الصفحة الرئيسية » Archives for فبراير 2010
قُمِ الليلَ واترك التكاسل (6)
كتبت تحت قسم
مواعظ الإمام ابن الجوزى
|
الأحد، 28 فبراير 2010|
درعمى
مواعظ الإمام ابن الجوزى
لله در أقوام هجروا لذيذ المنام وتنصلوا لما نصبوا له الأقدام ، وانتصبوا للنصب في الظلام ، يطلبون نصيباً من الإنعام ، إِذا جنّ الليل سهروا ، وإذا جاء النهار اعتبروا ، وإذا نظروا في عيوبهم استغفروا ، واذا تفكروا في ذنوبهم بكوا وانكسروا0 قال عليه الصلاة والسلام: (عليكم بقيام الليل فإِنه دأب الصالحين قبلكم، وإنه قربة إلى ربكم، ومغفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم)0
وفي المسند عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :(عجب ربنا من رجلين : رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين حبه وأهله إلى صلاته، ورجل غزا في سبيل الله فانهزموا فعلم ما عليه في الفرار وما له في الرجوع فرجع حتى أهريق دمه)0 قال أبو ذر رضي الله عنه: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي صلاة الليل أفضل؟ قال: نصف الليل وقليل فاعله)0 قال داود عليه السلام : يا رب ، أي ساعة أقوم لك؟ فأوحى الله إليه : يا داود ، لا تقم أول الليل ولا آخره ، ولكن قم في شطر الليل حتى تخلو بي وأخلوا بك ، وارفع إِلىّ حوائجك)0
وروى عمر بن عبسة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإِن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة؛ فكن)0 كان همام بن الحارث يدعو : اللهم ارزقني سهراً في طاعتك ، فما كان ينام إِلا هنيهة وهو قاعد ، وكان طاوس يتقلب على فراشه ثم يدرجه ويقول : طير ذكر جهنم نوم العابدين0 وقال القاسم بن راشد الشيباني: كان ربيعة نازلاً بيننا ، وكان يصلي ليلاً طويلاً، فإِذا كان السحر نادى بأَعلى صوته : يا أيها الركب المعرّسون : أهذا الليل تنامون ، ألا تقومون فترحلون ، قال : فيسمع من ههنا باك ومن ههنا داع0 فإِذا طلع الفجر نادى بأَعلى صوته: عند الصباح يحمد القوم السرى0 وكان كهمس يختم في الشهر تسعين ختمة0 قال الضحَّاك: أدركت قوماً يستحيون من الله في سواد هذا الليل من طول الضجعة0 يا منازل الأحباب: أين ساكنوك؟ يا بقاع الإِخلاص: أين قاطنوك؟ يا مواطن الأَبرار: أَين عامروك؟ يا مواضع التهجد: أين زائروك؟ خلت والله الديار، وباد القوم، وارتحل أرباب السهر وبقي أهل النوم، واستبدل الزمان أكل الشهوات يا أهل الصوم:
وفي المسند عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :(عجب ربنا من رجلين : رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين حبه وأهله إلى صلاته، ورجل غزا في سبيل الله فانهزموا فعلم ما عليه في الفرار وما له في الرجوع فرجع حتى أهريق دمه)0 قال أبو ذر رضي الله عنه: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي صلاة الليل أفضل؟ قال: نصف الليل وقليل فاعله)0 قال داود عليه السلام : يا رب ، أي ساعة أقوم لك؟ فأوحى الله إليه : يا داود ، لا تقم أول الليل ولا آخره ، ولكن قم في شطر الليل حتى تخلو بي وأخلوا بك ، وارفع إِلىّ حوائجك)0
وروى عمر بن عبسة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإِن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة؛ فكن)0 كان همام بن الحارث يدعو : اللهم ارزقني سهراً في طاعتك ، فما كان ينام إِلا هنيهة وهو قاعد ، وكان طاوس يتقلب على فراشه ثم يدرجه ويقول : طير ذكر جهنم نوم العابدين0 وقال القاسم بن راشد الشيباني: كان ربيعة نازلاً بيننا ، وكان يصلي ليلاً طويلاً، فإِذا كان السحر نادى بأَعلى صوته : يا أيها الركب المعرّسون : أهذا الليل تنامون ، ألا تقومون فترحلون ، قال : فيسمع من ههنا باك ومن ههنا داع0 فإِذا طلع الفجر نادى بأَعلى صوته: عند الصباح يحمد القوم السرى0 وكان كهمس يختم في الشهر تسعين ختمة0 قال الضحَّاك: أدركت قوماً يستحيون من الله في سواد هذا الليل من طول الضجعة0 يا منازل الأحباب: أين ساكنوك؟ يا بقاع الإِخلاص: أين قاطنوك؟ يا مواطن الأَبرار: أَين عامروك؟ يا مواضع التهجد: أين زائروك؟ خلت والله الديار، وباد القوم، وارتحل أرباب السهر وبقي أهل النوم، واستبدل الزمان أكل الشهوات يا أهل الصوم:
كَفَى حَزَناً بِالوَالِهِ الصَّبّ أَن يَرى ... منازِلَ مَن يَهوى معطلة قفرا
لله درّ أقوام اجتهدوا في الطاعة، وتاجروا ربهم فربحت البضاعة، وبقي الثناء عليهم إلى قيام الساعة، لو رأيتهم في الظلام وقد لاح نورهم، وفي مناجاة الملك العلام وقد تم سرورهم فإِذا تذكروا ذنباً قد مضى ضاقت صدورهم، وتقطعت قلوبهم أسفاً على ما حملت ظهورهم، وبعثوا رسالة الندم والدمع سطورهم0
ولَمَّا وقَفنا والرسائلُ بينَنا ... دموعٌ نَهاها الواجدون توقفا
ذكرنا اللَّيالي بالعَقيقِ وظِلَهُ ... الأَنيق فقطعنا القلوبَ تأسفا
نسيم الصِّبا إِن زُرتَ أَرضَ أَحِبتي ... فخَصَهُم منِّي بكُلِ سلام
وبَلِغهُم أَني بُرهَن صَبابةٍ ... وأَن غَرامي فَوقَ كُلَ غَرامِ
وإِني ليَكفيني طُروقُ خيالِهم ... لَو أَنَ جُفوني مُتعت
ولَستُ أُبالي بالجنان ولا لظى ... إِذا كانَ في تِلكَ الديارِ مقامي
وقَد صُمتُ مِن أَوقات نَفسي كُلَها ... ويَوم لِقاكُم كانَ فطر صيامي
جال الفكر في قلوبهم فلاح صوابهم، وتذكروا فذكروا كذكر إعجابهم، وحاسبوا أنفسهم فحققوا حسابهم، ونادموا للمخافة فأصبحت دموعهم شرابهم، وترنموا بالقرآن فهو سمرهم مع أترابهم، وكلفوا بطاعة الإله فانتصبوا بحرابهم، وخدموه مبتذلين في خدمته شبابهم، فيا حسنهم وريح الأسحار قد حركت أثوابهم، وحملت قصص غصصهم ثم ردت جوابهم0
.............................................................................
