الصفحة الرئيسية » Archives for 2011
لماذا تحاربون الإخوان ؟
كتبت تحت قسم
مقالات المشرف
|
الأربعاء، 8 يونيو 2011|
درعمى
كتبها/ مشرف مدونة ورود الحق
كنت أحسب أن البركان أخرج من قلبه كل شئ وخلا جوفه من اللهب لكنه ما لبث أن قذف علينا ويلات وشظايا حارقة للنفوس وقاتلة للقلوب ومغيبة للعقول وساترة للحقيقة الجلية البينة كنت أظن أن الإخوان المسلمين ليس لهم أعداء سوى الحزب الوطنى المنحل وأن كل ما كان ينشر ضدهم من قبل هو من قبيل محاربة المعارضة والمتمثلة فى الإخوان المسلمين لكن اتضح لى اليوم يقينا ـ ليس ظنا كما كان قبل الثورة ـ أن الكل كان يحوم فى فلك واحد ولغرض واحد وهو القضاء على جماعة الإخوان المسلمين ومحاربتهم فكتب العلمانيون وكتب المغرضون الكثيرون كثير من المقالات التى يزعم أصحابها فيها أنهم الحق لكنهم الباطل بعينه والتضليل نفسه . فهذا يكتب أن الإخوان لم يشاركوا الثورة إلا عندما اشتد عود الثوار وأن الأمور تسير لصالحهم ومنهم من مكره ربط الإخوان بالوهابية واصفا الاثنين بالتشدد والانغلاق ويدعو الليبراليين بمصر والسعودية بأن يجهزا على أفكار هاتين الجماعتين اللتين يراهما فى جسد واحد ويراهما أنهما تأسسا على أهداف سياسية لا لنشرالدين ومنهم من قال أن الإخوان تاجروا بالدين واليوم أتى وقت الحصاد بعدما خلا الجو لهم . تهم كثيرة ومقالات عدة فى محاربة الإخوان بل أنه بعد الثورة انضم السلفيون فى قائمة الممونعين من الكلام فحاذوا من التقطيع والإهانة أيضا مما يبين لنا أن الحرب اليوم تبدلت معالمها وتبدلت أطرافها فالحرب الآن صار ضد الإسلاميين عموما والإخوان خصوصا فلينتبه المسلمونلذلك جيدا وأنا أحذر من مغبة ذلك فى المستقبل القريب .
لذا أقول لكل من حارب ولا زال يحارب الإخوان المسلمين موتوا بغيظكم ستعلوا راية الحق على رؤوسكم رغما عنكم وبأمر من الله سيتم علينا ببركته نصر الإسلام ونصرة متبعيه فى الأرض وكما يقول المولى عز وجل ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين . ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم ) ) [ التوبة : 14 ، 15 ]
وأخرى تقول بأن العلمانية من روح الإسلام والمسيحية وذلك بجريدة الغباء والتضليل المسماه بالمصرى اليوم وكاتبة المقال تدعى نادين البدير وآخر يهاجم الدكتور صفوت حجازى وأحجم دوره فى التكلم بالدين وأنه ـ أى الدكتور صفوت حجازى ـ ليس له التحدث عن السياسة لأنه رجل دين وليس رجل سياسة وسبحان الله وكأن الأخ كاتب المقال هو فقط من يعرف السياسة وأنه خبير سياسى وأنا أقول له بأنه وضيع فى فكره ومضللا للحق أين الديموقراطية التى يقول بها من حرية التعبير وأقول له لماذا أقحمت نفسك فى الكلام والرد على فضيلة الدكتور صفوت حجازى وأنت لست ممثلا لأى فصيل غير فصيل العلمانية الممقوتة وفصيل المجلة المدلسة من الذى وضعك فى مكان التحدث نيابة عن الشعب وتقول هذا يتكلم فى السياسة وهذا لا يتكلم من الذى أعطى لك الحق بهذا والله هذا لمن الغباء واستخفاف الدم فلتمت بغيظك وضع رأسك موطأ قدمك والزم حدود العقل الذى غيبته فى مقالتك .
أيا ما كانت الاتهامات والحروبالدائرة ضد الإسلاميين فما يزال الأمر مرهونا بقدرة الإخوان على الرد عليهم فى الوقت الحالى والقريب ومرهون بذكاء هذا الشعب الذى كان مغيبا لمدة ثلاثين عاما وأكثر وكان مبتعدا عن الساحة التى كان يسكنها المضللون والفاسدون واللصوص ومرهون بمتابعته الأحداث ومشاركته الإيجابية وبصدق لصالح الحق ولصالح الأمة بأكملها ولغد متفتح الأزهار والورود وليسود العدل والمساواة فى ربوع مصر . لك يامصر السلامة ولتسلمى يادعوة الحق يادعوة الإسلام وليمت كل مغتاظ بغيظه .
---------------------
ملحوظة هامة تعليقك فيه إثراء للموضوع فلا تبخل علينا بتعليقك
طرد المسلمين من إسبانيا
كتبت تحت قسم
تاريخ أمة
|
الجمعة، 20 مايو 2011|
درعمى
ورود الحق ـ قصة الإسلام :
روجر بواس
يلقي روجر بواس[1] في مقاله هذا نظرة على النموذج الإسباني للتطهير العرقي والديني.
لكل شيء إذا ما تم نقصان *** فلا يغر بطيـب العيـش إنسـان
وهذه الدار لا تبقي على أحد *** ولا يدوم على حـال لها شـانُ
تبكي الحنيفيةَ البيضاءَ من أسفٍ *** كما بكى لفراق الإلف هيمانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ *** حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ
حتى المساجدُ قد أضحتْ كنائسَ ما *** فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصلبانُ
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهُمُ *** أحـال حـالهمْ جـورُ وطغيـانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم *** واليومَ هم في بلاد الضدِّ عبدانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ *** لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحـزانُ
يا ربَّ أمٍّ وطفلٍ حيلَ بينهما *** كمـا تفـرقَ أرواحٌ وأبـدانُ
وطفلةٍ مثل حسنِ الشمسِ *** إذ طلعت كأنما ياقـوتٌ ومرجـانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً *** والعينُ باكية والقـلبُ حيـرانُ
لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ *** إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ
طرد المسلمين من إسبانياهذه كانت الكلمات التي كتبها الشاعر "أبو البقاء الرندي" بعد وقوع إشبيلية في يد ملك كاستيل "فردناند الثالث"، وذلك في ديسمبر عام 1248م.
فقد تم في ذلك الوقت الاستيلاء على العديد من المدن الأخرى ومن ضمنها بلنسية، مرسية، جيان، وقرطبة, وقد بدا أن نهاية إسبانيا المسلمة على وشك الحدوث.
ومع ذلك، فلم تقع مملكة غرناطة التي كان يحكمها المغاربة في يد "فردناند" و "إيزابيلا" إلا في عام 1492م، ولم يتم طرد المسلمين الأخير إلا في القرن التالي ما بين عامي 1609م و 1610م, وهذا يعني أنه كان هناك عدد كبير من المغاربة المسلمين يقطنون في إسبانيا بعد بلوغ الثقافة الأندلسية أوجها والتي استمرت خمسمائة عام وذلك في القرن الحادي عشر.
وقد يكون الشاعر أبو البقاء قد تأثر كثيرًا لمعاناة إخوانه في الدين، وذلك بعد سقوط غرناطة ، أو خلال فترة طرد المسلمين حيث ارتكب بحقهم كثير من الأعمال الوحشية: دمرت المنازل وهُجرت، وتحولت المساجد إلى كنائس، وأبعدت الأمهات عن أطفالهن، وسلبت ثروات الناس وتم إذلالهم، وتحول الثائرون المسلحون إلى عبيد.
وبحلول القرن السادس عشر أصبح المغاربة مواطنين إسبانيين، وكان بعضهم مسيحيين بالأصل، وكان العديد منهم مثل شخصية "ريكوت" وهو جار "سانشو بازا" في رواية "الدونكيشوت" (1605م -1615م) وطنيون لدرجة كبيرة، وكانوا يعتبرون أنفسهم مثل ذلك المغربي في تلك الرواية, إلا أنهم كانوا جميعًا ضحايا سياسة الدولة التي كانت مبنية على النزاعات العنصرية الدينية، والتي كانت يدعمها المجلس الملكي والكنيسة، حيث كان طرد اليهود عام 1492م يمثل حادثة مماثلة شرعية في ذلك الوقت.
وحسب بنود المعاهدة التي أبرمت عام 1492م، والتي نصت على السماح لرعايا الملك على الاحتفاظ بمساجدهم ومعاهدهم الدينية، ولهم حق استخدام لغتهم والاستمرار بالالتزام بقوانينهم وعاداتهم، إلا أن بنود تلك المعاهدة قد نقضت خلال السنوات السبع التالية.
وقد حدث ذلك عندما جرى استبدال النهج التبشيري المعتدل لرئيس أساقفة غرناطة "هيرناندو دو تالفيرا" (1428م – 1507م) بالنهج التعصبي للكاردينال "سيزيزوس" (1518م – 1436م) الذي قام بتنظيم اعتناقات جماعية للدين المسيحي، وقام بحرق جميع الكتب الدينية باللغة العربية، وجرى ذلك أثناء التمرد الأول للبوجراسيين[2] (1500م – 1499م) وعقب اغتيال أحد نواب الكاردينال.
وهذا بالتالي منح العذر للملوك الكاثوليك لأن ينكثوا بوعودهم, وفي عام 1499م أجبر قادة الدين الإسلاميين في غرناطة على تسليم أكثر من 5000 كتاب تتميز بتجليدات زخرفية لا تقدر بثمن، فقد تمّ حرقها وبقي منها بعض الكتب الطبية فقط.
وبعد عام 1502م تم تخيير المغاربة في جنوب الأندلس، وبلنسية، وكاتالونيا، وأراغون بعد عام 1526م بين التعميد أو النفي, فكان التعميد بالنسبة للأغلبية هو الخيار الشكلي, وأصبح المسلمون الإسبان فيما بعد المسيحيين الجدد (نظريًّا) وهم بذلك أضحوا خاضعين للسلطة القضائية للمحكمة الكاثوليكية التي يترأسها البابا "سكستوس" السادس في عام 1478م.
إلا أن معظم هذا الاعتناق الديني كان بالاسم فقط, إذ كان المسلمون يمارسون الطقوس الدينية المسيحية التي لا وزن لها، إلا أنهم استمروا في تطبيق الدين الإسلامي سرًّا, فمثلاً بعد أن يتم تعميد الطفل، كان يؤخذ إلى البيت ويتم تغسيله بالماء الحار لإبطال قدسية التعميد.
كان المسلمون الأوائل قادرين على أن يحيوا حياة مزدوجة بضمير حي، نظرًا لوجود بعض الأحكام الدينية الإسلامية التي تجيز للمسلمين الرازخين تحت وطأة الإكراه أو من كانت حياتهم في خطر، التظاهر بالتقية حفاظاً على حياتهم.
واستجابة لطلب من المسلمين الإسبان، أصدر المفتي الأكبر لمدينة وهران[3] أحمد بن أبو جمعة حكمًا بجواز احتساء المسلمين الخمر، وتناول لحم الخنزير، أو القيام بأي فعل محرم إذا أجبروا على القيام بذلك, ولم يكن في نيتهم فعل هذا العمل الآثم.
كما أفتى أيضًا بجواز إنكار الرسول محمد بألسنتهم شريطة أن يكنوا له في الوقت نفسه المحبة في قلوبهم، إلا أنه لم يوافق جميع العلماء المسلمين على هذا الإفتاء.
وبذلك، فإن سقوط غرناطة كان بمثابة المرحلة الجديدة في العلاقات بين المسلمين والمسيحيين.
لقد كان حال المسلمين تحت الحكم المسيحي وخلال فترة القرون الوسطى يشابه حال المسيحيين الذين كانوا تحت حكم المسلمين[4], حيث كانوا ينتمون إلى أغلبية محمية تحافظ على قوانينها، وعاداتها مقابل دفع الجزية.
وبالنسبة للوضع القانوني لليهود والمسلمين تحت الحكم المسيحي، فلم يكن على أساس كتبهم المقدسة بل كانوا يخضعون إلى نزوات الحكام، وإلى تحيزات عامة الناس ومعارضة الرهبان.
وقبل اكتمال فترة إعادة الاستيلاء، كان من مصلحة ملكي "أراغون" و "كاستيل" احترام تلك القوانين والاتفاقيات.
ومع ذلك نرى الآن أن إسبانيا لم تصبح نظريًّا على الأقل أمة مسيحية بصورة كاملة، وإنما هناك تماثل أيضًا من حيث نقاء الإيمان مع صفاء الدماء، بحيث صنف جميع المسيحيين الجدد أو المتحولين عن دينهم، سواء أكانوا من أصل إسلامي أم يهودي، صنف هؤلاء بالمارقين المتسترين.
وبما أن المغربي عضو في الأقلية المقهورة ذات البيئة الثقافية الأجنبية، فقد أصبح هذا المغربي "مغربيًّا ضعيفا"، وأضحى كل مظهر من مظاهر حياته: لغته، ملبسه، وعاداته الاجتماعية يحكم عليها بأنها غير حضارية ووثنية.
فالفرد الذي يرفض احتساء الخمر، أو تناول لحم الخنزير قد تتهمه المحكمة الكاثوليكية بأنه مسلم، وتعتبر المحكمة الكاثوليكية والرأي العام أن تصرفات مثل: تناول "الكوسكس"، واستخدام الحناء، ورمي الحلوى خلال حفلات الزفاف، والرقص على إيقاع الموسيقى البربرية، كل ذلك يعتبر حسب نظرهم عادات غير مسيحية، وعلى الفرد أن يعاقب نفسه تكفيرًا عن خطيئته.
وبالنسبة للمغاربة الذين كانوا مسيحيين أصليين، فقد كانوا يعتبرون كمواطنين من الدرجة الثانية، وكانوا يتعرضون للنقد من قبل المسلمين والمسيحيين على حد سواء, وعلى الرغم من أن إطلاق اسم Morisco على المغربي يعتبر لفظًا ينتقص من قدره، إلا أن المؤرخين يرون أن هذا الاسم مناسبًا لتمييز العرب أو المغاربة الذين بقوا في إسبانيا بعد سقوط غرناطة.
قام "فيليب الثاني" في عام 1567م بتجديد مرسوم لم يتم تنفيذه بإحكام من قبل, وهو ينص على عدم شرعية استخدام اللغة العربية، وحظر الدين الإسلامي واللباس والعادات الإسلامية, وقد صدر هذا المرسوم في فترة التمرد الثانية للبوجراسيين (1568م – 1570م) والذي بدا أنه قام بمؤامرة سرية مع الأتراك, وتم القضاء على الانتفاضة بوحشية من قبل نبيل النمسا "الدون جوان".
وكان من أكثر الأعمال الوحشية التي ارتكبها هو تدمير مدينة "غاليرا" وحتى شرق غرناطة ومحوها تماماً، حيث قام بمذبحة راح ضحيتها 2500 امرأة وطفل، وإلى تشتيت شمل حوالي 80000 مغربي متواجدين في غرناطة والذين ذهبوا فيما بعد إلى المناطق الأخرى من إسبانيا، واستقر المسيحيون القدامى، وهم من شمال إسبانيا في مدنهم.
وبحلول عام 1582م، اقترح مجلس دولة الملك فيليب الثاني فكرة طرد المسلمين، ورأى المجلس أن ذلك هو الحل الوحيد للصراع القائم بين الجاليات، على الرغم من وجود بعض المخاوف من حدوث حالة تردي اقتصادي مؤذ حيث سيفتقَد إلى المهارة الحرفية، وسيكون هناك نقص في الخبرة والقوة البشرية العاملة في الزراعة.
وبما أن هناك معارضة من قبل بعض النبلاء، ونظرًا لأن الملك كان مشغولاً بالأحداث العالمية، فإنه لم يتم اتخاذ قرار بهذا الشأن حتى عام (1609م – 1610م) حيث أصدر فيليب الثالث (1626م -1598م) مرسوم الطرد.
وقد قامت الكنيسة بسنّ القوانين الملكية الخاصة بالمسلمين بكل مراحلها, فقد أصبح "جوان دوربيرا" (1611م – 1542م) وهو كبير رئيس الأساقفة والذي كان في البداية يؤمن إيمانًا راسخًا في فعالية العمل التبشيري، أصبح في أيامه الأخيرة المؤيد الرئيسي للطرد, وقد قال في خطبة دينية في 27 سبتمبر عام 1609م: "إن الأرض لن تزدهر ثانية ما لم يتم طرد هؤلاء الزنادقة".
وتغير أيضًا موقف دوق "ليرما"، وهو الوزير الأول للملك فيليب الثالث (1618م – 1598م)، عندما تمت الموافقة بمنح لوردات بلنسية أراضي المسلمين المطرودين، وذلك تعويضًا عن خسارتهم لسفنهم.
وتم بالإجماع المباشرة بتطبيق قرار الطرد من قبل مجلس الدولة، وذلك في 30 يناير عام 1608م، على الرغم من أنه لم يتم التوقيع الفعلي على المرسوم من قبل الملك إلا في الرابع من إبريل عام 1609م, وتم إعداد أسطول السفن الشراعية الإسبانية سرًّا، وانضم إليه فيما بعد العديد من السفن التجارية الأجنبية وقد جاء البعض منها من إنجلترا.
وفي الحادي عشر من سبتمبر، أعلِن في بلدة بلنسية عن قرار الطرد، وغادرت أول قافلة من دانية عند حلول الظلام، وذلك في الثاني من أكتوبر ووصلت إلى وهران في أقل من 3 أيام.
وتسلم مسلمو أراغون وقشتالة وجنوب الأندلس، و"اكستير مادورا" أوامر الطرد خلال فترة السنة التالية, واستقرت أغلبية المهاجرين المطرودين في المغرب، أو على الساحل البربري وخاصة في وهران، تونس، تلمسان، تطوان، الرباط، وسَلا.
وقد سافر العديد منهم برًّا إلى فرنسا، إلا أنهم أجبروا على الهجرة إلى إيطاليا، وصقلية، أو إسطنبول إثر اغتيال "هنري" ملك "نافار" على يد "رافيلاك" وذلك في مايو عام 1610م.
هناك تضارب شديد حول عدد سكان المغاربة, فقد قدر عالم الديموغرافيا الفرنسي "هنري لابيري"، وذلك من خلال تقارير الإحصاء الرسمية للسكان، ومن خلال قوائم المسافرين على متن السفن، أن هناك حوالي 275000 مسلم إسباني قد هاجروا خلال السنوات 1614م – 1609م من مجموع 300000 مسلم إسباني.
ولا يتساوى هذا التقدير المعتدل مع الروايات المعاصرة العديدة التي تقدر عدد المسلمين بحوالي 600000 مسلم، وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن العدد الكامل لسكان إسبانيا في ذلك الوقت كان بحدود سبعة ملايين ونصف المليون نسمة فقط، فهذا يشكل بحد ذاته نقصًا حادًّا في القوة البشرية المنتجة، وفي ريع الضرائب.
وفي مملكة بلنسية التي فقدت حوالي الثلث من سكانها، فقد هُجرت نصف قراها في عام 1638م, وهناك تضارب مماثل حول عدد المسلمين الذين قتلوا خلال التمرد المسلح، أو أثناء رحلتهم إلى المنفى.
وأفاد السيد "بيدرو أزنار كاردونا" الذي برّر في بحثه مسألة الطرد والذي نشر في عام 1612م، أنه توفي أكثر من 50000 مسلم، وذلك بين شهري تشرين الأول / أكتوبر 1609م وتموز / يوليو 1611م أثناء محاولتهم مقاومة طردهم، في حين أنه توفي أكثر من 60000 مسلم أثناء رحيلهم خارج البلاد سواء برًّا، أم بحراً، أو على أيدي إخوانهم في الدين بعد أن تم إنزالهم على الساحل الشمالي الإفريقي.
وإذا ما كانت هذه الأرقام صحيحة، نجد أن أكثر من سدس المسلمين قد أبيدوا خلال فترة السنتين, وقد أشار "هنري تشارلز لي" بعد دراسة المصادر المعاصرة أن نسبة وفاة المسلمين تقع ما بين ثلثي وثلاثة أرباع مجموع عددهم.
