أحدث الأخبار
مقالات اليوم

القضية الكشميرية ومراحل تطورها

موقع قصة الإسلام ـ ورود الحق
عرضت (الهند) قضية (كشمير) على مجلس الأمن الدولي في (1 يناير 1948م)، وقد انصرف مجلس الأمن الدولي إلى معالجة هذه القضية عبر عدد من القرارات، تضمنت اتفاقاً لوقف إطلاق النار في جامو و(كشمير)، واتفاقية للهدنة بين البلدين، وإجراء مشاورات مع اللجنة المشكلة من مجلس الأمن لتحديد الشروط العادلة والمنصفة التي تكفل التعبير الحر عن إرادة سكان (كشمير) وفق حق تقرير المصير. وعلى رغم جهود مجلس الأمن مع الطرفين، فقد أخفقت الأطراف في إجراء الاستفتاء الإقليمي بفعل غياب أساس مشترك لإدارة الاستفتاء، بيد أن الإقليم خضع عملياً للتقسيم بالقوة منذ ذلك التاريخ. وورد في تقرير ممثل الأمم المتحدة المستر "ديكسون" أن الحدود الهندية- الباكستانية الفعلية في دولة (جامو وكشمير) ستصبح لسنوات خطاً لوقف إطلاق النار، وبالفعل أدى اتفاق كراتشي في (27 يوليه 1949م) - لتحديد خط وقف إطلاق النار - إلى تشكيل الحد الحقيقي لسيادة الدولتين، حيث أفضى إلى تقسيم (جامو وكشمير) بين (مظفر آباد) عاصمة لحكومة (آزاد كشمير) ونواة لدولة (كشمير الحرة) و(سرينا غار) العاصمة التقليدية لـ(جامو وكشمير) تحت سيطرة القوات الهندية المؤيدة لـ(الشيخ عبد الله) أسد كشمير الذي عارضت (باكستان) نفوذه واتهمته بالتعاون مع (الهند).
النزاعات بين (الهند) و(باكستان) خلال الفترة من أكتوبر 1947- ديسمبر 1971
أولاً: النزاع الأول (1947-1948م): بدأ النزاع الأول بين الدولتين في (أكتوبر 1947م) حول ولاية (جامو وكشمير). وكانت الولاية التي تقع في أقصى الشمال من شبه القارة الهندية في إقليم (الهمالايا)، أكبر الإمارات الهندية، حيث تبلغ مساحتها (84.500) ميلاً مربعاً تقريباً. وبلغ عدد سكانها حسب تعداد عام (1941م)، (4 ملايين) نسمة، منها (3 ملايين) مسلم، يحكمهم المهراجا الهندوسي (هاري سيند). وفي (17 يوليه 1947م) أصدر البرلمان البريطاني قانون استقلال (الهند) الذي أنهى الحكم البريطاني، وتم تنفيذه اعتباراً من (15 أغسطس 1947م). وبناءً عليه، نشأت دولة (باكستان) الجديدة؛ وكان على الولايات والإمارات الهندية - طبقاً لهذا القانون - أن تنضم إمّا إلى (الهند) أو إلى (باكستان). وهذا ما حدث مع معظم الولايات والإمارات، إلا أن مهراجا ولاية (جامو وكشمير) لم يستطع أن يتخذ أي قرار سريع، وكان من الصعب تحقيق استقلال (كشمير)، لاعتمادها الاقتصادي على البلدين (الهند) و(باكستان).
وشهدت الولاية منذ (يوليه 1947م) ثورة مسلحة في إقليم (بونش) في الجزء الأوسط الغربي من (كشمير)، حيث تمكن الثوار من إقامة أول حكومة لـ (آزاد كشمير) أو (كشمير الحرة)، وقد أمدت (باكستان) الثورة بالسلاح وأيدتها.
وفي (أوائل أغسطس 1947م) قامت جماعات إرهابية من الهندوس والسيخ بمذابح طائفية ضد المسلمين، أدّت إلى فرار حوالي (5 ملايين) مسلم من المنطقة، لجأ معظمهم إلى أراضي (آزاد كشمير)، واشترك مهراجا ولاية (جامو وكشمير) وأعوانه في هذه الفتنة الطائفية، فاشتعلت منطقة الحدود بين (كشمير) و(باكستان).
وفي (14 أغسطس 1947م)، عقدت حكومة (كشمير) اتفاقاً مؤقتاً مع (باكستان) لتمد الولاية بالمواد الغذائية وتدير المواصلات والبرق والبريد. وفي (أوائل أكتوبر 1947م)، بدأ المهراجا يشكو من حصار اقتصادي تفرضه (باكستان) على (كشمير). وزعم أن (باكستان) لا تفي بالتزاماتها طبقاً لاتفاق (14 أغسطس)؛ فأرسلت (باكستان) السكرتير المساعد لوزارة الخارجية الباكستانية لتسوية الخلاف، ولكن المهراجا رفض إجراء أي مباحثات معه.