إلى لقاء آخر مع سلسلة المواعظ للإمام ابن الجوزى
ذِمّ الدُّنيا (5 )
كتبت تحت قسم
مواعظ الإمام ابن الجوزى
|
الخميس، 25 فبراير 2010|
درعمى
سلسلة مواعظ للإمام ابن الجوزى
أَيها العبد : تفكر في دنياك كم قتلت، وتذكر ما صنعت بأَقرانك، وما فعلت، واحذرها فإِنها عما لابد منه قد شغلت، وإِياك أن تساكنها فإِنها إِن حلت رحلت0 وروى عمار بن ياسر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (مرَّ بشاةٍ ميتةٍ قد ألقاها أهلها، فقال: والذي نفسي بيده إِنَّ الدنيا أهون على الله من هذه على أَهلها)0 وكان يقول في صفة الدنيا: (أَولها عناءٌ، وأخرها فناء0 حلالها حسابٌ وحرامها عقابٌ0 من استغنى بها فُتن، ومن افتقر إِليها حزن، ومن سعى لها فاتته، ومن نأى عنها أَتته ، ومن نظر إِليها أعمته، ومن بصر بها بصرته)0
وصفها بعض العلماء، فقال : جمةُ المصائب، رتقةُ المشارب، لا تفي لصاحب0 وقال يحيى بن معاذ: الدنيا خمر الشيطان: من شربها لم يفق إلا بين عساكر الموتى، نادماً بين الخاسرين قد ترك منها لغير ما جمع، وتعلق بحبل غرورها فانقطع، وقدم على من يحاسبه على الفتيل والنقير والقطمير، فيما انقرض عليه من الصغير والكبير، يوم تزل بالعصاة القدم، ويندم المسئ على ما قدم0 يا من حيات حياته بالآفات لوادغ، وأَغراضه المنقلبة إِليها منقلبة زوائغ، وشياطين هواه بينه وبين ما هو له نوازع، وسهام سهوه في لهو دينه بوالغ قد جرحت الحجر على قلبه فأنساه الحجر الدامغ، إن وعظ فساه، وإن قوم فزائغ، قلبه ملآن بالهوى، ومن التقى فارغ كأني بك، وسيف الممات في دم الحياة والغ، نازلك فانزلك بالنوى عن الأعالي النوابغ، وتقضي التيامن نبات سلب الحلى الصايغ، ومر إليك فمر عليك الشراب السايغ، وطمس شموس عزك المنيرات النوازغ وخرق دروع المنيعات السدايغ، أين من جمع الأموال وحماها، واهاً لمن جمعها واقتناها، تناهى أجله وما تناهى، كم سلبت الدنيا أقواماً أقواماً كانوا فيها وعادت عزهم أحلاماً أحلاماً، فتفكر في حالهم كيف حال، وانظر إلى من مال إلى مال، وتدبر أحوالهم إلى ماذا آل ، وتيقن أنك لاحق بهم بعد ليال، عُمرك في مدةٍ ونفسك معدود، وجسمك بعد مماتك مع الدود ، كم أمّلت أملاً فانقضى الزمان وفاتك ، وما أراك تفيق حتى تلقى وفاتك ، فاحذر زلل قدمك ، وخف طول ندمك ، واغتنم وجودك قبل عدمك ، واقبل نصحى لا تخاطر بدمك0
وصفها بعض العلماء، فقال : جمةُ المصائب، رتقةُ المشارب، لا تفي لصاحب0 وقال يحيى بن معاذ: الدنيا خمر الشيطان: من شربها لم يفق إلا بين عساكر الموتى، نادماً بين الخاسرين قد ترك منها لغير ما جمع، وتعلق بحبل غرورها فانقطع، وقدم على من يحاسبه على الفتيل والنقير والقطمير، فيما انقرض عليه من الصغير والكبير، يوم تزل بالعصاة القدم، ويندم المسئ على ما قدم0 يا من حيات حياته بالآفات لوادغ، وأَغراضه المنقلبة إِليها منقلبة زوائغ، وشياطين هواه بينه وبين ما هو له نوازع، وسهام سهوه في لهو دينه بوالغ قد جرحت الحجر على قلبه فأنساه الحجر الدامغ، إن وعظ فساه، وإن قوم فزائغ، قلبه ملآن بالهوى، ومن التقى فارغ كأني بك، وسيف الممات في دم الحياة والغ، نازلك فانزلك بالنوى عن الأعالي النوابغ، وتقضي التيامن نبات سلب الحلى الصايغ، ومر إليك فمر عليك الشراب السايغ، وطمس شموس عزك المنيرات النوازغ وخرق دروع المنيعات السدايغ، أين من جمع الأموال وحماها، واهاً لمن جمعها واقتناها، تناهى أجله وما تناهى، كم سلبت الدنيا أقواماً أقواماً كانوا فيها وعادت عزهم أحلاماً أحلاماً، فتفكر في حالهم كيف حال، وانظر إلى من مال إلى مال، وتدبر أحوالهم إلى ماذا آل ، وتيقن أنك لاحق بهم بعد ليال، عُمرك في مدةٍ ونفسك معدود، وجسمك بعد مماتك مع الدود ، كم أمّلت أملاً فانقضى الزمان وفاتك ، وما أراك تفيق حتى تلقى وفاتك ، فاحذر زلل قدمك ، وخف طول ندمك ، واغتنم وجودك قبل عدمك ، واقبل نصحى لا تخاطر بدمك0
-----------------------------------------------------------------------
إلى لقاء آخر بإذن الله تعالى
اذكُروا المَوت (4)
كتبت تحت قسم
مواعظ الإمام ابن الجوزى
|
|
درعمى
سلسلة مواعظ للإمام ابن الجوزى
إخواني : أكثروا من ذكر هاذم اللذات وتفكروا في انحلال بناء اللذات، وتصوروا مصير الصور إلى الرفات، وأَعدوا عدةً تكفي في الكفات، واعلموا أن الشيطان لا يتسلط على ذاكر الموت، وإنما إذا غفل القلب عن ذكر الموت دخل العدو من باب الغفلة0 قال الحسن : إن الموت فضح الدنيا فلم يترك لذي لُب به فرحاً0 وقال يزيد بن تميم: من لم يردعه الموت والقرآن، ثم تناطحت عنده الجبال لم يرتدع0 سُئل ابن عياض عن، ما بال الآدمي تُستنزع نفسه، وهو ساكت، وهو يضطرب من القرصة؟ قال: لأن الملائكة توقفه0 يا بن آدم، مثل تلك الصرعة قبل أن تذر كل غرة فتتمنى
الرجعة، وتسأَل الكرة، كَم من محتضر تمنَّى الصحة للعمل هيهات حقر عليه بلوغ الأَمل أَو ما يكفي في الوعظ مصرعه، أو ما يشفي من البيان مضجعه00 أما فاته مقدوره بعد إِمكانه00 أَما أنت عن قليل في مكانة0 ولَمَّا احتضر عبد الملك بن مروان قال: والله لوددت أنَّي عبد رجلٍ من تهامة أرعى غنيمات في جبالها وأني لم ألِ0 وجعل المعتضد يقول عند موته : ذهبت الحيل فلا حيلة حتى صمت0
