الحوار الإسلامى والحوار المتعصب ( الجزء الثانى )
الأحد، 19 سبتمبر 2010|
درعمى
خاص مدونة ورود الحق ـ كاتب المقال (مشرف المدونة )
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين والصلاة والسلام عل أشرف الخلق أجمعين وبعد :
تكلمنا فى الجزء الأول من هذا المقال عن اختصار بسيط لأخلاقيات وأساسيات وآداب الحوار واليوم نكمل الحديث وبشئ من التفصيل عن أدب الحوار وأخلاقياته وما هى ثوابته التى لا تتغير .
الحوار لغة :
يقول ابن منظور في (لسان العرب): " حور : الرجوع عن الشيء ، وإلى الشيء ، حار إلى الشيء وعنه … رجع عنه وإليه … والحَوْر : النقصان بعد الزيادة ، لأنه رجوع من حال إلى حال ". وقال أيضا ": المحاورة : المجاوبة ، والتحاور : التجاوب …. وهم يتحاورون : أي يتراجعون الكلام " .
وفي «القاموس» : (المحاورة: .. الجواب ، ومراجعة النطق ، وتحاوروا : تراجعوا الكلام بينهم .."
فالحوار لغة : المراجعة في الكلام .
أما الحوار اصطلاحا:
تعددت تعريفات واصطلاحات الحوار إلى أنه يمكننا اختيار أحدهما الذى يعرفه بأنه : (مراجعة الكلام مع النفس ، أو بين طرفين أو أكثر ، حول موضوع محدد ، بغرض الوصول إلى الحقيقة وتجليتها ) .
ويعتبر الحوار من احتياجاتنا المهمة التى لا ننفك عنا ولا ننفك عنها فهى لغة الإنسان مع الآخر لأن الحوار ينبع من الاختلاف ويقوم الحوار لاسيما الحوار السليم الذى يتسم بأخلاقيات الحوار ـ سنذكرها بعد قليل ـ على معالجة إشكالية الاختلاف ويعمل جاهدا على كشف روابط الصلة بين الأطراف وأوجه الاتفاق ويكون الغرض النهائى هو الوصول إلى منصة التوحد ويكون تاجها الوصول إلى الحق الذى هو يقينا مع أحد الطرفين الذى قام بينهما شقة الاختلاف .
والحوار كان القاعدة الأساسية التى اتخذها الإسلام فى دعوته للناس إلى الإيمان بالله كما كانت أيضا هى القاعدة التى سار على نهجها الإسلام فى خلافاته مع أعداءه .
فالحوار سمة إسلامية إنسانية عالمية وهى سنة إلهية نظرا لتفاوت البشر فى العقول ومدى لبفهم والإدراك وهذا ما قاله رب العزة فى كنتابه الكريم فيقول : {لَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِين * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّك .....} () .
إذن الحوار من أهم وسائل التفاهم بين الناس، وهو من أهم وسائل المعرفة والإقناع مهما كانت الثقافات والتوجهات، وكذلك من أهم وسائل الدعوة إلى الله، قال تعالى:{ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }.
أنواع الحوار :
من حيث الشكل
فهناك حوارا هادئا عقلانيا يتسم بالموضوعية والرد السلس والتجاوب بين الطرفين دون اعوجاج وتأويل لكلام الآخر على ما يتفق هواك بغية الوصول إلى الحق . وهناك حوارا عصبيا حادا يعلو فيه أصوات المتحاورين وهذا يعطى نشازا منهم وانطباعا عن شخصيتهم التى لا يروم لهم هذا الحوار وهذا الحوار يستحيل معه الوصول إلى الحق وهذا نابع من تزمت أحد الأطراف وعدم قبوله للرأى الآخر .
الحوار من حيث المضمون :
وينقسم بدوره إلى :
1ـ حوار العلماء بعضهم البعض وهذا الحوار غالبا ما يكون حوارا عقلانيا موضوعيا علميا يتحاور فيه عالمين وكلا منهم يهدف الوصول إلى الحق وإقناع الآخر باحترافية الحوار فيستخلص للمحاور وللناس أدلته العلمية ومنهجه فى التفكير التى تنهى بفائدة للناس ليس لشخصه فإنما هو داع إلى الحق الذى يمكن أن يكون معه أو يكون مع الطرف الآخر ورحم الله الشافعى الذى قال (ما حاورت أحدًا إلا وتمنيت أن يكون الحق إلى جانبه).