استغل "جوان دو ريبيرا" العامل الديموغرافي كأحد الحجج المؤكدة في تأييد مسألة الطرد, وحذر "فيليب الثالث" أنه ما لم يتخِذ إجراءً سريعًا، فقد يجد المسيحيون الإسبان أنفسهم عاجلاً أنهم أقل عددًا من المسلمين، حيث إن المغاربة يتزوجون ولديهم أسر كبيرة، في حين أن ثلث أو ربع المسيحيين غير متزوجين، وذلك بعد دخولهم في خدمة الكنيسة الكاثوليكية، أو بسبب انخراطهم في الخدمة العسكرية.
وأفاد "ريبيرا" أن كل ما يفكر به المسلمون هو الزيادة والحفاظ على نسلهم، في حين أن اعتدالهم في المأكل والمشرب يطيل من أعمارهم, ومما زاد من مخاوف "ريبيرا" هو الإحصاء السكاني الذي أجري لسكان بلنسية والذي أشرف عليه هو شخصيًّا في العام نفسه، والذي أظهر أن عدد المغاربة قد ازداد بنسبة الثلث.
وخلال اجتماع عقد لمجلس الدولة في كانون الأول / يناير 1608م، عزا الكوماندور "دوليون" انخفاض عدد السكان المسيحيين الأصليين إلى كرههم لتحمل الأعباء الاقتصادية للزواج في وقت ترتفع فيه تكاليف الحياة.
كما حذر أيضًا من أن المسلمين سيتمكنون عاجلاً من تحقيق أهدافهم بكل سهولة بسبب ازدياد عددهم وذلك دون اللجوء إلى استخدام السلاح أو تلقي مساعدة من الخارج.
وحانت اللحظة المناسبة لاتخاذ عمل صارم إزاء هذا الموضوع، بسبب انشغال تركيا بالحرب، وضعف كل من فارس (إيران أو شمال إفريقيا) من جراء تفشي مرض الطاعون والجفاف والحرب الأهلية.
ففي ذلك الحين أفاد كونت "ألبا دوليست"، من خلال مزيد من التحريف لمسألة الديموغرافية، لو يرسل الملك برحمته المسلمين إلى شمال إفريقيا, فإن ذلك يكون بمثابة ضرب من أنواع الحكم عليهم بالموت، لأنهم إنْ لم يموتوا بسبب الجفاف أو الجوع فإنهم سيصبحون عقماء.
نجد في مخيلة العديد من الناس أن مسألة خصوبة المسلمين لها علاقة بالتعاليم الدينية الإسلامية بالنسبة للانغماس في الشهوات واستباحة المحرمات, ويعزى فشل الكنيسة في جهودها التبشيرية –كما يقولون- إلى موقف الإسلام من المتعة الدنيوية، والحساب في دار الآخرة.
وجسّد المسلمون إثم الطبيعة البشرية فيما بعد بطريقة رومانسية في تخيلاتهم للمرأة الشرقية, إلا أنهم كانوا عرضة لخطيئة "الأنا العليا" مثل الغرور، النفاق، المكر، الجشع، واغتنام الفرص، وتعزى كل هذه الصفات إلى اليهود.
إن المتعصبين لن يترددوا في استخدام الأنماط المماثلة لتبرير كرههم للمسلمين، وهذا أمر لا ريب فيه بالنسبة للعديد من الكتّاب الإسبان في القرن السابع عشر الذين يصفون المغاربة بأنهم كسولين، إلا أنهم كادحون، وغير مسرفين ولكنهم فاسقون، وبخلاء وفي الوقت نفسه مبذرون، وخونة، إلا أنهم محاربون أشداء، وجاهلون وحريصون على التعلم كي يتفوقوا.
وكما رأينا أن هناك أسبابًا حقيقية للخوف والغيرة من المغاربة: فعدد سكانهم يتزايد بسرعة، فأصبح البعض منهم تجارًا وأصحاب محال ناجحين، على الرغم من محاولات إقصائهم عن هذه المهن، وهم يضربون مثلاً رائعًا في سلوكهم في التجارة والاقتصاد في الإنفاق والعمل المضني، وتعمل الأغلبية منهم ظاهريًّا وفقًا للمتطلبات الدينية المفروضة عليهم، إلا أنهم استمروا –عن طرق الحيلة- بالاحتفال بأعيادهم وبتطبيق الشعائر الدينية الأساسية الإسلام.
وقد أدى رفضهم للتعاليم الداعية للتخلي عن طابعهم الديني والثقافي إلى أن يكرههم العديد من المسيحيين القدامى, فلم تكن هناك محاولة جادة لفهم ثقافة ودين المسلمين.
إن أية روايات يشوبها تشويه سمعة الإسلام، وأي تلميحات بإهانته، وأي تحريف لإحدى حقائقه، كان يعتبر مقبولاً، إذ كان يخدم ما يعتبره هؤلاء المسيحيون هدفاً جديرًا بالثناء عليه لتشويه صورة الإسلام, كان مفهوم التنوع الثقافي يعتبر غريبًا، واستيعاب هذا التنوع غير مقبول على نحو متساو.
تتباين معاناة المغاربة بشكل كبير من منطقة إلى أخرى, فقد سادت في بعض أرجاء إسبانيا علاقات مميزة بين المسيحيين القدامى والجدد, وقد أظهرت دراسة مفصلة أجراها "فيلاروبيا" في لامانشا -والتي يشكل فيها المسلمون نسبة 20% من السكان، ويمتلكون أفضل المزارع وقد اندمجوا ضمن المجتمع هناك- أظهرت أن جيران المسلمين من المسيحيين القدامى كانوا يقومون بحمايتهم من الزيارات غير المرغوب بها من قبل مفتشي الحكومة, وقد استطاع العديد من أولئك الذين تم طردهم من العودة ثانية إلى إسبانيا وقطع مئات الأميال للوصول إلى وطنهم.
ولم يتم سرد القصة الكاملة للمعاناة التي تحمّلها المغاربة: كيف وصل أولئك الذين نجوا بحياتهم إلى بلادهم، وهم يعانون من الجوع والحرمان لأن اللصوص والمحتالين سلبوا منهم المال وضرورات الحياة التي سمح لهم بأخذها معهم، وكيف أن الذين سافروا برًّا إلى فرنسا قد أرغموا من قبل المزارعين أن يدفعوا مالاً إذا شربوا من نهر، أو جلسوا تحت ظل شجرة، وكيف حاول الآلاف منهم المقاومة، وأن الذين نجوا بحياتهم كانت خاتمتهم أنهم أصبحوا عبيدًا في السفن، وكيف كان أولئك الذين ينتظرون الصعود إلى السفينة جوعى, بحيث إنهم وافقوا على بيع أطفالهم مقابل الحصول على الخبز، وكيف كانت السياسة الرسمية للكنيسة هي فصل الأطفال المسلمين عن والديهم.
وكان هدف "جوان دو ريبيرا" منذ البداية والذي صادق عليه مجلس الدولة في الأول من كانون الثاني/ ديسمبر عام 1609م، أن يبقى الأطفال الذين كانت أعمارهم بين العاشرة أو أقل في إسبانيا ليقوم الرهبان أو أي أشخاص آخرين موثوق بهم بتعليمهم، حيث يقومون بالإشراف عليهم حتى بلوغهم سن الخامسة والعشرين، أو الثلاثين مقابل تأمين المسكن والطعام والملبس لهم، وأن يسلم الأطفال الرضع إلى المرضعات المسيحيات القدامى حسب الشروط السابقة الذكر.
وفي الشهر التالي تم تخفيض سن الأطفال من عشر سنوات إلى خمس سنوات أو أقل من ذلك, وجرى تنفيذ هذه السياسة بشكل جزئي، إلا أنه ثبت أنه من المستحيل تنفيذها بشكل كامل, وبدا أنه فقِد حوالي 14000 طفل مسلم -إذا افترض أنه كان لكل أسرة طفلان– من مجموع المسلمين الذين ركبوا سفينة "اليكانت" في الأندلس وذلك في فترة ما بين السادس من تشرين الأول / أكتوبر، والسابع من تشرين الثاني / نوفمبر عام 1609م.
وحسبما جاء في الوثيقة المؤرخة في 17 إبريل عام 1610م، فقد أرسل من مملكة بلنسية حوالي 1832 من الصبية والفتيات المسلمين وأعمارهم ما بين السابعة أو أدنى -وكان ذلك ضد رغبة أوصيائهم- إلى قشتالة لخدمة الأساقفة وكبار قوم المملكة.
وفي تموز / يوليو عام 1610م، أوصت الكنيسة بأن يتم بيع جميع الأطفال المسلمين من هم فوق سن السابعة الموجودين في مملكة بلنسية إلى المسيحيين القدامى بشكل دائم، وهم: أيتام المتمردين، والأطفال الذين استحوذ عليهم الجنود وآخرين لم يفصح عن هويتهم، كانوا يظنون أنهم بذلك يفعلون الخير.
وأقر العلماء اللاهوتيون الذين وقعّوا على هذه الوثيقة بأن الرق لم يبرر أخلاقيًّا فحسب، بل هو مجدٍ من الناحية الروحية، أي أن هؤلاء الأطفال من غير المحتمل أن يصبحوا مرتدين عن دينهم، بما أن أسيادهم ضمنوا بقاءهم كرومان كاثوليك، وأن العبيد نادرًا ما يتزوجون، فهذا منهج آخر للتخلص من "العرق الشرير" في إسبانيا.
فما هي أهمية تحديد مسألة السن؟ كان يعتقد أن الطفل إذا تجاوز سن السادسة أو السابعة فإنه يبدأ في فَقْد براءته، ويصبح من الصعوبة تلقينه تعاليم مذهب ما، في حين أن الطفل الأصغر سنًّا لا يدري شيئًا عن أصوله.
وجرى تبرير هذه السياسة بأن الأطفال الأبرياء الذين تم تعميدهم كمسيحيين ينبغي عدم معاقبتهم بسبب آثام آبائهم، مع أنه ذلك يعتبر تناقضًا، لأن مبدأ توارث الخطيئة مقبول كمبرر لطرد جميع البالغين سواء أكانوا مسيحيين أم لا.
بالإضافة إلى ذلك، قيل: إن طرد الأطفال مع والديهم غير النصرانيين هو بمثابة التأكيد على أنهم مسلمون، وكان لزامًا على الأطفال المسلمين ألا يتلقوا تعليمًا يفوق طبقتهم الاعتيادية، وبذلك يتم عزلهم عن الطلاب الذين يتهيئون لمنصب الكهانة، ونجد أن هؤلاء الأطفال المسلمين تتم تربيتهم من قبل الحرفيين، وعمال المزارع، وبالتأكيد كان لا يسمح لهم بدراسة الأدب.
وبهذه الطريقة كان يؤمل أن تمحى ذكريات الإسلام في إسبانيا للأبد, وقد أعجب "فيليب الثالث" إعجابًا شديدًا بهذه النقطة.
لقد كتِب الكثير عن هجرة اليهود الإسبان الجماعية في عام 1492م، أو عن المعاناة التي لاقاها العديد من اليهود المتحولين الذين لاقوا معاناة من قبل المحكمة الكاثوليكية، إلا أنه لم يلق المسلمون الإسبان المعاملة نفسها.
ترتبط في أذهان معظم الناس أن المحكمة الكاثوليكية الإسبانية تقوم باضطهاد اليهود، فلم يعرف كثير عن تعذيب المسلمين من قبل المحكمة، وأنهم كانوا ضحية للمفهوم المعادي للسامية.
واتهمت المحكمة الكاثوليكية حوالي 12000 مسلم بتهمة الارتداد عن المسيحية, أي بنسبة قدرها 50%، قبل أن يتم طردهم بحوالي 30 سنة.
ولم يتجل التعصب الديني والعنصري في أي مكان كما تجلى في تقارير اجتماعات مجلس دولة الملك "فيليب"، وكذلك في الكتب التي ألفت وذلك من أجل تبرير الحاجة إلى سياسة الطرد.
ويلمس المرء في تلك المؤلفات التي كتب معظمها رهبان محبطون تبشيريون من الدومنيك، تعصبًا لاهوتيًّا غير أصلي مدعوماً بحوادث سابقة من الإنجيل وهي محاولة "تهويد" الإسلام، ووصف المسيحيين الإسبان القدامى أنهم "العرق المختار" المنشغلون في حرب صليبية لاستعادة "الأرض الموعودة" من محمد.
فقد ادعى أحد المؤلفين بأن النبي ما هو إلا ثمرة علاقة زنى بين والدته وعمه، وكلاهما –كما ادعى- يهوديان، وذلك تحقيقًا للنبوءة القائلة بأن المسيح الدجال سوف يولد لأم غير طاهرة[5].
من السخرية أنه لم يستشهد فقط المدافعون عن سياسة الطرد الجماعي للمغاربة بنصوص العهد القديم التي استخدمت لدعم نظرية أن فلسطين هي الأرض اليهودية الموعودة، وإنما أيضًا استشهد بتلك النصوص اللاهوتيون المعادون لليهودية وذلك تأييدًا للحاجة إلى قوانين لتنقية الدماء.
وقد اعتبر هؤلاء المؤلفون الإسبان المسيحيين القدامى كوريث روحي لأطفال إسرائيل، وشبهوا الملك فيليب الثالث بإبراهيم، وموسى والملك داود، وأطلقوا عليه اسم "إبراهيم الثاني" وأفادوا أنه -يعني النبي إبراهيم-[6] كان ملزمًا بطرد ابنه غير الشرعي، أي العرب المسلمين، أحفاد "هاجر" الأمَة المصرية.
وكانت أفضل النصوص الواردة من الإنجيل التي يفضلونها هي رسالة الله إلى موسى التي سلمها للإسرائيليين، عندما كانوا على وشك الدخول إلى الأرض الموعودة والتي كانت كما يلي: "إنكم لن تدعوا أحدًا على قيد الحياة في مدن تلك الأمم التي منحها الله هذه الأرض، إنكم سوف تبيدون الحثيين، والعموريين، والكنعانيين، وأهالي بير زيت، وحيفا و.. كما أمركم الله، بحيث لا يعلمونكم أن تقلدوا الأفعال البغيضة التي قاموا بها إزاء آلهتكم وبذلك يجعلونكم ترتكبون الآثام ضد إلهكم".
وقد استشهد اليهود بهذا النص الذين كانوا يقودون حملة لتوسع إسرائيل الكبرى الممتدة من الفرات وحتى البحر الأحمر، وقد استخدم هذا النص أيضًا من قبل المتطهرون The Puritans في شمال أمريكا في القرن السابع عشر، وذلك لتبرير المجزرة التي جرت ضد سكان أمريكا الأصليين.
وعقب هذا التشابه اليهودي - المغربي، أوضح أحد الشعراء المعاصرين حول مسألة الطرد الجماعي للمغاربة فأفاد بما يلي: سوف يغادر المغاربة أرض إسبانيا المقدسة مغادرة لا عودة بعدها، وسيعودون إلى مصر أرض جهنم.
وقد اقترح الراهب البرتغالي الدومنيكي "داميان فونسيكا" بأن الله كان يتوقع من جلالة الملك الكاثوليكي أن يبذل سعيًا حثيثًا في تهدئة العقاب الإلهي, وقد استخدمت هذه الجملة في عام 1611م وهي (المحرقة المقبولة).
ويعتبر هؤلاء المعاديون للسامية أن اليهود ينحدرون من يهوذا الذي خان المسيح وليس من يهوذا ابن يعقوب, ولم يعترفوا بأن عيسى يهودي أرسله الله ليعظ نعاج بيت إسرائيل التائهة, ونتيجة للقدر الذي كتبه الله لهم، لم يعد اليهود شعب الله المختار، وورثوا خطيئة قتل الإله فحكم عليهم أن يتيهوا في الأرض.
إن أبسط طريقة للحط من قدر ما تبقى من أثر للعرب الإسبان هو تصوير الإسلام على شكل بدعة يهودية مزيفة, فاقترح القسيس الملكي "جيم بليدا"، وهو من المجادلين المعاديين للمسلمين -اقترح أن الغزو الإسلامي لإسبانيا ما كان إلا بمثابة العقاب الإلهي لسياسة الملك "ويتزا" (698هـ - 710م) المؤيدة لليهود، حيث أنه أبطل المراسيم التي أصدرها والده عن طريق إعتاق اليهود من الرق، ورد أراضيهم وامتيازاتهم إليهم.
وقد استشهد بذلك كحادثة سابقة شرعية جرى تطبيقها على المسلمين، وذلك في الاجتماع الذي عقده مجلس الدولة في 30 كانون الأول / يناير 1608م, وعلى أية حال، كان الحدث التاريخي المباشر هو طرد اليهود في عام 1492م.
وفي شهر إبريل من عام 1605م، حث "بليدا" فيليب الثالث إلى أن يحذو حذو سلفه الملك "فرديناند"، والملكة "إيزابيلا" الذين أقنعهما "فيراي دو تركومات" بطرد اليهود من مملكتهما، وأن يقوما بالفعل نفسه إزاء المغاربة إذا رفضوا عملية التعميد، وأضاف بأن الله قد كافأ أسلافهم الكاثوليك نظرًا لحماسهم للدين المسيحي فمنحهم العالم الجديد.
إن الكثير من التوبيخات القاسية التي وجهها "بيلدا" ومجادلون آخرون إلى المسلمين قد وجهت سابقًا إلى اليهود, وقيل عن المسلمين واليهود أنهم يتوارثون ارتكاب الآثام، وأنهم دخلاء على المجتمع، ولا يمكن إصلاح إلحادهم المتأصل، وأن فسقهم الراديكالي هو بمثابة العدوى السريعة الانتشار، والتي يجب القضاء عليها.
لقد وُصِفَ فيليب الثالث بأنه "جالينوس"[7] كاثوليكي، وعهد إليه مهمة تطهير إسبانيا من الداخل من السموم والفساد.
وقد دفعت إسبانيا الثمن غاليًا لحرمان المسلمين واليهود ولفترة طويلة من هويتهم الثقافية، إلا أنه منذ وفاة "فرانكو" عام 1975م تم إرساء حرية العبادة بالتدريج.
وهناك اليوم حاجة لكتابة نسخة جديدة من التاريخ الأوربي، حيث هناك تعدد عرقي وديني في أوربا (هناك حوالي 30 مليون مسلم، ومليون ونصف مليون يهودي في أوربا) كما أن هناك حاجة لبيان إنجازات ومحن المسلمين واليهود الأوربيين.
وبإمكان الفاتيكان أن يفعل الكثير وهو الاعتراف بالوحشية المرتكبة باسم الكنيسة, ومن الصعب أن نصدق أنه تقرر في نهاية عام 1960م وجوب إضافة اسم "جوان دو ريبيرا" إلى قائمة القديسيين, فقد تم على الأقل مؤخرًا إسقاط تقديس الملكة "إيزابيلا".
فالقديسيون الحقيقيون هم أولئك الذين عرّضوا حياتهم للخطر من أجل حماية أناس اضطهدوا من أجل معتقداتهم، أو بسبب معتقدات أسلافهم، أو ماتوا لأنهم رفضوا خيانة آخرين من أجل المحكمة الكاثوليكية، والذين لم يرتدوا عن إيمانهم وماتوا أثناء المقاومة المسلحة.
فقد كان هؤلاء القديسيون منشغلين بما يطلق عليه المسلمون "الجهاد"، والذي يعني النضال الداخلي، والواجب في مقاومة الشر، والمضي قدمًا في النضال في الطريق الديني، كما يقصد به النضال الخارجي أي أن هناك واجب نصرة المظلومين والذين أخرجوا من ديارهم بغير حق، لأنهم رفضوا الارتداد عن دينهم، والدفاع سواء عن النفس أو عن الآخرين.
ويمكن التعبير عن ذلك من القرآن بقوله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [الحج: 40][8].
- إحراق الكتب العربية العلمية: من هواة الدومينيكان النصارى في الأندلس.
- دخول إيزابيلا وفرديناند إلى غرناطة عشية سقوطها.
- المرسوم الذي أصدره فرديناند وإيزابيلا عام 1497م والذي يقضي بطرد المسلمين من البرتغال ونقلهم إلى إسبانيا.
- تعميد نساء المسلمين جبرًا بعد سقوط غرناطة.
Baose, Roger, “The Muslim Expulsion from Spain,” History Today, Vol.52, no.4
ترجمة : عبد الرحمن كيلاني.
المصدر: مجلة الفسطاط.
- المزيد من مقالات تاريخية
- المزيد من مقالات تاريخ الأندلس
[1] روجر بواس حاصل على الزمالة الفخرية في البحوث في كلية الملكة "ماري" في جامعة لندن، وهو مؤلف كتاب "معنى وأصل الهوى في البلاط الملكي" (مانشستر 1977م).