وقال أبو محمد العجلي : دخلت على رجل في النزع فقال لي : سخرت بي الدنيا حتى ذهبت أَيامي، وفي الحديث: (أما إِنكم لو أَكثرتُم ذكر هاذم اللذات؟!)0 يا من قد امتطى بجهله مطايا المطالع، لقد ملأ الواعظ في الصباح المسامع؛ تالله لقد طال المدى فأَين المدامع؟ أَين الذين بلغوا المنى فما لهم في المنى منازع، رمتهم المنايا بسهامها في القوى والقواطع، فعلموا أن أيام النعم في زمان الخوادع، ما زال الموت يدور على الدوام حتى طوي الطوالع، صار الجندل فراشهم بعد أن كان الحرير فيما مضى المضاجع، ولقوا والله غاية البلاء في تلك البلاقع، جمعوا فما أكلوا الذي جمعوا، وبنوا مساكنهم فما سكنوا، فكأَنهم بها ظعناً لما استراحوا ساعة ظعنوا0 لقد أُمكنتَ الفرصة أيها العاجز، ولقد زال القاطع وارتفع الحاجز، ولاح نور الهدى فالمجيب فائز، وتعاظمت الرغائب وتفاقمت الجوائر؛ فأَين الهمم العالية، وأَين النجائز؟ أَما تخافون هادم اللذات والمنى والمناجز0 أما اعوجاج القناة دليل الغامز0 أما الطريق طويل وفيه المفاوز0 أما عقاب العتاب تحوى الهزاهز0 أَما القبور قنطرة العبور فما للمجاوز0 أما يكفي في التنقيص حمل الجنائز0 أَما العدد كثير فأَين المبارز؟ أما الحرب صعب والهلك ناجز، والقنا مسوغ والطعن واجز، والأمر عزيز والرماح البوس نواكز0 تالله بطلت الشجاعة من بني العجائز، وتريد إِصلاح نادك والأمر ناشز0 إِن لم يكن سبق الصديق فليكن توبة ماعز0
وقال أبو محمد العجلي : دخلت على رجل في النزع فقال لي : سخرت بي الدنيا حتى ذهبت أَيامي، وفي الحديث: (أما إِنكم لو أَكثرتُم ذكر هاذم اللذات؟!)0 يا من قد امتطى بجهله مطايا المطالع، لقد ملأ الواعظ في الصباح المسامع؛ تالله لقد طال المدى فأَين المدامع؟ أَين الذين بلغوا المنى فما لهم في المنى منازع، رمتهم المنايا بسهامها في القوى والقواطع، فعلموا أن أيام النعم في زمان الخوادع، ما زال الموت يدور على الدوام حتى طوي الطوالع، صار الجندل فراشهم بعد أن كان الحرير فيما مضى المضاجع، ولقوا والله غاية البلاء في تلك البلاقع، جمعوا فما أكلوا الذي جمعوا، وبنوا مساكنهم فما سكنوا، فكأَنهم بها ظعناً لما استراحوا ساعة ظعنوا0 لقد أُمكنتَ الفرصة أيها العاجز، ولقد زال القاطع وارتفع الحاجز، ولاح نور الهدى فالمجيب فائز، وتعاظمت الرغائب وتفاقمت الجوائر؛ فأَين الهمم العالية، وأَين النجائز؟ أَما تخافون هادم اللذات والمنى والمناجز0 أما اعوجاج القناة دليل الغامز0 أما الطريق طويل وفيه المفاوز0 أما عقاب العتاب تحوى الهزاهز0 أَما القبور قنطرة العبور فما للمجاوز0 أما يكفي في التنقيص حمل الجنائز0 أَما العدد كثير فأَين المبارز؟ أما الحرب صعب والهلك ناجز، والقنا مسوغ والطعن واجز، والأمر عزيز والرماح البوس نواكز0 تالله بطلت الشجاعة من بني العجائز، وتريد إِصلاح نادك والأمر ناشز0 إِن لم يكن سبق الصديق فليكن توبة ماعز0
إلى لقاء آخر
حسن البنا....هل كان يضيق بنقد الآخرين له؟
كتبت تحت قسم
تحليلات هامة
|
السبت، 20 فبراير 2010|
درعمى
عصام تليمة (*) يكتب فى إسلاميون
تكلمت في مقالي السابق عن حسن البنا ونقد الذات، وبينت فيه كيف كان حسن البنا ينقد ذاته، وينقد جماعته، محاولا بذلك سد الخلل الذي يراه في بنائها الثقافي والتنظيمي والخلقي، واليوم أتناول جانبا آخر من النقد عند حسن البنا، وهو مدى قبوله بنقد الآخرين له، هل كان يضيق بالنقد وبخاصة المعلن منه على صفحات الجرائد والمجلات، أم كان يرحب به؟
تكلمت في مقالي السابق عن حسن البنا ونقد الذات، وبينت فيه كيف كان حسن البنا ينقد ذاته، وينقد جماعته، محاولا بذلك سد الخلل الذي يراه في بنائها الثقافي والتنظيمي والخلقي، واليوم أتناول جانبا آخر من النقد عند حسن البنا، وهو مدى قبوله بنقد الآخرين له، هل كان يضيق بالنقد وبخاصة المعلن منه على صفحات الجرائد والمجلات، أم كان يرحب به؟
لقد كان حسن البنا من أرحب الناس صدرا بالنقد والنصح،
وفي كثير من الأحيان يأتيه النقد من العلماء والدعاة، وهذا هو الغالب في النقد بصفة عامة، غير أن الإمام البنا لجأ إلى أسلوب جديد في النقد، فدعا قراء مجلاته إلى نقده، وإلى نقد المواد التي تقدم في المجلة، فعندما تولى رئاسة تحرير مجلة (المنار) خلفا للعلامة الشيخ محمد رشيد رضا، كتب يقول:
الدعوة إلى انتقاد المنار
إننا ندعو جميع من يطلع على المنار من أهل العلم والرأي: أن يكتبوا إلينا بما يرون فيه من الخطأ في المسائل العلمية أو ما ينافي مصلحة الأمة، ونَعِد المنتقدين بنشر كل ما يرسل إلينا من نقد مع بيان رأينا فيه، بشرط : أن يكون النقد مختصرًا، مؤيدًا بالدليل، نزيه العبارة.
ونرجو عامة القراء: أن يطالبوا كل من يسمعون منه انتقادًا للمنار بكتابته وإرساله إلينا لنشره، وإلا أضاع الفائدة على نفسه وعلى الناس، وكان نقده عقيما لا نتيجة له، وهو ما لا يرضاه لنفسه محبٌّ للمصلحة العامة، ونسأل الله أن يوفقنا جميعًا لخير ما يحب ويرضى.[1]
ولم يكن حسن البنا رحمه الله ممن يدعون للنقد، أو يدَّعون سعة الأفق، ورحابة الصدر، ثم عند نقدهم يضيقون ذرعا بما قيل عنهم، أو بمن نقدهم، بل كان رحمه الله نموذجا في تقبل النقد، مرحبا بكل درجات النقد، سواء كان نقدا بناءا أو غير بناء، مشتملا على أدب الخلاف، أم عار عنها.
وعند تتبعي لكَمِّ الكتابات النقدية التي وجهت للبنا في حياته، أراها تنقسم إلى ثلاثة أقسام: نقد علمي رقيق، ونقد لاذع حاد، ونقد ساخر متهكم، وسوف أتناول كل هذه الألوان من النقد، مع ذكر نماذج منها، وموقف البنا من هذه الألوان من النقد جميعا.
1ـ النقد العلمي الرقيق :
أول هذه الألوان: هو النقد العلمي الرقيق، الذي يعتمد في الأساس على لغة لا تجريح فيها ولا سباب، بل عمادها: النصح في الله، والأدب في أداء النصح، وقد كان هذا هو غالب النقد الموجه للبنا إلا القليل مما يندرج تحت القسمين الآخرين، وقد كانت شخصية البنا بطبيعتها تجبر كل مخالف على احترامه وإن بدأ ناقده بعنف وحدة سرعان ما انقلب نقده إلى نقد علمي رقيق، نظرا لأن البنا لم يكن يقابل إساءة الناقدين بالإساءة، بل كان يأسرهم بلطفه وخلقه وأدبه، ومن هذا اللون أذكر اثنين من نقاده من العلماء، وهما: الشيخ محمد الحامد العالم السوري المعروف رحمه الله، والآخر: الشيخ محمود عبد الوهاب فايد رحمه الله.