2ـ حوار بين مختص مع غير مختص فهذا أغلبه يحدث فيه تعنت من جانب غير المختص نظرا لقلة علمه إنما هو حب الجدال أو المحاورات .
3ـ حوار الحاكم مع المحكوم فالحاكم هو من يأتى بشورى وبحوار أهل العقد والحل ويجب عليه شورتهم ومحاورتهم فى أمور الدولة ويكون للمحاور حريته المطلقة كما يحدث فى أى حوار ولابد أن يتسم هذا الحوار باحترام العقول وحكمة الوصول إلى الاختيارات والحلول الأفضل لأن هذا الحوار هو قائم لصالح أمة ليس لصالح فرد فيضع المتحاورون هنا أمام أعينهم مصلحة الأمة لا مصلحة الفرد .
4ـ حوار الطلاب مع أساتذتهم وشيوخهم يجب فيه احترام الطالب لشيخه وتوقيره وأن يكون الحوار معه فيه لطف وسعة وإن أخطأ الشيخ يكون الطالب حليما لا يتبع زلات شيخه ويكشفها .
5ـ حوار العاقل مع الجاهل فلابد من حلم العاقل ليعلّم الجاهل .
وبه نستعين والصلاة والسلام عل أشرف الخلق أجمعين وبعد :
تكلمنا فى الجزء الأول من هذا المقال عن اختصار بسيط لأخلاقيات وأساسيات وآداب الحوار واليوم نكمل الحديث وبشئ من التفصيل عن أدب الحوار وأخلاقياته وما هى ثوابته التى لا تتغير .
الحوار لغة :
يقول ابن منظور في (لسان العرب): " حور : الرجوع عن الشيء ، وإلى الشيء ، حار إلى الشيء وعنه … رجع عنه وإليه … والحَوْر : النقصان بعد الزيادة ، لأنه رجوع من حال إلى حال ". وقال أيضا ": المحاورة : المجاوبة ، والتحاور : التجاوب …. وهم يتحاورون : أي يتراجعون الكلام " .
وفي «القاموس» : (المحاورة: .. الجواب ، ومراجعة النطق ، وتحاوروا : تراجعوا الكلام بينهم .."
فالحوار لغة : المراجعة في الكلام .
أما الحوار اصطلاحا:
تعددت تعريفات واصطلاحات الحوار إلى أنه يمكننا اختيار أحدهما الذى يعرفه بأنه : (مراجعة الكلام مع النفس ، أو بين طرفين أو أكثر ، حول موضوع محدد ، بغرض الوصول إلى الحقيقة وتجليتها ) .
ويعتبر الحوار من احتياجاتنا المهمة التى لا ننفك عنا ولا ننفك عنها فهى لغة الإنسان مع الآخر لأن الحوار ينبع من الاختلاف ويقوم الحوار لاسيما الحوار السليم الذى يتسم بأخلاقيات الحوار ـ سنذكرها بعد قليل ـ على معالجة إشكالية الاختلاف ويعمل جاهدا على كشف روابط الصلة بين الأطراف وأوجه الاتفاق ويكون الغرض النهائى هو الوصول إلى منصة التوحد ويكون تاجها الوصول إلى الحق الذى هو يقينا مع أحد الطرفين الذى قام بينهما شقة الاختلاف .
والحوار كان القاعدة الأساسية التى اتخذها الإسلام فى دعوته للناس إلى الإيمان بالله كما كانت أيضا هى القاعدة التى سار على نهجها الإسلام فى خلافاته مع أعداءه .
فالحوار سمة إسلامية إنسانية عالمية وهى سنة إلهية نظرا لتفاوت البشر فى العقول ومدى لبفهم والإدراك وهذا ما قاله رب العزة فى كنتابه الكريم فيقول : {لَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِين * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّك .....} () .