[2] البوجراسيون alpujrras هم المقاتلون المسلمون الذي حاربوا الإسبان وكانت جبال البوجراس في جنوب الأندلس معقلهم فنسبوا إليها، وتدعى بجبال البشرات بالعربية.
[3] وهي في الجزائر.
[4] لا يوافَق الكاتب على رأيه هذا، فليس هناك وجه للمقارنة بين وضع أهل الكتاب تحت حكم المسلمين، وبين وضع المسلمين تحت حكم الكاثوليك الذين تفننوا في تعذيب المسلمين وإجبارهم إما على اعتناق النصرانية أو الهجرة أو القتل. فأي تشابه هناك بين الوضعين؟
[5] خسئوا والله، فهو النبي محمد الذي حفظ الله نسبه، فكان من أشرف بيوت قريش، وأفضلهم نسباً، . رفع الله ذكره في الأرض، وجعل أمته خير الأمم، وجعله خاتم النبيين، لا يقبل الله من أحد أتى بعده ديناً إلا دينه الذي ارتضاه للناس، فكل يهودي ونصراني سمع به ولم يؤمن به إلا أدخله الله النار، كما صح عنه .
[6] هكذا يحترم أهل الكتاب أنبياء الله . قاتلهم الله أنى يؤفكون!
[7] جالينوس: حكيم وطبيب ومشرح يوناني قديم، بقيت كتبه أساساً للطب الأوروبي حتى عصور التنوير.
[8] والآية بتمامها: "الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" (الحج: 40).
روجر بواس
يلقي روجر بواس[1] في مقاله هذا نظرة على النموذج الإسباني للتطهير العرقي والديني.
لكل شيء إذا ما تم نقصان *** فلا يغر بطيـب العيـش إنسـان
وهذه الدار لا تبقي على أحد *** ولا يدوم على حـال لها شـانُ
تبكي الحنيفيةَ البيضاءَ من أسفٍ *** كما بكى لفراق الإلف هيمانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ *** حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ
حتى المساجدُ قد أضحتْ كنائسَ ما *** فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصلبانُ
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهُمُ *** أحـال حـالهمْ جـورُ وطغيـانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم *** واليومَ هم في بلاد الضدِّ عبدانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ *** لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحـزانُ
يا ربَّ أمٍّ وطفلٍ حيلَ بينهما *** كمـا تفـرقَ أرواحٌ وأبـدانُ
وطفلةٍ مثل حسنِ الشمسِ *** إذ طلعت كأنما ياقـوتٌ ومرجـانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً *** والعينُ باكية والقـلبُ حيـرانُ
لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ *** إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ
طرد المسلمين من إسبانياهذه كانت الكلمات التي كتبها الشاعر "أبو البقاء الرندي" بعد وقوع إشبيلية في يد ملك كاستيل "فردناند الثالث"، وذلك في ديسمبر عام 1248م.
فقد تم في ذلك الوقت الاستيلاء على العديد من المدن الأخرى ومن ضمنها بلنسية، مرسية، جيان، وقرطبة, وقد بدا أن نهاية إسبانيا المسلمة على وشك الحدوث.
ومع ذلك، فلم تقع مملكة غرناطة التي كان يحكمها المغاربة في يد "فردناند" و "إيزابيلا" إلا في عام 1492م، ولم يتم طرد المسلمين الأخير إلا في القرن التالي ما بين عامي 1609م و 1610م, وهذا يعني أنه كان هناك عدد كبير من المغاربة المسلمين يقطنون في إسبانيا بعد بلوغ الثقافة الأندلسية أوجها والتي استمرت خمسمائة عام وذلك في القرن الحادي عشر.
وقد يكون الشاعر أبو البقاء قد تأثر كثيرًا لمعاناة إخوانه في الدين، وذلك بعد سقوط غرناطة ، أو خلال فترة طرد المسلمين حيث ارتكب بحقهم كثير من الأعمال الوحشية: دمرت المنازل وهُجرت، وتحولت المساجد إلى كنائس، وأبعدت الأمهات عن أطفالهن، وسلبت ثروات الناس وتم إذلالهم، وتحول الثائرون المسلحون إلى عبيد.
وبحلول القرن السادس عشر أصبح المغاربة مواطنين إسبانيين، وكان بعضهم مسيحيين بالأصل، وكان العديد منهم مثل شخصية "ريكوت" وهو جار "سانشو بازا" في رواية "الدونكيشوت" (1605م -1615م) وطنيون لدرجة كبيرة، وكانوا يعتبرون أنفسهم مثل ذلك المغربي في تلك الرواية, إلا أنهم كانوا جميعًا ضحايا سياسة الدولة التي كانت مبنية على النزاعات العنصرية الدينية، والتي كانت يدعمها المجلس الملكي والكنيسة، حيث كان طرد اليهود عام 1492م يمثل حادثة مماثلة شرعية في ذلك الوقت.
وحسب بنود المعاهدة التي أبرمت عام 1492م، والتي نصت على السماح لرعايا الملك على الاحتفاظ بمساجدهم ومعاهدهم الدينية، ولهم حق استخدام لغتهم والاستمرار بالالتزام بقوانينهم وعاداتهم، إلا أن بنود تلك المعاهدة قد نقضت خلال السنوات السبع التالية.
وقد حدث ذلك عندما جرى استبدال النهج التبشيري المعتدل لرئيس أساقفة غرناطة "هيرناندو دو تالفيرا" (1428م – 1507م) بالنهج التعصبي للكاردينال "سيزيزوس" (1518م – 1436م) الذي قام بتنظيم اعتناقات جماعية للدين المسيحي، وقام بحرق جميع الكتب الدينية باللغة العربية، وجرى ذلك أثناء التمرد الأول للبوجراسيين[2] (1500م – 1499م) وعقب اغتيال أحد نواب الكاردينال.
وهذا بالتالي منح العذر للملوك الكاثوليك لأن ينكثوا بوعودهم, وفي عام 1499م أجبر قادة الدين الإسلاميين في غرناطة على تسليم أكثر من 5000 كتاب تتميز بتجليدات زخرفية لا تقدر بثمن، فقد تمّ حرقها وبقي منها بعض الكتب الطبية فقط.
وبعد عام 1502م تم تخيير المغاربة في جنوب الأندلس، وبلنسية، وكاتالونيا، وأراغون بعد عام 1526م بين التعميد أو النفي, فكان التعميد بالنسبة للأغلبية هو الخيار الشكلي, وأصبح المسلمون الإسبان فيما بعد المسيحيين الجدد (نظريًّا) وهم بذلك أضحوا خاضعين للسلطة القضائية للمحكمة الكاثوليكية التي يترأسها البابا "سكستوس" السادس في عام 1478م.
إلا أن معظم هذا الاعتناق الديني كان بالاسم فقط, إذ كان المسلمون يمارسون الطقوس الدينية المسيحية التي لا وزن لها، إلا أنهم استمروا في تطبيق الدين الإسلامي سرًّا, فمثلاً بعد أن يتم تعميد الطفل، كان يؤخذ إلى البيت ويتم تغسيله بالماء الحار لإبطال قدسية التعميد.
كان المسلمون الأوائل قادرين على أن يحيوا حياة مزدوجة بضمير حي، نظرًا لوجود بعض الأحكام الدينية الإسلامية التي تجيز للمسلمين الرازخين تحت وطأة الإكراه أو من كانت حياتهم في خطر، التظاهر بالتقية حفاظاً على حياتهم.
واستجابة لطلب من المسلمين الإسبان، أصدر المفتي الأكبر لمدينة وهران[3] أحمد بن أبو جمعة حكمًا بجواز احتساء المسلمين الخمر، وتناول لحم الخنزير، أو القيام بأي فعل محرم إذا أجبروا على القيام بذلك, ولم يكن في نيتهم فعل هذا العمل الآثم.
كما أفتى أيضًا بجواز إنكار الرسول محمد بألسنتهم شريطة أن يكنوا له في الوقت نفسه المحبة في قلوبهم، إلا أنه لم يوافق جميع العلماء المسلمين على هذا الإفتاء.
وبذلك، فإن سقوط غرناطة كان بمثابة المرحلة الجديدة في العلاقات بين المسلمين والمسيحيين.
لقد كان حال المسلمين تحت الحكم المسيحي وخلال فترة القرون الوسطى يشابه حال المسيحيين الذين كانوا تحت حكم المسلمين[4], حيث كانوا ينتمون إلى أغلبية محمية تحافظ على قوانينها، وعاداتها مقابل دفع الجزية.
وبالنسبة للوضع القانوني لليهود والمسلمين تحت الحكم المسيحي، فلم يكن على أساس كتبهم المقدسة بل كانوا يخضعون إلى نزوات الحكام، وإلى تحيزات عامة الناس ومعارضة الرهبان.
وقبل اكتمال فترة إعادة الاستيلاء، كان من مصلحة ملكي "أراغون" و "كاستيل" احترام تلك القوانين والاتفاقيات.
ومع ذلك نرى الآن أن إسبانيا لم تصبح نظريًّا على الأقل أمة مسيحية بصورة كاملة، وإنما هناك تماثل أيضًا من حيث نقاء الإيمان مع صفاء الدماء، بحيث صنف جميع المسيحيين الجدد أو المتحولين عن دينهم، سواء أكانوا من أصل إسلامي أم يهودي، صنف هؤلاء بالمارقين المتسترين.
وبما أن المغربي عضو في الأقلية المقهورة ذات البيئة الثقافية الأجنبية، فقد أصبح هذا المغربي "مغربيًّا ضعيفا"، وأضحى كل مظهر من مظاهر حياته: لغته، ملبسه، وعاداته الاجتماعية يحكم عليها بأنها غير حضارية ووثنية.
فالفرد الذي يرفض احتساء الخمر، أو تناول لحم الخنزير قد تتهمه المحكمة الكاثوليكية بأنه مسلم، وتعتبر المحكمة الكاثوليكية والرأي العام أن تصرفات مثل: تناول "الكوسكس"، واستخدام الحناء، ورمي الحلوى خلال حفلات الزفاف، والرقص على إيقاع الموسيقى البربرية، كل ذلك يعتبر حسب نظرهم عادات غير مسيحية، وعلى الفرد أن يعاقب نفسه تكفيرًا عن خطيئته.
وبالنسبة للمغاربة الذين كانوا مسيحيين أصليين، فقد كانوا يعتبرون كمواطنين من الدرجة الثانية، وكانوا يتعرضون للنقد من قبل المسلمين والمسيحيين على حد سواء, وعلى الرغم من أن إطلاق اسم Morisco على المغربي يعتبر لفظًا ينتقص من قدره، إلا أن المؤرخين يرون أن هذا الاسم مناسبًا لتمييز العرب أو المغاربة الذين بقوا في إسبانيا بعد سقوط غرناطة.
قام "فيليب الثاني" في عام 1567م بتجديد مرسوم لم يتم تنفيذه بإحكام من قبل, وهو ينص على عدم شرعية استخدام اللغة العربية، وحظر الدين الإسلامي واللباس والعادات الإسلامية, وقد صدر هذا المرسوم في فترة التمرد الثانية للبوجراسيين (1568م – 1570م) والذي بدا أنه قام بمؤامرة سرية مع الأتراك, وتم القضاء على الانتفاضة بوحشية من قبل نبيل النمسا "الدون جوان".
وكان من أكثر الأعمال الوحشية التي ارتكبها هو تدمير مدينة "غاليرا" وحتى شرق غرناطة ومحوها تماماً، حيث قام بمذبحة راح ضحيتها 2500 امرأة وطفل، وإلى تشتيت شمل حوالي 80000 مغربي متواجدين في غرناطة والذين ذهبوا فيما بعد إلى المناطق الأخرى من إسبانيا، واستقر المسيحيون القدامى، وهم من شمال إسبانيا في مدنهم.
وبحلول عام 1582م، اقترح مجلس دولة الملك فيليب الثاني فكرة طرد المسلمين، ورأى المجلس أن ذلك هو الحل الوحيد للصراع القائم بين الجاليات، على الرغم من وجود بعض المخاوف من حدوث حالة تردي اقتصادي مؤذ حيث سيفتقَد إلى المهارة الحرفية، وسيكون هناك نقص في الخبرة والقوة البشرية العاملة في الزراعة.
وبما أن هناك معارضة من قبل بعض النبلاء، ونظرًا لأن الملك كان مشغولاً بالأحداث العالمية، فإنه لم يتم اتخاذ قرار بهذا الشأن حتى عام (1609م – 1610م) حيث أصدر فيليب الثالث (1626م -1598م) مرسوم الطرد.
وقد قامت الكنيسة بسنّ القوانين الملكية الخاصة بالمسلمين بكل مراحلها, فقد أصبح "جوان دوربيرا" (1611م – 1542م) وهو كبير رئيس الأساقفة والذي كان في البداية يؤمن إيمانًا راسخًا في فعالية العمل التبشيري، أصبح في أيامه الأخيرة المؤيد الرئيسي للطرد, وقد قال في خطبة دينية في 27 سبتمبر عام 1609م: "إن الأرض لن تزدهر ثانية ما لم يتم طرد هؤلاء الزنادقة".
وتغير أيضًا موقف دوق "ليرما"، وهو الوزير الأول للملك فيليب الثالث (1618م – 1598م)، عندما تمت الموافقة بمنح لوردات بلنسية أراضي المسلمين المطرودين، وذلك تعويضًا عن خسارتهم لسفنهم.
وتم بالإجماع المباشرة بتطبيق قرار الطرد من قبل مجلس الدولة، وذلك في 30 يناير عام 1608م، على الرغم من أنه لم يتم التوقيع الفعلي على المرسوم من قبل الملك إلا في الرابع من إبريل عام 1609م, وتم إعداد أسطول السفن الشراعية الإسبانية سرًّا، وانضم إليه فيما بعد العديد من السفن التجارية الأجنبية وقد جاء البعض منها من إنجلترا.
وفي الحادي عشر من سبتمبر، أعلِن في بلدة بلنسية عن قرار الطرد، وغادرت أول قافلة من دانية عند حلول الظلام، وذلك في الثاني من أكتوبر ووصلت إلى وهران في أقل من 3 أيام.
وتسلم مسلمو أراغون وقشتالة وجنوب الأندلس، و"اكستير مادورا" أوامر الطرد خلال فترة السنة التالية, واستقرت أغلبية المهاجرين المطرودين في المغرب، أو على الساحل البربري وخاصة في وهران، تونس، تلمسان، تطوان، الرباط، وسَلا.
وقد سافر العديد منهم برًّا إلى فرنسا، إلا أنهم أجبروا على الهجرة إلى إيطاليا، وصقلية، أو إسطنبول إثر اغتيال "هنري" ملك "نافار" على يد "رافيلاك" وذلك في مايو عام 1610م.
هناك تضارب شديد حول عدد سكان المغاربة, فقد قدر عالم الديموغرافيا الفرنسي "هنري لابيري"، وذلك من خلال تقارير الإحصاء الرسمية للسكان، ومن خلال قوائم المسافرين على متن السفن، أن هناك حوالي 275000 مسلم إسباني قد هاجروا خلال السنوات 1614م – 1609م من مجموع 300000 مسلم إسباني.
ولا يتساوى هذا التقدير المعتدل مع الروايات المعاصرة العديدة التي تقدر عدد المسلمين بحوالي 600000 مسلم، وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن العدد الكامل لسكان إسبانيا في ذلك الوقت كان بحدود سبعة ملايين ونصف المليون نسمة فقط، فهذا يشكل بحد ذاته نقصًا حادًّا في القوة البشرية المنتجة، وفي ريع الضرائب.
وفي مملكة بلنسية التي فقدت حوالي الثلث من سكانها، فقد هُجرت نصف قراها في عام 1638م, وهناك تضارب مماثل حول عدد المسلمين الذين قتلوا خلال التمرد المسلح، أو أثناء رحلتهم إلى المنفى.
وأفاد السيد "بيدرو أزنار كاردونا" الذي برّر في بحثه مسألة الطرد والذي نشر في عام 1612م، أنه توفي أكثر من 50000 مسلم، وذلك بين شهري تشرين الأول / أكتوبر 1609م وتموز / يوليو 1611م أثناء محاولتهم مقاومة طردهم، في حين أنه توفي أكثر من 60000 مسلم أثناء رحيلهم خارج البلاد سواء برًّا، أم بحراً، أو على أيدي إخوانهم في الدين بعد أن تم إنزالهم على الساحل الشمالي الإفريقي.
وإذا ما كانت هذه الأرقام صحيحة، نجد أن أكثر من سدس المسلمين قد أبيدوا خلال فترة السنتين, وقد أشار "هنري تشارلز لي" بعد دراسة المصادر المعاصرة أن نسبة وفاة المسلمين تقع ما بين ثلثي وثلاثة أرباع مجموع عددهم.
استغل "جوان دو ريبيرا" العامل الديموغرافي كأحد الحجج المؤكدة في تأييد مسألة الطرد, وحذر "فيليب الثالث" أنه ما لم يتخِذ إجراءً سريعًا، فقد يجد المسيحيون الإسبان أنفسهم عاجلاً أنهم أقل عددًا من المسلمين، حيث إن المغاربة يتزوجون ولديهم أسر كبيرة، في حين أن ثلث أو ربع المسيحيين غير متزوجين، وذلك بعد دخولهم في خدمة الكنيسة الكاثوليكية، أو بسبب انخراطهم في الخدمة العسكرية.
وأفاد "ريبيرا" أن كل ما يفكر به المسلمون هو الزيادة والحفاظ على نسلهم، في حين أن اعتدالهم في المأكل والمشرب يطيل من أعمارهم, ومما زاد من مخاوف "ريبيرا" هو الإحصاء السكاني الذي أجري لسكان بلنسية والذي أشرف عليه هو شخصيًّا في العام نفسه، والذي أظهر أن عدد المغاربة قد ازداد بنسبة الثلث.
وخلال اجتماع عقد لمجلس الدولة في كانون الأول / يناير 1608م، عزا الكوماندور "دوليون" انخفاض عدد السكان المسيحيين الأصليين إلى كرههم لتحمل الأعباء الاقتصادية للزواج في وقت ترتفع فيه تكاليف الحياة.
كما حذر أيضًا من أن المسلمين سيتمكنون عاجلاً من تحقيق أهدافهم بكل سهولة بسبب ازدياد عددهم وذلك دون اللجوء إلى استخدام السلاح أو تلقي مساعدة من الخارج.
وحانت اللحظة المناسبة لاتخاذ عمل صارم إزاء هذا الموضوع، بسبب انشغال تركيا بالحرب، وضعف كل من فارس (إيران أو شمال إفريقيا) من جراء تفشي مرض الطاعون والجفاف والحرب الأهلية.
ففي ذلك الحين أفاد كونت "ألبا دوليست"، من خلال مزيد من التحريف لمسألة الديموغرافية، لو يرسل الملك برحمته المسلمين إلى شمال إفريقيا, فإن ذلك يكون بمثابة ضرب من أنواع الحكم عليهم بالموت، لأنهم إنْ لم يموتوا بسبب الجفاف أو الجوع فإنهم سيصبحون عقماء.
نجد في مخيلة العديد من الناس أن مسألة خصوبة المسلمين لها علاقة بالتعاليم الدينية الإسلامية بالنسبة للانغماس في الشهوات واستباحة المحرمات, ويعزى فشل الكنيسة في جهودها التبشيرية –كما يقولون- إلى موقف الإسلام من المتعة الدنيوية، والحساب في دار الآخرة.
وجسّد المسلمون إثم الطبيعة البشرية فيما بعد بطريقة رومانسية في تخيلاتهم للمرأة الشرقية, إلا أنهم كانوا عرضة لخطيئة "الأنا العليا" مثل الغرور، النفاق، المكر، الجشع، واغتنام الفرص، وتعزى كل هذه الصفات إلى اليهود.
إن المتعصبين لن يترددوا في استخدام الأنماط المماثلة لتبرير كرههم للمسلمين، وهذا أمر لا ريب فيه بالنسبة للعديد من الكتّاب الإسبان في القرن السابع عشر الذين يصفون المغاربة بأنهم كسولين، إلا أنهم كادحون، وغير مسرفين ولكنهم فاسقون، وبخلاء وفي الوقت نفسه مبذرون، وخونة، إلا أنهم محاربون أشداء، وجاهلون وحريصون على التعلم كي يتفوقوا.