وفي (18 أكتوبر 1947م)، طلبت حكومة (كشمير) تحقيقاً محايداً لمشكلة الحصار الاقتصادي، وتضمن طلب التحقيق تهديداً لباكستان أنه في حالة عدم قبولها، ستقوم (كشمير) بطلب المساعدة من الأصدقاء، وبينما كانت (باكستان) و(كشمير) تتبادلان الاتهامات، بدأ رجال القبائل المسلحة غزو (كشمير) في (23 أكتوبر 1947م)، قادمين من مناطق شمال غرب (باكستان)، وواصل الغزاة تحركهم نحو العاصمة، ولم تكن قوات ولاية (كشمير) قادرة على صد هذا الغزو.
وفي (24 أكتوبر 1947م)، أرسل المهراجا يطلب مساعدة (الهند) العسكرية، وأعلن لورد (مونباتن) الحاكم العام للهند أنه لا يمكن إرسال أي قوات هندية إلا بعد انضمام (كشمير) إلى (الهند)، وأضاف أن انضمام مهراجا (كشمير) يجب أن يكون مؤقتاً لحين معرفة رغبات شعب (كشمير). وسرعان ما وقّع المهراجا وثيقة انضمام (كشمير) إلى (الهند) وطلب الاستعانة بالقوات الهندية.
وفي (27 أكتوبر 1947م) وافقت (الهند) على انضمام (كشمير) إليها، وتوافدت القوات الهندية على (شري نجر) جوًّا مع أول ضوء لصباح هذا اليوم، وصدت رجال القبائل الذين كانوا على بعد خمسة أميال فقط من العاصمة.
 وما إن علم (محمد علي جناح) الحاكم العام لباكستان بتدخل القوات النظامية الهندية، حتى أصدر أوامره في (27 أكتوبر 1947م) إلى الجنرال (جراسي) القائد البريطاني المؤقت للقوات الباكستانية لإرسال قوات باكستانية إلى (كشمير)؛ فاعتذر (جراسي) بأن ذلك يعني انسحاب جميع الضباط الإنجليز من الجيش الباكستاني.
وفي (أوائل نوفمبر 1947م) بعد تعزيز (الهند) قواتها في (كشمير)، بدأت عملياتها لتطهير المنطقة من رجال القبائل؛ فتراجع رجال القبائل إلى مدينة (مظفر آباد).
وفي (أوائل نوفمبر 1947م)، اجتمع لورد (مونباتن) الحاكم العام للهند - بعد اعتذار (نهرو) لمرضه - مع (محمد علي جناح) في (لاهور). وكانت هذه أول مباحثات هندية باكستانية تدور حول (كشمير)، ودعا (محمد علي جناح) إلى وقف القتال فوراً وانسحاب القوات الهندية ورجال القبائل المغيرين في وقت واحد وبأقصى سرعة من أراضي ولاية (جامو وكشمير)، وأن تتولى (الهند) و(باكستان) إدارة الولاية، وإجراء استفتاء تحت إشرافهم المباشر. وقد رفضت (الهند) هذه المقترحات. واستمر القتال في (كشمير)، خلال (شتاء وربيع 1948م).
وفي (أواخر مارس 1948م) بدأت القوات النظامية الباكستانية المشاركة في القتال، وتمكنت في (مايو 1948) من الدفاع عن قطاع (مظفر آباد)؛ مما اضطر القوات الهندية للتوقف. وصار القتال متقطعاً.
في (أوائل يناير 1948م) عرضت (الهند) النزاع على مجلس الأمن طبقاً للمادة (35) من الميثاق. وطلبت من مجلس الأمن الإيقاف الفوري للقتال وانسحاب الغزاة من ولاية (جامو وكشمير) فقط. ولم تطلب (الهند) تدخل مجلس الأمن في مسألة مستقبل الوضع في (كشمير).
وفي النصف الأول من عام (1948م)، أصدر مجلس الأمن أربعة قرارات بتواريخ: (17 يناير 1948م)، (20 يناير 1948م)، (21 أبريل 1948م)، (3 يونيه 1948م). وكان أهمها القرار الثاني الذي نص على "تشكيل لجنة وساطة من ثلاثة أعضاء تختار أحدهم (الهند) والثاني (باكستان)، أمّا الثالث فيختار بواسطة العضوين السابقين. ومهمة اللجنة الذهاب فوراً إلى منطقة النزاع لتقوم بالوساطة بين أطراف النزاع". كما نص القرار الثالث على "زيادة عدد أعضاء لجنة الوساطة إلى خمسة أعضاء. وحدد مهمة اللجنة بالذهاب فوراً إلى شبه القارة الهندية بغرض تسهيل اتخاذ إجراءات استعادة السلام والنظام وإقامة استفتاء في (كشمير)".
