أحدث الأخبار
مقالات اليوم

نبذة تاريخية عن كشمير

موقع قصة الإسلام ـ ورود الحق
التركيبة السكانية الأصلية
حسب إحصائية تمت عام (1941م) بلغ عدد سكان الولاية (4021616) نسمة، كان المسلمون يشكلون منهم نسبة (77%)، بينما الهندوس (20%)، و(3%) من السيخ والأقليات الأخرى. وحسب الإحصاء الذي قامت به (الهند) سنة (1981م)، بلغ عدد سكان (كشمير) المحتلة (5987389) نسمة، يشكل المسلمون نسبة (2.64%) منهم، والهندوس (25.32%)، والسيخ (23.2%) والبقية ما بين بوذيين ومسيحيين وأقليات أخرى.
وتعكس الإحصائيات التي قامت بها السلطات الهندية بعد تقسيم شبه القارة، انخفاضاً في النسبة المئوية التي يمثلها المسلمون، وارتفاعاً في نسبة الهندوس، غير أن هذا التغير في نسبة الهندوس إلى المسلمين غريب من نوعه، حيث إنه لم تتم الإشارة في الإحصائيات العديدة إلى أي عامل منطقي يقف وراءه كالهجرة أو معدلات تكاثر أو وفيات غير عادية، مما يوحي بأنه ربما كان مؤامرة هندية تهدف إلى تغيير البنية السكانية لغير صالح الأغلبية المسلمة.
ويبلغ عدد سكان (كشمير) الحرة (1983465) حسب إحصاء (1981م)، يمثل المسلمون أغلبية ساحقة منهم، وتتوزع البقية على الهندوس والميسحيين والأحمديين والقاديانيين؛ إذ يتكون الشعب الكشميري من أجناس مختلفة أهمها الآريون والمغول والأتراك والأفغان، وينقسمون إلى أعراق متعددة أهمها كوشر ودوغري وباهاري، ويتحدثون عدة لغات أهمها الكشميرية والهندية والأوردو ويستخدمون الحروف العربية في كتابتهم.
نبذة تاريخية
 لا نبالغ إذا قلنا: إن قضية (كشمير) المسلمة تتشابه إلى حد كبير مع مأساة (فلسطين)؛ فالقضيتان بدأتا في وقت واحد عام (1948م)، والشعبان المسلمان يواجه كل منهما عدوًّا عنيدًا يسعى إلى إبادة أصحاب الأرض، واغتصاب حقوقهم المشروعة، والتطرف الهندوسي الذي يعادي الإسلام ،ويسعى إلى استئصاله من الإقليم المسلم، ويسوم المسلمين هناك صنوف التعذيب والاضطهاد، لا يقل خطورة عن التطرف الصهيوني في فلسطين !!
وكما شهد الفلسطينيون مذابح بشعة على أيدي الصهاينة عبر ما يزيد على نصف قرن، شهد المسلمون في (كشمير) العديد من المذابح التي ذهب ضحيتها الآلاف منهم، والقضيتان في مجلس الأمن شهدتا تواطؤًا دوليًّا؛ ترتب عليه ضياع حقوق المسلمين وصدرت عشرات القرارات التي تؤيد حق الشعبين في تقرير مصيرهما، وإدانة الاعتداءات الصهيونية في (فلسطين) والهندوسية في (الهند)، ولكن هذه القرارات لم تنفذ حتى اليوم، والأمم المتحدة تراخت في تنفيذ القرارات الدولية التي أصدرتها لصالح مسلمي (كشمير). و تمارس القوات الهندية جرائم وحشية بربرية لا مثيل لها في التاريخ: من قتل وتعذيب وتشريد للسكان ، وهتك للأعراض ، وحرق للمنازل والمتاجر والحقول.
ولقد فقدت الولاية المسلمة في ظل الاحتلال الهندوسي زخرفها ورونقها وتحولت إلى قفار منعزلة ، وقبور موحشة مهجورة، بعد أن بلغت القوات الهندية (800 ألف) جندي هندوسي في (كشمير) يمثلون (44%) من تعداد الجيش الهندي.