وكما رأينا أن هناك أسبابًا حقيقية للخوف والغيرة من المغاربة: فعدد سكانهم يتزايد بسرعة، فأصبح البعض منهم تجارًا وأصحاب محال ناجحين، على الرغم من محاولات إقصائهم عن هذه المهن، وهم يضربون مثلاً رائعًا في سلوكهم في التجارة والاقتصاد في الإنفاق والعمل المضني، وتعمل الأغلبية منهم ظاهريًّا وفقًا للمتطلبات الدينية المفروضة عليهم، إلا أنهم استمروا –عن طرق الحيلة- بالاحتفال بأعيادهم وبتطبيق الشعائر الدينية الأساسية الإسلام.
وقد أدى رفضهم للتعاليم الداعية للتخلي عن طابعهم الديني والثقافي إلى أن يكرههم العديد من المسيحيين القدامى, فلم تكن هناك محاولة جادة لفهم ثقافة ودين المسلمين.
إن أية روايات يشوبها تشويه سمعة الإسلام، وأي تلميحات بإهانته، وأي تحريف لإحدى حقائقه، كان يعتبر مقبولاً، إذ كان يخدم ما يعتبره هؤلاء المسيحيون هدفاً جديرًا بالثناء عليه لتشويه صورة الإسلام, كان مفهوم التنوع الثقافي يعتبر غريبًا، واستيعاب هذا التنوع غير مقبول على نحو متساو.
تتباين معاناة المغاربة بشكل كبير من منطقة إلى أخرى, فقد سادت في بعض أرجاء إسبانيا علاقات مميزة بين المسيحيين القدامى والجدد, وقد أظهرت دراسة مفصلة أجراها "فيلاروبيا" في لامانشا -والتي يشكل فيها المسلمون نسبة 20% من السكان، ويمتلكون أفضل المزارع وقد اندمجوا ضمن المجتمع هناك- أظهرت أن جيران المسلمين من المسيحيين القدامى كانوا يقومون بحمايتهم من الزيارات غير المرغوب بها من قبل مفتشي الحكومة, وقد استطاع العديد من أولئك الذين تم طردهم من العودة ثانية إلى إسبانيا وقطع مئات الأميال للوصول إلى وطنهم.
ولم يتم سرد القصة الكاملة للمعاناة التي تحمّلها المغاربة: كيف وصل أولئك الذين نجوا بحياتهم إلى بلادهم، وهم يعانون من الجوع والحرمان لأن اللصوص والمحتالين سلبوا منهم المال وضرورات الحياة التي سمح لهم بأخذها معهم، وكيف أن الذين سافروا برًّا إلى فرنسا قد أرغموا من قبل المزارعين أن يدفعوا مالاً إذا شربوا من نهر، أو جلسوا تحت ظل شجرة، وكيف حاول الآلاف منهم المقاومة، وأن الذين نجوا بحياتهم كانت خاتمتهم أنهم أصبحوا عبيدًا في السفن، وكيف كان أولئك الذين ينتظرون الصعود إلى السفينة جوعى, بحيث إنهم وافقوا على بيع أطفالهم مقابل الحصول على الخبز، وكيف كانت السياسة الرسمية للكنيسة هي فصل الأطفال المسلمين عن والديهم.
وكان هدف "جوان دو ريبيرا" منذ البداية والذي صادق عليه مجلس الدولة في الأول من كانون الثاني/ ديسمبر عام 1609م، أن يبقى الأطفال الذين كانت أعمارهم بين العاشرة أو أقل في إسبانيا ليقوم الرهبان أو أي أشخاص آخرين موثوق بهم بتعليمهم، حيث يقومون بالإشراف عليهم حتى بلوغهم سن الخامسة والعشرين، أو الثلاثين مقابل تأمين المسكن والطعام والملبس لهم، وأن يسلم الأطفال الرضع إلى المرضعات المسيحيات القدامى حسب الشروط السابقة الذكر.
وفي الشهر التالي تم تخفيض سن الأطفال من عشر سنوات إلى خمس سنوات أو أقل من ذلك, وجرى تنفيذ هذه السياسة بشكل جزئي، إلا أنه ثبت أنه من المستحيل تنفيذها بشكل كامل, وبدا أنه فقِد حوالي 14000 طفل مسلم -إذا افترض أنه كان لكل أسرة طفلان– من مجموع المسلمين الذين ركبوا سفينة "اليكانت" في الأندلس وذلك في فترة ما بين السادس من تشرين الأول / أكتوبر، والسابع من تشرين الثاني / نوفمبر عام 1609م.
وحسبما جاء في الوثيقة المؤرخة في 17 إبريل عام 1610م، فقد أرسل من مملكة بلنسية حوالي 1832 من الصبية والفتيات المسلمين وأعمارهم ما بين السابعة أو أدنى -وكان ذلك ضد رغبة أوصيائهم- إلى قشتالة لخدمة الأساقفة وكبار قوم المملكة.
وفي تموز / يوليو عام 1610م، أوصت الكنيسة بأن يتم بيع جميع الأطفال المسلمين من هم فوق سن السابعة الموجودين في مملكة بلنسية إلى المسيحيين القدامى بشكل دائم، وهم: أيتام المتمردين، والأطفال الذين استحوذ عليهم الجنود وآخرين لم يفصح عن هويتهم، كانوا يظنون أنهم بذلك يفعلون الخير.
وأقر العلماء اللاهوتيون الذين وقعّوا على هذه الوثيقة بأن الرق لم يبرر أخلاقيًّا فحسب، بل هو مجدٍ من الناحية الروحية، أي أن هؤلاء الأطفال من غير المحتمل أن يصبحوا مرتدين عن دينهم، بما أن أسيادهم ضمنوا بقاءهم كرومان كاثوليك، وأن العبيد نادرًا ما يتزوجون، فهذا منهج آخر للتخلص من "العرق الشرير" في إسبانيا.
فما هي أهمية تحديد مسألة السن؟ كان يعتقد أن الطفل إذا تجاوز سن السادسة أو السابعة فإنه يبدأ في فَقْد براءته، ويصبح من الصعوبة تلقينه تعاليم مذهب ما، في حين أن الطفل الأصغر سنًّا لا يدري شيئًا عن أصوله.
وجرى تبرير هذه السياسة بأن الأطفال الأبرياء الذين تم تعميدهم كمسيحيين ينبغي عدم معاقبتهم بسبب آثام آبائهم، مع أنه ذلك يعتبر تناقضًا، لأن مبدأ توارث الخطيئة مقبول كمبرر لطرد جميع البالغين سواء أكانوا مسيحيين أم لا.
بالإضافة إلى ذلك، قيل: إن طرد الأطفال مع والديهم غير النصرانيين هو بمثابة التأكيد على أنهم مسلمون، وكان لزامًا على الأطفال المسلمين ألا يتلقوا تعليمًا يفوق طبقتهم الاعتيادية، وبذلك يتم عزلهم عن الطلاب الذين يتهيئون لمنصب الكهانة، ونجد أن هؤلاء الأطفال المسلمين تتم تربيتهم من قبل الحرفيين، وعمال المزارع، وبالتأكيد كان لا يسمح لهم بدراسة الأدب.
وبهذه الطريقة كان يؤمل أن تمحى ذكريات الإسلام في إسبانيا للأبد, وقد أعجب "فيليب الثالث" إعجابًا شديدًا بهذه النقطة.
لقد كتِب الكثير عن هجرة اليهود الإسبان الجماعية في عام 1492م، أو عن المعاناة التي لاقاها العديد من اليهود المتحولين الذين لاقوا معاناة من قبل المحكمة الكاثوليكية، إلا أنه لم يلق المسلمون الإسبان المعاملة نفسها.
ترتبط في أذهان معظم الناس أن المحكمة الكاثوليكية الإسبانية تقوم باضطهاد اليهود، فلم يعرف كثير عن تعذيب المسلمين من قبل المحكمة، وأنهم كانوا ضحية للمفهوم المعادي للسامية.
واتهمت المحكمة الكاثوليكية حوالي 12000 مسلم بتهمة الارتداد عن المسيحية, أي بنسبة قدرها 50%، قبل أن يتم طردهم بحوالي 30 سنة.
ولم يتجل التعصب الديني والعنصري في أي مكان كما تجلى في تقارير اجتماعات مجلس دولة الملك "فيليب"، وكذلك في الكتب التي ألفت وذلك من أجل تبرير الحاجة إلى سياسة الطرد.
ويلمس المرء في تلك المؤلفات التي كتب معظمها رهبان محبطون تبشيريون من الدومنيك، تعصبًا لاهوتيًّا غير أصلي مدعوماً بحوادث سابقة من الإنجيل وهي محاولة "تهويد" الإسلام، ووصف المسيحيين الإسبان القدامى أنهم "العرق المختار" المنشغلون في حرب صليبية لاستعادة "الأرض الموعودة" من محمد.
فقد ادعى أحد المؤلفين بأن النبي ما هو إلا ثمرة علاقة زنى بين والدته وعمه، وكلاهما –كما ادعى- يهوديان، وذلك تحقيقًا للنبوءة القائلة بأن المسيح الدجال سوف يولد لأم غير طاهرة[5].
من السخرية أنه لم يستشهد فقط المدافعون عن سياسة الطرد الجماعي للمغاربة بنصوص العهد القديم التي استخدمت لدعم نظرية أن فلسطين هي الأرض اليهودية الموعودة، وإنما أيضًا استشهد بتلك النصوص اللاهوتيون المعادون لليهودية وذلك تأييدًا للحاجة إلى قوانين لتنقية الدماء.
وقد اعتبر هؤلاء المؤلفون الإسبان المسيحيين القدامى كوريث روحي لأطفال إسرائيل، وشبهوا الملك فيليب الثالث بإبراهيم، وموسى والملك داود، وأطلقوا عليه اسم "إبراهيم الثاني" وأفادوا أنه -يعني النبي إبراهيم-[6] كان ملزمًا بطرد ابنه غير الشرعي، أي العرب المسلمين، أحفاد "هاجر" الأمَة المصرية.
وكانت أفضل النصوص الواردة من الإنجيل التي يفضلونها هي رسالة الله إلى موسى التي سلمها للإسرائيليين، عندما كانوا على وشك الدخول إلى الأرض الموعودة والتي كانت كما يلي: "إنكم لن تدعوا أحدًا على قيد الحياة في مدن تلك الأمم التي منحها الله هذه الأرض، إنكم سوف تبيدون الحثيين، والعموريين، والكنعانيين، وأهالي بير زيت، وحيفا و.. كما أمركم الله، بحيث لا يعلمونكم أن تقلدوا الأفعال البغيضة التي قاموا بها إزاء آلهتكم وبذلك يجعلونكم ترتكبون الآثام ضد إلهكم".
وقد استشهد اليهود بهذا النص الذين كانوا يقودون حملة لتوسع إسرائيل الكبرى الممتدة من الفرات وحتى البحر الأحمر، وقد استخدم هذا النص أيضًا من قبل المتطهرون The Puritans في شمال أمريكا في القرن السابع عشر، وذلك لتبرير المجزرة التي جرت ضد سكان أمريكا الأصليين.
وعقب هذا التشابه اليهودي - المغربي، أوضح أحد الشعراء المعاصرين حول مسألة الطرد الجماعي للمغاربة فأفاد بما يلي: سوف يغادر المغاربة أرض إسبانيا المقدسة مغادرة لا عودة بعدها، وسيعودون إلى مصر أرض جهنم.
وقد اقترح الراهب البرتغالي الدومنيكي "داميان فونسيكا" بأن الله كان يتوقع من جلالة الملك الكاثوليكي أن يبذل سعيًا حثيثًا في تهدئة العقاب الإلهي, وقد استخدمت هذه الجملة في عام 1611م وهي (المحرقة المقبولة).
ويعتبر هؤلاء المعاديون للسامية أن اليهود ينحدرون من يهوذا الذي خان المسيح وليس من يهوذا ابن يعقوب, ولم يعترفوا بأن عيسى يهودي أرسله الله ليعظ نعاج بيت إسرائيل التائهة, ونتيجة للقدر الذي كتبه الله لهم، لم يعد اليهود شعب الله المختار، وورثوا خطيئة قتل الإله فحكم عليهم أن يتيهوا في الأرض.
إن أبسط طريقة للحط من قدر ما تبقى من أثر للعرب الإسبان هو تصوير الإسلام على شكل بدعة يهودية مزيفة, فاقترح القسيس الملكي "جيم بليدا"، وهو من المجادلين المعاديين للمسلمين -اقترح أن الغزو الإسلامي لإسبانيا ما كان إلا بمثابة العقاب الإلهي لسياسة الملك "ويتزا" (698هـ - 710م) المؤيدة لليهود، حيث أنه أبطل المراسيم التي أصدرها والده عن طريق إعتاق اليهود من الرق، ورد أراضيهم وامتيازاتهم إليهم.
وقد استشهد بذلك كحادثة سابقة شرعية جرى تطبيقها على المسلمين، وذلك في الاجتماع الذي عقده مجلس الدولة في 30 كانون الأول / يناير 1608م, وعلى أية حال، كان الحدث التاريخي المباشر هو طرد اليهود في عام 1492م.
وفي شهر إبريل من عام 1605م، حث "بليدا" فيليب الثالث إلى أن يحذو حذو سلفه الملك "فرديناند"، والملكة "إيزابيلا" الذين أقنعهما "فيراي دو تركومات" بطرد اليهود من مملكتهما، وأن يقوما بالفعل نفسه إزاء المغاربة إذا رفضوا عملية التعميد، وأضاف بأن الله قد كافأ أسلافهم الكاثوليك نظرًا لحماسهم للدين المسيحي فمنحهم العالم الجديد.
إن الكثير من التوبيخات القاسية التي وجهها "بيلدا" ومجادلون آخرون إلى المسلمين قد وجهت سابقًا إلى اليهود, وقيل عن المسلمين واليهود أنهم يتوارثون ارتكاب الآثام، وأنهم دخلاء على المجتمع، ولا يمكن إصلاح إلحادهم المتأصل، وأن فسقهم الراديكالي هو بمثابة العدوى السريعة الانتشار، والتي يجب القضاء عليها.
لقد وُصِفَ فيليب الثالث بأنه "جالينوس"[7] كاثوليكي، وعهد إليه مهمة تطهير إسبانيا من الداخل من السموم والفساد.
وقد دفعت إسبانيا الثمن غاليًا لحرمان المسلمين واليهود ولفترة طويلة من هويتهم الثقافية، إلا أنه منذ وفاة "فرانكو" عام 1975م تم إرساء حرية العبادة بالتدريج.
وهناك اليوم حاجة لكتابة نسخة جديدة من التاريخ الأوربي، حيث هناك تعدد عرقي وديني في أوربا (هناك حوالي 30 مليون مسلم، ومليون ونصف مليون يهودي في أوربا) كما أن هناك حاجة لبيان إنجازات ومحن المسلمين واليهود الأوربيين.
وبإمكان الفاتيكان أن يفعل الكثير وهو الاعتراف بالوحشية المرتكبة باسم الكنيسة, ومن الصعب أن نصدق أنه تقرر في نهاية عام 1960م وجوب إضافة اسم "جوان دو ريبيرا" إلى قائمة القديسيين, فقد تم على الأقل مؤخرًا إسقاط تقديس الملكة "إيزابيلا".
فالقديسيون الحقيقيون هم أولئك الذين عرّضوا حياتهم للخطر من أجل حماية أناس اضطهدوا من أجل معتقداتهم، أو بسبب معتقدات أسلافهم، أو ماتوا لأنهم رفضوا خيانة آخرين من أجل المحكمة الكاثوليكية، والذين لم يرتدوا عن إيمانهم وماتوا أثناء المقاومة المسلحة.
فقد كان هؤلاء القديسيون منشغلين بما يطلق عليه المسلمون "الجهاد"، والذي يعني النضال الداخلي، والواجب في مقاومة الشر، والمضي قدمًا في النضال في الطريق الديني، كما يقصد به النضال الخارجي أي أن هناك واجب نصرة المظلومين والذين أخرجوا من ديارهم بغير حق، لأنهم رفضوا الارتداد عن دينهم، والدفاع سواء عن النفس أو عن الآخرين.
ويمكن التعبير عن ذلك من القرآن بقوله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [الحج: 40][8].
- إحراق الكتب العربية العلمية: من هواة الدومينيكان النصارى في الأندلس.
- دخول إيزابيلا وفرديناند إلى غرناطة عشية سقوطها.
- المرسوم الذي أصدره فرديناند وإيزابيلا عام 1497م والذي يقضي بطرد المسلمين من البرتغال ونقلهم إلى إسبانيا.
- تعميد نساء المسلمين جبرًا بعد سقوط غرناطة.
Baose, Roger, “The Muslim Expulsion from Spain,” History Today, Vol.52, no.4
ترجمة : عبد الرحمن كيلاني.
المصدر: مجلة الفسطاط.
- المزيد من مقالات تاريخية
- المزيد من مقالات تاريخ الأندلس
[1] روجر بواس حاصل على الزمالة الفخرية في البحوث في كلية الملكة "ماري" في جامعة لندن، وهو مؤلف كتاب "معنى وأصل الهوى في البلاط الملكي" (مانشستر 1977م).
[2] البوجراسيون alpujrras هم المقاتلون المسلمون الذي حاربوا الإسبان وكانت جبال البوجراس في جنوب الأندلس معقلهم فنسبوا إليها، وتدعى بجبال البشرات بالعربية.
[3] وهي في الجزائر.
[4] لا يوافَق الكاتب على رأيه هذا، فليس هناك وجه للمقارنة بين وضع أهل الكتاب تحت حكم المسلمين، وبين وضع المسلمين تحت حكم الكاثوليك الذين تفننوا في تعذيب المسلمين وإجبارهم إما على اعتناق النصرانية أو الهجرة أو القتل. فأي تشابه هناك بين الوضعين؟
[5] خسئوا والله، فهو النبي محمد الذي حفظ الله نسبه، فكان من أشرف بيوت قريش، وأفضلهم نسباً، . رفع الله ذكره في الأرض، وجعل أمته خير الأمم، وجعله خاتم النبيين، لا يقبل الله من أحد أتى بعده ديناً إلا دينه الذي ارتضاه للناس، فكل يهودي ونصراني سمع به ولم يؤمن به إلا أدخله الله النار، كما صح عنه .
[6] هكذا يحترم أهل الكتاب أنبياء الله . قاتلهم الله أنى يؤفكون!
[7] جالينوس: حكيم وطبيب ومشرح يوناني قديم، بقيت كتبه أساساً للطب الأوروبي حتى عصور التنوير.
[8] والآية بتمامها: "الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" (الحج: 40).
مؤتمر اليهود الأول بروتوكولات حكماء صهيون
كتبت تحت قسم
تاريخ أمة
|
الأربعاء، 18 مايو 2011|
درعمى
ورود الحق ـ قصة الإسلام :
الموضوع: كبار زعماء اليهود يعقدون أول مؤتمر عالمي لإقامة دولة إسرائيل الكبرى
الأحداث :
إن من أشد الأمور خطورة في مسيرة الكثير من الحركات الإصلاحية هذه الحالة المستشرية من السطحية والفوضوية في حركة هذه التيارات, فمعظمها إن لم يكن كلها لا تمتلك في واقع الأمر أجندة مسبقة في كيفية الوصول لأهدافها، وتعتمد كثيرًا على التوفيق الرباني لمسيرتها والتميز الفردي الموجود في بعض قادتها, لذلك فإن رغم ما تجده من إسهامات وإنجازات لهذه الدعوات والحركات على مستوى الأفراد أو الجماعات إلا أن مسألة التمكين والخلافة بعيدة كل البعد عن الواقع العملي حتى إننا من شدة بعده نجد أن هذا الهدف -أقصد التمكين وإقامة شرع الله في أرضه- قد أصبح غائبًا تمامًا من الخطاب الدعوي كأنه حلم بعيد المنال محال الحدوث..
وذلك كله بسبب الغفلة عن سنة الله في التمكين والاستخلاف الذي جعل الله له شروطًا ومقدمات لا بد من سلوكها وتعاطيها ليصل بإذن الله للنتيجة المنشودة، وبين أيدينا الآن نموذجًا لكيفية الوصول لهدف التمكين رغم مغايرته لطريق المسلمين ولكننا نتعلم ولو من أعدائنا الذين كانوا وما زالوا وسيظلون يخططون ويدبرون للنيل من المسلمين والكيد لهم، وللأسف المسلمون في غيبوبة عميقة عما يدبر لهم في الخفاء.