    تكونت لجنة وساطة الأمم المتحدة من تشيكوسلوفاكيا التي اختارتها (الهند)، والأرجنتين التي اختارتها (باكستان)، واختار مجلس الأمن بلجيكا وكولومبيا والولايات المتحدة، وسميت لجنة الأمم المتحدة للهند و(باكستان). وأجريت المباحثات.
وفي (13 أغسطس 1948م) أصدرت اللجنة قرارها الأول، في ثلاثة أجزاء: الأول: ينظم وقف إطلاق النار. والثاني: يضع الشكل الأساسي لاتفاقية الهدنة. والثالث: خاص بالاستفتاء ومستقبل ولاية (جامو وكشمير). وقد أعطت اللجنة الأسبقية الأولى لوقف النار، وأن الاستفتاء لن يجري إلا بعد عقد الهدنة بين الدولتين.
وفي (5 يناير 1949م) اتخذت اللجنة قرارها الثاني، الذي اعتبرته مكملاً للقرار الأول، ونص على المبادئ الأساسية للاستفتاء، ونجحت اللجنة في تحقيق وقف النار بين الدولتين، ليصبح نافذ المفعول في (أول يناير 1949م).
وفي (يوليه 1949م) تمكنت اللجنة من عقد اتفاق بين الدولتين، لتحديد خط إيقاف النار، وعدم زيادة القوات على جانبيه، ولكنها فشلت في حل مشكلة قوات (آزاد كشمير)، وتحديد القوات الهندية التي ستنسحب من (كشمير) بعد انسحاب القوات الباكستانية ورجال القبائل، وكذلك مشكلة إدارة المناطق الشمالية الجبلية للولاية، وظهر الخلاف بين الدولتين حول هذه المشاكل.
وفي (5 ديسمبر 1949م) قدمت لجنة الأمم المتحدة للهند و(باكستان) تقريرها الثالث والأخير إلى مجلس الأمن وأوصت فيه بتعيين فرد واحد ممثلاً للأمم المتحدة يقوم بالوساطة بين الدولتين حول المسائل التي لم تحل، وأعقب اللجنة عدداً من الوسطاء الدوليين.
وفي (17 ديسمبر 1949م)، عيّن مجلس الأمن رئيسه، الجنرال (مكناهتون)، وسيطاً غير رسمي للأمم المتحدة.
وفي (12 أبريل 1950م)، عيّن مجلس الأمن سير (ديكسون).
وفي (30 مارس 1951م)، عُيّن الدكتور (جراهام) ممثلاً للأمم المتحدة، وبعد أن أجرى مباحثات بين الدولتين، وقدم خمسة تقارير، كان آخرها في (27 مارس 1953م)، أكد فشل وساطته، خصوصاً في مسألة نزع السلاح في ولاية (كشمير)، واقترح إجراء مباحثات مباشرة بين قادة الدولتَيْن.
وهكذا انتهت وساطة الأمم المتحدة، التي استمرت من عام (1948م) إلى عام (1953م)، بالفشل في حل نزاع (كشمير).
وفي (16 أغسطس 1953م)، بدأت المباحثات المباشرة بين البلدين في (دلهي)، بين رئيسي وزراء الدولتين (جواهر لال نهرو) و(محمد علي بوجرا)، واتفقا على ضرورة إجراء استفتاء محايد، وعلى تعيين مدير للاستفتاء، ولجان من الخبراء العسكريين وغيرهم، لتقديم المشورة إلى رئيسي الوزراء. وأعقب اتفاقية (دلهي) تبادل المراسلات الكثيرة من خطابات وبرقيات بين الطرفين، والتي كشفت عن تصاعد الخلافات بينهما.
ثم ازداد موقف (الهند) تشدداً بعد أن انضمت (باكستان) إلى الحلف المركزي عام (1953م)، وحلف جنوب شرقي آسيا، عام  (1954م)، وظلت قضية (كشمير) معلقة بين البلدين مع زيادة التوتر بينهما.