الشيخ محمد الحامد ونقده للبنا:
كتب الشيخ محمد الحامد الحموي عدة مقالات ينقد فيها كُتَّاب مجلة (الإخوان المسلمون) النصف شهرية، ثم الأسبوعية فيما بعد، ونشر الأستاذ البنا نقد الشيخ محمد الحامد، وقدم نقده بهذه التقدمة: (للأخ الشيخ محمد الحامد الحموي نظرات شرعية في بعض ما نشر وينشر في أعداد مجلة الإخوان، أحببنا أن نطالع بها القراء في هذه الصفحة تباعًا، تجلية للحقيقة، وعرضا لمختلف النظرات، والحقيقة بنت البحث كما يقولون).
إلى أن وصل الأمر بالشيخ الحامد أن أرسل في إحدى المرات بورقة فيها بضع عشر نقدا لأشياء علمية أخذها على الأستاذ البنا، وبكل شجاعة أدبية وحرص على الاعتراف بالخطأ وقف الإمام البنا في (حديث الثلاثاء) يعترف بما أخطأ فيه، ويرد ما لم يقتنع به، بل يرد بأسلوبه المشتمل على النكتة والطرفة المعهود في حسن البنا، فكان من ذلك: أن الشيخ الحامد أخذ على الأستاذ البنا أنه وهو في جلسة التشهد في الصلاة يهتز، وهو شيء لا إرادي اعتاد عليه المصريون الذين حفظوا القرآن في الكتاتيب، واعتاد عليه الأزهريون كذلك، فهو شيء لا إرادي، وقد فعله البنا سجية وهو لا يدري، فقال البنا مازحا: والله يا شيخ محمد (أي الحامد) أنت حيرتني معك، فأنا حاولت ألا أهتز كما نصحتني، فحدث لي شيء من اللخبطة وعدم الخشوع والتركيز، وإن خشعت اهتززت بلا إرادة مني، وإن مَثَلي ومثلك: كمن قال لرجل طويل اللحية: يا عم الشيخ وأنت نائم أين تضع لحيتك؟ أسفل اللحاف (الغطاء) أم فوقه؟! والرجل كان ينام ولا يفكر في ذلك، فلما نبهه صديقه بالسؤال، ظل الرجل لفترة قبل نومه يفكر، أين لحيته: هل هي تحت الغطاء أم فوقه؟ مما ضيع النوم من عينه!!
وظل الإمام البنا يفسح صدره لنقد الشيخ الحامد، حتى وصلت سلسلة نقد الحامد لمجلة (الإخوان) والبنا إلى ست مقالات متتابعات، مما حدا بالبنا أن يجعل عنوان هذه الصفحة بـ (صفحة النقد)، وبعد بضع شهور فوجئ قراء مجلة (الإخوان المسلمون) بآخر مقال للشيخ الحامد في (صفحة النقد)، وقد صدرها البنا بهذه التقدمة التوديعية الرائعة، فكتب البنا يقول
(كنا نود لو بقي صاحبها (أي صفحة النقد) الفاضل بيننا يسعدنا بروحه الزكية، وينقلنا بسمته الهادئ، وآرائه المحافظة إلى عصر السلف الصالح من العلماء العاملين، ولكنه آثر السفر إلى سوريا، وغادر أهلا لا يقلون حبًّا له، وإجلالا عن أهله الأقربين، الذين سافر إليهم، جمعنا الله وإياه على خير ما يرضيه).[2]
نقد الشيخ محمود عبد الوهاب فايد للإمام البنا:
وممن نقدوا الأستاذ البنا وكان من طلبة الأزهر آنذاك: الشيخ محمود عبد الوهاب فايد رحمه الله، وهو من علماء الأزهر والجمعية الشرعية، وكان دائم الحضور للإمام البنا في حديث الثلاثاء، إلا أن الإمام البنا تحدث عن الملائكة فقال: (الملائكة خلق من خلق الله تعالى يتشكلون بأشكال شريفة كالإنس ونحوهم، ولا يخرجون عن طاعة الله تعالى، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. وقال بعض العلماء: إنهم خلق من نور، وهو قول يعوزه الدليل).[3]
وقد كتب الشيخ فايد ردا على ما ذكره الأستاذ البنا، فقال: (قديما قال أرسطو: أفلاطون صديقي والحق صديقي، ولكن الحق أصدق منه. طالعت محاضرة فضيلة الشيخ حسن البنا في العدد السابع من المجلة فلاحظت عليها ملاحظات عابرة:
أولا:عقب فضيلة المرشد على قول بعض العلماء في الملائكة أنهم خلق من نور بقوله: "وهو قول يعوزه الدليل".
ثانيا:تحدث عن علم الملائكة فقال: "وأما علم الملك فبالتلقي من لدن الحكيم الخبير".
ثالثا:استشهد على خاصية الإنسان وخاصية الملائكة فقال: (وعلم آدم الأسماء كلها) البقرة: 31 فيها خاصية العلم للإنسان، وقوله تعالى: (قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا)( البقرة: 32) فيها خاصية الملائكة وهي التلقي.
ونبدي رأينا فيما ذكره فضيلة المرشد موجزين فنقول بصدد ملاحظتنا الأولى: قام الدليل على أن الملائكة خلقت من نور، فقد ورد في صحيح مسلم رضي الله عنه قال: عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم" أ هـ ص 451 ج 10 هامش القسطلاني. وبمقابلة الأنواع الثلاثة بعضها لبعض يتضح أنه أراد أصل خلقة الملائكة. وحديث مسلم حديث صحيح لا يدفعه ما ورد في بعض الآثار، إما لعدم المساواة وإما لعدم المنافاة. وقد شرح العراقي هذا الحديث بما يتمشى معنا كما في (طرح التثريب) ص 277 ج 8. ونص ابن حزم في (المحلى) على هذا فقال ـ ص 13 ج1 بصدد الملائكة ـ: "خلقوا كلهم من نور، وخلق آدم من ماء وتراب، وخلق الجان من نار". ثم ذكر حديث مسلم بسنده إليه.
وقد رد الأستاذ البنا على نقد الشيخ محمود عبد الوهاب فايد فقال: "إلى حضرة الأخ في الله تبارك وتعالى فضيلة الشيخ أحمد عاشور حفظه الله تعالى، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فقد اطلعت على ملاحظة الأخ العزيز السيد محمود عبد الوهاب فايد التي بعث بها إليكم حول محاضرتي الملخصة في (الاعتصام) الغراء، وإني أبادر بشكر الأخ على أدبه وأسلوبه الكريم، وأشكر لكم حسن ظنكم بأخيكم، وإسعاده بعرض هذه الملاحظات عليه.
ثم أقفي بعد ذلك بالثناء على فضل الأخ وعلمه، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على العين والرأس (فالملائكة من نور) ونفوض حقيقة النور الذي أشار إليه الحديث الشريف إلى الله تبارك وتعالى، وهو به أعلم، وجزى الله تعالى الأخ عنا خير الجزاء.
ولم أُرِدْ بما قررت من أن خاصية الملائكة التلقي نفي الاختيار، ولكن نفي التوهم والخيال الذي هو للإنسان أساس الابتكار، والذي كثيرا ما يؤدي إلى الخطأ والعثار، فإن يكن هذا القصد صحيحا فمن الله تعالى وله الفضل والمنة، وإن يكن غير ذلك فمن نفسي، وما أبرئ نفسي، ونحن ـ فيما أرى ـ بعد ذلك الإيضاح متفقان.