اليهود وفلسطين :
لقد حاول اليهود من قديم الأزل إيجاد موطأ قدم لهم في بقعة ما من الأرض تكون لهم نقطة تجمع وتوحد ليفروا مما كتب عليهم من الهوان والذل بما كسبت أيديهم عبر العصور، ولقد تجسد هذا الحلم عندهم في أرض الشام عمومًا وفلسطين وسيناء خصوصًا، لذلك فإنك تجد أن لليهود محاولات قديمة للتجمع بأرض فلسطين مهدوا بها السبيل ولفتوا الأنظار نحو قضيتهم المزعومة، وبدأت هذه المحاولات فردية ثم تحولت عبر السنين إلى مؤسسية وكان التسلسل الزمني لهذه المحاولات كالآتي:
- دعوة شبنساي زيفي: وهو مؤسس فرقة الدونمة اليهودية التي ظهرت في القرن السابع عشر الميلادي في الدولة العثمانية، وهو رجل ادعى النبوة وأنه المسيح المنتظر وانتشرت دعوته بين اليهود، وهو أول من نادى بعودة اليهود إلى فلسطين، ولما انكشف أمره وكاد أن يعدم ادعى الإسلام وأمر أتباعه بادعائه، وظلوا سرًّا على يهوديتهم، وعرفوا باسم يهود الدونمة، وكان لهم أبلغ الأثر في إسقاط الخلافة العثمانية.
- دعوة نابليون بونابرت: وذلك أثناء حصاره لمدينة عكا سنة 1214هـ عندما أرسل برسالة لكل يهود العالم وأطلق بيانًا باسم "الورثة الشرعيين لفلسطين" دعاهم فيه للتجمع والاستيلاء على فلسطين.
- دعوة جايم مونتفيور: وهو سمسار إيطالي الأصل قابل محمد علي بعد أن استولى على فلسطين أثناء حربه الظالمة على الشام والدولة العثمانية وعرض عليه شراء فلسطين لتكون وطنًا قوميًّا لليهود، ولكن محمد علي رفض ذلك العرض، ولم ييأس هذا الرجل النشيط فلقد استطاع أن يحصل على قطعة أرض في فلسطين بطريق الخداع, وعهد باستغلالها إلى خمس وأربعين أسرة يهودية وذلك سنة 1261هـ.
- دعوة الحاخام كاليشار: وذلك في كتابه الشهير والموروث عند اليهود لوقتنا الحالي (البحث عن صهيون) وذلك سنة 1281هـ، ودعا فيه اليهود للمبادرة بغزو فلسطين فورًا وبلا تردد واحتلالها بشتى السبل، وردد نفس الشيء موسى هنيس الألماني في كتابه (روما والقدس) حيث دعا لإنشاء دولة يهودية في فلسطين.
اليهود والدولة العثمانية :
ونظرًا لأن اليهود يؤمنون بالمثل الإنجليزي السائر بطيء ولكن أكيد SLOW BUT SURE فلقد بدءوا في التمهيد بغزو فلسطين بمحاولة الهجرة أولاً شيئًا فشيئًا إلى بلاد الشام ومصر عمومًا وسيناء وفلسطين خصوصًا, وكان الناس على وعي تام بمخاطر اليهود ومكائدهم فرفعوا عرايض للسلاطين العثمانيين بخطورة هجرة هؤلاء إلى أرض الشام، وكان السلاطين وقتها على مستوى المسئولية فوقفوا بالمرصاد لهذه المحاولات, وأصدروا أوامر مشددة لولاة الشام تحرم على اليهود سكنى فلسطين وسيناء، من هذه الأوامر:
- فرمان سليم الأول: وقد أصدره سنة 924هـ ومنع فيه هجرة اليهود إلى سيناء وطرد أي يهودي يدخل تلك المنطقة فورًا.
- فرمان سليمان القانوني: وأكد فيه الفرمان السابق لأبيه سليم الأول مما يوضح أن الخطر اليهودي كان لا يزال ماثلاً على سيناء وفلسطين.
- فرمان مراد الرابع: ولقد أصدر هذا السلطان ثلاثة فرمانات متتالية 989هـ السبب في ذلك أن اليهود رغم كل هذه التشديدات لم يكفوا عن محاولاتهم الهجرة إلى سيناء بداية من مدينة الطور، وهي مدينة ساحلية بها ميناء واسع يصلح للاتصال مع الخارج فتكون بذلك نقطة تجمع مثالية، وكان يقود هجرة اليهود للطور رجل اسمه إبراهام الذي استوطن هو وبعض العائلات هناك، ولم ينكشف أمره حتى اشتكى رهبان دير سانت كاترين للدولة من إيذاء اليهود لهم, فصدرت الأوامر السابقة لطردهم من سيناء.
السلطان عبد الحميد واليهود :
يعتبر السلطان العثماني عبد الحميد الثاني أقوى من وقف أمام محاولات اليهود لاحتلال فلسطين وظل صامدًا طيلة فترة حكمه التي امتدت ثلاثة وثلاثين سنة متصلة كان فها عبد الحميد العقبة الكئود التي تحطمت عليها محاولات اليهود للاستيلاء على فلسطين، ولم يتمكن اليهود من هدفهم إلا بعد الإطاحة بالسلطان الصالح عبد الحميد رحمه الله، أما عن أهم مجهودات السلطان عبد الحميد في الدفاع عن فلسطين:
1- أصدر فرمانًا سنة 1300هـ لولاة القدس وبيروت واللاذقية وحيفا بمنع أي يهودي خاصة من روسيا أو رومانيا أو بلغاريا من أن تطأ قدمه أرض فلسطين، وذلك بعد محاولات كبار اليهود باليونان.
2- أصدر فرمانًا آخر سنة 1301هـ لرؤساء البعثات الدبلوماسية في الأستانة جاء فيه صورة قرار مجلس الوزراء العثماني بمنع استيطان أو استقرار اليهود الروس في فلسطين.
3- أصدر فرمانًا آخر بألا تزيد مدة إقامة اليهود الراغبين في زيارة فلسطين عن ثلاثين يومًا ثم عُدل بثلاثة شهور بعد ضغط من القنصليات الأجنبية.
4- أصدر قرارًا يحرم بيع أراضي الحكومة بفلسطين مطلقًا لليهود بما فيهم رعايا الدولة العثمانية، وذلك بعدما اكتشف قبول بعض الموظفين الرشوة من اليهود مقابل تسهيل شراء أراض بفلسطين.
5- وقف كالطود العظيم أمام محاولات زعيم الصهيونية العالمية هرتزل النمساوي الذي سعى كثيرًا للاجتماع مع السلطان عبد الحميد حتى استطاع ذلك بعد محاولات مضنية, وفي هذا الاجتماع عرض على السلطان عبد الحميد دفع مبلغ عشرين مليون ليرة ذهبية مقابل شراء فلسطين لتكون وطنًا لليهود وسداد ديون الدولة العثمانية..
وجاء رد عبد الحميد قويًّا ناصعًا درة على جبين الأمة نارًا على الخونة والعملاء والجبناء المنهزمين حيث قال له: "إن فلسطين ليست أرضي إنما أرض المسلمين الذين حاربوا في سبيل هذه الأرض ورووها بدمائهم، دع اليهود يحتفظوا بملايينهم, فإذا تفككت إمبراطوريتي فإن اليهود قد يحصلون على فلسطين بدون مقابل، ولكنهم لن يصلوا إليها إلا على أشلاء أجسامنا بعد تمزيق أوصالها".
المؤتمر العالمي :
عندما وصلت محاولات ومجهودات اليهود إلى تلك المنطقة قرروا تغيير خططهم واتباع استراتيجية جديدة تقوم على المخططات السرية التي تكون بمثابة ميثاق ودستور لعمل اليهود في شتى بقاع الأرض للوصول إلى هدفهم المنشود، فدعا هرتزل كبار رجال اليهود في ذوي الرتبة العالمية عندهم وفق معيار خاص للتدرج في القيادة والتوجه لاجتماع بمدينة بازل بسويسرا وذلك سنة 1315هـ وعرض عليهم مشروعه لاختيار وطن قومي لليهود بمكان من ثلاثة (فلسطين - كينيا - الأرجنتين)..
وقال لهم: الصهيونية هي عودة اليهود لليهودية حتى قبل عودتهم إلى الأرض اليهودية, وقد وقع اختيارهم بالقطع على فلسطين، وكانت كلمة هرتزل تعني أنه لا بد من صبغ الاتجاه اليهودي لاغتصاب أرض فلسطين بالصبغة العقدية الصرفة, ويكون الاستيلاء عليها باسم الدين ومع ضمان التأييد الدولي عامة والأوربي خاصة لهذا المخطط.
- الجدير بالذكر أن هذا المؤتمر وضع فيه ميثاق العمل الصهيوني واليهودي على شكل بروتوكول ملزم يرقى لمنزلة الكتب المقدسة عرف تاريخيًّا بعد انكشاف أمره بعد ذلك بأربعة سنوات باسم (بروتوكولات حكماء صهيون) ويقوم في أساسه على العصبية الشديدة للجنس اليهودي وللنظرة الدونية والأممية لسائر شعوب الأرض.
ويبقى أن نقول: إن هرتزل نفسه كان لا يتوقع أبدًا النجاح الكبير لقيام دولة اليهود بفلسطين الذي نراه ونعايشه الآن، وحاول أن يصرفهم عن اختيار فلسطين كوطن وقال لباقي أعضاء المؤتمر: "لست أنصحكم أن تهاجروا إلى فلسطين فذلك خطر عليكم".
ولكنهم رفضوا وأصروا على اختيارهم، ولعله كان خائفًا من رد فعل المسلمين إذا ما اغتصبت مقدساتهم, وهو بالقطع لم يدر إلى أي مستوى وصل إليه المسلمون من الذلة والهوان.
التقويم الاقتصادي للمشروعات القومية في ضوء الضوابط الشرعية والمعايير الفنية
كتبت تحت قسم
فقه السنة
|
الثلاثاء، 26 أبريل 2011|
درعمى
بقلم الدكتور:- حسين حسين شحاتة
المقاصد المنشودة من المشروعات القومية:
تدخل المشروعات القومية في نطاق الملكية العامة ذات المنافع العامة التي يستفيد منها الناس جميعاً وكذلك المخلوقات الأخرى والتي يجب الاهتمام بها وتأخذ حكم حرمة الإهمال فيها أو التقصير في إعدادها أو إهدارها.
ومن أهم المقاصد الأساسية للمشروعات القومية ما يلي :
• تحقيق المنافع العامة الضرورية للشعب والتي لا يُقبل على تقديمها القطاع الخاص.
• أن تكون المنافع المرجوة متناسبة مع تكاليفها.
• أن تكون المنافع في مجال الضروريات والحاجيات.
• أن تساهم في المحافظة على البيئة ولا ينجم عنها أضرار.
• أن تساهم في تخفيض المشقة على الناس.
• أن تحافظ على تحقيق الأمن والأمان.
ومن أمثلة المشروعات القومية: دور العبادة والعلم والعلاج والمصالح المعتمدة شرعاً, وإقامة الطرق والجسور والقناطر والمواني والمرافق العامة وكذلك مشروعات البنية الأساسية واستخراج المعادن وما في حكم ذلك.
ويجب أن توضع للمشروعات القومية دراسة جدوى بمعرفة أهل الاختصاص والخبرة ممن تتوفر فيهم مجموعة من الصفات منها : القيم والأخلاق والكفاءة الفنية والعلم بأحوال المجتمع وعاداته وتقاليده وكذلك الولاء والانتماء الوطني.
كما يضبط هذه الدراسة مجموعة من الضوابط الشرعية والمعايير الفنية على النحو الوارد في البنود التالية.
ضوابط ومعايير إعداد دراسات الجدوى للمشروعات القومية :
ولقد وضع الفقهاء والعلماء والخبراء مجموعة من الضوابط الشرعية والمعايير الفنية الواجب الالتزام بها عند دراسة الجدوى لأي مشروع قومي من أهمها ما يلي :
• المشروعية : ويقصد بذلك أن تكون المشروعات القومية متفقة مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية أو على أضعف الإيمان أن لا تتعارض معها.
• المنفعة العامة : أن تساهم تلك المشروعات في تحقيق المنفعة العامة المشروعة للناس وللمخلوقات ويدخل في نطاق ذلك التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
• الأولويات الإسلامية: ويقصد بذلك أن تكون أولاً في مجال الضروريات والحاجيات المرتبطة بالمقاصد الشرعية مثل المأكل, الملبس, والمأوى والعلاج والتعليم والأمن.
• المحافظة على المال: ويقصد بذلك أن تكون هناك محافظة على المال العام الذي يستثمر في هذه المشروعات من كافة صور الهلاك والضياع والابتزاز والإسراف والتبذير وما في حكم ذلك.
• تقليل المخاطر : فلا يجوز المغامرة في مشروع قومي ذي مخاطر عالية لا يحقق مقاصده المشروعة, وبلغة أخرى أن تكون المخاطر مقبولة ومعتادة.
• تنمية المنافع : أن تساهم في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة للأجيال الحاضرة والقادمة.
• الشفافية والمصداقية: ويقصد بذلك وضع نظم متابعة ورقابة وتقويم أداء بواسطة تقارير صادقة وأمينة.
ضوابط ومعايير يجب توافرها فيمن يقومون بإعداد دراسة الجدوى :
من أهم هذه الضوابط والمعايير ما يلي :
• القيم الإيمانية والأخلاقية مثل : "الإخلاص / الصدق / الأمانة / الإتقان / المشورة".
• القيم الوطنية مثل : "الولاء / الانتماء / وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
• الكفاءة الفنية والخبرات المتراكمة في دراسات الجدوى.
• إتقان استخدام الأساليب الفنية المعاصرة.
• ضوابط ومعايير خاصة بكل دراسة.
• المعاصرة في استخدام أساليب دراسة الجدوى بدقة وبإتقان.
• تزاوج المعارف في نطاق المشاركة والمشورة.
• المتابعة والرقابة وتقويم الأداء بعيداً عن العواطف والمشاعر والمجاملات.
لو توافرت الضوابط الشرعية والمعايير الفنية السابقة, لحققت دراسة الجدوى مقاصدها المنشودة في اتخاذ القرارات الرشيدة في اختيار المشروعات القومية.
هل حققت المشروعات القومية المصرية مقاصدها المستهدفة ؟؟ !! :
(أسباب فشل بعض المشروعات القومية المصرية)
هناك بعض المشروعات القومية المصرية لم تحقق المقاصد المنشودة مثل : مشروع توشكى ومشروع فوسفات أبو طرطور ومشروع شرق العوينات.. ونحوها, وهذا يرجع إلى مجموعة من أوجه القصور في الدراسة ذاتها أو في التنفيذ , من أبرزها ما يلي :
• عدم التيقن من صحة البيانات والمعلومات المقدمة من الجهات المسئولة عند اتخاذ القرار بقبول أو رفض أو تعديل المشروع القومي , فإذا كانت المدخلات خاطئة ومعيبة كانت القرارات خاطئه وغير رشيدة.
• المشورة الوهمية المطبقة في اتخاذ قرار الموافقة والتنفيذ , حيث إن بعض المشاركين يخجلون أو يخافون معارضة البعض الآخر من ذوي النفوذ بل أحياناً تكون الموافقة المسبقة للحصول على مغانم أو على أضعف الإيمان كسب رضاهم.
• أحياناً يتولى القيام بدراسة الجدوى مكاتب خاصة غير عليمة بطبيعة البيئة المصرية وبعادات وبتقاليد المجتمع المصري وظروفه , ولذلك فإنهم ليسوا من أهل مكة حتى يكونوا على علم بشعابها , كما أحياناً تتدخل القيادة السياسية لأغراض مريبة بالضغط على فريق دراسة الجدوى بالتوصية بالموافقة لغاية مريبة.
• أحياناً تقوم بعض الجهات المساهمة في تمويل المشروع من الخارج بفرض مكاتب أجنبية استشارية خاصة بدراسة الجدوى وهم ليسوا على المستوى المطلوب ومقصدهم من ذلك تحقيق منافع غير مشروعة.
• أحياناً يتم تهميش أهل الخبرة والاختصاص والعلم والكفاءة من العاملين بالوزارات والهيئات التابع لها المشروعات القومية علماً بأنهم أقدر الخبراء في إعداد مثل هذه الدراسات وتُعطى الدراسة لغيرهم بدون مبرر موضوعي.
• التفاؤل التام في تقدير العوائد المرجوّة من المشروع ولم يأخذ في الحسبان المخاطر الجسيمة التي قد تسبب خسائر عالية
• أحياناً تتوقف مصادر تمويل بعض المشروعات القومية بسبب الاعتماد على الغير أو الاعتماد على قروض ربوية وصدق الله القائل: "يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا".
• أحياناً يوجد بعض الوسطاء الذين يحصلون على مكاسب غير مشروعة (عمولات/ سمسرة / رشوة) تؤدي إلى زيادة النفقات , وهؤلاء لا يعنيهم نجاح المشروع أو فشله بل يهمهم المكاسب الخاصة ,كما أن هؤلاء المفسدين لا يهمهم الحلال والحرام بل يهمهم جمع المال السحت.
وخلاصة القول: إن من أهم أسباب فشل المشروعات القومية وجود عيوب في دراسة الجدوى ذاتها وكذلك عيوب في القائمين على أمر التنفيذ, وكلاهما يمكن التغلب عليها لو تم الالتزام بالضوابط الشرعية والمعايير الفنية السابق بيانها.
وجوب إعادة النظر في معايير دراسة الجدوى للمشروعات القومية:
لتجنب تكرار الفشل في المشروعات القومية يجب أن يتولى دراسة الجدوى جهاز وطني من أهل التقوى والصلاح والأخلاق والخبرة والكفاءة الفنية العالية ويكون الرجوع إلى المكاتب الخارجية عند الضرورة والتي تقاس بقدرها, وأن يعاد النظر في المعايير التي على أساسها يتم اختيار المشروع, من هذه المعايير على سبيل المثال ما يلي:
* معيار اختيار المشروعات التي تساهم في الضروريات والحاجيات.
* معيار اختيار المشروعات التي تولد منافع لأكبر عدد من الفقراء.
* معيار اختيار المشروعات التي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي.
* معيار اختيار المشروعات التي تحقق التوازن بين مصالح الأجيال الحاضرة والقادمة.
* معيار اختيار المشروعات التي تتجنب تلوث البيئة والإضرار بالأحياء.
* معيار اختيار المشروعات التي تساهم في تحقيق الأمن القومي وعدم الركون إلى الأعداء
* معيار اختيار المشروعات التي تساهم في الاعتماد على الذات وتحقيق المواطنة.
* معيار اختيار المشروعات التي تساهم في التنمية الاجتماعية.
فإذا ما تم اختيار تقويم المشروعات على أساس المعايير السابقة, إن شاء الله سوف لا تفشل المشروعات أو تبدد الأموال أو تهدد الطاقات أو تخيب الآمال, وصدق الله العظيم القائل : (إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) (الكهف :30), وصدق رسول الله صلى الله علية وسلم القائل : "إذا هممت بأمر فتدبر عاقبته, فإن كان خيراً فامضه, وإن كان غياً فانته عنه" (عن عبادة بن الصامت).
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
جامع الزيتونة .. رائعة حضارية ومعمارية
كتبت تحت قسم
قصص من روائع حضارتنا
|
السبت، 23 أبريل 2011|
درعمى
عبد الجليل لطفي
كان جامع الزيتونة محور عناية الخلفاء والأمراء الذين تعاقبوا على إفريقية، إلا أن الغلبة كانت للبصمات الأغلبية ولمنحى محاكاته بجامع القيروان، وقد منحته تلك البصمات عناصر يتميز بها إلى اليوم.
وتتمثل أهم هذه العناصر في بيت صلاة على شكل مربع غير منتظم، وسبع بلاطات مسكبة معمدة تحتوي على 15 مترًا مربعًا، وهي مغطّاة بسقوف منبسطة. وقد اعتمد أساسًا على الحجارة في بناء جامع الزيتونة مع استعمال الطوب في بعض الأماكن.
وتتميّز قبّة محرابه بزخرفة كامل المساحة الظاهرة في الطوابق الثلاثة بزخارف بالغة في الدقة، تعتبر الأنموذج الفريد الموجود من نوعه في العمارة الإسلامية في عصورها الأولى.