إذن الحوار من أهم وسائل التفاهم بين الناس، وهو من أهم وسائل المعرفة والإقناع مهما كانت الثقافات والتوجهات، وكذلك من أهم وسائل الدعوة إلى الله، قال تعالى:{ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }.
أنواع الحوار :
من حيث الشكل
فهناك حوارا هادئا عقلانيا يتسم بالموضوعية والرد السلس والتجاوب بين الطرفين دون اعوجاج وتأويل لكلام الآخر على ما يتفق هواك بغية الوصول إلى الحق . وهناك حوارا عصبيا حادا يعلو فيه أصوات المتحاورين وهذا يعطى نشازا منهم وانطباعا عن شخصيتهم التى لا يروم لهم هذا الحوار وهذا الحوار يستحيل معه الوصول إلى الحق وهذا نابع من تزمت أحد الأطراف وعدم قبوله للرأى الآخر .
الحوار من حيث المضمون :
وينقسم بدوره إلى :
1ـ حوار العلماء بعضهم البعض وهذا الحوار غالبا ما يكون حوارا عقلانيا موضوعيا علميا يتحاور فيه عالمين وكلا منهم يهدف الوصول إلى الحق وإقناع الآخر باحترافية الحوار فيستخلص للمحاور وللناس أدلته العلمية ومنهجه فى التفكير التى تنهى بفائدة للناس ليس لشخصه فإنما هو داع إلى الحق الذى يمكن أن يكون معه أو يكون مع الطرف الآخر ورحم الله الشافعى الذى قال (ما حاورت أحدًا إلا وتمنيت أن يكون الحق إلى جانبه).
2ـ حوار بين مختص مع غير مختص فهذا أغلبه يحدث فيه تعنت من جانب غير المختص نظرا لقلة علمه إنما هو حب الجدال أو المحاورات .
3ـ حوار الحاكم مع المحكوم فالحاكم هو من يأتى بشورى وبحوار أهل العقد والحل ويجب عليه شورتهم ومحاورتهم فى أمور الدولة ويكون للمحاور حريته المطلقة كما يحدث فى أى حوار ولابد أن يتسم هذا الحوار باحترام العقول وحكمة الوصول إلى الاختيارات والحلول الأفضل لأن هذا الحوار هو قائم لصالح أمة ليس لصالح فرد فيضع المتحاورون هنا أمام أعينهم مصلحة الأمة لا مصلحة الفرد .
4ـ حوار الطلاب مع أساتذتهم وشيوخهم يجب فيه احترام الطالب لشيخه وتوقيره وأن يكون الحوار معه فيه لطف وسعة وإن أخطأ الشيخ يكون الطالب حليما لا يتبع زلات شيخه ويكشفها .
5ـ حوار العاقل مع الجاهل فلابد من حلم العاقل ليعلّم الجاهل .
الأساسيات التى يقوم عليها الحوار :
يجب أن يكون هناك منطلقات وأساسيات مشتركة بين المتحاورين ليكون الحوار هادفا مجديا وأهم هذه الأساسيات :
1ـ العلم : أن يتسم المتحاور بالعلم الذى يجعله يحاور ويدمغ الحجة بالحجة والدليل بالدليل لا بالترتيل والتهليل .
2ـ القدرة على التعبير : حتى يستطيع إيصال حجته للآخرين .
3ـ سرعة البديهة : واستحضار الشواهد، والذكاء.
ويمكن جمع هذه الأساسيات فى كلمة واحدة هى (الحكمة) : العلم والفهم والتعبير ، ومثال ذلك حكمة نبي الله إبراهيم عليه السلام في حوار النمرود إذ ألزمه الحجة : {قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة: 258].
آداب الحوار :
وأهمها :
1ـ أن تكون النية صالحة من الطرفين وهو الوصول إلى الحق فيجب حب الوصول إلى الحق أكثر من الانتصار على المنافس حتى ولو كان على حساب الحق والحقيقة . فإن لم يتوفر هذا الشرط فسد الحوار ولن ينتهى .
2ـ الاحترام المتبادل بين الأطراف وتوقير كلا منهم للآخر وعدم التقليل من شأن بعض أو السخرية من أقوال بعضنا لبعض حتى يستقيم الحوار .
