أحدث الأخبار
مقالات اليوم

الشيشان جرح ينزف : المقاومة الشيشانية

موقع قصة الإسلام ـ مدونة ورود الحق
   المقاومة  
 اتخذت المقاومة الشيشانية بشكل أساسي استراتيجية حرب العصابات داخل (الشيشان)، كما لجأت إلى بعض التكتيكات خارج أراضي (الشيشان)، بما في ذلك التفجيرات والعمليات الاستشهادية. والعجيب أن النسبة العالية لحدوث عمليات فدائية كانت تقوم بها النساء؛ ويفسر البعض ذلك بأنه قد يكون لهن علاقة بعمليات الاغتصاب الواسعة التي قامت بها القوات الروسية. وإذا كان الروس يسمون عمليات المقاومة بنفس سماتها في (فلسطين) بعدما طالت (موزدوك) و(جوديرميس) و(زنامينسكوي)، فإنه من الجائز لنا أن نؤكد على تطابق الاستراتيجية الروسية مع نظيرتها الإسرائيلية التي أجبرت الشيشان على اللجوء لهذا النوع من المقاومة المستميتة.  
ملاحظات حول استراتيجية المقاومة وتكتيكاتها:   
أصابت المقاومة ضحايا من المدنيين، سواء في (روسيا) أو في (الشيشان)؛ وأهم أسباب ذلك صعوبة حركة المقاومة بين العسكريين الروس، فضلاً عن وجود متعاونين مع (موسكو) ومساهمين في الإرشاد عن أنصار المقاومة واجتياح بيوتهم، وأبرز أمثلة هؤلاء (أحمد قاديروف) رئيس الإدارة الشيشانية المؤقتة؛ لضلوعه في الاعتقال ومداهمة منازل الشيشانيين، رغم تاريخه السابق في حركة المقاومة إبان حكم (جوهر دوداييف)، أما استهداف المدنيين في (روسيا) فيبدو أن هدفه الرئيسي إبلاغ رسالة مفادها أن للمقاومة يدًا طولى تستطيع أن تتعدى بها الحدود الإقليمية لنفوذها، ويلاحظ في هذا الشأن حرص الحكومة الشيشانية المطاردة على شجب هذه العمليات والتبرء منها، وربما يكون هذا أحد متطلبات وقواعد اللعبة السياسية.  وفيما يخص تكتيكات المقاومة؛ فقد احتل إسقاط المقاتلين لمروحيات روسية المرتبة الأولى عام (2002م)، بينما احتلت العمليات الاستشهادية المرتبة الأولى في النصف الأول من عام (2003م)، وهو أسلوب جديد لم يكن متبعًا من قبل، ودخل إلى ساحة المقاومة بقوة منذ عملية مسرح (موسكو) في (أكتوبر 2002م). ويبدو أن ثقافة المقاومة الاستشهادية الفلسطينية صارت المنهج الأكثر بروزًا على المسرح الشيشاني بعد ذلك.  كما احتلت المرأة الشيشانية مكان الصدارة في مستوى عنف عمليات المقاومة، عبر مسلسل متوال من العمليات الفدائية؛ حيث قامت بعدة عمليات مؤثرة - حوالي 17% من إجمالي عمليات عام (2002م) و النصف الأول من عام (2003م) - وركزت في الأساس على عنصر المباغتة واختارت العاصمة (موسكو) - شاركت 20 امرأة في عملية مسرح (موسكو) في (أكتوبر 2000م) - أو وسط تجمعات لجنود روس في (الشيشان). ولعل ما تعرضت له الشيشانيات من قتل الزوج والابن والأب - قتل الروس 1800 رجل شيشاني خلال الأشهر الستة الأولى من عام (2003م) - ناهيك عن جرائم الاغتصاب والتشريد التي تعتبر من  الدوافع الرئيسة وراء قيام عناصر نسائية بتلك الأعمال شديدة الدقة والجرأة؛ فالتقاليد القوقازية الصارمة المدفوعة بمبادئ الشهادة الإسلامية وجهاد من قتلوا الأب والزوج تقف بقوة وراء تطوع الشيشانيات للعمل الاستشهادي اعتمادًا على اليسر النسبي في حركتهن داخل التجمعات الروسية، في وقت يتعرض فيه القوقازيون لتوقيف