1- بداية القضية
 يعود تاريخ القضية الكشميرية إلى (أكتوبر 1947م) عندما قامت (الهند) بإنزال قواتها في الولاية ، متخذة من الوثيقة المزورة باسم الملك الهندوسي للولاية آنذاك (هري سينغ) مبررًا لاجتياح الولاية وضمها بالقوة، رغم كون هذا الضم الإجباري يخالف قرار تقسيم شبه قارة جنوب آسيا، الذي أقرته (الهند) و(باكستان)، وقام على أساس فكرة "الأمتين"، وهو ما يعني أن المسلمين في شبه القارة ليسو جزءًا من القومية والحضارة الهندوسية، وإنما أمة مستقلة بذاتها لم تُبْنَ على أسس جغرافية، وإنما على العقيدة الإسلامية.
وطبقاً لهذه الفكرة جاء تقسيم شبه القارة الذي نص على أن المناطق والولايات ذات الأغلبية المسلمة ستكون ضمن إطار الدولة الباكستانية، فيما ستنضم الولايات والمناطق ذات الأغلبية الهندوسية للدولة الهندية التي ستقام على أسس علمانية؛ وتضم طوائف وديانات أخرى، وعلى هذا الأساس قام المسلمون الذين يقطنون الولايات ذات الأغلبية الهندوسية بالهجرة إلى موطنهم الجديد، وتعرضوا خلال سفرهم وتنقلهم إلى محن ومآسٍ كثيرة، كان أخطرها المذابح التي تلقوها على أيدي الهندوس وهم في طريقهم إلى (باكستان).
ولكي نقف على الأبعاد والتطورات الحقيقية لقضية (كشمير) لا بد من الوقوف على تاريخها القديم والحديث، وجذور الصراع والجهود السلمية المبذولة من قبل الدول المعنية، والموقف الدولي إزاء تلك القضية القديمة المتجددة، ومبادئ القضية وآفاق التسوية.
شهدت (كشمير) فترات تاريخية متعددة كانت مليئة بالصراعات السياسية والفتن الطائفية خاصة بين البوذيين والبراهمة، وتعددت عوامل اشتعال هذه الصراعات ما بين دينية واجتماعية وسياسية، ثم حل هدوء نسبي من القرن التاسع إلى الثاني عشر الميلادي وازدهرت الثقافة الهندوسية بها.
2-  دخول الإسلام (كشمير) يعود تاريخ دخول (كشمير) الإسلام إلى القرن الأول الهجري، زمن (محمد بن القاسم الثقفي) الذي دخل السند ووصل إلي كشمير, وانتشر فيها خلال القرن الرابع عشر الميلادي، حيث اعتنق (رينجن شا) - حاكم كشميري بوذي - الإسلام في (1320م) على يدي سيد (بلال شاه) المعروف باسم (بلبل شاه)، وهو رحّالة مسلم من (تركستان)، وقويت شوكة الإسلام خلال حكم (شاه مير) (1338م -1344م) وقد انخرط العلماء في صفوف الجماهير لتبليغ دين الله، ومعظم هؤلاء العلماء قدموا من وسط آسيا، ورغم الجهود التي بذلها كل هؤلاء العلماء، إلا أنّ جهود سيد (علي الهمداني) المعروف باسم (شاه همدان) قد تميّزت عن غيرها. فقد ولد في منطقة (همدان) في (إيران) في سنة (1314م) واضطره غزو قوات (تيمورلنك) لوسط آسيا إلى الهجرة إلى (كشمير) التي خصها بثلاث زيارات في السنوات (1372م)، و(1379م) و(1383م) على التوالي برفقة (700) شخص من أتباعه، حيث وفق في نشر الإسلام بين الآلاف من الكشميريين، وقد سلك ابنه سيد (محمد الهمداني) دربه وأقنع الحاكم المسلم آنذاك (سلطان إسكندر) (1389م-1413م) بتطبيق الشريعة، فقد تميّز الحاكم المسلم (سلطان زين العابدين بن إسكندر) (1420م-1470م) بتسامح كبير تجاه الهندوس ، وفي نهاية القرن الخامس عشر الميلادي كان أغلبية سكان (كشمير) قد اعتنقوا الإسلام. وفي القرن السادس عشر ضمها (جلال الدين أكبر) سنة (1587م) إلى دولة (المغول)، واستمر الحكم الإسلامي فيها قرابة خمسة قرون من (1320م) إلى (1819م)، ويعتبر هذا "العصر الذهبي" لتاريخ الولاية، لما تمتع به الشعب الكشميري رفاهية وحرية وأمن وسلام تحت رعاية الحكام المسلمين.