3ـ عدم التشنج والتعصب فيجب مقابلة الحجة بالجة والدليل بالدليل والفكرة بالفكرة لا أن يكون المقبل صوت عال وفقط .
4ـ المنهجية فى الحوار أن يذكر المتحاور الدليل وأن يعرض وجهات نظر المتبعين والمخالفين لرأيه .
5ـ عدم اللغو والبعد عن صلب الموضوع وعن نقطة البحث فى الموضوع المطروح.
6ـ حسن التعبير وإجادة توصيل الفكرة وحسن الفهم لقول المتحاور وتجميع أقوال المتحاور لبناء الرد الصحيح له .
7ـ استخدام الألفاظ دون تكلف وصناعة ودون السقوط فى مغبة العامية الدارجة والبعد عن المتشابهات ليكون الأسلوب صحيحا .
8ـ الثقة فى مراقبة الله لكما وأن كل كلمة تخرج من أفواهكم تحسب لكم أو عليكم عند الله ولكل أجل كتاب ولكل عبد حساب .
9ـ حسن الصمت عند حديث الآخر وسماع كلامه بوعى وتركيز لمعرفة أين الحق فأنت لست معبرا عن رأيك ومتشبسا فيه وكى ترد الرد الكافى لكلام الآخر .
10 ـ ألا يكون فى قلب المتحاور حب الجدال والشهرة على حساب الحق .
وجدير بالذكر هنا أن هذه الصفات إن عبرت فلم تعبر عن شخصية المتحاور فقط فإنها تعبر عن مدى صدقه وعن مدى قربه من الحق فمن يحاول من أجل الحق لابد أن يكون أهل له حتى لا تضيع القضية من تحت قدمه فقد يكون الحق مع شخص جاهل لكنه بجهل لم يستطع إحقاق الحق وتوضيحه أو يكون الحق مع رجل عصبى فتضيع عصبيته هذه الحق ويستفاد الآخر من عصبيته وينال منه ويغلبه من موطن الضعف الذى فيه .
أما أهم عوائق وسلبيات الحوار :
1ـ التعصب والتشبث بالرأى والتعصب لفرد أو جماعة دون إحقاق الحق .
2ـ حب الشهرة والجدال كما قلنا سابقا وقد نهانا عنه الرسول صلى الله عليه وسلم فقد قال الحبيب صلوات ربى وسلامه عليه فى الحديث الذى رواه أبو داود بسند حسن (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا) وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (فما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل) ، رواه الترمذي وصححه.
3ـ التسرع فى إصدار الحكم وهذا ينبع من الاستعجال وريبة فى النية وحب الانتصار وقطع الكلام من منتصفه لما يوافق منهجه وهواه .
ونختم بذكر قصة خولة بنت ثعلبة التى جاءت تشتكي زوجها إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) وهي تقول: يا رسول الله أكل مالي ، وأفنى شبابي ، ونثرت له بطني ، حتى إذا كبر سني ، وانقطع ولدي ظاهر مني ، اللهم إني أشكو إليك ، فما برحت حتى نزل سيدنا جبريل بقوله تعالى :{ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (4) .
أى أن الله يسمع حواراتنا ويعرف اختلافاتنا ويعرف نوايانا وأهدافنا فليتعفف كل متحاور عن مواطن الزلل والضعف وليقل على رقيب وسيأتى علىّ يوما ألقى فيه صحيفتى وفيها فعل كذا وكذا وكذا ويصف هذا المنظر رب العزة فى قوله فى سورة الانشقاق { يا أيها الإنسان إنك كادح الى ربك كدحا فملاقيه (6) فأما من أوتي كتابه بيمينه (7) فسوف يحاسب حسابا يسيرا (8) وينقلب الى أهله مسرورا (9 ) وأما من أوتي كتابه وراء ظهره (10) فسوف يدعوا ثبورا (11) ويصلى سعيرا (12) إنه كان في أهله مسرورا (13) إنه ظن أن لن يحور (14) بلى إن ربه كان به بصيرا (15 ( فلا أقسم بالشفق (16) والليل وما وسق (17) والقمر إذا اتسق (18) لتركبن طبقا عن طبق (19) فما لهم لا يؤمنون (20)}
اللهم أسألك الإخلاص فى القول والعمل اللهم ابعدنا عن مواطن الضعف والزلل واجعلنى خير ناصرا للحق دون ملل أو كلل وارزقنى اتباع الحق وحسن إيصاله بلا عَجَل وألحقنى بزمرة المتقين بالفردوس برحمتك لا بالعمل واكتبنى عندك من الصديقين واجنبنى نار جهنم فإن عذابها كان غراما وارحم ياربى موتانا واغفر لنا خطايانا فقد تمادينا يغيا وعصيانا فاغفر لنا ياغفار الذنوب واستر لنا عيوبنا ياعلام الغيوب وطهر لنا الأفئدة يامطهر القلوب .
