة السابقة، وتقرر فيها منح فرنسا وسائر رعاياها الذين يذهبون إلى أقاليم الدولة العثمانية شتى الامتيازات في مقابل منح الرعايا العثمانيين امتيازات مماثلة لها تقريبا.


فرنسا تستعين بالدولة العثمانية
ونظرًا للعلاقات الحسنة التي كانت تربط السلطان سليمان القانوني بفرنسا، فإنه استجاب لطلب ملكها "فرنسوا الأول" مساعدات حربية، في أثناء الحرب التي اشتعلت بين فرنسا والإمبراطورية الرومانية المقدسة حول دوقية ميلان في شمالي إيطاليا، فأبحر "خير الدين برباروسا" من إسطنبول في المحرم 950هـ=مايو 1543م على رأس قوة بحرية كبيرة إلى جنوبي فرنسا، لمساعدتها في تخليص ميناء "نيس" من قبضة "شارل الخامس"، ونجح بمساعدة "بولان" القائد البحري الفرنسي في استعادة ميناء نيس في ربيع أول 950هـ=يوليو 1543م.


ميناء طولون الفرنسي قاعدة حربية للعثمانيين
وفي السادس عشر من جمادى الآخرة 950هـ=16 من سبتمبر 1543م عقدت معاهدة بين الدولة العثمانية وفرنسا، تركت فيها الأخيرة ميناء طولون الفرنسي برضاها لإدارة الأتراك، وهو من الأحداث الفريدة في التاريخ التي لا تقع إلا نادرا؛ إذ تحول طولون وهو الميناء الحربي لفرنسا إلى قاعدة حربية إسلامية للدولة العثمانية، التي كانت في حاجة ماسة إليه؛ إذ كان الأسطول العثماني يهاجم في غير هوادة الأهداف العسكرية الأسبانية التي كانت تهدد دول المغرب العربي والملاحة بالبحر المتوسط.


وفي الفترة التي ترك فيها ميناء طولون للدولة العثمانية أخلى الثغر الفرنسي من جميع سكانه بأمر من الحكومة الفرنسية، وطلبت منهم أن يأخذوا معهم جميع أمتعتهم وأموالهم، وعدَّت رفض الهجرة من المدينة عصيانا للحكومة الفرنسية.


وتحول طولون إلى مدينة إسلامية عثمانية، رفع عليها العلم التركي، وارتفع الأذان في جنبات المدينة في أوقات الصلاة، وظل العثمانيون في المدينة ثمانية أشهر، شنَّوا في خلالها هجمات بحرية ناجحة على سواحل أسبانيا وإيطاليا.


وقد أدى هذا التحالف بين الدولة العثمانية وفرنسا إلى ازدياد السخط في أوروبا على "فرانسوا الأول" الذي دعم تحالفه مع العثمانيين، إلى الحد الذي جعله يسمح بتحويل ميناء طولون إلى قاعدة بحرية إسلامية تخدم الأسطول العثماني، وأطلق الرأي العام الأوروبي على هذا التعاون عبارة الاتحاد المدنس بين فرنسا والهلال.


معاهدة سنة 961هـ=1553م
-----------------
 وبعد موت ملك فرنسا فرانسوا الأول، انتهج ابنه هنري الثاني سياسته في دعم علاقته بالدولة العثمانية، وتوثيق الصداقة، والاستعانة بأسطولها البحري وقت الحاجة، فعقد معاهدة مع الدولة العثمانية في (16 من صفر 960هـ=1 من فبراير 1553م) بمقتضاها تساعد البحرية العثمانية فرنسا في فتح جزيرة كروسيكا، وأن يقدم لها ستين سفينة حربية مجهزة بالأفراد والعتاد، ونصت الاتفاقية على أن تكون الغنائم والأسرى من نصيب العثمانيين ولو كانوا من المسيحيين، كما حوت الاتفاقية على نصوص أخرى لتنظيم التعاون بين الدولتين في هذا المجال، ونجح الأسطول العثماني والفرنسي في فتح جزيرة كروسيكا بفضل هذا التحالف.