وفي مايو (1954م)، وقعت (باكستان) اتفاقية مساعدة الدفاع المتبادل مع الولايات المتحدة. وقد وجد "نهرو" في ذلك سبباً للتخلي عن التزاماته بعقد استفتاء في (كشمير). وكذلك صدقت الجمعية التشريعية في (كشمير) على انضمام الولاية إلى (الهند)، التي قامت بتطبيق الدستور الهندي على (كشمير). وقد احتج (محمد علي بوجرا) على تراجع (نهرو) عن إجراء استفتاء في (كشمير) وعلى قرار الجمعية التشريعية في (كشمير) لانضمام الولاية إلى (الهند). وانتهت مرحلة المباحثات المباشرة بالفشل لتعود المشكلة مرة أخرى إلى الأمم المتحدة.
عودة النزاع إلى الأمم المتحدة مرة أخرى (1957-1960م)
وفي (16 يناير 1957م) اجتمع مجلس الأمن ليناقش طلب (باكستان)، وفي (24 يناير 1957م) أصدر قراراً يؤكد قراراته السابقة، وكذلك قرارات لجنة الأمم المتحدة للهند و(باكستان)، ونبّه القرار الحكومتين أن الاستفتاء الحرّ الذي سيجري تحت إشراف الأمم المتحدة، هو الذي سيحدد الوضع النهائي لولاية (جامو وكشمير)، وأن قرار الجمعية التشريعية في (كشمير) يعدّ عملاً غير شرعي ولا يغير من وضع الولاية؛ فاحتجت (الهند) على القرار بينما رحبت به (باكستان).
وفي (21 فبراير 1957م) اتخذ مجلس الأمن قراراً بتعيين رئيسه (جونار يارنج) وسيطاً دولياً جديداً لكي يبحث مع حكومتي (الهند) و(باكستان) أي مقترحات قد تؤدي إلى تسوية النزاع، واضعاً في اعتباره قرارات المجلس السابقة. وبعد أن قام (يارنج) بمباحثات في (الهند) و(باكستان)، قدّم تقريره إلى مجلس الأمن في (آخر أبريل 1957م). واقترح أن تعرض الخلافات حول تنفيذ مقترحات اللجنة على التحكيم، ووافقت (باكستان) وعارضت (الهند)، وفشلت المهمة.
وفي (2 ديسمبر 1957م)، أصدر مجلس الأمن قراراً بتعيين دكتور (جراهام) - مرة أخرى - وسيطاً دولياً بين الدولتين لتنفيذ مقترحات اللجنة، وأجرى مباحثات بين الدولتين وقدم تقريره إلى مجلس الأمن في (18 مارس 1958م)، ووافقت (باكستان) على مقترحاته ورفضتها (الهند)؛ وبذلك توقفت جهود الأمم المتحدة.
 الحوار الهندي الباكستاني (1960م-1964م)
في (أوائل أكتوبر 1958م)، تولى الجنرال (محمد أيوب خان) السلطة في (باكستان)، وأظهر اهتماماً بحل مشكلة (كشمير) سلمياً وبطريقة ترضي الجانبين.
 وبدأت مرحلة حوار جديدة من الحوار، وأجرى (نهرو) مباحثات مطولة مع (أيوب خان) عندما زار (باكستان) لتوقيع معاهدة مياه السند في (19 سبتمبر 1960م).
    وشهد عام (1961م) مجموعة من التصريحات لقادة الجانبين حول (كشمير). وأكدت (الهند) موقفها المتشدد بإعلانها أن المباحثات لتعديل خط إيقاف النار فقط.
وفي (11 يناير 1962م) طلبت (باكستان) نتيجة لجمود الموقف، عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن لمناقشة مشكلة (كشمير). وأشارت ((باكستان) إلى فشل المفاوضات المباشرة بين الدولتين. واستمع المجلس في عدة جلسات إلى بيانات مطولة من الجانبين.
وفي (22 يونيه 1962م) قدم مندوب أيرلندا، مشروع قرار إلى المجلس، يحثّ الحكومتين على الدخول في مفاوضات مباشرة على أساس القرارات السابقة لمجلس الأمن، ولجنة الأمم المتحدة، وميثاق الأمم المتحدة. واستخدم الاتحاد السوفيتي حق الفيتو لإسقاط القرار.
أدى إخفاق الجهود التي بذلت لإجراء استفتاء لسكان (كشمير) تحت إشراف الأمم المتحدة إلى انصراف كل من (الهند) و(باكستان) لمعالجة الموقف تبعاً لمصالحه القومية، بعيداً عن أي التزامات إقليمية بينهما. فالهند دعمت إنشاء الجمعية التأسيسية في الإقليم التي أقرت دستور الولاية متضمناً الاعتراف بأن دولة (جامو وكشمير) ستبقى جزءاً مكملاً من اتحاد (الهند). وفي (أواخر عام 1962م)، بدأت فكرة العودة إلى المفاوضات المباشرة بين (الهند) و(باكستان) لحل مشكلة (كشمير). فقد حدث تغير خطير في شبه القارة الهندية بنشوب الحرب الصينية الهندية وهزيمة القوات الهندية. وطلبت الحكومة الهندية المساعدة من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا. ووصل على عجل إلى شبه القارة الهندية السيد (دنكن ساندز) وكيل وزارة الخارجية البريطانية والسيد (آفريل هاريمان) السكرتير العام المساعد في وزارة الخارجية الأمريكية. وتمكنا من إقناع (نهرو) بعودة المفاوضات المباشرة مع (باكستان).