ومثلما اختلف المؤرخون حول باني المسجد الجامع، فقد اختلف الرواة حول جذر تسميته؛ فمنهم من ذكر أن الفاتحين وجدوا في مكان الجامع شجرة زيتون منفردة فاستأنسوا بها، وقالوا: إنها لتؤنس هذه الخضراء، وأطلقوا على الجامع الذي بنوه هناك اسم جامع الزيتونة.
جامع الزيتونة .. أول جامعة إسلامية
لم يكن المعمار وجماليته الاستثناء الوحيد الذي تمتّع به جامع الزيتونة، بل شكّل دوره الحضاري والعلمي الريادة في العالم العربي والإسلامي؛ إذ اتخذ مفهوم الجامعة الإسلامية منذ تأسيسه وتثبيت مكانته كمركز للتدريس، وقد لعب الجامع دورًا طليعيًّا في نشر الثقافة العربية الإسلامية في بلاد المغرب، وفي رحابه تأسست أول مدرسة فكرية بإفريقية أشاعت روحًا علميّة صارمة ومنهجًا حديثًا في تتبع المسائل نقدًا وتمحيصًا، ومن أبرز رموز هذه المدرسة علي بن زياد مؤسسها، وأسد بن الفرات والإمام سحنون صاحب المدوّنة التي رتبت المذهب المالكي وقننته.
وكذلك اشتهرت الجامعة الزيتونية في العهد الحفصي بالفقيه المفسّر والمحدّث محمد بن عرفة التونسي صاحب المصنّفات العديدة، وابن خلدون المؤرخ ومبتكر علم الاجتماع.
وقد تخرّج في الزيتونة طوال مسيرتها آلاف العلماء والمصلحين الذين عملوا على إصلاح أمّة الإسلام والنهوض بها؛ إذ لم تكتف جامعة الزيتونة بأن تكون منارة تشع بعلمها وفكرها في العالم وتساهم في مسيرة الإبداع والتقدم، وتقوم على العلم الصحيح والمعرفة الحقة والقيم الإسلامية السمحة، وإنما كانت أيضًا قاعدة للتحرّر والتحرير من خلال إعداد الزعامات الوطنية وترسيخ الوعي بالهوية العربية الإسلامية؛ ففيها تخرج المؤرخ ابن خلدون، وابن عرفة، وإبراهيم الرياحي، وسالم بوحاجب، ومحمد النخلي، ومحمد الطاهر بن عاشور صاحب تفسير التحرير والتنوير، ومحمد الخضر حسين شيخ جامع الأزهر، ومحمد العزيز جعيط، والمصلح الزعيم عبد العزيز الثعالبي، وشاعر تونس أبو القاسم الشابي صاحب "ديوان أغاني الحياة"، والطاهر الحداد صاحب كتاب "امرأتنا في الشريعة والمجتمع"، وغيرهم كثير من النخب التونسية والمغاربية والعربية.
لقد تجاوز إشعاع جامعة الزيتونة حدود تونس ليصل إلى سائر الأقطار الإسلامية، ولعلّ المفكر العربي الكبير شكيب أرسلان يوجز دور الزيتونة عندما اعتبره -إلى جانب الأزهر والأموي والقرويين- أكبر حصن للغة العربية والشريعة الإسلامية في القرون الأخيرة.
لقد مرّت الآن أكثر من 1300 سنة على قيام جامع الزيتونة، والذي شهد -ومنذ بنائه- تحسينات وتوسعات وترميمات مختلفة، بدءًا من العهد الأغلبي حتى الوقت الحالي، ومرورًا بالحفصيين والمراديين والحسينيين، وهم آخر ملوك تونس قبل إقرار النظام الجمهوري؛ لذلك حافظ هذا الجامع باستمرار على رونقه ليبقى في قلب كل المناسبات، وليكون شاهدًا على تأصُّل تونس في إسلامها منذ قرون وقرون.
ومع دوره كمكان للصلاة والعبادة كان جامع الزيتونة منارة للعلم والتعليم على غرار المساجد الكبرى في مختلف أصقاع العالم الإسلامي، حيث تلتئم حلقات الدرس حول الأئمة والمشايخ للاستزادة من علوم الدين ومقاصد الشريعة، وبمرور الزمن أخذ التدريس في جامع الزيتونة يتخذ شكلاً نظاميًّا حتى غدا في القرن الثامن للهجرة عصر (ابن خلدون) بمنزلة المؤسسة الجامعية التي لها قوانينها ونواميسها وعاداتها وتقاليدها ومناهجها وإجازاتها، وتشدّ إليها الرحال من مختلف أنحاء المغرب العربي؛ طلبًا للعلم أو للاستزادة منه.
وقد تتالت إصلاحات التعليم الزيتوني في العهد الحسيني خاصة في عهد الوزير خير الدين باشا، ثم بمبادرة من بعض العلماء والطلبة خلال فترة الاستعمار الفرنسي (1956- 1881م)، حيث أجريت محاولات لتحديثه من خلال إدخال بعض العلوم الصحيحة في مناهجه.
المصدر: موقع إسلام ويب.
الطهارة
كتبت تحت قسم
فقه السنة
|
الأربعاء، 6 أبريل 2011|
درعمى
الله -عز وجل- طيب لا يحب إلا الطيب، والمؤمن يحرص على طهارته لكي يكون طيبًا مقبولاً عند الله، والطهارة عنوان المسلم، وطريق محبة الله، قال تعالى: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} [_البقرة: 222].
وقال تعالى: {والله يحب المطهرين } _[التوبة:108].
والطهارة نصف الإيمان؛ فقد قال (: (الطَّهُور شطر الإيمان) _[مسلم].
والمسلم يجب أن يطهر بدنه وثيابه ومكانه من كل نجاسة، ولابد كذلك أن يطهر قلبه من الغل والحسد والبغضاء، ويطهر جوارحه بالبعد عن المعاصي والمنكرات، وبذلك يكون المسلم قد جمع بين طهارة الظاهر والباطن، قال تعالى: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم} [_المائدة: 6].
النجاسة
المسلم طاهر نظيف، يتجنب كل النجاسات ويتطهر منها، والنجاسة نوعان:
1-نجاسة محسوسة ملموسة، كالبول أو البراز، وهي ما يسميه الفقهاء النجاسة الحسِّيَّة، والتطهر منها يكون بإزالتها بالغسل.. أو غير ذلك.
2-نجاسة حكمية، كمن يفسد وضوؤه لأي سبب من نواقض الوضوء وهذا يسمى الحدث الأصغر، ويكون التطهر منه بالوضوء، أو الجنابة ويكون التطهر منها بالاغتسال، وهذا النوع من النجاسة هو ما يقول عنه الفقهاء: إنه كل أمْر يمنع من عبادة أمَر الشرع بالتطهر لها.
النجاسات الحسية، والتطهر منها:
المسلم يتجنب النجاسات الحسية (وهي كل نجاسة لها جسم)؛ بحيث لا تصيبه أو تصيب ملابسه أو طعامه أو شرابه، وهذه النجاسات هي:
1 -الميتة: وهي كل ما مات من حيوان بري يؤكل لحمه بغير ذبح شرعي (أي ما مات ميتة عادية بغير ذبح شرعي) أو ما مات من حيوان لا يؤكل لحمه وإن ذبح، وكذلك كل ما قطع أو انفصل من أعضاء الحي، ما عدا الشعر والصوف والوبر، فإنها طاهرة.. قال تعالى: {قل لا أجد في ما أوحي إليَّ محرمًا على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزير فإنه رجز}
[الأنعام:145]، والرجس: النجس.
ولكن الله أحلَّ لنا نوعين من الميتة هما: السمك والجراد؛ لقوله (: (أُحلَّ لَنَا ميْتَتَان وَدَمَانِ، أَمَّا المْيتَتَان: فالحوتُ (السمك) والجَرَادُ، وأما الدَّمانِ فالكبدُ والطُحَالُ) [أحمد] ويستثنى من الميتة كذلك شعرها، وريشها وجلدها إذا دُبِغَ (والدبغ هو وضع الجلد في مواد معينة ليلين ويزول ما به من رطوبة ونجاسة) وميتة ما ليس له دم سائل؛ كالنمل والنحل ونحوها فإنها لا تكون نجسة.
2 -الدم: وهو الدم الكثير الخارج من جسم الكائن الحي إنسانًا كان
أو غيره، وسواء كان دمًا مَسْفُوحًا (مصبوبًا) كدم الذبائح والجروح أو سائلا من تلقاء نفسه، ويُعْفى عن يسير الدم كبقايا الدم في اللحم المذبوح، كما يُعفى عن دم البراغيث، والكبد والطحال، ودم الحيوانات المائية.
والقيح والدم والصديد نجاسات يغسل الثوب والبدن منها؛ لأنها دم تغيَّر وفسد إلا إذا كانت قليلة جدًّا، وإن كان بعض العلماء يرى أن القيح والصديد ليس بنجس أو هو مَعْفُوٌّ عنه، ويُعفى عن يسير الدم الذي يصيب بدن الجزار أو الطبيب، ويحسن لهما أن يخصصا ثوبًا للصلاة.
3 -الخنزير: وهو نجس كله، فلا يجوز الانتفاع منه بأي شيء؛ لحمه، ودهنه وجلده، وعظامه، قال تعالى: {إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير} [_البقرة: 173].
4 -قيء الإنسان وبوله وبرازه: فالقيء قذر ونجس، ولكن يعفى عن القليل
منه، وبول الإنسان وبرازه نجسان، ولكن يطهر الثوب الذي أصابه بول الصبي الرضيع الذي يعتمد في طعامه على الرضاعة فقط برشه بالماء؛ فقد جاءت أم قيس -رضي الله عنها- إلى النبي ( تحمل ابنها
الرضيع، فأخذه النبي ( ليحمله، فبالَ الطفل على ثيابه؛ فدعا بماء فرَشَّه على ثوبه دون أن يغسله غَسْلاً. [مسلم].
أما إذا كان الطفل يأكل الطعام مع الرضاعة فإنه يجب غَسْل مكان بوله
بالماء، أما إذا بالت الطفلة الرضيعة على الثوب فإنه يغسل عمومًا سواء أكانت الطفلة رضيعة أم لا، قال (: (يُنْضَح (أي: يرش بالماء) بول الغلام، ويغسل بول الجارية (الطفلة الرضيعة) [ابن ماجه] وقيل في بول الصبي الرضيع ذلك؛ لأنه يحمل أكثر من الطفلة، فلذلك خفف في حكمه، تيسيرًا على الناس.
ولكن يُعْفى عن نجاسة البول والبراز عند من أصيب بسَلَس الإحداث (أي: لا يستطيع أن يتحكم في عمليتي إخراج البول والغائط لمرض به) وذلك إذا سال شيء منها بنفسه، ويعفى كذلك عما يصيب المرضعة من بول رضيعها أو برازه إذا اجتهدت في التَّحَرُّز منه، ويُنْدَبُ لها إعداد ثوب للصلاة
إن أمكن.
ويُعفى كذلك عن رشاش البول إذا كان دقيقًا كرأس الدبوس، بحيث لا يُرى وعلى الإنسان المسلم أن يتحرى التطهر دائمًا من البراز والبول، فإن النبي ( مرَّ على اثنين يعذبان في قبورهما، فقال: (يعذبان، وما يعذبان في كبير) ثم قال: (بلى، كان أحدهما لا يَسْتَتِرُ (يتقي أو يغتسل) من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة) [متفق عليه].
5 -الْوَدْي: هو ماء أبيض ثقيل القوام، يخرج من مجرى بول الشخص البالغ بعد تبوله، فإذا حدث له ذلك كان عليه أن يغسل ذكره ثم يتوضأ، أما إذا أصاب الوديُ الثوبَ فيجب أن يغسل مكانه، وعلى المسلم أن يتحرى ذلك عند تبوله وينتظر فترة بعد التبول حتى يطمئن إلى أنه قد استبرأ تمامًا من كل نجاسة.
6 -المَذْي: وهو ماء أبيض لزج، يخرج من مجرى البول عند الرجل أو المرأة البالغين في حالة إثارة الشهوة الجنسية، أو التفكير في الجماع، فمن حدث له ذلك وجب أن يغسل فرجه ثم يتوضأ، فإذا أصاب شيء من المذي الثوب فإنه يكتفي برشِّه بالماء؛ لقوله ( لمن سأله عن كيفية التطهر من المذي: (يكفيك بأنْ تأخذ كفًّا من ماء فتنضح بها من ثوبك، حيث ترى أنه أصابه) _[أبو داود والترمذي وابن ماجه].
وقال علي -رضي الله عنه-: كنت رجلا مَذَّاءً (كثير المذي) فأَمرتُ رجلا أن يسأل النبي ( (لاستحياء عليّ من النبي () فسأله الرجل، فقال (: (توضأ، واغسل ذَكَرَك) _[البخاري] ويجب على الشباب عدم التعرض لمواطن الإثارة، والبعد التام عن رؤية أو سماع كل ما يهيج الشهوة.
7-المني: وهو الذي يخرج من الرجل أو المرأة البالغين عند الاحتلام، أو عند لقاء الرجل مع زوجته (الجماع) ولقد اختلف الفقهاء في حكم المني، فيرى بعضهم أنه طاهر لأنه أصل خلقة الإنسان، ويرى آخرون أنه نجس، فيغسل إذا كان رطبًا، ويُفْرَك إذا كان جافَّا. قالت عائشة -رضي الله عنها-: كنت أَفْرُكُ المني من ثوب رسول الله ( إذا كان يابسًا، وأغسله إذا كان رطبًا. [الدارقطني والبزار] ومن الأفضل أن يغسل الإنسان المني، فهذا أدعى للطهارة والنظافة وأوفق للفطرة.
8-بول وروث ما لا يؤكل لحمه: فهما نجسان يجب التطهر منهما، فعن ابن مسعود -رضي الله عنه-قال: أتى النبي ( الغائطَ، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدتُ رَوْثَةً (جزءًا من براز الحيوان) فأتيتُه بها، فأخذ الحجرين وألقى الروثة، وقال: (هذا ركْس ونجس) _[البخاري].
ولكن يُعْفى عن القليل من بول وروث الحيوان لصعوبة الاحتراز عنه، وخاصة من كان يقوم على رعي وتربية مثل هذه الحيوانات، وإذا كان الحيوان مما يُؤْكَلُ لحمه، فالراجح أن بوله وروثه طاهران، فقد قدم ناس من عرينةَ المدينة فاجتووا (أصابهم داء البطن) فبعثهم رسول الله ( في إبل الصدقة وقال: (اشربوا من ألبانها وأبوالها) _[البخاري].
9-لعاب الكلب: وهذا هو النجس من الكلب على الأصح، لذا يجب غسل الإناء الذي يلغ فيه الكلب سبع مرات حتى يطهر، لقوله (: (إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا) [متفق عليه] وقوله: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب) _
[مسلم وأحمد] ولا يجوز للمسلم أن يربى كلبًا في بيته إلا إذا كان كلب صيد أو حراسة، كما لا يجوز أن يحمله بين ذراعيه ومثل ذلك، فهذا يؤدى إلى نجاسة البيت وما فيه، كما أن وجود الكلب في البيت يمنع دخول الملائكة، فقد قال (: (لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة) _[مسلم].
10-الخمر: وهي نجسة، قال تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} [المائدة:90] ولقد حرم الله -سبحانه- كل أوجه التعامل مع الخمر؛ فحرم شربها، وصنعها، وبيعها، وشراءها.. وغير
ذلك، ولقد أكدت الأبحاث الطبية الأضرار الكثيرة والأمراض الخطيرة التي تصيب من يشرب الخمر، وبذلك تؤكد الحقائق العلمية عظمة التشريع الإسلامي في تحريم ما فيه ضرر على الإنسان.
وإذا كنا قد عرفنا الآن النجاسات وأنواعها، فيجب أن نعرف بعد ذلك ما يتطهر به من هذه النجاسات..
أقسام المياه
ليست كل أنواع المياه تصلح للتطهر بها من النجاسات، لذا وجب على المسلم أن يعرف أنواع الماء التي تصلح للطهارة، والأنواع التي لا تصلح.
أولا: أنواع الماء الصالحة للطهارة:
1 -ماء المطر والثلج والْبَرَد والبحر وماء الآبار والعيون، وهذا ما يسمى بالماء المطلق، أو الماء الطهور.
2 -الماء المتبقي من شرب الإنسان والحيوان، وهو ما يسمى (السُّؤْر).. وسؤر الإنسان والحيوان طاهر يجوز التطهر به ما عدا سؤر الكلب والخنزير، والدليل على طهارة سؤر الإنسان أن عائشة -رضي الله عنها-قالت: كنت أشرب وأنا حائض فأناوله النبي ( فيضع فاه على موضع فِي (أي فمي) [مسلم].
وما يدل على طهارة سؤر الحمر والسباع، أن النبي ( سُئل: أنتوضأ بما أَفْضَلَت الحُمُر (بما أبقت بعد شربها)؟ قال: (نعم، وبما أفضلت السباع كلها) [الدارقطني والبيهقي] ويدل على طهارة سؤر الهرة، قول النبي (: (إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات) [الخمسة].
3 -الماء الذي اختلط بشيء يسير طاهر، يقبل الذوبان كالدقيق والصابون، إذا لم يغير طعم الماء أو لونه أو رائحته.
4 -الماء الكثير الذي اختلط بشيء نجس كالبول والبراز، إذا كان قليلا بحيث لا يتغير طعمُ الماء أو لونه أو رائحته، ومثال ذلك ما يقع في الترع والأنهار والآبار من نجاسات.
ثانيًا: أنواع المياه التي لا يصلح استخدامها للطهارة:
1-الماء الذي اختلط بشيء طاهر، وتغير لونه وطعمه ورائحته.
2 -الماء الذي اختلط بشيء نجس، وتغير لونه وطعمه ورائحته.
3 -سؤر الكلب والخنزير، لقوله (: (إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا) [متفق عليه].
أما سؤر الخنزير فلأن الخنزير نفسه نجس، قال تعالى:{أو لحم خنزير فإنه رجس} [_الأنعام:145].
طهارة الأشياء
قد تصيب النجاسة بعض الأشياء التي يستعملها الإنسان، لذلك وجب على المسلم أن يعرف كيفية تطهير هذه الأشياء، ومن ذلك:
1 -إذا أصابت النجاسة جسم الإنسان أو ثوبه، فيجب غسل هذه النجاسة بالماء الطاهر حتى تزول .
2 -إذا أصيبت الأرض بنجاسة لها جسم، مثل: البراز، فلا تطهر الأرض إلا بإزالة هذه النجاسة، أما إذا لم يكن لهذه النجاسة جسم كالبول، فتطهر الأرض بجفافها أو بصب الماء عليها.
3 -إذا أراد الإنسان أن ينتفع بجلد الميتة، فيجب أن يدبغه حتى يصير طاهرًا لقوله (: (إذا دُبِغَ الإهاب (الجلد) فقد طَهُر) [متفق عليه].
4 -إذا أصابت النجاسة الحذاء، فيطهر بمسحه في التراب أو ما شابه ذلك.
5 -إذا وقع على الإنسان شيء ولا يدري أهو طاهر أم نجس، فليعتبره طاهرًا ولا يسأل أحدًا عنه، ولكن إذا تيقن الإنسان أن هذا الشيء نجس؛ فيجب عليه غسله .
6 -إذا شك الإنسان أن النجاسة قد أصابت ثوبه ولكنه لا يعلم موضعها فيجب عليه غسل الثوب كله.
قضاء الحاجة
قضاء الحاجة أمر ضروري لكل إنسان، ولم يغفل الإسلام أن يعلمنا كيفية التطهر من النجاسات بعد قضاء الحاجة، وأن يبين لنا الآداب التي يجب مراعاتها أثناء هذا الأمر .
والطهارة بعد قضاء الحاجة تكون بإحدى طريقتين أو هما معًا:
1-الاستنجاء: وهو إزالة النجاسة بالماء، وقد أثنى الله -سبحانه-على الأنصار لأنهم كانوا يستنجون بالماء، فقال: {فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين} [التوبة: 108].
2-الاستجمار: وهو إزالة النجاسة عن محل البول أو البراز بشيء جاف طاهر كالأحجار أو الورق المخصص لذلك أو ما يشبه ذلك ويستحب الجمع بين الطريقتين.
آداب قضاء الحاجة:
1-ألا يأخذ المسلم معه ما فيه ذكر لله إلا إذا خاف عليه الضياع.
2-أن يستتر عن الناس بحيث لا يراه أحد أو يتأذى منه أحد.