أثر هذه المعاهدات
--------------- 
ولما استشرى نفوذ الدولة الأوروبية وازداد تدخلها في شئون الدولة العثمانية في أثناء مرحلة ضعفها، اتخذت من المعاهدات التي أجرتها معها سندا لهذا التغلغل، والتدخل في سياسة الدولة أكثر مما مضت عليه تلك المعاهدات التي قامت على أساس تبادل الحقوق والواجبات بين الأوروبيين الموجودين في الدولة العثمانية والرعايا العثمانيين في الدول الأوروبية.


النواحي الحضارية
---------------- 
كان السلطان سليمان القانوني شاعرًا له ذوق فني رفيع، وخطاطًا يجيد الكتابة، وملمًا بعدد من اللغات الشرقية من بينها العربية، وكان له بصر بالأحجار الكريمة، مغرمًا بالبناء والتشييد، فظهر أثر ذلك في دولته، فأنفق في سخاء على المنشآت الكبرى فشيد المعاقل والحصون في [رودس] و بلجراد وبودا، وأنشأ المساجد والصهاريج والقناطر في شتى أنحاء الدولة، وبخاصة في مكة وبغداد ودمشق، غير ما أنشأه في عاصمته من روائع العمارة.


وظهر في عصره أشهر المهندسين المعماريين في التاريخ الإسلامي وهو سنان باشا، الذي اشترك في الحملات العثمانية، واطلع على كثير من الطرز المعمارية حتى استقام له أسلوب خاص، ويعد جامع السليمانية الذي بناه للسلطان سليمان في سنة (964هـ= 1557م) من أشهر الأعمال المعمارية في التاريخ الإسلامي.


وفي عهده وصل فن المنمنمات العثمانية إلى أوجه. وقد قدّم "عارفي" وثائق الحوادث السياسية والاجتماعية التي جرت في عصر سليمان القانوني في منمنمات زاهية، ولمع في هذا العصر عدد من الخطاطين العظام يأتي في مقدمتهم: حسن أفندي جلبي القره حصاري الذي كتب خطوط جامع السليمانية، وأستاذه أحمد بن قره حصاري، وله مصحف بخطه، يعد من روائع الخط العربي والفن الرفيع، وهو محفوظ بمتحف "طوبي قابي".


وظهر في عهد السلطان سليمان عدد من العلماء، في مقدمتهم: أبو السعود أفندي صاحب التفسير المعروف باسم "إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم".


غير أن الذي اشتهر به واقترن باسمه هو وضعه للقوانين التي تنظم الحياة في دولته الكبيرة.. هذه القوانين وضعها مع شيخ الإسلام أبو السعود أفندي، وراعى فيها الظروف الخاصة لأقطار دولته، وحرص على أن تتفق مع الشريعة الإسلامية والقواعد العرفية، وقد ظلت هذه القوانين التي عرفت باسم "قانون نامه سلطان سليمان" أي دستور السلطان سليمان تطبق حتى مطلع القرن الثالث عشر الهجري- التاسع عشر الميلادي.


ولم يطلق الشعب على السلطان سليمان لقب القانوني لوضعه القوانين، وإنما لتطبيقه هذه القوانين بعدالة، ولهذا يعد العثمانيون الألقاب التي أطلقها الأوروبيون على سليمان في عصره مثل: الكبير، والعظيم قليلة الأهمية والأثر إذا ما قورنت بلقب "القانوني" الذي يمثّل
العدالة.
الإصلاح الإداري 
---------------------
ولم يكن عهد القانوني العهد الذي بلغت فيه الدولة أقصى حدود لها من الاتساع، وإنما هو العهد الذي تمت فيه إدارة أعظم دولة بأرقى نظام إداري.

ساعدنا فى نشر هذا الموضوع:

0 التعليقات على هذه المقالة شاركهم برأيك

اكتب تعليقك ورأيك

اشترك ليصلك كل جديدنا...
تابع خلاصة المدونة
بعد الإشتراك :ستصلك رسالة على بريدك الإلكتروني يرجي الضغط على رابط التفعيل فيها ليتم إدراجه في الخدمة الإخبارية , ان لم تصلك الرسالة على صندوق البريد الوارد حاول ايجادها في جنك ميل.!
Subscribe via RSS Feed
إعلانات مواقع أخرى
Template By SpicyTrickS.comSpicytricks.comspicytricks.com
للتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانى
الأكثر مشاهدة
أحدث موضوع
المدونة على الفيس بوك
أقسام مهمة
بحث
Categories
فيديو الأسبوع
أحدث التعليقات
أحدث المقالات