وأسأل الله تعالى لي ولكم وللأخ العزيز تمام التوفيق والسداد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في غرة ذي الحجة سنة 1366هـ).[4]
وقد كان الشيخ فايد رحمه الله يحكي هذا الموقف للعلماء وطلبة العلم، ويباهي به وبسعة صدر الإمام البنا رحمه الله، ويحكي هذا الموقف ومواقف أخرى خالف فيها الأستاذ البنا ونقده علميا، حتى أصبح هناك تعارف بينه وبين البنا، فكان إذا أتى الشيخ فايد مجالس البنا يداعبه قائلا بين الإخوان والحضور: إذا جاء الشيخ فايد جاء بالفوايد.
2ـ نقد الآخرين المشتمل على الحِدَّة :
ومن النقد المشتمل على الحدة والطعن في البنا ومنهجه: نقد جماعة (شباب محمد)، وقد كانوا من الإخوان ثم انشقوا عليها، يحكي الأستاذ عمر التلمساني عن رد فعل البنا تجاه هذا النقد الحاد، بل الانشقاق العنيف، فيقول: ويوم أن انشق بعض الإخوان، وخرجوا من الجماعة، وسموا أنفسهم شباب محمد، لم يثر عليهم، ولم يقاطعهم، ولم يوزع عليهم الشبهات، ولم يؤلب أحدا عليهم، ولكن تصرف معهم التصرف الذي لا يتصرفه سواه في مثل هذا الموقف.
اتخذ شباب محمد له مقرا، وأعد دفاتر للاشتراك في صفوفه. فكان الإيصال الأول (نمرة 1) باسم حسن البنا، ليؤكد لهم أن موقفهم هذا لم يزعجه، وأنه يتمنى لكل عامل في حقل الدعوة الإسلامية أن يوفقه الله لكل ما يحب ويرضى. وما دام هو واثق من نفسه، فلماذا لا يتصرف وهو على بينة من نتائج هذا التصرف؟؟ إنه التصرف المناسب، تعالى على الصغائر والمهاترات. واكتسب احترام الذين انشقوا عليه، لأنه لم يبدأهم بهجوم ولا ملام.[5]
3ـ النقد الساخر المتهكم :
واللون الثالث من ألوان النقد الذي وجه للبنا، هو النقد المشتمل على السخرية والتهكم، ومع ذلك كان يتقبله البنا بصدر رحب، ويرد على صاحبه بخلق حسن، فمن ذلك على سبيل المثال: أن البنا كتب يفسر قوله تعالى: (الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون) الرعد:2. فاستدل على تفسير الآية والتأمل فيها، بعبارات من كتاب نهج البلاغة.[6] رغم أن البنا كتب هامشا يعقب فيه على نقله من نهج البلاغة، وحول نسبة الكتاب للإمام عي أم للشريف الرضي فقال: (في نسبة ما جاء في نهج البلاغة لعلي رضي الله عنه الخلاف المعروف بين الأدباء وسواء أكان القول من كلام علي رضي الله عنه أم من كلام الشريف فمعناه من حيث تعظيم الله وحسن الثناء عليه رائع بديع).
فكتب أحد القراء معقبا بسخرية وتهكم على الأستاذ البنا:(وملاحظة أخرى في العدد الأخير نحب أن تبينوا لنا حقيقتها وهو ما نسبتموه لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه في باب التفسير، ذلك الكلام العجيب الذي لا يشبه في أسلوبه ولا معانيه ما تواتر إلينا من كلامه رضي الله تعالى عنه ففي أي ديوان من داوين السنة المعتبرة عند المسلمين وجدتم هذا الخبر؟ أفيدونا رحمكم الله، وإن لم يوجد في شيء منها، فهل ترون أن أمثال هذه (الحواديت) التي ملئت بها بعض الكتب المجهولة الأصل مثل (نهج البلاغة) وغيره تصلح للاحتجاج ولتقرير عقيدة إسلامية؟! وإني وإن كانت بيني وبين فضيلتكم معرفة، إلا أني أحب أن أكون إلى حين مستترا والسلام عليكم ورحمة الله).
فأجاب البنا على هذا النقد المتهكم قائلا: (وثالثهما: استنكار ما نسبناه لأمير المؤمنين علي كرم الله وجهه في باب التفسير والتهكم عليه بهذا الأسلوب اللاذع، فغفر الله للكاتب سَوْرَةَ قلمه وعفا عنا وعنه، ونحب له أن يروض قلمه دائما على غير هذا الأسلوب فهو أعف وأبر، ولو أن حضرته التفت إلى أننا إنما سقنا هذا الكلام للبيان والاستئناس لا للاحتجاج والاستدلال وهذه واحدة، ونسبناه إلى نهج البلاغة ولم ننسبه إلى الإمام كرم الله وجهه وهذه الثانية، وعلقنا في حاشية المقال بما يستفاد منه أن نسبة هذا الكتاب موضع خلاف بين الأدباء وهذه الثالثة، لو أن حضرته ألتفت إلى هذه النواحي الثلاث لأعفى نفسه وأعفانا من هذا التعليق القاسي الذي لا مبرر له).[7]
هذه حالات ثلاث للنقد الموجه لحسن البنا، وكيف كان تقبله للنقد فيها، مؤثرا الاستفادة منها، على اتهام الناقدين، أو البحث عن نياتهم، أو عن تصنيفهم، بل تقبل النقد بأريحية وسعة صدر كبير، وهو كما نرى حالات نقد علنية، منشورة في صحف ومجالات سيارة.
......................................................................
......................................................................
هوامش ومصادر :
[1] نشرت في مجلة (المنار) في الجزء الخامس من المجلد الخامس والثلاثين الصادر في غرة جمادى الآخرة سنة 1358هـ ـ 18 من يولية سنة 1939م
[2] انظر: مجلة (الإخوان المسلون) النصف شهرية الأسبوعية العدد (19) من السنة الأولى الصادر في يوم السبت الموافق 14 من رجب سنة1362هـ ـ 17 من يوليو سنة 1943م.
[3] انظر: مجلة الاعتصام السنة التاسعة العدد السابع الصادر في 5 من ذي القعدة سنة 1366هـ ـ 20 من سبتمبر سنة 1947م
[4] انظر: مجلة الاعتصام السنة التاسعة العدد التاسع الصادر في 11 من ذي الحجة سنة 1366هـ ـ 25 من أكتوبر سنة 1947م.
[5] انظر: الملهم الموهوب حسن البنا للأستاذ عمر التلمساني ص 36 طبعة دار الأنصار.
[6] انظر: مجلة (المنار) العدد السادس من المجلد (الخامس والثلاثين) الصادر في غرة رجب سنة 1358هـ ـ أغسطس سنة 1939م. نقلا عن: نظرات في كتاب الله للإمام البنا ص 357 تحقيق عصام تليمة. طبعة دار التوزيع والنشر الإسلامية.
[7] انظر: مجلة (المنار) العدد الثامن من المجلد (الخامس والثلاثين) الصادر في ربيع الآخر سنة 1359هـ ـ مايو 1940م. نقلا عن (في صميم العقيدة) للأستاذ البنا ص 147،146: عصام تليمة. طبعة دار التوزيع والنشر الإسلامية.
--------------------------------------------------------------------------------
* باحث وداعية إسلامي
الحلم الذهبى
كتبت تحت قسم
مقالات المشرف
|
الأربعاء، 17 فبراير 2010|
درعمى
تأليف صاحب مدونة ورود الحق
حلم هو وأى الاحلام ! حلم قامت له الدنيا ولم تقعد بنى عليه الناس حياتهم فصاروا مهوًّسين ضالين الطريق وكأنه ضاقت عليهم الدنيا بما رحبت فما إن بدلت الكلام عنه عادوا بك إليه وتوحدوا بعد تفرق ولكن على أى شىء اجتمعوا لا أدرى فهو كالثراب فذاك الحلم أسطورى.