وفي (29 نوفمبر 1962م) صدر بيان مشترك للدولتين، يعلن عن إجراء مباحثات على المستوى الوزاري للتمهيد للاجتماع النهائي بين (أيوب خان) و(نهرو) لحل النزاع حول (كشمير). وعقدت المباحثات بين الوفد الهندي برئاسة (سوران سيند) والوفد الباكستاني برئاسة (ذو الفقار علي بوتو) في المدة من (27 ديسمبر 1962م) حتى (16 مايو 1963م) على مدار ست اجتماعات منفصلة.
وفي (16 مايو 1963م) انتهت الجولة السادسة والأخيرة في (نيودلهي) دون إحراز أي تقدم؛ نتيجة للخلاف العميق في وجهات النظر. وصدر بيان مشترك أعلن عدم الوصول إلى اتفاق نحو تسوية مشكلة (كشمير).
ونتيجة للحرب الهندية الصينية واحتلال الصين أراض تدعي (الهند) ملكيتها (التبت)، مما أدى إلى تغيير جذري في الحدود الصينية الهندية على حساب الحدود بين (كشمير) وكل من سينكيانج والتبت. وقد أدى ذلك إلى تطور العلاقات الصينية- الباكستانية، وتجسد ذلك في توقيع إعلان اتفاق الحدود بينهما في (2 مارس 1963م)، الأمر الذي أدّى إلى تعقد الموقف الأمني بالنسبة إلى (الهند)، التي اتهمت (باكستان) والصين بالتصرف في حقوق شرعية للهند، على الرغم من أن الاتفاق المذكور عُدّ مؤقتاً إلى حين توصل (الهند) و(باكستان) لحل شامل لمشكلة (جامو وكشمير)، إذ بالإمكان عقد اتفاق دائم يحل محل الاتفاق المؤقت. إن الاتفاق الباكستاني ـ الصيني، في الوقت الذي يؤمن خاصرة الصين في (كشمير) في أي أزمة عسكرية قد تحدث مع (الهند)، فإنه يحقق مجالاً أفضل لباكستان للمناورة وممارسة الضغط إزاء (الهند)، في الوقت نفسه الذي عزز موقع (باكستان) الإقليمي إزاء الولايات المتحدة الأمريكية والغرب باتجاه تعزيز الدعم المقدم لباكستان لضمان المصالح المشتركة في جنوب آسيا، الأمر الذي قاد بدوره إلى تعزيز العلاقات الهندية- السوفيتية. وفي الفترة من (ديسمبر 1963م) إلى (يناير 1964م)، توتر الموقف بصورة خطيرة، نتيجة اضطرابات طائفية بين المسلمين والهندوس، كادت تؤدي إلى صدام مسلح بين الدولتين، وأمكن تهدئة الموقف وتجنب الصراع المسلح وإن ظل التوتر قائمًا في الإقليم، مما دعا الدولتين إلى زيادة تسلل أفرادها المسلحين داخل الإقليم لتدعيم الشعب الذي يؤيده. وقد تطور ذلك إلى نشوب الحرب بين الدولتين في (سبتمبر 1965م).
 وبينما كانت الجهود تبذل لتحسين العلاقات الهندية الباكستانية، فوجئ الجميع بتصريح (نهرو) لصحيفة (الواشنطن بوست) أن هدف (الهند) النهائي هو قيام اتحاد هندي باكستاني. وأثار هذا التصريح غضب وشكوك (باكستان) من أن (الهند) تريد ابتلاعها وتوحيد شبه القارة الهندية، ولو بالقوة. ولجأت (باكستان) مرة أخرى إلى مجلس الأمن.
وفي (16 يناير 1964م)، طلبت (باكستان) من مجلس الأمن عقد اجتماع عاجل للنظر في مخالفات (الهند) لقرارات المجلس بالنسبة لـ(كشمير). واجتمع المجلس دون إصدار أي قرار. وبينما كان مجلس الأمن يناقش مشكلة (كشمير)، أفرجت (الهند) عن (الشيخ عبد الله) في (8 أبريل 1964م).