3- الغزو السيخي وفي سنة (1819م) قام حاكم (البنجاب) السيخي (رانجيت سينغ) بغزو (كشمير)، وحكمها حتى سنة (1846م) وأذاق شعبها الويلات، ففرض الضرائب الباهظة وأجبر الناس على العمل دون أجر، وسنّ قوانين عنصرية ضد المسلمين ، وأغلق العديد من المساجد ومنع إقامة الصلوات فيها ، وكان دم المسلم أرخص من سواه ، في حين كان القانون يعتبر ذبح بقرة جريمة عقوبتها الموت.
وعندما سيطرت (بريطانيا) على (الهند) سنة (1846م) قامت ببيع ولاية (كشمير) لـ(غلاب سينغ) بمبلغ (5.7 مليون) روبية بموجب (اتفاقية أمريتسار) في (مارس 1846م)، غداة الحرب الأولى التي نشبت بين الإنجليز والسّيخ، وقد علّق (بريم ناث بزاز) على هذه الصفقة، وهو أحد الوجوه السياسية المعروفة في (كشمير) بقوله: "مليونان من البشر في وادي (كشمير) وجلجت بيعوا كما تباع الشياه والأغنام لمقامر غريب، دون أن يكون لهم أدنى رأي في الموضوع".
وقد استطاع (غلاب سينغ) بمزيج من الغزو والدبلوماسية أن يسيطر على (جامو وكشمير) بما في ذلك مناطق (لاداخ) و(بلتستان) و(جلجت)، وأنشأ نظام حكم لعائلة (دوغرا) التي حكمت (كشمير) حتى سنة (1947م).
وأعقب (غلاب سينغ) ثلاثة حكام هم: (رانبير سينغ) سنة (1858م)، و(بارتاب سينغ) سنة (1885م)، و(هاري سينغ) سنة (1925م) والذي كان آخر حكام هذا النظام إلى تاريخ انقسام شبه القارة في 1947م.
4- اندلاع حركة تحرير (كشمير) اندلعت الحركة الشعبية الكشميرية في (1931م) حينما قام ضابط شرطة بمنع إمام مسجد من إلقاء خطبة الجمعة، وهو الأمر الذي دفع أحد الأشخاص ويدعى (عبد القدير خان) بإلقاء خطاب حماسي حول القرارات التي يصدرها الملك الهندوسي ضد المسلمين.
وفي حادثة تناقلتها الكتب التاريخ الكشميري اهتماماً بالغاً وهي حادثة لها مدلولها الخاص، ففي (13 يوليو 1931م) اجتمع عدد كبير من المسلمين الكشميريين في فناء السجن لإعلان التضامن مع (عبد القدير خان) وحين حان وقت صلاة الظهر، قام أحدهم يرفع الأذان، وأثناءه أطلقت عليه القوات الأمنية النار فأُردي شهيداً، فقام آخر ليكمل الأذان، فأطلقوا عليه النار، ثم قام ثالث ورابع، وما تم الأذان حتى استشهد (22) شخصاً، وتعرف هذه الحادثة في تاريخ (كشمير) باسم معركة مؤتة.
وجدير بالذكر أن مؤتمر مسلمي (كشمير) في ذلك الوقت كان يعتبر الممثل الشرعي الوحيد للشعب الكشميري المسلم؛ حيث تمكن من الحصول على (16) مقعداً من أصل (21) مقعد خاص للمسلمين في برلمان الولاية، في انتخابات (يناير 1947م)، وكانت نسبة المسلمين في ذلك الوقت أكثر من (85%) من السكان؛ لذا فقرار مؤتمر مسلمي (كشمير) الانضمام إلى (باكستان) هو قرار الأغلبية. ورغم ذلك ضمت الهند الولاية قسرًا، مخالفة بذلك قرار التقسيم، وإرادة الشعب الكشميري المسلم.