توحدت الأيادى بالتصفيق والألسنة بالترتيل والأجساد عارية مخضبة بالأعلام فخرجت الجموع من مساكنها فانتشرت فى فى كل ضاحية وركن ومكان كل يُمنّى النفس بالوصول إلى ذاك الحلم الأسطورى .
علام كل هذا الجمع علام ! وما مدلول أحلامهم هذا وما جدواه وهل عرفوا عقباه أدرسوا فقه الأحلام والرؤى حتى يصيروا عبادا لحلم لا يقين من وجوده ولا إشارة لشموسه .
صار الحلم لهم كالماء والهواء بل هم المرضى وهو الدواء هو المسكن هو المأوى لا صوت يعلوه ولا حديث يدنوه هو كحديث العاشقين الملهمين فى نداء من لا بيده الجواب وانقطعت منه الأسباب وانثرى بين الضباب هم مجانين لليلى فأنى لليلى ترد وتجيب ومجنونها قد نفى إلى غيابات الوجود فما تعرف له موطنا ولا آثارا للحدود .
فما هذا الحلم وكيف تجمعت أوصاله بين حنايا وجوانح تلك الجموع فرادنى حب التعرف لكى تزاح حيرتى فسألت فما إن ذكرت الحلم واسمه لاقيت جمعاً لعلماء تصفهم أو حكماء فى نواحى ذاك الحلم وفى نفس واحد وشهقات متراصة على الألسن كعزف الناى يهتفون لهذا الحلم فقالو ا :هو حلم يراودنا هو روح فى جوانحنا هو كالعظام فى أجسادنا إن نخرت سقطنا وانكسرنا وهو النور فى الظلمات والماء فى الصحراء فصاح أحدهم (حكيما من حكمائهم) قائلا :
هذا الحلم يا ولدى نصفه حلو والآخر مرير فهو كالأمواج مع البحار والبركان مع الجبال والورود مع الأشواك إذا جاء هدأت الأمواج والبراكين وتفتحت الورود وزاح منها الشوك فإذا رأيته من بعيد قلت اللؤلؤ والمرجان وإن اقتربت منه ودنوت له تلقاه كالزفت الطامس والظلام الدامس .
زادت حيرتى واشتياقى لهذا الحلم فبت انتظر طلته وهلته وذات يوم رأيت الجموع محتشدة كعادتها انتظاراً لهذا الحلم وتهتف قائلة : هذا الحلم يأوينا هذا الحلم يشفينا هذا الحلم يرضينا هذا الحلم يطعمنا ويسقينا.
وآنت لحظة الحسم إذ بالجموع محتشدة فمنهم من جعل وجهته إلى الغرب ومنهم من جعل وجهته إلى الشرق منهم من نظر إلى الشمس ومنهم من نكس رأسه على الأرض فكلهم ينتظرون شعاع الحلم فصاح أحدهم بأن شعاعاً قد بان وابتصر فالْتَفت الجميع إليه فمنهم من بكى فرحا ومنهم من لم تسعه الفرحة فمات فهناك شهقات الضحك والموت فاجتمعت الأفراح والأحزان وشتان بينهما لكنها الأقدار.
فذهبت لأراه فكم كنت مشتاقا إليه فقالوا عاد إلى وطنه ثانية لكنه قد وعدنا بالمجىء فكنت أريد أن أعرف ما هى جدواه وفحواه كما أردت أرى ذاك الكبرياء والعظمة وذاك الغائب الآتى .
ومرت الليالى والأيام حتى خرجت الجموع من أعشاشها كالجراد أو أسراب الحمام فقد توقت نفسى لرؤية ذاك الحلم وبت أسأل أحقاً سيأتى إليهم وإن أتى فكيف تكون طلته وكيف تكون هيئته فجائت اللحظات الفارقة إذ بالجموع سكتت وأسراب الحمام هدأت فلا تكاد تسمع غير همسات النفس والعيون تنصبت فهذا وقت الأذن تسمع رياح الحلم وهمساته فمرت الساعة تلو الساعة ولم يأت ذاك الحلم فقطعت الأعلام وألقيت ومسحت من على الأجساد والوجوه ولبست الثياب وانخرطت الجموع فى البكاء والحزن خيم عليهم وهنا توحدت الشعور والآلام فمنهم من أجهش من البكاء ومنهم من مات بحسرته ومنهم من رمى نفسه تحت صروف الدهر تقتله .
فنامت النفوس التى نصبت وتفرقت الجموع ولكن توحدت الدموع فقد لاح لهم الحلم بطلته ثم رحل فصار من عداد الراحلين فلماذا أتى ؟ ولماذا رحل ؟ لا أدرى!.
المعركة المستعرة والأخوة المفتقدة
كتبت تحت قسم
مقالات المشرف
|
الاثنين، 8 فبراير 2010|
درعمى
بقلم / ورود الحق
فازت مصر على الجزائر وكأنها تخطت خط بارليف من جديد وألهبت أعدائنا بالنيران والباررود وأغلقت عليهم بالأغلال والأصفاد كل الحدود . أو كأنها أعادت بنا من ظلمة الليل البهيم إلى ذلك الفجر الجديد . وكأنها أعادت للأمة كرامتها وعزتها المفقودة . وهُزمت الجزائر وكأن فرنسا عادت إليهم بعصر الظلم والطغيان بعصر الاحتلال فاجتمعوا على قذف العدو (مصر ) بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة بالسب واللعن والطعن وهذا ما جاء على ألسنة صحافتهم وصحافتنا .
إن معركة (أم درمان ) التى اندلعت عقب السيول الكلامية التى حدثت بين الجيشين كانت تحت مجهر اليهود المتحمسين لمعرفة من الذى أسقط الآخر وهزمه حتى يرسل له أجمل التهانى على هذا النصر العظيم . إن هذه المعركة أسفرت حتى الآن عن مقتل العقول الفكرية فى الجيشان ووفاة الوحدة العربية وانقباض روح الاخوة بين المسلمين وموت أحلام الرجال الذين كانوا يحلمون بيوم فيه الأندلس تمدح غزة شعرا أو ترسل فيه غزة رسالة شكر للخليفة القابع على كرسى الخلافة فى مكة عاى فتحه لبلاد الغرب الصليبى ماتت هذه الأحلام إثر هذه المعركة الملتهبة حيث سقطت من على فرسها مما أفقدها القدرة على النوم لكى تعيش حلما جديدا .
لقد أكلت هذه المعركة الاخضر واليابس بأرض الوحدة والترابط وجفت فيها الأبحر الغراء والأنهر العذباء واتضحت خلالها انهيار البنية التحتية للعقل عند المسلمين ـ الذين شاركوا فى هذه المهزلة وللأسف هم كثر ـ واتضحت الشروخ والفجوات التى خلفتها لنا جهود اليهود والغرب الصليبى على مدار ثلاثة قرون متواصلة من اضمحلال ثقافة المسلمين وانحدار التعليم الشرعى الصحيح وانتشار الأفكار الغريبة على الإسلام وبثها داخل الشعوب الإسلامية حتى أصبحنا من العالم الثالث وأن تفوق علينا من كان دوننا بمراحل كبيرة جدا جدا .
إن ما حدث على الساحة الرياضية ما هو إلا حلقة سخيفة من حلقات الجهل التى تعودنا عليها من خلال هذا الزمن الذى لم يحدث له مثيل سابقا فى عهد الخلافات المتواصلة ـ أعاد الله أنوارها ـ فلم نسمع عن هذه المهازل بين الأشقاء .