مستمر في المدن الروسية، وملاحقة متتابعة لسهولة التعرف على ملامحهم وسط العرق الروسي السائد. ومن الناحية الجغرافية كانت العاصمة (جروزني) المكان الأول على مدى عام (2002م)، ثم شهدت نهاية عام 2002 والنصف الأول من (2003م) خروج عمليات المقاومة إلى خارج (الشيشان)، خاصة إلى العاصمة (موسكو). لوعي المقاومة بهامشية الدور الذي يلعبه المواطن الروسي مع الحق الشيشاني في الاستقلال، فضلاً عن عدم فاعلية المشاركة السياسية للمواطن الروسي، خاصة إذا مس الأمر قضايا الأمن القومي وشؤون المؤسسة العسكرية. إذ لم تفلح مظاهرة واحدة في الشارع الروسي في تغيير شيء من واقع الأمور في الشؤون الداخلية، فضلاً عن إنهاك المواطن الروسي اقتصاديًا الأمر الذي يقلل فرص المشاركة في ترف التظاهر. ولعل المكسب من نقل عمليات المقاومة إلى العاصمة (موسكو) هو جذب الانتباه إلى القضية ومحاولة تغيير التشويه المعلوماتي الذي تمارسه روسيا. كما حرصت المقاومة على الظهور على مائدة الأحداث العالمية؛ ساعية إلى تحقيق نصر معنوي يرفع من عزيمة المقاتلين ومؤيديهم، ولسان حالهم يقول نعلم أنه عمل إجرامي ويخالف مبادئ المحارب القوقازي المسلم، ولكننا نعتدي عليهم بمثل ما اعتدوا علينا؛ فالله عز وجل يقول: [الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم] {البقرة:194}. وربما يأتي هذا النوع من العمليات بهدف استعادة جزء من العقل الجمعي الإسلامي الذي انصرف عن القضية الشيشانية منذ مطلع عام (2004م)، مع أجواء الغزو الأنجلو أمريكي للعراق وسقوط (بغداد).  تعرضت صورة المقاومة للتشويه، إلى الحد الذي أعلن معه (بوتين) في تعليقه على حادثة تفجير الحفل الموسيقي في (موسكو) (5 يوليو 2003م) أن المقاتلين الشيشان أخطر عناصر شبكة الإرهاب العالمية، فضلاً عما سببته عمليات المقاومة في (موسكو) من ضرر بليغ للشيشانيين في المدن الروسية الكبرى؛ حيث يتعرضون للتوقيف والاعتقال، وتلفيق تُهم تعاطي المخدرات وتجارتها، وملاحقة أولادهم في المدارس وفصلهم، وطردهم من وظائفهم. ويجب الاعتراف أن المقاومة - رغم بشاعة الممارسات الروسية - قد أجبرت (روسيا) عامي (1996- 1997م) على الجلوس معها للاتفاق على تأجيل قرار الاستقلال إلى عام (2001م)؛ حيث أعلنت منظمات غير حكومية روسية - قرب انتهاء السنة الرابعة للحرب - أن خسائر القوات الروسية كانت أكثر من (20 ألف) قتيل، ويزيد هذا العدد عما فقدته (روسيا) في حربها على (أفغانستان) التي استمرت (10 سنوات).  
المراوغة السياسية الروسية :  
منذ بدأت (روسيـا) حربها الثانية - التي استمرت خلال الفترة (1999- 2001م) - على (الشيشان) وهي تسير على محورين متوازيين: السحق العسكري للمقاومة، والخداع السياسي؛ حيث سعت (روسيا) للترويج لثلاثة مشروعات سياسية هي: دستور جديد للشيشان، العفو عن المقاتلين الشيشان، والتجهيز لانتخابات رئاسية.  وبدأت أول مشروعاتهافي (مارس 2003م)؛ حيث أجرت استفتاءً على الدستور الجديد - الذي يخضع (الشيشان) للفيدرالية الروسية ويمنح رئيس الوزراء الروسي حق إسقاط قرارات الرئيس الشيشاني - للشيشان، في وقت انشغل فيه العالم الإسلامي بالغزو الأمريكي للعراق وسقوط (بغداد)، وبدلا من أن يكون الخيار المطروح أمام المصوت الشيشاني: هل تفضل بقاء الشيشان ضمن روسيا أم استقلالها؟ جاء السؤال: هل توافق على إقرار السلام في الشيشان؟!  ثم في (6 يونيو 2003م) وافق مجلس الدوما على قرار حكومي بالعفو عن المقاتلين الشيشانيين الذين يسلمون أسلحتهم، بشرط ألا يكونوا قد ارتكبوا جرائم قتل من قبل. وحقيقة هذا المشروع هو العفو عن مئات الجنود الروس المدانين في ارتكاب جرائم اغتصاب وقتل وحرق المدنيين في (الشيشان). وبصورة دعائية قامت (روسيا) بعرض صور متلفزة لعشرات الشيشانيين يسلمون أسلحتهم، ويبدون أسفهم وندمهم، وبحلول (أول أغسطس 2003م) انتهت المهلة التي منحتها (موسكو) للمقاتلين لإلقاء أسلحتهم دون أن يخرج المقاتلون من الغابات والجبال لتسليم أنفسهم.  وفي (نهاية عام 2003م) أجريت الانتخابات الرئاسية، وبالفعل كما كان متوقعًا فاز بها أحد العملاء الموالين لروسيا وهو (أحمد قاديروف)، وهكذا اكتملت الحلقات الثلاث التي كان مخططًا لها.  
الوضع المرتقب في ظل الظروف الحالية :    
رصد (بوتن) في (ديسمبر 2004م) مكافأة مالية لرقبة كل من (باساييف) و(مسخادوف)؛ فنية العدوان والغدر مبيتة، فضلاً عن السعي إلى شراء كل من يبيع نفسه ويشتري الولاء الروسي، وبناء على المراوغات الروسية والغدر المبيت؛ ينتظر المزيد من المقاومة، والمزيد من الدم الشيشاني الحر الذي يسعى نحو استقلال بلده، كما ينتظر المزيد من الدعم الروسي للحكومة الموالية في (الشيشان)، ومطاردة عناصر المقاومة في كل مكان، مع الاستعداد لتلقي عمليات المقاومة في قلب (موسكو) كل فترة، والاطمئنان على بقاء الصمت الشعبي الروسي، والسعي نحو روسنة (الشيشان) بكل الوسائل المتاحة ثقافيًّا وإعلاميًّا.. وفي النهاية ينتظر استمرار الصمت الدولي تجاه المأساة، ورفض المقاومة الشيشانية ووسمها بالإرهاب، ورفض عودة (الشيشان) العرب، والتلويح بنفس مصير الأفغان العرب، كما لا ينكر أحد سعادة (الولايات المتحدة) و(أوربا) بانشغال (روسيا) في أزماتها الداخلية، لتتفرغا لإعادة تشكيل الخريطة الجديدة للعالم بهدوء.  
ستعاني (الشيشان) عند استقلالها عزلة ستلجئها إلى دول الجوار وفى مقدمتها (روسيا) و(جورجيا)، وستلتهب قضايا الحدود غير الواضحة بينها وبين جيرانها، خاصة (أنجوشيا). كما ستعاني (الشيشان) من ضعف التمويل لإعادة إعمارها في ظل ضعف الموارد وقلة الإمكانيات الاقتصادية، وقدرة (روسيا) على منع أنابيب البترول من المرور فيها.

ساعدنا فى نشر هذا الموضوع:

0 التعليقات على هذه المقالة شاركهم برأيك

اكتب تعليقك ورأيك

اشترك ليصلك كل جديدنا...
تابع خلاصة المدونة
بعد الإشتراك :ستصلك رسالة على بريدك الإلكتروني يرجي الضغط على رابط التفعيل فيها ليتم إدراجه في الخدمة الإخبارية , ان لم تصلك الرسالة على صندوق البريد الوارد حاول ايجادها في جنك ميل.!
Subscribe via RSS Feed
إعلانات مواقع أخرى
Template By SpicyTrickS.comSpicytricks.comspicytricks.com
للتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانى
الأكثر مشاهدة
أحدث موضوع
المدونة على الفيس بوك
أقسام مهمة
بحث
Categories
فيديو الأسبوع
أحدث التعليقات
أحدث المقالات