وفي (29 أبريل 1964م)، أجرى محادثات مع (نهرو) حول (كشمير) ثم ذهب إلى (باكستان) وأجرى محادثات مع (أيوب خان) في (24 مايو 1964م)، وكانت فكرة الوساطة التي يقوم بها (الشيخ عبد الله) بين (الهند) و(باكستان) هي ما سماه (نهرو) الطريق الدستوري لحل مشكلة (كشمير)، إما بقيام اتحاد بين (الهند) و(باكستان) تكون فيه (كشمير) جزءاً من (الهند) أو قيام حكم ثنائي هندي باكستاني لـ(كشمير) مما يوجد علاقة دستورية بين (الهند) و(باكستان). ورفضت (باكستان) هذه المقترحات لأنها كانت ترى فيها خطط (الهند) المستمرة لإلغاء تقسيم شبه القارة الهندية الذي تم في (1947م). وفي (26 مايو 1964م)، أعلن (الشيخ عبد الله) في (روالبندي) أن (أيوب خان) و(نهرو) سيتقابلان، في (نيودلهي).
وفي (27 مايو 1964م)، توفي (نهرو) وتلاشت الآمال في عقد مؤتمر قمة بين رئيسي الحكومتين. وتولى (شاستري) رئاسة الحكومة الهندية. وعقد أول اجتماع له مع (أيوب خان)، في (أكتوبر 1964م)، في (كراتشي)، لحل مشكلة (كشمير).
وفي (4 ديسمبر 1964م)، اتخذ (شاستري) خطوة جريئة لم يقدم عليها (نهرو) خلال الستة عشر عاماً الماضية، منذ بدأت مشكلة (كشمير)، وذلك بضم (كشمير) نهائياً إلى (الهند)، وإغلاق باب المفاوضات والتسوية تماماً. وأعلنت الحكومة الهندية إلغاء الوضع الخاص لـ(كشمير)، بناءً على المادة (370) من الدستور الهندي، وبذلك أصبحت (كشمير) ولاية هندية، وجزءاً لا يتجزأ من (الهند). وعقب ذلك أصدر الرئيس الهندي، في (21 ديسمبر 1964م)، قراراً جمهورياً بناء عليه تولى سلطات ومهام كل من الحكومة والجمعية التشريعية في (كشمير). واحتجت الحكومة الباكستانية لدى (الهند) على ضم (كشمير) إليها، وعدم التمسك بالالتزامات الدولية، ومعارضة رغبة شعب (كشمير). وعمل الإجراء الهندي الجدي على إبعاد مشكلة (كشمير) عن المناقشة الدولية والداخلية. وكان على (باكستان) أن تجعل الباب مفتوحاً لمناقشة المشكلة. وزاد من مخاوف (باكستان) إعادة (الهند) تسليح قواتها. وهكذا تحول (أيوب خان) إلى التفكير في سياسة استخدام القوة والتخلي عن الوسائل السياسية، مما جعل العمل العسكري أمراً لا يمكن تجنبه. وبدأت (باكستان) تستعد للحرب. 
 تفاعلات المسلمين في (كشمير) و دورهم :
كانت هناك ثلاث قوى سياسية في (كشمير) هي:  
1- المؤتمر الوطني بقيادة (شيخ عبد الله) الذي كان يرغب في الانضمام إلى (الهند).
2- مؤتمر مسلمي (كشمير) بقيادة (تشودري غلام عباس) الذي كان يرغب في الانضمام إلى (باكستان).
3- (المهراجا هري سيند) الذي كان يفضل الاستقلال عن (باكستان) و(الهند)؛ لأنه كان يعلم أن الانضمام إلى أحداهما يعني زوال عرشه واستبدال حكمه المتسلط بحكومة ديمقراطية؛ ولذا فقد وضع المهراجا - أثناء التقسيم - كل قادة المؤتمرين الوطني والإسلامي خلف القضبان.