فقد كشف النقاب عن أمور عدة أهمها :
1- الجهل واضمحلال الفكر وانحدار التعليم الشرعى الصحيح .
2ـ جعلنا من كرة القدم قضية هامة يجب النفور من أجلها والتعصب لها وأصبحت كرة القدم أكبر أهمية من قضايا الأمة وآلامها مثل ( غزة والحصار المطبق ـ العراق ـ السودان ـ عمليات التنصير ...... وغيرها ) .
3ـ إلهاء الشعبين عن قضايا هامة سياسية فى كلتا البلدتين من فساد وظلم وديكتاتورية الحكم .
4ـ اندساس الحكومة وتمحكها على الساحة الكروية لجذب الانتباه لها أنها مع الشعب وأنها تعمل له جاهدة على تخليصها من خط الفقر الذى تعيشه وخط الجهل والفساد الذى يفوح فى كلتا البلدتين . حتى وصل الأمر إلى قول رئيس الوزراء فى كتابه (60 إنجازا .....) أنه من إنجازات هذه الحكومة بطولة افريقيا التى حققها المنتخب المصرى !!!! .
5ـ زرع على الساحة الإعلامية فضائيا وورقيا وعلى شبكة الإنترنت شخصيات تعمل لحسابها نفاقا وتدليسا وتقليبا للحقائق وهذه الشخصيات كان لها دور كبير بجهلهم القاتم فى إشعال التوتر بين البلدتين .
6ـ نجاح الحكومة فى شغل ساحة معارضيها بقضايا صنعتها بأيديها نعم لها أهمية لكنها لم تمسهم إنما تمس الشرع فتلاعبوا بالشرع لإلهاء الشعب بمعارضيه عن مقاصده ومفاسده فشغلهم فى النقاب رغم أنه ذات اهمية إلا أنه طالما بعيد عن الساحة السياسية فليلعبوا به كيفما شاء وحسبى الله ونعم الوكيل وقضايا اخرى غيرها كما قامت بصنع قضايا أخرى لتشغل الرأى العام أى للشعب كله مثل كرة القدم واستخدموها أسوأ استخدام هم ومن زرعتهم فى الإعلام كما قلت آنفا .
وقد نسينا قضايا كبيرة جدا ومنها ( حصار غزة والجدار العازل الملعون تصدير الغاز لأعدائنا وقضيى الأقصى والحفريات التى تحوم به وقضية التوريث والمادة 76 من الدستور وغيرها )
أخوتى إن ما حدث فى مباريات مصر مع الجزائر حدثا مألما يزيد من آلامنا وأحزاننا وليته لأمر جلل ولكن لشىء هين وحقيرأيحدث كل هذا الجدل والتشاجر والخلافات والسباب واللعان من أجل كرة القدم والتى هى للفرح والتسلية وتقوية للأجسام فالعقل السليم فى الجسم السليم نعم نحن نلعب نعم نشجع فى روح التنافس والحب لاسيما أن تكون بين أشقاء وأخوة واجب عليهم الوحدة تجاه قضايا أكبر ومهام اثقل وليس التنابز والطعن بينهم البعض . ومبدأ الأخوة الحديث عنه بالأدلة الشرعية شيئا تحدث فيه علماؤنا وأئمتنا كثيرا لكن لا مانع هنا أن نذكر بعضها .
أولا القرآن الكريم :
1- (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُـونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) (الحجرات: 10) فالمؤمنون جميعاً كأنهم روح واحدة حل فى أجسام متعددة كأنهم أغصان متشابكة تنبثق كلها من دوحة واحدة، بالله عليكم أين هذه المعانى الآن؟ فبسبب كرة صرنا نسب ونلعن فى بعضنا البعض . لذا فإن الأخوة فى الله قرينة الإيمان لا تنفك عنه، ولا ينفك الإيمان .
2- إن الأخوة نعمة من الله أعطاها لنا فألف بين قلوب المسلمين فجمع حمزة القرشى بسلمان الفارسى وصهيب الرومى وبلال الحبشى وصهيب الرومى وأبو ذر الغفارى جمعهم تحت راية واحدة تحت قول واحد هو :
أبى الإسلام لا أبَ لى سِوَاهُ إذا افتخـروا بقيسٍ أو تميمِ
فإن الله ألف بين هذه القلوب بعد أن كانوا فى ضلال وظلام الجاهلية وعبادة الأوثان والنار فألف الله قلوبهم تحت كلمة الإسلام فيقول المولى عز وجل فى كتابه العزيز {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102 )وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)}(سورة آل عمران ) كما قال أيضا {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }(الأنفال: 63) .
ثانيا السنة العطرة :
1 - كان مبدأ الإخاء أول ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى يثرب حيث آخى بين المهاجرين والانصار جسد هذا الإخاء هذا المشهد الرائع الذى جـاء فى الصحيحين من حديث أنس بن مالك قال: قدم علينا عبد الرحمن بن عوف وآخى النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بينه وبين سعد بن الربيع، وكان كثير المال، فقال سعد: قـد علمت الأنصار أنى من أكثرها مالاً، سأقسم مالى بينى وبينك شطرين، ولي امرأتان فانظـر أعجبهما إليك، فأطلقها حتى إذا حَلَّتْ تزوجْتَها. فقال عبد الرحمـن: بارك الله لك فى أهلك. دلونى على السوق، فلم يرجـع يومئذٍ حتى أستفضَلَ شيئاً من سَمْنٍ وأقطٍ، فلم يَلْبث إلا يسيراً حتى جاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعليه وَضَرٌ من صُفرةٍ فقال له رسول الله ((مَهْيَمْ؟)) قال: تزوجتُ امرأةً من الأنصار قال: ((ما سقت إليها؟)) قال: وزن نواة من ذهب أو نواةٍ من ذهب فقال: (أولم ولو بشـاة ) . ونحن الآن نتمنى حسن التعامل وليس مشاطرة الأموال !!! .
2ـ وفى الحديث الذى رواه مسلم وأبو داود أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (والـذى نفسى بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم )
3ـ كما أن الأخوة لابد أن تكون بعيدة عن المصالح الشخصية وفى صحيح مسلم من حديث أبى هريرةـ رضى الله عنه ـ أن النـبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ((إن رجلاً زار أخاً له فى قرية أخرى، فأرصد الله له على مدرجته، ملكاً فلمَّا أتى عليه قال: أين تريد؟ فقال: أريد أخاً لي فى هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تَرُبّها؟ قال: لا. غير أنى أحببته فى الله عز وجل، قال: فإنى رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه)
ثالثا أقوال العلماء والأئمة :
1- يقول الأستاذ سيد قطب- يرحمه الله-: "ولقد وقعت المعجزة التي لا يقدر عليها إلا الله والتي لا تصنعها إلا هذه العقيدة، فاستحالت هذه القلوب النافرة، وهذه الطباع الشموس، إلى هذه الكتلة المتراصة المتآخية، الذلول بعضها مع بعض، المحب بعضها لبعض، المتآلف بعضها مع بعض، بهذا المستوى الذي لم يعرفه التاريخ، والذي تتمثل فيه حياة الجنة وسمتها البارزة- أو يمهد لحياة الجنة سمتها البارزة.. ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47)﴾ (الحجر).
إنَّ هذه العقيدةَ عجيبة فعلاً إنها حين تُخالط القلوب تلين قاسيها، وترقق حواشيها، وتندي جفافها، وتربط بينها برباطٍ وثيقٍ عميق، فإذا نظرة العين،، ونطق الجارحة، وخفقة القلب، ترانيم من التعارف والتعاطف، والولاء والتناصر، والسماحة والهوادة لا يعرف سرها إلا من ألف بين هذه القلوب، ولا تعرف مذاقها إلا هذه القلوبُ.هذه الأخوة المعتصمة بحبل الله نعمة يمتن الله به على الجماعة المسلمة الأولى، وهي نعمة يهبها الله لمَن يحبهم من عباده دائمًا .