 وكانت عائلة (دوغرا) شبيهة بالحكم السيخي من حيث إلحاق الأذى بالمسلمين عن طريق فرض الضرائب الباهظة، وسنّ القوانين التمييزية، وسدّ سبل التعليم في وجوههم، ومن مظاهر هذا الاضطهاد كذلك نظام الجباية القاسي، بالإضافة إلى أخذ (50%) من المحاصيل.
وكان المسئولون يأخذون ضرائب على النوافذ والمواقد وحفلات الزواج، وعلى قطعان الماشية بل وحتى على مداخن بيوت المسلمين، وكان ذبح الأبقار ممنوعاً بموجب القانون وتوقع على فاعله عقوبة الإعدام، وكانت المساجد تابعة للحكومة، كما أن جريمة قتل المسلم كانت تعدُّ أهون شأناً من قتل غير المسلم، إضافة إلى سحق أي مظهر من مظاهر الاحتجاج السياسي بوحشية، ولذا فقد شهدت المنطقة حوادث عديدة تمّ فيها حرق عائلات مسلمة بأكملها بحجة انتهاك القوانين المذكورة، كما تم إغراق عمال مصنع الحرير التابع للحكومة عندما احتجوا على انخفاض الأجور سنة (1924م).
 وكانت حركة تحرير (كشمير) حركة إسلامية تستهدف تحرير ولاية (جامو وكشمير) المسلمة من حكم عائلة (دوغرا) الهندوسية، وإقامة الحكم الإسلامي فيها، غير أن هذه الحركة انقسمت إلى قسمين حينما مال (شيخ عبد الله) أحد قادة هذه الحركة إلى تبني النظرة العلمانية القومية التي ينطلق منها الكونجرس الوطني الهندي؛ مما دعاه إلى تغيير اسم مؤتمر مسلمي (جامو وكشمير) فسمّاه مؤتمر (كشمير) القومي، إلا أن مخاوف (تشودري غلام عباس) - القائد الثاني للحركة - من أن يصبح هذا المؤتمر امتداداً للكونجرس الوطني الهندي ، دفعته في (أكتوبر 1941م) إلى بعث الحياة في مؤتمر مسلمي (كشمير)، والذي استطاع - من خلال الأغلبية التي يتمتع بها في مجلس الولاية التشريعي - تمرير قرار يقضي بانضمام (كشمير) إلى (باكستان) في (19 يوليو 947م).
 إبادة جماعية للمسلمين
قامت القوات الهندوسية في إقليم (جامو) وحده بقتل أكثر من (300 ألف) مسلم، وأجبرت حوالي (500) ألف مسلم على الهجرة إلى (باكستان)، فتحولت (جامو) من مقاطعة ذات أغلبية مسلمة إلى مقاطعة ذات أقلية مسلمة. وطبيعي أن تدفع هذه الأجواء المشحونة أفرادًا من القبائل المسلمة في شمال غرب (باكستان) إلى دخول (كشمير) لمساعدة إخوانهم الذين تعرضوا للذبح، ومن ناحية أخرى كان المسلمون في مناطق (بونش) و(مظفر أباد) و(ميربور) في الولاية قد قرروا أن يرفعوا راية الجهاد لتحرير الولاية، وتمكنوا من تحرير هذه المناطق. وأوشك المجاهدون على الوصول إلى عاصمة الولاية (سرينجر) وقد أعلنوا عن إقامة حكومة ولاية (جامو وكشمير الحرة)، في (24 أكتوبر 1947م)، حدث هذا عندما هرب الملك الهندوسي للولاية (هري سينغ) من (سرينجر) إلى (جامو) التي صارت ذات أغلبية هندوسية بعد المجازر الدامية التي تعرض لها المسلمون هناك في (26 أكتوبر 1947م). وتزامنت هذه الأوضاع مع تزوير الحكومة الهندية وثيقة باسم الملك الهندوسي للولاية (هري سينغ) وجعلتها مبرراً لإدخال قواتها في الولاية في (27 أكتوبر 1947م).