3-الدعاء عند الدخول، فقد كان النبي ( إذا أراد أن يدخل الخلاء (مكان قضاء الحاجة) قال: (بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) [الجماعة] والخبث: ذكران الشياطين، والخبائث: إناثهم.
4-عدم الكلام إلا إذا كان لحاجة ضرورية .
5-تعظيم القبلة، فلا يستدبرها الإنسان بظهره أو يستقبلها بوجهه إلا إذا كان داخل البنيان، فله استقبالها أو استدبارها.
6-إذا كان الإنسان يقضي حاجته في الخلاء فعليه أن يختار مكانًا مناسبًا حتى لا تتناثر عليه النجاسة، وأن يبتعد عن الجحور والشقوق لأنها مساكن الجن والحيات والحشرات التي قد تؤذيه.
7-تجنب طريق الناس وأماكن ظلهم، قال (: (اتقوا اللعانين) قالوا: وما اللَّعَّانان يا رسول الله؟ قال: (الذي يتخلى (يقضى حاجته) في طريق الناس أو في ظلِّهم) _[مسلم وأبو داود وأحمد].
8 -ألا يبول الإنسان في الماء الراكد، أو في المكان الذي يستحم فيه، فإن كان في المغتسل نحو بالوعة فلا يكره البول فيه، قال (: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه) _[مسلم].
9 -استحباب أن يبول الإنسان جالسًا فهذا أدعى للطهارة .
10-الاستنجاء باليد اليسرى، فعن حفصة -رضي الله عنها- أن النبي ( كان يجعل يمينه لأكله وشربه وثيابه وأخذه وعطائه، وشماله لما سوى ذلك._[أبو داود وابن ماجه وأحمد].
11-غسل اليد بالصابون ونحوه لإزالة الرائحة من اليد.
12-أن يخرج بالرجل اليمنى، ويقول: غفرانك. فعن عائشة -رضي الله عنه-أن النبي ( كان إذا خرج من الخلاء قال: (غفرانك) [الخمسة إلا النسائي] ومعنى ذلك أن الإنسان يستغفر الله من ذنوبه التي قد تكون سببًا في هلاكه، كما أن بقاء الفضلات في داخله دون أن تخرج قد تكون سببًا في هلاكه.
الحيض
فجأة وبلا سابق إنذار، قد تجد الفتاة الدم يخرج من فرجها، فتذهب مسرعة وقد سيطر عليها الخوف إلى أمها لتخبرها بما حدث، وعندما تحكي الفتاة لأمها، ترتسم الابتسامة على وجه الأم التي تبشر ابنتها بأنها قد صارت عروسًا ناضجة، وتخبرها بأن ما رأته من نزول الدم ما هو إلا الحيض، وهو أمر كتبه الله على بنات آدم، وأن هذا الدم لا يعني أنها مريضة، فهي سليمة صحيحة.
ثم تقول الأم لابنتها: وأنت الآن يا بنية قد بلغت، وأصبحت مكلفة بالأحكام الشرعية كالصلاة والصوم وارتداء الحجاب، فأنت كنت تفعلين هذه الأحكام قبل بلوغك على سبيل الاستحباب والتعود عليها، أما الآن فاعلمي أن
الله -سبحانه- سيحاسبك عليها، فإن أديت هذه الفرائض نلت ثواب الله، وإن قصرتِ فيها نلتِ عقابه، فقد قال رسول الله (: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل) [أبو داود].
معنى الحيض:
الحيض (العادة الشهرية) دم يخرج من رحم المرأة عن طريق الفرج عدة أيام من كل شهر، ودم الحيض ليس مرضًا، ولكنه يحدث نتيجة لنمو الغشاء المبطن للرحم بسبب تأثير الهرمونات التي ينتجها المبيض، فيتساقط هذا الغشاء مع نزول الدم عند عدم حدوث حمل.
بداية سن الحيض ونهايته:
تحيض الفتاة إذا بلغت، ويختلف سن البلوغ من فتاة لأخرى تبعًا لظروف بيئية وصحية، وأقل سن تحيض فيه الفتاة هو تسع سنوات، وعلامة البلوغ أن ينبت الشعر حول الفرج وتحت الإبط، ويبرز الثديان، ويكبر حجمهما، وكما تختلف بداية سن الحيض تختلف نهايته، فليس هناك وقت محدد لانقطاعه، والمرجع في ذلك ما تراه المرأة، فمتى انقطع حيضها ولم تكن حاملا فقد بلغت سن اليأس.
مدة الحيض:
تختلف مدة الحيض من امرأة لأخرى، فمن النساء من لا تحيض سوى يوم وليلة وهذه أقل مدة للحيض، ومنهن من تحيض ثلاثة أيام أو أكثر، وغالب النساء يحضن ستة أيام أو سبعة كل شهر، وأما أطول مدة للحيض فهي عشرة أيام وهذا يوافق ما قرره الأطباء، وأوصلها بعض الفقهاء إلى خمسة عشر يومًا.
شروط الحيض:
1-أن يكون للدم لون من ألوان دم الحيض أثناء الحيضة، وألوان دم الحيض هي: اللون الأسود، واللون الأحمر، والصُّفْرَة (وهي ماء كالصديد يميل إلى اللون الأصفر) وذلك إذا كانت في المدة المعروفة للحيض، والكُدْرَة (وهي لون بين الأبيض والأسود يشبه الماء العَكِر) وذلك إذا كانت في المدة
المعروفة للحيض، ولدم الحيض في بدايته رائحة كريهة.
2-أن يكون الرحم خاليًا من الحمل.
3-أن يتقدمه أقل مدة للطهر وهي خمسة عشر يومًا.
4-أن يبلغ أقل مدة للحيض وهو يوم وليلة.
النقاء من الحيض:
تعرف المرأة انتهاء الحيض باستخدام الْقَصَّة البيضاء؛ وهي قطنة بيضاء تضعها المرأة الحائض في فرجها، لمعرفة أثر الحيض، فإذا خرجت بيضاء نقية كما أدخلتها، فذلك علامة الطُّهْر وانتهاء مدة الحيض.
النفاس
النفاس: هو الدم الخارج من فرج المرأة بسبب الولادة، وتسمى المرأة خلال هذه المدة (نفساء).
مدة النفاس:
ليس للنفاس مدة محددة، والمعتمد في تحديد مدته هو الاستقراء والوجود الفعلي للدم، وأقل مدة للنفاس لحظة، فقد تلد المرأة وينقطع خروج الدم فورًا، وغالب النفاس أربعون يومًا، فقد قالت السيدة أم سلمة -رضي الله عنها-: كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله ( أربعين يومًا. [الخمسة إلا النسائي].
ما يحرم على المرأة بالحيض أو النفاس:
1 -الصلاة فرضًا أو نفلا، وتمنع كذلك من سجود التلاوة والشكر لأنهما في معنى الصلاة، ويسقط عن الحائض والنفساء قضاء الصلاة، فقد سئلت
عائشة -رضي الله عنها- عن الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟
فقالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة.
[مسلم وأبو داود].
2 -الصوم: وإذا صامت لا يصح صيامها إذا كان فرضًا أو نفلا، وتقضي المرأة ما فاتها من الصوم أثناء حيضها أو نفاسها، وقد أوجب الله -سبحانه- على المرأة قضاء ما فاتها من صيام؛ لأن الصيام لا يتكرر إلا مرة واحدة في السنة ولم يأمرها بقضاء الصلاة لكثرة وقوعها، وفي قضائها مشقة عليها.
3 -الطواف بالبيت (الكعبة): فقد قال (
لعائشة -رضي الله عنها-عندما حاضت وهي في طريقها للحج: (.. فإن ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم، فافعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تَطْهُري) [متفق عليه] وذلك لأن الطواف عبادة يجب لها الطهارة.
4 -مس المصحف وقراءة القرآن، قال تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون} [_الواقعة:79] أما قراءة القرآن بإمراره على القلب دون تحريك اللسان به فجائز في كل الأحوال، وقد أجاز بعض الفقهاء كمالك وغيره القراءة اليسيرة للحائض، لطول مدة حيضها حتى لا تنساه، ولعل ذلك هو الصواب، وعليه فلا تمنع المدرِّسة من تدريس القرآن ولا الطالبة من القراءة للقرآن أثناء الحيض والنفاس، ولكنها تمسك القرآن بحائل كالقفاز، وذلك لعدم وجود دليل ينص على التحريم، وقياسه على الجنابة قياس غير صحيح.
5 -دخول المسجد والجلوس فيه إلا لضرورة، فقد قال (: (لا أُحلُّ المسجد لحائض ولا جنب) [أبوداود].
6 -الجماع: فقد قال تعالى: {فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن} [البقرة: 222].
7 -الطلاق: فيحرم على الرجل أن يطلِّق امرأته وهي حائض أو نفساء، ومن فعل ذلك وقع طلاقه ولكنه يأثم.
الاستحاضة
الاستحاضة هي خروج الدم من فرج المرأة في غير أوقات الحيض أو النفاس بسبب المرض، فإذا رأت الفتاة الدم قبل أقل سن للحيض (تسع سنوات) فهي استحاضة، وما زاد عن أيام الحيض المعتادة فهي استحاضة، وكذلك ما إذا نقص عن أقل مدة للحيض (يوم وليلة) فهي استحاضة، ولا يحرم على المستحاضة شيء من الأمور التي تحرم على الحائض أو النفساء، فتصوم وتصلي وتطوف بالبيت وتقرأ القرآن، وتدخل المسجد ويجامعها زوجها، ولا يتوقف عمل المستحاضة لشيء مما سبق على الغسل، ويجب عليها أن تتوضأ لكل صلاة بعد أن تشد قطعة من القماش على مكان خروج الدم لمنع نزوله أثناء الصلاة.
معرفة مدة الحيض للمستحاضة:
لكي تعرف المستحاضة مدة حيضها، فهي واحدة من الحالات الآتية:
1 -إذا استطاعت تمييز الدم بأن كان الدم أسود اللون فهو دم حيض وإلا فهو استحاضة، لقوله ( لفاطمة بنت أبى حبيش وكانت مستحاضة: (إذا كان دم الحيضة فإنه دم أسود يُعْرَفُ، فإذا كان كذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصَلِّي فإنما هو عِرْق
(أي: نزيف) [أبوداود والنسائي].
2 -أن تبني على عادتها السابقة إذا كانت تعرف مدة حيضها، لقول النبي ( لفاطمة بنت أبى حبيش -أيضًا-: (ولكن دَعِي قَدْرَ تلك الأيام والليالي التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي، واسْتَثْفِري (أي تتخذ خِرْقَةً بين فخذيها لتمتص الدم النازل منها)، وصلِّي) [النسائي].
3 -إذا كانت لا تعرف لنفسها عادة ولا تستطيع تمييز الدم، فترجع إلى الغالب من عادة النساء وهي ستة أيام أو سبعة؛ لقوله ( لحمنة بنت جحش: (فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلى ثلاثًا وعشرين ليلة أو أربعًا وعشرين ليلة وأيامها، وصومي فإن ذلك يجزيك، وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء وكما يَطْهُرْن؛ ميقات (أي مدة) حيضهن وطهرهن)
[أبوداود والترمذي].
الطهارة من النجاسة الحكْمية
النجاسة الحكمية التي تصيب الإنسان هي أمر اعتباري يلحق بالأعضاء، فيمنع من أداء بعض العبادات، ولها حالتان:
-الحدث الأصغر كالتبول والتبرز، والطهارة منه تكون بالوضوء.
-الحدث الأكبر كالجنابة، والطهارة منه تكون بالغُسْل.
وفي حالة فقد الماء أو تعذر استخدامه في الحالتين السابقتين تكون الطهارة عندئذ بالتيمم.
الوضوء
الوضوء هو شعار المؤمن، والعلامة التي تميزه يوم القيامة، فقد قال النبي (: (إن أمتي يُدْعَوْن يوم القيامة غرًّا محجَّلين من آثار الوضوء) [الجماعة].
والغرة غسل جزء من مقدم الرأس مع الوجه، والتحجيل غسل ما فوق المرفقين والكعبين أثناء غسل اليدين والرجلين، ويقصد بذلك أنهم يأتون يوم القيامة ويعلو وجوههم النور، كما أن الوضوء سبب لتكفير الذنوب والخطايا، فقد قال (: (إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض؛ خرجت الخطايا من فيه (فمه)، وإذا استنثر (أخرج الماء من الأنف ودفعه إلى الخارج مرة أخرى) خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه؛ خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه؛ خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظفار يديه، فإذا مسح برأسه؛ خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه؛ خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظفار رجليه، ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة) _[مالك وأحمد].
وقال (: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟) قالوا: بلى يا رسول الله. قال: (إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط) _[مسلم].
والوضوء حصن من مداخل الشيطان، فقد روى أن الرسول ( قال: (إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تُطْفَأ النارُ بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ) [أحمد].
والوضوء طريق إلى الجنة، فقد قال (: (ما منكم من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء، ثم يقول حين يفرغ من وضوئه: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيِّها شاء) [أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي].
من أجل ذلك يستحب للمسلم أن يكون دائمًا على وضوء؛ ليفوز بهذه المزايا العظيمة، ويكون الاستحباب أخص للأمور التالية:
-عند ذكر الله تعالى .
-قبل النوم مباشرة.
-بعد أكل لحوم الإبل، وبعض العلماء يوجب الوضوء منه.
-بعد تغسيل الميت.
ويجب الوضوء لما يأتي:
-عند القيام للصلاة سواء أكانت فريضة أم نافلة .
-عند الطواف بالكعبة في الحج أو العمرة.
-عند القراءة من المصحف في رأي جمهور الفقهاء، وأجاز بعض الفقهاء القراءة بدون وضوء.
شروط الوضوء:
1-العقل: فلا يجب ولا يصح من مجنون حال جنونه، ولا من مصروع حال صرعه، ولا يجب على النائم والغافل، ولا يصح منهما لعدم النية عند جمهور الفقهاء.
2-البلوغ: فلا يجب على صبي، وإن كان يصح الوضوء منه .
3-الإسلام؛ وهذا شرط لصحة جميع العبادات من طهارة وصلاة وزكاة وصوم وحج، كما أنه شرط لوجوبها.
4-القدرة على استعمال الماء الطهور؛ فلا يجب الوضوء على أصحاب الأعذار.
5-وجود الحدث؛ فلا يلزم المتوضئ أن يجدِّد وضوءه.
6-الطهارة من الحيض والنفاس بانقطاعهما شرعًا؛ فلا يجب على الحائض والنُّفَسَاء.
7-أن يعمَّ الماء الطهور جميع أجزاء العضو المغسول.
8-ألا يكون هناك حائل يمنع وصول الماء إلى العضو الواجب غسله.
9-انقطاع كل ما ينقض الوضوء قبل البدء به.
أركان الوضوء:
قال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} [المائدة: 6].
ففرائض الوضوء وأركانه كما وردت في الآية، هي:
1-النية: وهي أن يقصد بغسل الأعضاء الوضوء، وأن يكون ذلك خالصًا لوجه الله تعالى، وابتغاء رضائه وثوابه، والنية عمل يتصل بالقلب، وقولها باللسان ليس شرطًا، قال (: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوَىَ) [متفق عليه].
2-غسل الوجه، وهو يبدأ من مَنْبَتِ الشَّعْر أعلى الجبهة إلى أسفل اللحييْن (عظم الفك السفلي) طولا، وما بين شحمتي الأذنين عرضًا، وأدخل بعض الفقهاء المضمضة والاستنشاق في الوجوب تبعًا للوجه.
3-غسل اليدين إلى المرفقين (والمرفق هو المفصل الذي يتوسط الذراع).
4-مسح الرأس أو أكثره، وأدخل بعض العلماء مسح الأذنين في الوجوب تبعًا للرأس.
5-غسل الرجلين إلى الكعبين (والكعب هو المفصل الذي يعلو القدم).
6-الترتيب في غسل الأعضاء السابقة عند بعض الفقهاء.
7-الموالاة في غسل الأعضاء؛ بحيث لا تفصل مدة طويلة نسبيًّا بين غَسْل عضو وآخر، والموالاة فرض عند بعض الفقهاء.
سنن الوضوء:
المسلم يحب النبي (، ويقتدي به، ويلتزم بسنته، وذلك طمعًا في الفوز بحب الله له، قال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} [آل عمران:31].
وسنن الوضوء هي الأشياء التي ثبت أن النبي ( كان يفعلها أو يقولها أثناء الوضوء، والسنن متممة لفرائض الوضوء ولا يبطل الوضوء بتركها، ولكن يكره تركها خاصة في السنن المؤكدة كغسل
اليدين والمضمضة، وسنن الوضوء المؤكدة، هي:
1-التسمية في بدء الوضوء، لقوله (: (ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى عليه (أي: لا وضوء كامل لمن لم يذكر اسم الله عليه) [أبوداود وابن ماجه والحاكم].
2-غسل اليدين إلى الرسغين ثلاثًا.
3-المضمضة؛ وهو إدخال الماء في الفم وتحريكه فيه.
4-الاستنشاق؛ وهو إدخال الماء في الأنف ثم الاستنثار، وهو دفع الماء إلى الخارج مرة أخرى، ويستحب المبالغة في المضمضة والاستنشاق للمفطر لا الصائم، لقوله (: (أَسْبِغْ الوضوء وخلِّل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا) _[أصحاب السنن].
5 -السواك؛ وهو استعمال ما ينظِّف الأسنان مما علق بها، قال (: (السواك مَطْهَرَةٌ للفم مرضاة للرب) [النسائي وأحمد] وقال (: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) _[الجماعة] وفي رواية لأحمد: (لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء).
6-تخليل اللحية والأصابع؛ فقد كان النبي ( يخلل
لحيته. [الترمذي وابن ماجه] وقوله (: (إذا توضأتَ فخلِّل الأصابع) _[أبوداود والنسائي].
7-غسل كل عضو ثلاث مرات، ويجوز في الرأس أن تمسح مرة واحدة، وتُكْرَهُ الزيادة على ثلاث؛ لأنها إسراف وتبذير.
8-مسح الأذنين ظاهرًا وباطنًا بماء جديد .
9-البدء باليمين في غسل اليدين والرجلين، قالت عائشة -رضي الله عنها-: كان رسول الله ( يحب التَّيَامُنَ في تَنَعُّلِهِ وترجُّلِه وطَهُوره، وفي شأنه كله. [متفق عليه]
وللوضوء سنن مستحبة، هي:
1-استقبال القبلة .
2-الجلوس في مكان طاهر أثناء الوضوء، لذلك يكره الوضوء في الأماكن النجسة.
3-عدم التكلم إلا لضرورة.
4-تحريك الخاتم في اليد.
5-المضمضة والاستنشاق باليد اليمنى، والامتخاط. (أي إخراج المخاط من أنفه في حالة الاستنثار) باليسرى.
6-الدلك؛وهو مسح العضو باليد مع الماء حتى يصل الماء إلى الأعضاء، ويجب إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة، حتى لا يبطل الوضوء كالمانكير والدهون.
7-إطالة الغرة والتحجيل، ويقصد بإطالة الغرة في الوضوء: غسل زائد على الواجب من الوجه من جميع جوانبه، ويقصد بالتحجيل: غسل زائد على الواجب من اليدين والرجلين، قال (: (إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًّا محجَّلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل) _[متفق عليه].
8-الدعاء بعد الوضوء لقوله (: (ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ -فيسبغ- الوضوء (أي: يتمه ويكمله) ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبد الله ورسوله؛ إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيِّها شاء) _[مسلم].
9-صلاة ركعتين بعد الوضوء لقوله (: (ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه، ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة) _[مسلم].
نواقض الوضوء:
1-خروج شيء من القبل أو الدبر كالبول والغائط (البراز) والريح (الفساء والضراط)، والمذي والودي، والمني الخارج بغير لذة.. وغير ذلك.
2-النوم الثقيل للمضطجع، لقوله (: (وكاء (الوكاء: رباط القربة) السِّهِ (الدبر) العينان، فمن نام فليتوضأ) [أبوداود].
3-الجنون والإغماء والصَّرع، وكل ما فيه زوال العقل.
4-لمس الفرج بلا حائل.
5-لمس الرجل للمرأة بقصد اللذة أو وجودها، أما مجرد التلامس العادي العارض فلا ينتقض الوضوء به.