    وهكذا عاش (80%) من الشعب المسلم مضطهدًا من قلة حاكمة لا تزيد على (20%)، وكان لهذا الأمر أثر بالغ في إحساس المسلمين بالمرارة والظلم؛ فأدى ذلك إلى ظهور انتفاضات للمسلمين في تلك المناطق، والمعروف أن المسلمين والهندوس في القارة الهندية تحالفوا معًا في معركة الاستقلال عن بريطانيا رغم التنافر والتناقض الديني، وبرزت الدعوات بتشكيل دولة للمسلمين في المناطق ذات الأغلبية المسلمة، وتأسست عام (1324هـ= 1906م) الجامعة الإسلامية التي أخذت تطالب باستقلال (الهند) بالتعاون مع حزب المؤتمر الهندي الذي كان يتزعمه (غاندي)، ومع التعصب الهندوسي بدأ حزب (الجامعة الإسلامية) يتبنى فكرة قيام دولة مستقلة منفصلة للمسلمين. وفي (كشمير) اشتد اضطهاد الهنادكة للمسلمين، الذين اجتمعوا وأسسوا (حزب المؤتمر الوطني الإسلامي) تحت زعامة (محمد عبد الله)، وضم الحزب بين صفوفه بعض الهندوس، وحضر جلسته الأولى سنة (1351هـ= 1932م) أربعين ألف شخص، غير أن هذا الحزب اعتبر فرعًا لحزب المؤتمر الهندي، كما تم تشكيل (حزب المؤتمر الإسلامي الكشميري) بزعامة (شودري غلام عباس)، الذي دعا من أول يوم عقد فيه اجتماع للحزب إلى إنقاذ (كشمير) من براثن المهراجا الهندوسي (هري سيند)، وطالب بانضمامها إلى دولة (باكستان)، ولما رأى الهندوس نجاح حزب المؤتمر الإسلامي والتجاوب الواسع له بين سكان الولاية، عملوا على تأسيس فروع لحزب المؤتمر الهندي في (كشمير)؛ بالتفاهم مع المهراجا (هري سيند)، وذلك عام (1358هـ=1939م)، وكان هدف هذا الحزب ضم الولاية إلى (الهند). كما عمل الهندوس على الوقيعة بين الحزبين الرئيسين للمسلمين، وهما: حزب المؤتمر الإسلامي، وحزب المؤتمر الوطني، وهو ما دفع (محمد علي جناح) زعيم مسلمي (الهند) ومؤسس دولة (باكستان) لزيارة (كشمير) سنة (1363هـ= 1943م) لرأب الصدع بين هذين الحزبين والعمل على ضمهما معًا في حزب واحد كبير يشمل مسلمي (كشمير)، إلا أنه لم يتمكن من ذلك لرفض (محمد عبد الله) هذا الأمر، وكانت الحكومة الكشميرية تضطهد رجال حزب المؤتمر الإسلامي؛ فاعتقلت الكثير منهم، ورفضت نتائج الانتخابات التي أجريت عام (1347هـ= 1928م) في الولاية التي حصل فيها الحزب على أغلبية المقاعد، بل رفضت أوراق ترشيح أعضاء ذلك الحزب. وفي عام (1365هـ= 1944م) قام المسلمون بثورة، وقاطع الحزبان الكبيران في الولاية المهراجا، فقبض على (محمد عبد الله)، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، فأرسل له الزعيم الهندي نهرو محاميًا ليدافع عنه، وبعد مرور قرن على اتفاقية (أمريتسار) التي باعت فيها بريطانيا ولاية (كشمير)، أصدر البرلمان البريطاني قانون استقلال (الهند)، والمعروف أن (الهند) كانت تتقسم إبان الاحتلال البريطاني لها إلى قسمين أساسيين هما الإمارات والأقاليم، وكانت الأقاليم تخضع للحكم المباشر من البريطانيين، وعندما صدر إعلان تقسيم (الهند) إلى دولتين إحداهما مسلمة والأخرى غير مسلمة في (27 رمضان 1366هـ=14 من أغسطس 1947م) أصبح (محمد علي جناح) أول رئيس للدولة الإسلامية الجديدة التي حملت اسم (باكستان). وأعطى قرار التقسيم الإمارات الحرية في أن تظل مستقلة أو تختار الانضمام إلى (الهند) أو (باكستان)، مع مراعاة الوضع الجغرافي والعوامل الاقتصادية والإستراتيجية، ثم رغبات الشعب، غير أن تطبيق هذا الأمر في الواقع كانت له بعض الاستثناءات الخطيرة، فمثلا ولايتا (حيدر آباد) و(جوناكاد) الواقعتان بالقرب من (باكستان)، كانتا ذات أغلبية هندوسية وإن كان حاكماها من المسلمين، إلا أن أخطر هذه الاستثناءات كان إقليم (كشمير) الذي كان يسكنه في ذلك الوقت أربعة ملايين نسمة غالبيتهم من المسلمين وحاكمهم هندوسي. واتفق البريطانيون مع حزب المؤتمر الهندي على أن تضم (كشمير) للهند، وكان الهدف من وراء ذلك أن تصبح (كشمير) بؤرة الصراع المزمن بين (الهند) و(باكستان)، وبالتالي لن تصبح هناك دولة قوية كبرى في شبه القارة الهندية تشكل تحديًا للمصالح التجارية والإستراتيجية للإنجليز في المنطقة. وشهدت (كشمير) قبل صدور قرار التقسيم حركة مقاومة عنيفة نظمها المسلمون ضد ممارسات الطائفية للحاكم الهندوسي، وقرر المؤتمر الإسلامي قبل صدور قرار التقسيم بأقل من شهر ضرورة الانضمام لـ(باكستان)، وقرر الشبان المسلمون أن يقوموا بحركة جهاد لتحرير الولاية وضمها إلى (باكستان). وأمام هذا الوضع وقع المهراجا اتفاقًا مع (باكستان) بأن يبقى الوضع على ما هو عليه مع التعاون بين الولاية و(باكستان)؛ وذلك لأن (كشمير) كانت تتبع ـ قبل التقسيم ـ السلطات المحلية الموجودة في مدينة لاهور التي انضمت إلى (باكستان)، وبذلك أصبحت (باكستان) مسئولة عن الدفاع عن (كشمير) وعن شؤونها الخارجية باعتبارها جزءًا منها، وفي نفس الوقت ألَّف المهراجا عصابات وسمح لعصابات إرهابية هندوكية تسمى (آر. سي. سي) و(الجان سينج) و(الهندو مهاسابها) بممارسة عمليات إرهابية بشعة ضد المسلمين قتل خلالها عشرات الآلاف من المسلمين. فقامت مظاهرات عنيفة من جانب المسلمين بقيادة "جودري حميد الله خان" في (19 شوال 1366هـ= 5 سبتمبر 1947م) ردًا على هذه الاعتداءات؛ فتصدت لها الشرطة بالرصاص؛ فسقط كثير من القتلى، وهم يطالبون بالانضمام إلى (باكستان).
التحالف الصهيوني الهندوسي 
صدق الله تعالى حين يقول : [لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ..] {المائدة: 82} ولعل التحالف الصهيوني الهندوسي الآخذ في التصاعد ضد الإسلام والعالم الإسلامي منذ نصف قرن هو خير شاهد على الآية الكريمة وتجسيد دقيق لمعناها. والنموذج الحي لذلك التحالف الدنس ما وقعه الجانبان في إسرائيل من اتفاقية تعاون ثنائي بين الدولتين في المجال النووي والعسكري. وفي تصريح لوزير الداخلية الهندي (لال كرشن ادفاني) بهذه المناسبة قال: بكل صراحة لا بد من التعاون الثنائي بين الدولتين الصديقتين لمواجهة الإرهاب الإسلامي المتنامي. وهذه الاتفاقية أثارت لأول مرة حفيظة بعض القادة العرب وانتبهوا إلى خطر التحالف الهندوسي الصهيوني وتمثل ذلك من خلال قرار جامعة الدول العربية الذي صدر بعد هذه الاتفاقية مباشرة. وقبل أن نستطرد في تناول أوجه التعاون بين القوتين المستعمرتين لنعرج على أسباب هذا التحالف الدنس، ولعل السبب الرئيسي والقاسم المشترك لتحالفهم هو اشتراكهم في عداوتهم للإسلام والمسلمين. والذي نريد أن نؤكد عليه هو أن الأطماع الاستعمارية لدى الصهاينة تجاه العالم الإسلامي ومقدساته هو ما يجعلنا يقظين من نتائج هذا التحالف، فهم يشتركون في جنون العظمة وتسيطر على تفكيرهم سادية الامتلاك وإنشاء الدولة العظمى التي حددوا حدودها لتكون من (سنغافورة) إلى (قناة السويس) ليستعيدوا حسب معتقداتهم الإمبراطورية الهندوسية الأسطورية. والتعاون الهندوسي الصهيوني قديم قدم ولادة الكيانين، وتنوعت أوجه التعاون إلى كافة مرافق الحياة من علاقات دبلوماسية ومروراً بالاتفاقيات التجارية والعسكرية وأدق القرارات المصيرية إلا أن أخطرها في المجالين العسكري والنووي

ساعدنا فى نشر هذا الموضوع:

0 التعليقات على هذه المقالة شاركهم برأيك

اكتب تعليقك ورأيك

اشترك ليصلك كل جديدنا...
تابع خلاصة المدونة
بعد الإشتراك :ستصلك رسالة على بريدك الإلكتروني يرجي الضغط على رابط التفعيل فيها ليتم إدراجه في الخدمة الإخبارية , ان لم تصلك الرسالة على صندوق البريد الوارد حاول ايجادها في جنك ميل.!
Subscribe via RSS Feed
إعلانات مواقع أخرى
Template By SpicyTrickS.comSpicytricks.comspicytricks.com
للتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانى
الأكثر مشاهدة
أحدث موضوع
المدونة على الفيس بوك
أقسام مهمة
بحث
Categories
فيديو الأسبوع
أحدث التعليقات
أحدث المقالات