وقد اتخذ الهندوس هذه الاتفاقية المزورة وسيلة لإرسال جيشهم للسيطرة على الولاية، والتحق هذا الجيش بجيش الملك الهندوسي في الولاية ليشترك معه في قتل المسلمين وهتك أعراضهم، كما أعلنت الحكومة الهندية أن على الراغبين في الهجرة إلى (باكستان) الاجتماع في مكان واحد وستقوم الحكومة بمساعدتهم وتزويدهم بالسيارات الحكومية، وعندما اجتمعوا في المكان المحدد، أطلقت عليهم النار فاستشهد حوالي نصف مليون مسلم، وقبل إطلاق النار تم القبض على آلاف النساء المسلمات لهتك أعراضهن، وكان من بينهن ابنة (شودري غلام عباس) القائد المؤسس لحركة تحرير (كشمير)، ولم يتمكن من الوصول إلى (باكستان) غير حوالي نصف مليون مسلم فقط.
وقد أصبح من المعلوم بعد ذلك أن وثيقة انضمام الولاية إلى (الهند) التي جاءت بها الحكومة الهندية باسم الملك الهندوسي للولاية هي وثيقة مزورة؛ لأنها لا تحمل توقيع الملك.
وقد بيّن المؤرخ البريطاني الشهير (ألاسترلامب) في كتابه (كشمير)؛ أن الوثيقة التي جعلتها (الهند) مبرراً لاحتلالها للأراضي الكشميرية هي وثيقة مزورة؛ لأن مندوب الحكومة الهندية (وي.بي.منين) الذي جاء بالوثيقة لم يتمكن من لقاء الملك لكونه مسافرًا، ولم يصل الملك إلا بعد عودة المندوب إلى نيودلبهي، ولم يوقع عليها.
5- الاحتلال بوثيقة غير شرعية ولو لم تكن هذه الوثيقة مزورة فإنها تعتبر وثيقة غير شرعية لعدة وجوه أخرى أهمها:
أولاً: لكون هذه الوثيقة تتنافى مع قرار تقسيم شبه القارة إلى دولتين مستقلتين: (الهند) و(باكستان)، الذي وافقت عليه الدولتان؛ وبالتالي لا قيمة لها من الناحية الشرعية أو القانونية.
ثانياً: كما أن الوثيقة تتعارض مع رغبات أغلبية سكان الولاية أي المسلمين الذين اتخذوا قرار انضمام الولاية إلى (باكستان) قبل ذلك في (19 يوليو 1947م)، وبذلوا جهدهم من أجل تحقيق هذا الهدف.
ثالثاً: إن الملك الذي حملت الوثيقة المزورة توقيعه وجعلتها (الهند) مبرراً لدخول الولاية لم يكن حاكماً شرعياً للولاية؛ لأن اتفاقية (أمريتسار) لعام (1846م) والتي أصبحت أساساً للسيطرة الغاشمة لهذه العائلة على الولاية لم تكن اتفاقية شرعية على الإطلاق.
رابعاً: قبل تلك الاتفاقية وقّع الملك اتفاقية لإبقاء الوضع كما كان مع (باكستان)؛ وبالتالي لا يجوز له أن يوقع أي اتفاقية مع أية دولة أخرى بهذا الخصوص قبل إعلان إلغاء الاتفاقية الأولى.
ونظراً لهذه الوجوه فهذه الاتفاقية المزورة ليس لها أي قيمة من النواحي الدستورية والقانونية والخلقية، وهذه حقيقة يعلمها الاستعمار الهندوسي نفسه جيداً؛ لذلك خدع الشعب والعالم بالوعد بإجراء استفتاء تقرير المصير.
 خداع هندوسي
 ويتضح هذا الخداع فيما كتبه الحاكم العام للهند إلى الملك الهندوسي للولاية عند توقيع اتفاقية الانضمام في (27 أكتوبر 1947م)، حيث قال : " وفقاً لسياستنا ، إذا أصبحت مسألة انضمام ولاية ما من المسائل الخلافية يرجع فيها إلى رأي الشعب ، فإن حكومتنا ـ بشأن مسألة انضمام ولاية (جامو وكشمير) إلى إحدى الدولتين تريد أن تحل بالرجوع إلى الرأي العام فور إعادة الأمن والاستقرار في الولاية".