6-كل نجس يخرج من غير السبيلين، كالدم والقيح والصديد إذا كان كثيرًا وسال بحيث تجاوز موضع مخرجه، لقوله (: (ليس في النقطة والنقطتين من الدم وضوء إلا أن يكون سائلا) [الدارقطني].
وذكر بعض العلماء في نواقض الوضوء الردة عن الإسلام وتغسيل الميت.
ما لا يبطل الوضوء:
1-الدم القليل طالما لم يجاوز الدم موضع خروجه.
2-القيء: وهو خروج الطعام من الفم بعد وصوله إلى المعدة
للمرض.. أو غير ذلك.
3-الشك في الوضوء، فلو توضأ ثم شك هل أَحْدَثَ أم لا فهو على وضوئه، ولا يضره الشك، أما من أحدث ثم شك هل توضأ أم لا فهو باقٍ على حدثه .
4-القهقهة -عند جمهور الفقهاء- سواء أكانت في الصلاة أم خارجها.
5 -أكل لحوم الإبل وتغسيل الميت على الراجح.
الغسل
هو طهارة الجسم كلية بتعميمه بالماء لرفع الحدث الأكبر عن الإنسان، ويجب الغسل على الإنسان في حالات، هي:
1-خروج المني بلذة وتدفق، سواء أكان أثناء النوم ((الاحتلام) أو في اليقظة نتيجة الجماع أو النظر أو الاستمناء (العادة السرية) أو التفكر في الجماع، أما إذا خرج المني بدون شهوة بسبب المرض أو البرد فلا يجب الاغتسال، وكذلك لا يجب الغسل على من رأي في منامه أنه احتلم، ولم يجد المني في ثوبه الذي نام فيه، أما من وجد المني ولم يذكر متى احتلم؛ فقد وجب عليه الاغتسال، كما يجب أن يعيد صلاته التي صلاها منذ أن نام آخر مرة إلى وقت علمه بوجود المني.
والمرأة تحتلم كالرجل ويجب عليها الاغتسال كما عليه، فقد قالت
أم سُليم -رضي الله عنها-: يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة من غُسل إذا احتلمت؟ فقال (: (إذا رأت الماء). فغطت أم سلمة زوجة النبي ( وجهها وقالت: يا رسول الله أو تحتلم المرأة؟ فقال: (نعم، تَرِبَتْ يمينك ففيم يشبهها ولدها؟) [متفق عليه].
2-التقاء الختانين (ذكر الرجل وفرج المرأة) سواء أكان بإنزال أم لا، قال تعالى: {وإن كنتم جنبًا فاطهروا} [_المائدة: 6].
3-انقطاع الحيض؛ لقوله تعالى: {فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن} [_البقرة: 222] وقوله ( لفاطمة بنت
أبي حبيش: (إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلِّي) [متفق عليه].
4-انقطاع النِّفاس.
5-موت المسلم، وهو واجب على الحي في حق الميت، وليس على المسلم شهيد الحرب والقتال غسل.
6-الكافر إذا أسلم؛ فقد أسلم قيس بن عاصم فأمره النبي ( أن يغتسل بماء وسدر. [النسائي]
أركان الغسل:
للغسل ركنان لا يصح إلا بهما، ويبطل إذا فُقد أحدهما أو كلاهما، وهما:
1-النية، وهي قصد الغسل، ولا يشترط أن يجهر بالنية، فالنية محلها القلب ويكفي أنه عزم على الاغتسال، فلو قام الإنسان بأعمال الغسل ولم يقصده وهو جنب، فهو على جنابته.
2 -تعميم جميع أعضاء الجسم بالماء الطهور، ودلك ما يمكن دلكه من الجسم باليدين.
سنن الغسل:
إذا أراد المسلم أن يغتسل فيستحب أن يقتدي بالنبي ( في اغتساله، وقد قالت عائشة -رضي الله عنها-: (كان رسول الله ( إذا اغتسل من الجنابة يبدأ بغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأي أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حَفَنَات (الحفنة ملء الكف) ثم أفاض على سائر جسده، ثم غسل رجليه. [متفق عليه].
ومن ذلك تكون سنن الغُسْل كالتالي:
1-غَسْل اليدين ثلاثًا إلى الكوعين.
2-غسل الفرج وإن لم يكن عليه نجاسة.
3-يتوضأ وضوءه للصلاة، ويؤخر غسل الرجلين حتى نهاية الغسل، إلا إذا كان واقفًا على شيء لا يمسك الماء فلا يؤخرهما .
4-غسل الرأس ثلاثًا بشرط أن يصل الماء إلى أصول الشعر.
5-غسل كل أعضاء الجسم، مع مراعاة غسل النصف الأيمن من الجسم قبل النصف الأيسر؛ لأن النبي ( كان يحب التيمن (البدء باليمين) -ما استطاع- في شأنه كله: في طهوره وترجُّله وتنعُّله. [متفق عليه].
6-مراعاة غسل الأذنين والسرة وأصابع الرجلين، مع إزالة ما قد يكون على البدن من قذر يمنع وصول الماء، وهذا الأخير شرط لصحة الغسل.
غسل المرأة:
وغسل المرأة مثل غسل الرَّجُل، وإذا كان شعرها ضفائر ولم ترد أن تفكه فيجوز لها أن تصب الماء عليه حتى يبلغ الماء أصول الشعر دون أن تفكه، ويكفيها ذلك، وعندما تغتسل المرأة من الحيض أو النفاس فيستحب لها أن تغمس قطعة من قطن أو نحوه في رائحة طيبة وتمسح بها مكان الدم الذي خرج منها لتزيل آثاره.
الأغسال المستحبة:
الإسلام دين الطهارة والنظافة، ولذا حث المسلم على الاغتسال لأسباب
كثيرة، وخاصة تلك التي يكثر فيها تجمع الناس؛ فيظهر المسلمون في صورة طيبة جميلة، ومن هذه الأغسال:
1-غسل الجمعة، قال (: (غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم) _متفق عليه].
2-غسل العيد.
3-غسل الإحرام.
4-غسل دخول مكة.
5-غسل دخول المدينة.
6-غسل الوقوف بعرفة وكل مشاعر الحج.
7-في حالة الفزع والالتجاء إلى الله؛ لكشف الكرب والهم.
8-عند الحجامة، وفي ليلة القدر.
9-عند الإفاقة من الجنون أو الإغماء أو السُّكْر.
01-غسل من غسل ميتًا.
11-غسل التائب من الذنب.
21-عند القدوم من السفر.
31-الغسل لحضور مجامع الخير.
41-غسل المستحاضة.
ما يحرم على الجنب:
1-الصلاة.
2-الطواف بالكعبة في الحج أو العمرة.
3-لمس المصحف أو حمله.
4-قراءة القرآن.
5-دخول المسجد إلا لضرورة.
ما يجوز للجنب:
ويجوز للجنب قص الشعر وتقليم الأظافر، ويجوز أن يغتسل المسلم غسلا واحدًا عن الجمعة والعيد إذا اجتمعا في يوم واحد، أو عن جنابة وجمعة، وذلك إذا نوى أن يغتسل للأمرين معًا، ويقوم الغسل مقام الوضوء - على رأي بعض الفقهاء- فيمكن للمغتسل أن يصلي ويؤدي العبادات دون الحاجة للوضوء بعد الغسل، طالما أنه لم يأت بناقض من نواقض الوضوء.
التيمم
أرسل النبي ( عمرو بن العاص قائدًا على الجيش في غزوة (ذات السلاسل) ولما دخل الليل نام عمرو، ثم استيقظ لصلاة الفجر، فوجد أنه قد احتلم (خرج منه المني أثناء نومه) وكانت الليلة شديدة البرد، فخاف على نفسه الهلاك إن اغتسل.
وفي هذا يقول عمرو: فتيممتُ، ثم صليتُ بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي (، فقال: (يا عمرو، صليتَ بأصحابك وأنت جنب؟) فأخبرتُه بالذي منعني من الاغتسال، وقلتُ: إني سمعتُ الله يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا} [_النساء: 29] فضحك رسول الله ( ولم يقل شيئًا. _[أبوداود]
والتيمم طهارة تقوم مقام الغسل أو الوضوء عند فقد الماء أو تعذر استخدامه أو الوصول إليه، وهو أن يعمد المتيمم إلى الصعيد الطاهر (التراب ونحوه)، فيضرب كفيه، ثم ينفض التراب من عليهما، ثم يمسح بهما وجهه ويديه، قال تعالى: {وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدًا طيبًا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوًا غفورًا} [النساء:43].
وقال (: (جُعِلَتِ الأرض كلها لي ولأمتي مسجدًا وطهورًا فأينما أدركت رجلا من أمتي الصلاةُ فعنده طهوره (يقصد التراب) [أحمد].
ويجوز التيمم لكل ما يتطهر له من صلاة مفروضة أو نافلة أو مس مصحف أو قراءة قرآن أو طواف؛ حيث يباح بالتيمم كل ما يباح بطهارة الماء، كما يجوز التيمم للحدث الأصغر والجنابة والحيض والنفاس، ويكون التيمم في الحالات الآتية:
1-إذا لم يوجد الماء، أو وجد لكنه لا يكفي للطهارة، أو يصعب الوصول إليه أو وجد الماء لكنه قليل يحتاج إليه في الشرب أو في الطبخ والعجن.. ومثل ذلك.
2-إذا كان المسلم مريضًا وخشي أن يتأخر الشفاء، أو يزيد المرض.
3-إذا اشتدت برودة الماء، وكان استعماله يؤدي إلى الضرر أو الهلاك، ولا يمكن تسخين الماء.
4-الخوف من خروج الوقت.
كيفية التيمم :
قال عمار بن ياسر -رضي الله عنه- أجنبتُ (أي لحقت بي الجنابة) فلم أُصِبِ الماء (لم أجد الماء) فتَمَعَّكْتُ في الصعيد (تمرَّغْتُ في التراب) وصليتُ، فذكرتُ ذلك للنبي (، فقال: (إنما يكفيك هكذا) وضرب النبي ( بكفيه الأرض ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه. _
[متفق عليه].
فرائض التيمم:
1-النية .
2-مسح الوجه واليدين .
3-الترتيب بأن يبدأ بالوجه ثم اليدين.
4-الموالاة، وتكون بين أجزاء التيمم، ثم تكون بين التيمم وما هو له كالصلاة ونحوها .
5-الصعيد الطاهر.
سنن التيمم:
1-التسمية.
2-نفض اليدين من التراب.
3-تفريج الأصابع؛ حتى يصل التراب إلى ما بينهما.
4-استقبال القبلة عند بعض العلماء.
5-تأخيره إلى الوقت المختار، عسى أن يجد ماءً.
مكروهات التيمم:
1-تكرار المسح.
2-إدخال التراب في الفم والأنف.
3-ترك سنة من سنن التيمم.
نواقض التيمم:
1-يبطل التيمم بكل ما يبطل به الوضوء، إذا كان محدثًا حدثًا أصغر، ويبطل بكل ما يبطل به الغسل إذا كان حدثًا أكبر.
2-إذا حضر الماء؛ لأن الماء هو الأصل في الطهارة، أما التيمم فهو للضرورة هذا إذا وجد الماء قبل الشروع في الصلاة، أما إذا وجد الماء بعد أن فرغ من صلاته فلا إعادة عليه، ويستحب له الإعادة. فعن أبى سعيد الخدري -رضي الله عنه-قال: خرج رجلان في سفر، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء، فتيمما صعيدًا طيبًا، فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت (أي قبل أن ينتهي وقت الصلاة) فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يُعِدِ الآخر.
ثم أتيا رسول الله ( فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يعد: (أصبت السنة وأجزأتْك صلاتك) (أي صلاتك صحيحة) وقال للذي توضأ وأعاد: (لك الأجر مرتين) _[أبوداود والنسائي] ولكن إذا حضر الماء قبل أن ينتهي الإنسان المتيمم من صلاته فإن عليه أن يخرج من الصلاة ليتوضأ ثم يصلي، لأن التيمم قد بطل، وذلك إذا كان في الوقت متسع، أما إذا ضاق الوقت بحيث لا يستطيع أن يتوضأ ويصلي قبل فوات وقت الصلاة، فلا يخرج من صلاته.
3-إذا زال السبب المبيح للتيمم مع وجود الماء، كمن شُفي من جرح أو كسر أو غيرهما مما يبيح التيمم.
4-إذا تيمم من حدث أكبر فلا تنتقض طهارة التيمم إلا بما يجب له الغسل، فإذا انتقض تيممه بشيء مما ينتقض به الوضوء يأخذ حكم المحدث حدثًا أصغر.
وإذا لم يجد المسلم الماء الذي يكفيه للطهارة لمدة طويلة كيوم أو أكثر، فيجب عليه أن يتيمم لكل صلاة مفروضة، أما السنن والنوافل فله أن يصلي ما يشاء من غير أن يتيمم لكل نافلة، حتى وإن فصل بينهما بفاصل زمني طويل.
المسح على الخفين والجوربـين
ذات يوم بال جرير بن عبدالله -رضي الله عنه- ثم توضأ، ومسح على
خُفَّيْهِ. فقيل: تفعل هذا؟ قال: نعم، رأيتُ رسول الله ( بال ثم توضأ ومسح على خفيه. [متفق عليه].
فالمسح على الخفين رخصة يجوز الأخذ بها بشروطها، لما فيها من التيسير على المسلمين، ويجوز كذلك المسح على الجوربين، فيُرْوَى أن رسول الله ( توضأ ومسح على الجوربين والنعلين. [الترمذي وابن ماجه وأحمد].
شروط المسح على الجوربـين والخفين:
-أن يكون الإنسان قد لبسهما على طهارة. قال المغيرة بن شعبة: كنت مع النبي ( في سفر فأهويت لأنزع خُفَّيْه، فقال: (دعهما، فإني أدخلتُهما طاهرتين، فمسح عليهما) [متفق عليه].
-أن يكون الخف أو الجورب ساترًا لجميع القدم مع الكعبين.
-ألا يكون على الخف أو الجورب حائل يمنع من مسحه بالماء.
واشترط الفقهاء للمسح على الجوربين شرطًا خاصّا، وهو أن يكونا سميكين فلا يصح المسح على الرقيق، الذي ترى القدم واضحة من خلاله.
مكان المسح وطريقته:
يضع أصابع يده اليمنى المبللة بالماء على مقدم خف أو جورب القدم اليمنى ويفرج بين أصابعه، ثم يمر بها إلى الساق فوق الكعبين، ويفعل باليسرى مثل ذلك.
المدة التي يجوز فيها المسح:
يجوز المسح للمقيم يومًا وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن، وتحسب المدة من أول حدث بعد اللبس، فلو توضأ ثم لبس الخفين أو الجوربين صباحًا، ثم لم ينتقض وضوؤه إلا عصرًا، فتبدأ المدة من العصر.. وهكذا.
مبطلات المسح:
1-انقضاء المدة.
2-وقوع ما يوجب الغسل من جنابة أو حيض أو نفاس.
3-نزع الخف أو الجورب أو خروج بعض القدم، ويكره الزيادة في المسح على المرة الواحدة، ويكره كذلك غسل الخفين بدلاً من مسحهما.
المسح على الجبيرة
عن جابر -رضي الله عنه-قال: خرجنا في سفر، فأصاب رجلا منا حجرٌ فشَجَّهُ في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه، فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء. فاغتسل الرجل فمات.
فلما قدمنا على النبي (، وأُخْبِرَ بذلك قال: (قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذا لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر -أو يعصب- على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده) [أبو داود].
والجبيرة كالجبس على الموضع المكسور، أو الرباط على الموضع المجروح، أو ما يقوم مقامها كالأدوية والدهانات والمراهم إذا كان عليها رباط يسترها، وإذا كان غسل العضو المصاب يؤدي إلى الضرر وجب مسحه، فإن تضرر بالمسح وجب المسح على الجبيرة مرة واحدة، فيمر على جميع أجزاء الموضع المصاب إذا كان من مواضع الوضوء.. وكذا عند الاغتسال، فإذا جاوزت الجبيرة الموضع المصاب إلى غيره لضرورة رَبْطِها أو لحماية الموضع المصاب، وجب تعميمها بالمسح مرة واحدة.
الأكثر مشاهدة
المشاركات الشائعة
-
موقع الإخوان المسلميبن ـ ورود الحق بقلم: د. عماد عجوة القيروان.. مدينة تونسية تقع على بُعد 156 كم من العاصمة تونس، وعلى بُعد 57 كم من مدين...
-
أولا: مفهوم الثبات والمرونة : تنقسم أحكام الشريعة الإسلامية على قسمين : ا لأول : أحكام ثابتة : وهذه لا سبيل إلى البحث فيها ، ولا تقبل الت...
-
موقع قصة الإسلام ـ مدونة ورود الحق أما النصف الأوَّل من القرن الرابع الهجري والنصف الأوَّل من القرن العاشر الميلادي فيمثِّله أبو الحسن عل...
-
مدونة ورود الحق ـ الإسلام اليوم هانئ رسلان تعيشُ الخُرطوم هذه الأيام أجواءًا من الترقُّب المشوب بالقلق؛ بسبب...
-
مدونة ورود الحق ـ موقع إخوان أون لاين بقلم: د. كامل عبد الفتاح باحث في تاريخ مصر الحديث والمعاصر في التاسع والعشرين من أغسطس من كل عام تحل...
-
حذر الدكتور محمود حمدي زقزوق، وزير الأوقاف، أئمة الوزارة من التطرق إلى الموضوعات السياسية في الدروس الرمضانية التي سيلقونها بمساجد الجمهور...
-
موقع قصة الإسلام ـ ورود الحق فلسطين أرض الرسل والأنبياء الذين حملوا راية التوحيد، ودعوا أقوامهم إلى الالتزام بها. وقد شهدت فلسطين ف...
-
مدونة ورود الحق هؤلاء هم القادة الذين نريدهم هؤلاءالله سيرفع درجاتهم إن شاء الله ويسكنهم جنات النعيم ذلك بما يعملون الآن لأمتهم من تضحيات و...
-
د: منير جمعة عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين :- دول الغرب المسيحي تحتفي بكل الخارجين عن الإسلام وتلبسهم ألقابا رنانة . الرئيس بوش استقبل...
-
ورود الحق ـ قصة الإسلام : روجر بواس يلقي روجر بواس[1] في مقاله هذا نظرة على النموذج الإسباني للتطهير العرقي والديني. لكل شيء إذا ما تم نقصان...
يتم التشغيل بواسطة Blogger.
أحدث موضوع
المدونة على الفيس بوك
أقسام مهمة
التسميات
- أزمات الأمة (38)
- الخلافة الأموية (1)
- الدولة العثمانية الجزء الثانى (12)
- الدولة العثمانية الجزء الرابع (3)
- الدولة العثمانية الجزء الأول (8)
- الدولة العثمانية الجزء الثالث (10)
- السودان وأزمة الانفصال (10)
- الشيشان جرح ينزف (7)
- النصرانية ما بين التعريف والتحريف الجزء الأول (1)
- تاريخ الأندلس (1)
- تاريخ أمة (42)
- تاريخ حماس والدفاع عنه (1)
- تاريخ فلسطين (2)
- تحليلات هامة (11)
- تربية الأطفال (1)
- تركستان جرح ينزف (8)
- حدث فى مثل هذا (2)
- دروس فى الفقه (1)
- شخصيات إسلامية (2)
- شخصيات أسلموا (2)
- صحابة الرسول (1)
- عجائب التكنولوجيا (1)
- على الصلابى (1)
- عن الإخوان والبنا (4)
- غرائب من الحياة (1)
- غزة بين النار والحصار (7)
- فتاوى اقتصادية (1)
- فتاوى الدكتور منير جمعة (5)
- فتاوى عامة (6)
- فقه السنة (3)
- فلسطين (9)
- فيديو مؤثر (4)
- قالوا عن الإسلام (3)
- قصص من روائع حضارتنا (23)
- كتاب الكبائر للإمام شيخ الإسلام الذهبى (4)
- كشمير جرح ينزف (7)
- كوسوفا جرح ينزف (5)
- مساجد لها تاريخ (1)
- مقالات الأستاذ ثامر عبد الغني سباعنه (1)
- مقالات الدكتور منير جمعة (17)
- مقالات المشرف (13)
- مقالات رمضانية (1)
- مواعظ الإمام ابن الجوزى (16)
- نقاشات (1)
بحث
بحث هذه المدونة الإلكترونية
Categories
المتابعون
فيديو الأسبوع
أحدث التعليقات
أحدث المقالات