2- يقول الإمام الشهيد حسن البنا- يرحمه الله-: "وأريد بالأخوة أن ترتبط القلوب والأرواح برباط العقيدة، والعقيدة أوثق الروابط وأغلاها، الأخوة: أخوة الإيمان، والتفرق أخو الكفر، وأول القوة قوة الوحدة، ولا وحدةَ بغير حب، وأقل الحب سلامة الصدر، وأعلاه مرتبة الإيثار: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ﴾ (الحشر: من الآية 9).
والأخ الصادق يرى إخوانه أولى بنفسه لأنه إن لم يكن بهم فلن يكون بغيرهم، وهم إن لم يكونوا به كانوا بغيره، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، و"المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا"، قال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ (التوبة: من الآية 71) .
وغيرهم الكثير والكثير مما تكلم عن الأخوة والحب فى الله لكنى أحاول الاختصار لأننى لست بصدد هذا الخلق العظيم ولكنه الآن كالأرض الخصبة التى اقتلعنا منها الجذور وجففنا فيها البذور وشققنا فيها الجسور وحولناها بجهل إلى أرض بور ووقفنا عليها كمن وقف على القبور يبكى على ميت لا رجعة فيه ولا نفور . أصبحت الأخوة لا مكان لها إلا على المنابر يجلجل فيه الخطيب قولته ويزلزل به مجلسه وإذا نزل من منبره تناسى كل مستمعيه ما كانوا يسمعوه . فالكلام يطلوه العذوبة والأفعال تغشاها الرطوبة .
إخوتى وأهلى بمصر والجزائر لقد انتفض الثرى يبكى لبكاؤنا على ما جرى فارجعوا إلى الأخوة ففيها عزة تملأ الورى وقوة على من افترى ووحدة شادت بها من قبل مجدا وعزة وحضارة لا ينساها إلا جحود أو قلب مات وأُقبر . فاستيقظوا من غفلتكم اليهود كل يوم تطرقنا بويلات من الضربات القاسمة وأخوتنا محاصرون بغزة وأرضنا محتلة والمسجد الاقصى الآن يخجل منكم كيف يدافع عنكم يوم الحساب ولن يصد عنكم أى عقاب فعودوا إلى الرشد وأنوار الهداية الربانية الصافية
ونهاية فالقول مستخلص وعبر فيأخذها كل من قلبه يعتبر والفعل والتطبيق شيءٌ منتظر فخذوا بها إلى أنوار الشمس المنتثر وأنهى الحديث بشعر يعتذر
الود يبقى وحب الله يجمعنا على الإخاء وطيب القول قد عبقا
والقلب يخفق إن هبت نسائمكم فصادق الود يجلو الهم والأرقا
والله يجزى أضعافا مضاعفة لمن لصاحبه مستبقا
والله يجزى أضعافا مضاعفة لمن لصاحبه مستبقا
-----------------------------------------------------------------------------
الأكثر مشاهدة
المشاركات الشائعة
-
موقع الإخوان المسلميبن ـ ورود الحق بقلم: د. عماد عجوة القيروان.. مدينة تونسية تقع على بُعد 156 كم من العاصمة تونس، وعلى بُعد 57 كم من مدين...
-
أولا: مفهوم الثبات والمرونة : تنقسم أحكام الشريعة الإسلامية على قسمين : ا لأول : أحكام ثابتة : وهذه لا سبيل إلى البحث فيها ، ولا تقبل الت...
-
موقع قصة الإسلام ـ مدونة ورود الحق أما النصف الأوَّل من القرن الرابع الهجري والنصف الأوَّل من القرن العاشر الميلادي فيمثِّله أبو الحسن عل...
-
مدونة ورود الحق ـ الإسلام اليوم هانئ رسلان تعيشُ الخُرطوم هذه الأيام أجواءًا من الترقُّب المشوب بالقلق؛ بسبب...
-
مدونة ورود الحق ـ موقع إخوان أون لاين بقلم: د. كامل عبد الفتاح باحث في تاريخ مصر الحديث والمعاصر في التاسع والعشرين من أغسطس من كل عام تحل...
-
حذر الدكتور محمود حمدي زقزوق، وزير الأوقاف، أئمة الوزارة من التطرق إلى الموضوعات السياسية في الدروس الرمضانية التي سيلقونها بمساجد الجمهور...
-
موقع قصة الإسلام ـ ورود الحق فلسطين أرض الرسل والأنبياء الذين حملوا راية التوحيد، ودعوا أقوامهم إلى الالتزام بها. وقد شهدت فلسطين ف...
-
مدونة ورود الحق هؤلاء هم القادة الذين نريدهم هؤلاءالله سيرفع درجاتهم إن شاء الله ويسكنهم جنات النعيم ذلك بما يعملون الآن لأمتهم من تضحيات و...
-
د: منير جمعة عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين :- دول الغرب المسيحي تحتفي بكل الخارجين عن الإسلام وتلبسهم ألقابا رنانة . الرئيس بوش استقبل...
-
ورود الحق ـ قصة الإسلام : روجر بواس يلقي روجر بواس[1] في مقاله هذا نظرة على النموذج الإسباني للتطهير العرقي والديني. لكل شيء إذا ما تم نقصان...
يتم التشغيل بواسطة Blogger.
أحدث موضوع
المدونة على الفيس بوك
أقسام مهمة
التسميات
- أزمات الأمة (38)
- الخلافة الأموية (1)
- الدولة العثمانية الجزء الثانى (12)
- الدولة العثمانية الجزء الرابع (3)
- الدولة العثمانية الجزء الأول (8)
- الدولة العثمانية الجزء الثالث (10)
- السودان وأزمة الانفصال (10)
- الشيشان جرح ينزف (7)
- النصرانية ما بين التعريف والتحريف الجزء الأول (1)
- تاريخ الأندلس (1)
- تاريخ أمة (42)
- تاريخ حماس والدفاع عنه (1)
- تاريخ فلسطين (2)
- تحليلات هامة (11)
- تربية الأطفال (1)
- تركستان جرح ينزف (8)
- حدث فى مثل هذا (2)
- دروس فى الفقه (1)
- شخصيات إسلامية (2)
- شخصيات أسلموا (2)
- صحابة الرسول (1)
- عجائب التكنولوجيا (1)
- على الصلابى (1)
- عن الإخوان والبنا (4)
- غرائب من الحياة (1)
- غزة بين النار والحصار (7)
- فتاوى اقتصادية (1)
- فتاوى الدكتور منير جمعة (5)
- فتاوى عامة (6)
- فقه السنة (3)
- فلسطين (9)
- فيديو مؤثر (4)
- قالوا عن الإسلام (3)
- قصص من روائع حضارتنا (23)
- كتاب الكبائر للإمام شيخ الإسلام الذهبى (4)
- كشمير جرح ينزف (7)
- كوسوفا جرح ينزف (5)
- مساجد لها تاريخ (1)
- مقالات الأستاذ ثامر عبد الغني سباعنه (1)
- مقالات الدكتور منير جمعة (17)
- مقالات المشرف (13)
- مقالات رمضانية (1)
- مواعظ الإمام ابن الجوزى (16)
- نقاشات (1)
بحث
بحث هذه المدونة الإلكترونية
Categories
المتابعون
فيديو الأسبوع
أحدث التعليقات
أحدث المقالات