ثم أكد (جواهر لال نهرو) رئيس وزراء (الهند) ذلك الوعد في برقيته إلى رئيس وزراء (باكستان) آنذاك السيد (لياقت علي خان) في (31 أكتوبر 1947م) قائلاً: "إننا تعهدنا أن نسحب قواتنا العسكرية من (كشمير) بعد عودة السلام إليها على الفور، وأن نترك مواطنيها ليمارسوا حقهم في تقرير مصيرهم بأنفسهم، وهذا التعهد لا نعلنه أمام حكومتكم فحسب بل نعلنه أمام أهالي (كشمير) وأمام العالم كله".
ومن الثابت تاريخيًّا أن الشّعب الكشميري لم يقبل ضم (الهند) للولاية، ورَفَع راية الجهاد لتحريرها، وكان على وشك ذلك رفع (الهند) القضيّة إلى مجلس الأمن الدّوليّ (مطلع يناير 1948م) بهدف كسب الوقت لترسيخ قوّاتها في الولاية.
وقام مجلس الأمن الدوليّ بعد مناقشة طويلة للقضيّة الكشميريّة بإصدار بعض القرارات لحل القضيّة بإجراء الاستفتاء لتقرير مصير الولاية؛ بانضمامها إلى (الهند) أو (باكستان)؛ وأهمّ هذه القرارات هي القرار رقم (47) والمؤرخ في (21 أبريل 1948م) والقرار المؤرخ في (13 أغسطس 1948م) والقرار المؤرخ في (5 يناير 1949م).
تضمّنت هذه القرارات وقف إطلاق النار في الوِلاية، وأن مستقبل وضع ولاية (جامو وكشمير) سيتمّ تقريره طبقاً لرغبة الشّعب الكشميريّ. وفي هذا الصّدد وافقت الحكومتان على الدّخول في مشاورات مع اللّجنة؛ لتقرير وضمان أوضاع عادلة ومتساوية للتّأكيد على سهولة التّعبير الحرّ، وأنّ مسألة ضمّ ولاية جامو و(كشمير) إلى (الهند) أو (باكستان) سيتمّ تقريرها من خلال الطّرق الدّيمقراطيّة عبر استفتاء شعبيّ حياديّ، ووافقت (الهند) على هذه القرارات وظلت تعلن التزامها بها إلى عام (1957م)، وصدرت عدة تصريحات لقادة (الهند):
فقال (جواهر لال نهرو) في مؤتمر صحفيّ عقد بلندن بتاريخ (16 يناير 1951م): "لقد قبلنا دائمًا ومنذ البداية فكرة أن يقرّر شعب (كشمير) مصيره بالاستفتاء العام، وفي نهاية المطاف فإن قرار التّسوية النهائيّة - وهو آتٍ بلا ريب - لا بد أن يتّخذه في المقام الأول شعب (كشمير) أساساً". وقال أيضا في البرلمان الهندي بتاريخ (12 فبراير 1951م): " لقد تعهّدنا لشعب (كشمير)، ومن ثَمّ للأمم المتحدة ، وقد التزمنا بتعهدنا وما زلنا نلتزم به اليوم ، فليكن القرار لشعب (كشمير)". 
رفض (الهند) للقرارات الدوليّة
 ولكنّ سياسة (الهند) الماكرة والمماطلة والرافضة لتطبيق القرارات الدوليّة الخاصة بالقضيّة الكشميريّة تؤكد أنها لم تكن جادة في يوم من الأيام في تنفيذ هذه القرارات بل كانت تريد كسب الوقت لترسيخ قواعدها وجذورها في الولاية، فوافقت في البداية ثم رفضت بعد (1957م).
مبررات فاسدة
ومبررات (الهند) كلّها مبرّرات لا مكان لها من النّواحي شرعًا ولا قانونًا، ومنها كما يؤكد البروفيسور (أليف الدين الترابي) رئيس المركز الإعلامي ل(كشمير) - :
أولاً: إن مصادقة قرار ضمّ الولاية من قبل البرلمان الكشميريّ تعتبر بديلاً لإجراء الاستفتاء وفقاً للقرارات الدوليّة ، وهذا المبرر أهم ما جاءت به الحكومة الهنديّة من المبررات ، فهي تّعي بأّن مصادقة وموافقة برلمان الولاية على قرار ضمّها إلى (الهند) يعطيها شرعيّة بقائها، ولا تبقى أية حاجة لإجراء الاستفتاء لتقرير مصير الولاية وفقاً للقرارات الدوليّة.