يجب أن يكون هناك منطلقات وأساسيات مشتركة بين المتحاورين ليكون الحوار هادفا مجديا وأهم هذه الأساسيات :
1ـ العلم : أن يتسم المتحاور بالعلم الذى يجعله يحاور ويدمغ الحجة بالحجة والدليل بالدليل لا بالترتيل والتهليل .
2ـ القدرة على التعبير : حتى يستطيع إيصال حجته للآخرين .
3ـ سرعة البديهة : واستحضار الشواهد، والذكاء.
ويمكن جمع هذه الأساسيات فى كلمة واحدة هى (الحكمة) : العلم والفهم والتعبير ، ومثال ذلك حكمة نبي الله إبراهيم عليه السلام في حوار النمرود إذ ألزمه الحجة : {قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة: 258].
آداب الحوار :
وأهمها :
1ـ أن تكون النية صالحة من الطرفين وهو الوصول إلى الحق فيجب حب الوصول إلى الحق أكثر من الانتصار على المنافس حتى ولو كان على حساب الحق والحقيقة . فإن لم يتوفر هذا الشرط فسد الحوار ولن ينتهى .
2ـ الاحترام المتبادل بين الأطراف وتوقير كلا منهم للآخر وعدم التقليل من شأن بعض أو السخرية من أقوال بعضنا لبعض حتى يستقيم الحوار .
3ـ عدم التشنج والتعصب فيجب مقابلة الحجة بالجة والدليل بالدليل والفكرة بالفكرة لا أن يكون المقبل صوت عال وفقط .
4ـ المنهجية فى الحوار أن يذكر المتحاور الدليل وأن يعرض وجهات نظر المتبعين والمخالفين لرأيه .
5ـ عدم اللغو والبعد عن صلب الموضوع وعن نقطة البحث فى الموضوع المطروح.
6ـ حسن التعبير وإجادة توصيل الفكرة وحسن الفهم لقول المتحاور وتجميع أقوال المتحاور لبناء الرد الصحيح له .
7ـ استخدام الألفاظ دون تكلف وصناعة ودون السقوط فى مغبة العامية الدارجة والبعد عن المتشابهات ليكون الأسلوب صحيحا .
8ـ الثقة فى مراقبة الله لكما وأن كل كلمة تخرج من أفواهكم تحسب لكم أو عليكم عند الله ولكل أجل كتاب ولكل عبد حساب .
9ـ حسن الصمت عند حديث الآخر وسماع كلامه بوعى وتركيز لمعرفة أين الحق فأنت لست معبرا عن رأيك ومتشبسا فيه وكى ترد الرد الكافى لكلام الآخر .
10 ـ ألا يكون فى قلب المتحاور حب الجدال والشهرة على حساب الحق .
وجدير بالذكر هنا أن هذه الصفات إن عبرت فلم تعبر عن شخصية المتحاور فقط فإنها تعبر عن مدى صدقه وعن مدى قربه من الحق فمن يحاول من أجل الحق لابد أن يكون أهل له حتى لا تضيع القضية من تحت قدمه فقد يكون الحق مع شخص جاهل لكنه بجهل لم يستطع إحقاق الحق وتوضيحه أو يكون الحق مع رجل عصبى فتضيع عصبيته هذه الحق ويستفاد الآخر من عصبيته وينال منه ويغلبه من موطن الضعف الذى فيه .
أما أهم عوائق وسلبيات الحوار :
1ـ التعصب والتشبث بالرأى والتعصب لفرد أو جماعة دون إحقاق الحق .
