أحدث الأخبار
مقالات اليوم

كوسوفا جرح ينزف : (الجزء الثالث) ... دول الجوار وعلاقتها بالمشكلة

موقع قصة الإسلام ـ ورود الحق
موقف دول البلقان
تعد منطقة (البلقان) من أكثر مناطق العالم تعددًا في الأعراق والقوميات، ولا تنظر دول المنطقة إلى المشكلة الكوسوفية، من زاوية تأثيرها على وضع الأقليات في الداخل لاسيما في الدول التي يتواجد بها الألبان، بل تنظ كذلك إلى درجة ارتباط هذه الدول مع الدول الكبرى على المستوى العالمي.


* ألبانيا:
الموقف العام في ألبانيا هو دعم استقلال (كوسوفو)،  مع التأكيد وطمأنة المجتمع الدولي على استبعاد ـ وبصفة نهائية ـ الأفكار والمشروعات التوسعية من السياسات البلقانية مثل (صربيا الكبرى) و(بلغاريا الكبرى) و(ألبانيا الكبرى).
وقد تباينت مواقف الحكومات الألبانية المتعاقبة حسب الحزب المسيطر عليها، فبينما كانت حكومة الحزب الديمقراطي بزعامة (صالح بريش) (حكمت من 1992 إلى 1997م) تقف وبقوة خلف مطلب ألبان (كوسوفو) بالاستقلال عن (صربيا)، يلاحظ أن حكومة الحزب الاشتراكي والمعروفة بعلاقاتها الوطيدة بـ(اليونان) تسلك مواقف دبلوماسية وصفت بالغامضة نحو قضية استقلال (كوسوفو)، ولذلك أصبحت متهمة من قبل الغالبية العظمى من الشعب الألباني سواء في ألبانيا أم في إقليم كوسوفوبالتفريط في القضايا القومية المشتركة للشعب الألباني، إلى درجة اتهام بعض ألبان (كوسوفو) الحكومة الألبانية بقيامها بتوقيع اتفاق مع (اتحاد الصرب والجبل الأسود) يتضمن اعتراف ضمنيا من (ألبانيا) بأن إقليم (كوسوفو) جزء من الأراضي الصربية، وهو ما نفاه بشدة وزير الخارجية الألباني (كاستريوت إسلام) خلال زيارته لـ(كوسوفو) في (25 إبريل 2005م) قائلاً: "لا يمكن لألبانيا أن تبيع كوسوفو".
أصبحت السياسة الألبانية مؤخرًا أكثر وضوحا؛ بسبب التقارب الأمريكي اليوناني الذي أحدث تغييرًا ملموسًا في سياسة الحكومة الألبانية؛ حيث صرح رئيس وزراء ألبانيا (فاطوس نانو) أثناء زيارته روما في (مايو 2005م) بضرورة البدء فورًا في مفاوضات الوضع النهائي لـ(كوسوفو) على أن تكون في اتجاه الاستقلال عن (صربيا)، مع إعطاء كافة الضمانات للأقلية الصربية بـ(كوسوفو)، كما أكد أنه لن تكون هناك نية لاتحاد بين (كوسوفو) و(ألبانيا) مستقبلا.
ويؤكد الرئيس الألباني (ألفرد موسيو) مرارًا على ضرورة حصول (كوسوفو) على استقلالها، ويرى أن الكوسوفيين قاموا بإنجازات هائلة لبناء مجتمع ديمقراطي متعدد الأعراق على النسق الأوربي، وأنهم بهذا يستحقون من المجتمع الدولي تحديد الوضع النهائي والقانوني للإقليم في أقرب فرصة ممكنة. وأكد في (2 إبريل 2005م) دعم (ألبانيا) لاستقلال (كوسوفو)، وقال: "مستقبل (كوسوفو) يجب أن يحدد من قبل مواطنيها، بما فيهم الأقليات، وخاصة الصربية بالتعاون مع المجتمع الدولي، في إشارة لضرورة عدم استشارة صربيا في هذا الشأن.
*اليونان:
كان الموقف اليوناني معارضًا لتدخل حلف شمال الأطلسي في الشأن الصربي منذ البداية، ثم تغير الموقف إثر تقارب العلاقات اليونانية الأمريكية، وبرز التغير في الموقف اليوناني تجاه كوسوفا أثناء زيارة (بتروس موليفياتيس) وزير الخارجية اليوناني لـ(واشنطن) في (مارس 2005م)، حين أكد أن (اليونان) ليس ضد مسألة استقلال (كوسوفو)، محذرًا من تقسيم الإقليم وقيام اتحاد بين ألبان (كوسوفو) وألبان المنطقة، لأن في الأمرين تهديد لمنطقة (البلقان) كلها.
 كما أكدت وزيرة الخارجية الأمريكية (كونداليزا رايس) أن منطقة (البلقان) تشهد تعاونًا بين (الولايات المتحدة) و(اليونان) و(الناتو) لحل المشكلات العالقة، في الوقت الذي فيه أكد المسئولون اليونانيون على مساندة الموقف الأمريكي الداعي إلى ضرورة الإسراع بتحديد الوضع الدائم لـ(كوسوفو).
ومن ناحيته صرح (كارلوس جوداس) رئيس المكتب اليوناني في (ببرشتينا) في (إبريل 2005م) بأن العلاقات اليونانية الكوسوفية تأخذ حيزًا متميزًا باعتبار (اليونان) من دول (الاتحاد الأوربي)، ودولة بلقانية في نفس الوقت، وأن (اليونان) يمكنها أن تقدم الكثير بشأن تحديد مستقبل (كوسوفو)، واستبعد خيار تقسيم (كوسوفو) بين الألبان والصرب، ما يعني أن هناك تطورًا إيجابيًّا في الموقف اليوناني يقوم ألبان (كوسوفو) بدراسته واستغلاله لصالح استقلال الإقليم.