ولكنّ (الهند) قد تجاهلت وتغاضت عن أن برلمان الولاية لم يملك هذا الأمر في يوم من الأيّام؛ وذلك بموجب القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن الدوليّ عام (1951م) و(1957م)، وتنص هذه القرارات على أن قرار برلمان الولاية لا يمكن أن يكون بديلاً عن إجراء الاستفتاء الشعبيّ لتقرير مصيرها.
ثانياً: عدم موافقة (باكستان) على سحب قواتها من الولاية:
فمن المبررات الهنديّة التي ساقتها للتنصّل من تنفيذ القرارات الدوليّة؛ ادّعائها بأنها كانت مستعدة لتنفيذ هذه القرارات وإجراء الاستفتاء لتقرير مصير الولاية، ولكنّها لم تتمكن من ذلك لعدم موافقة (باكستان) على سحب قواتها من الولاية وفقاً للبند رقم (أ-2) والبند (ب-1) المؤرخ في (13 أغسطس 1948م) وبناءً على ذلك فإن (باكستان) هي المسؤولة عن عدم تنفيذ هذه القرارات.
ثالثاً: انضمام (باكستان) لحلف الناتو:  كما كان من المبرّرات التي جاءت بها (الهند) لرفضها تنفيذ القرارات الدوليّة في ذلك الوقت، هو انضمام (باكستان) إلى (حلف الناتو) عام (1956م)؛ لأن (باكستان) قد تمكنت من الحصول على الدّعم العسكريّ من الحلف، والحقيقة أن هذا المبرر لا يقوم على أيّ دليل عقليّ أو منطقيّ، بل على العكس هذا المبرّر ينافي العقل والدليل سوياً، فما ذنب الشعب الكشميريّ في قرار (باكستان) الانضمام إلى (حلف الناتو)، لتقوم (الهند) بحرمانه من حق تقرير المصير؟!
رابعاً: إجراء الاستفتاء لتقرير مصير الولاية يخالف علمانيّة (الهند): فـ(الهند) دولة علمانيّة، وإذا وافقت على إجراء استفتاء لتقرير مصير الولاية، فسيكون هذا الأمر منافيًا لمبادئ العلمانيّة، وهذا مبرر لا يقوم على أيّ دليل عقليّ أو منطقيّ، لوجوه كثيرة أهمها:
أ- وافقت (الهند) على قرار تقسيم شبه قارة جنوب آسيا عام (1947م) والذي نصّ على انضمام المناطق والولايات ذات الأغلبيّة المسلمة إلى (باكستان)؛ فكيف ترفض الآن تنفيذ هذا القرار الدوليّ؟!
ب- كما وافقت (الهند) على القرارات الدوليّة الخاصة بقضية (كشمير) واستمرت تعلن التزامها بهذه القرارات لعدة سنوات، مع ادعائها أنها دولة علمانيّة ، فكيف ترفض الآن تنفيذ القرارات؟!
جـ- والسؤال: ماذا تريد (الهند) من ادّعائها أنها دولة علمانيّة؟! وما هو تصوّرها للعلمانيّة؟! هل العلمانيّة تسمح لها باحتلال ولاية مجاورة عنوة وعدواناً ثم مواصلة الاحتلال ورفض تنفيذ القرارات الدولية؟!
د- والأهم هل (الهند) دولة علمانيّة فعلاً؟ فما مر شهر من أشهر نصف القرن الماضي إلا وفيه مجزرة ضد المسلمين في (الهند)، تحت سمع وبصر وإشراف الحكومة الهنديّة ورعايتها.