2ـ حب الشهرة والجدال كما قلنا سابقا وقد نهانا عنه الرسول صلى الله عليه وسلم فقد قال الحبيب صلوات ربى وسلامه عليه فى الحديث الذى رواه أبو داود بسند حسن (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا) وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (فما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل) ، رواه الترمذي وصححه.
3ـ التسرع فى إصدار الحكم وهذا ينبع من الاستعجال وريبة فى النية وحب الانتصار وقطع الكلام من منتصفه لما يوافق منهجه وهواه .
ونختم بذكر قصة خولة بنت ثعلبة التى جاءت تشتكي زوجها إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) وهي تقول: يا رسول الله أكل مالي ، وأفنى شبابي ، ونثرت له بطني ، حتى إذا كبر سني ، وانقطع ولدي ظاهر مني ، اللهم إني أشكو إليك ، فما برحت حتى نزل سيدنا جبريل بقوله تعالى :{ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (4) .
أى أن الله يسمع حواراتنا ويعرف اختلافاتنا ويعرف نوايانا وأهدافنا فليتعفف كل متحاور عن مواطن الزلل والضعف وليقل على رقيب وسيأتى علىّ يوما ألقى فيه صحيفتى وفيها فعل كذا وكذا وكذا ويصف هذا المنظر رب العزة فى قوله فى سورة الانشقاق { يا أيها الإنسان إنك كادح الى ربك كدحا فملاقيه (6) فأما من أوتي كتابه بيمينه (7) فسوف يحاسب حسابا يسيرا (8) وينقلب الى أهله مسرورا (9 ) وأما من أوتي كتابه وراء ظهره (10) فسوف يدعوا ثبورا (11) ويصلى سعيرا (12) إنه كان في أهله مسرورا (13) إنه ظن أن لن يحور (14) بلى إن ربه كان به بصيرا (15 ( فلا أقسم بالشفق (16) والليل وما وسق (17) والقمر إذا اتسق (18) لتركبن طبقا عن طبق (19) فما لهم لا يؤمنون (20)}
اللهم أسألك الإخلاص فى القول والعمل اللهم ابعدنا عن مواطن الضعف والزلل واجعلنى خير ناصرا للحق دون ملل أو كلل وارزقنى اتباع الحق وحسن إيصاله بلا عَجَل وألحقنى بزمرة المتقين بالفردوس برحمتك لا بالعمل واكتبنى عندك من الصديقين واجنبنى نار جهنم فإن عذابها كان غراما وارحم ياربى موتانا واغفر لنا خطايانا فقد تمادينا يغيا وعصيانا فاغفر لنا ياغفار الذنوب واستر لنا عيوبنا ياعلام الغيوب وطهر لنا الأفئدة يامطهر القلوب .
كتبت تحت قسم
مقالات المشرف
نــــور الحـــــق
19 سبتمبر 2010 في 1:27 م
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
شرفت بزيارة مدونتكم وكم اعجبت بها موضوعا ومضمونا
وتصميم واسئل الله العلى القدير ان تكون مدونتى بجودتها يوما سئلت الله لكم النجاح والتوفيق والسداد
وفعلا الحوار الاسلامى لابد ان يتحلى بالاقناع واللين وعدم التعصب وقد خاطب المولى عز وجل رسوله الكريم قائلا له ولو كنت فظ غليظ القلب لانفضوا من حولك
ياليت الكل يعلم هذا
بارك الله عليكم وسدد خطاكم ووفقكم
ولا تنسونا من خالص دعائكم الطيب بظاهر الغيب
تحياتى وتقديرى نور الحق مدون جديد معكم هنا
ورود الحق
19 سبتمبر 2010 في 1:53 م
أخى الكريم أنا الذى سررت بزيارتك الكريمة وأنا عاجز عن الشكر لهذه الكلمات الطيبات التى كتبتها فى مدونتى ولى وأدعو الله أن يسدد رميك وقوى ظهرك ويعلى قدرك وييسر لك أمرك وبارك لك فيما تملك وأعانك في مدونتك وأن يزج بك فى طاعته ويعينك على عبادته اللهم آمين