ويلاحظ أن الموقف اليوناني قد تغير بدرجة كبيرة منذ نجاح الحزب الديمقراطي الجديد بزعامة (كوستاس كارامانليس) في الفوز في الانتخابات التشريعية الأخيرة (مارس 2004) التي أدت إلى إحداث تغييرات شاملة في السياسات الداخلية والخارجية اليونانية.   
* الجبل الأسود:
وهي الجمهورية الوحيدة المتبقية من (يوغسلافيا) السابقة بعد اتحادها مع (صربيا) ولا تزال تسعى للانفصال عن (صربيا)، وقد طلب منها المجتمع الدولي تأجيل النظر في هذا الشأن لحين الانتهاء من تحديد الوضع الدائم لإقليم كوسوفو خلال عام (2005م)، فإنها ولهذا السبب تجد استقلال (كوسوفو) مصلحة لها؛ لأنه يفتح الباب لموافقة المجتمع الدولي على استقلالها أيضًا نتيجة وجود ارتباط المسألتين، مع الإقرار بوجود اختلاف وفروق في جوهر كل منهما.
ويرى رئيس وزراء (الجبل الأسود) (ميلوجو كانوفيتش) في (مايو 2005م) أن حل مشكلة الوضع القانوني لإقليم (كوسوفو) سوف يؤدي لاستقرار منطقة (البلقان)، وعبر عن أمله في إيجاد تسوية نهائية، والبدء بتنفيذها سريعا، كما أكد أن مسألة انفصال بلاده (الجبل الأسود) عن (صربيا) لا تمثل أي أخطار لمنطقة (البلقان).
مقدونيا:
يتوجس مسئولو مقدونيا خيفة من استقلال (كوسوفو)؛ خشية طلب ألبان (مقدونيا) مستقبلاً الانضمام لألبان (كوسوفو)؛ وهو الأمر نفسه مع صرب (مقدونيا) الذين قد يسعون للانضمام لصربيا، ناهيك عن الأطماع اليونانية وسعيها المتصل والدائم ومطالبتها بجزء من الأراضي المقدونية التي تؤكد تبعيتها لها.
لذا تخشى السلطات المقدونية من تغيير في الحدود السياسية لدول البلقان حيث إنها تعتبر الجمهورية الأضعف بمنطقة البلقان، وبمعنى آخر الجمهورية التي تحمل عناصر تفككها منذ استقلالها عن جمهورية يوغسلافيا السابقة في بداية التسعينيات من القرن الماضي، لهذا أعلنت مقدونيا في 10 يونيو2005 أنها سوف تقبل أي اتفاق بين بلجراد وبرشتينا بشرط عدم المساس بالأراضي المقدونية.
ويرى الجانب المقدوني أن تقريب دول البلقان من المؤسسات الأوربية والأطلسية سيكون بمثابة ضمان لعدم عودة الصراعات العرقية مرة أخرى، حيث ذكر رئيس وزراء مقدونيا (برانكو تشرفنكوفسكي) في (20 مارس 2004م) خلال مشاركته في مؤتمر الاتحاد الأوربي لدول وسط أوربا أنه: "ما لم يتم العمل على تحسين أوضاع منطقة (البلقان) وضمها لـ(الاتحاد الأوربي)، فإن عدم الاستقرار لن يكون مصير المنطقة فقط بل مصير (أوربا) كلها".
وإجمالا، فإن موقف دول (البلقان) من قضية استقلال (كوسوفو) مرتبط برؤية هذه الأطراف لمصالحها في منطقة (البلقان)، وأهمها الحفاظ على الكيان الذاتي كما في حالة (مقدونيا)، والحصول على الاستقلال كما في حالة (الجبل الأسود)، وحفظ التواصل مع ألبان (كوسوفو) كما في الحالة الألبانية، وأخيرا درجة الارتباط بـ(الولايات المتحدة الأمريكية) كما في حالة (اليونان). ولا شك أن مجمل هذه التفاعلات تصب في صالح قضية (كوسوفا)، لكن العائق الرئيسي يتمثل في الموقف الصربي العنيد والخلاف بين الأطراف الدولية الفاعلة خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي حول شكل الوضع النهائي للإقليم.

ساعدنا فى نشر هذا الموضوع:

0 التعليقات على هذه المقالة شاركهم برأيك

اكتب تعليقك ورأيك

اشترك ليصلك كل جديدنا...
تابع خلاصة المدونة
بعد الإشتراك :ستصلك رسالة على بريدك الإلكتروني يرجي الضغط على رابط التفعيل فيها ليتم إدراجه في الخدمة الإخبارية , ان لم تصلك الرسالة على صندوق البريد الوارد حاول ايجادها في جنك ميل.!
Subscribe via RSS Feed
إعلانات مواقع أخرى
Template By SpicyTrickS.comSpicytricks.comspicytricks.com
للتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانى
الأكثر مشاهدة
أحدث موضوع
المدونة على الفيس بوك
أقسام مهمة
بحث
Categories
فيديو الأسبوع
أحدث التعليقات
أحدث المقالات