خامساً: اتفاقية سملا عام (1972م) تُلغي القرارات الدوليّة:
ومن المبررات التي تتذرع بها الحكومة الهنديّة لرفض القرارات الدوليّة هو أن (اتفاقيّة سملا) التي وقّعتها رئيسة وزراء (الهند) (أنديرا غاندي) مع نظيرها الباكستاني (ذوالفقار علي بوتو) عام (1972م) تلغي القرارات الدولية الخاصة بالقضيّة الكشميريّة وتمنع (باكستان) صراحة من تأييد مطالب الشعب الكشميريّ المسلم لتقرير مصيره، أو رفع القضيّة إلى المحافل الدوليّة، وهذا الادّعاء لا أساس له من الصّحة؛ إذ يتبيّن من البند رقم (أ) للاتفاقية بأن العلاقات بين الدولتين ستقوم وفقاً لمبادئ الأمم المتحدة ومواثيقها، كما ينص البند رقم (103) من ميثاق الأمم المتحدة على أنّ أيّ اتفاقيّة تتناقض مع قرارات الأمم المتحدة تعتبر ملغية، فالاتفاقيّة لا تُلغي القرارات الدوليّة الخاصّة بقضيّة (كشمير) ولا تمنع (باكستان) من القيام بواجبها تجاه القضيّة الكشميريّة حيث إنها طرف أساسيّ ورئيسيّ فيها.
 المرأة في (كشمير) :
أكدت (الهند) رفضها لتقديم المساعدات للنساء والأرامل الكشميريات، وتشير الإحصائيات إلى ما يلي
- (8 آلاف) امرأة قتلن على يد الجيش الهندي.
- (7 آلاف) امرأة اغتصبت.
- (30 ألف) أرملة.
- (100 ألف) طفل يتيم.
إحصاءات مفزعة:
وقد أظهرت إحصائية صادرة عن وكالة ـ (كشمير) ميديا سيرفس، أن عدد الشهداء الذين سقطوا خلال عام (2003م) بلغ (2828) شهيداً فيما بلغ عدد الجرحى (6009) جريحًا، ومن بين الشهداء (294) قضوا تحت التعذيب، فيما استشهد (46) طفلاً و(135) سيدة، وحسب إحصائية مركز المعلومات والبحوث التابع لوكالة (كي إم إس) بلغ عدد الأيتام (2169) يتيما خلال عام نتيجة لعمليات القتل الإرهابية التي تمارسها قوات الاحتلال الهندية.
وفقدت (651) امرأة أزواجهن، وتعرضت (300) امرأة للاعتداء عليها على يد قوات (راشتريا رايفلز) التابعة لجيش الاحتلال الهندي والمتخصصة في قمع الانتفاضة الكشميرية، وأفاد التقرير أن (349) شابا جرى خطفتهم قوات الأمن التابعة للمخابرات الهندية (راو) في (جامو وكشمير) المحتلة، وهؤلاء عادة ما تتم تصفيتهم ميدانيا في عمليات اغتيال غير قانونية دون تقديمهم للمحاكمة أو توجيه تهمة إليهم، ومن جهة أخرى وحسب التقرير فقد وصل مجمل عدد الأسرى في كافة مراكز الاعتقال داخل جامو و(كشمير) المحتلة وفي مختلف السجون الهندية خلال عام (2003م) إلى (4188) أسير وتعرض (460) منزلاً ومتجراً للتدمير الكلي أو الجزئي من قبل قوات الاحتلال الهندي.
أظهرت إحصائية عن (وكالة كشمير ميديا سيرفس) أن عدد الشهداء الذين سقطوا خلال شهر (إبريل 2004م) بلغ (160) شهيداً فيما بلغ عدد الجرحى (800) جريحاً، ومن بين الشهداء حسب إحصائية مركز المعلومات والبحوث التابع لوكالة (كي إم إس) أن (150) رجلاً من ضمنهم (18) شاباً سقطوا ضحية عمليات الاغتيال غير القانونية، تحت التعذيب في المعتقلات.

ساعدنا فى نشر هذا الموضوع:

0 التعليقات على هذه المقالة شاركهم برأيك

اكتب تعليقك ورأيك

اشترك ليصلك كل جديدنا...
تابع خلاصة المدونة
بعد الإشتراك :ستصلك رسالة على بريدك الإلكتروني يرجي الضغط على رابط التفعيل فيها ليتم إدراجه في الخدمة الإخبارية , ان لم تصلك الرسالة على صندوق البريد الوارد حاول ايجادها في جنك ميل.!
Subscribe via RSS Feed
إعلانات مواقع أخرى
Template By SpicyTrickS.comSpicytricks.comspicytricks.com
للتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانى
الأكثر مشاهدة
أحدث موضوع
المدونة على الفيس بوك
أقسام مهمة
بحث
Categories
فيديو الأسبوع
أحدث التعليقات
أحدث المقالات