أحدث الأخبار
مقالات اليوم

أخلاقيات المسلم : خلق الحياء


موقع قصة الإسلام ـ مدونة ورود الحق
وصَّى الإسلام أبناءه بالحياء، وجعل هذا الخُلُق السامي أبرز ما يتميَّز به الإسلام من فضائل، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الإِسْلامِ الْحَيَاءُ"[1]. فالحياء أمارة صادقة على طبيعة الإنسان، وهو يكشف عن قيمة إيمانه ومقدار أدبه، ويدلُّ على حياة الضمير ونقاء المعدن. وقد "كَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا"[2].
والحياء يؤسِّس في النفس عاطفة حيَّة، تترفَّع بها عن الخطايا، وتستشعر الغضاضة من سفاسف الأمور، والمرء حينما يفقد حياءه يتدرَّج من سيِّئ إلى أسوء، ويهبط من رذيلة إلى أرذل.
ومِن ثَمَّ كان "الإِيمَانُ وَالْحَيَاءُ قُرَنَاءُ جَمِيعًا، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الآخَرُ"، كما قال  ـ صلى الله عليه وسلم ـ [3]. وللحياء مواضع يستحبُّ فيها؛ فالحياء في الكلام يتطلَّب من المسلم أن يطهِّر فمه من الفُحش، وأن ينزِّه لسانه عن العيب، قال  ـ صلى الله عليه وسلم ـ  : "الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ، وَالإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ، وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ"[4].
ومن الحياء أيضًا أن يخجل الإنسان من أن يُؤْثَر عنه سوء، وأن يحرص على بقاء سمعته نقيَّة من الشوائب، بعيدة عن الإشاعات السيِّئة.
إن الحياء مِلاكُ الخير، وهو عنصر النبل في كل عمل يشوبه، ولو تَجَسَّم الحياء لكان رمزَ الصلاح والإصلاح.
ومن حياء الإنسان مع الناس أن يعرف لأصحاب الحقوق منازلهم، وأن يؤتيَ كل ذي فضلٍ فضله ، وفي الحديث : "تَوَاضَعُوا لِمَنْ تَعْلَمُونَ مِنْهُ"[5]. والحياء ليس جبنًا؛ فإن الرجل الخجول قد يفضِّل أن يُريق دمه على أن يريق ماء وجهه، وتلك هي الشجاعة في أعلى صورها. على أن مَن يتهيَّب تقريع المبطلين ليس حييًّا؛ فالحياء لا موضع له في السلوك عندما يقف المرء موقفًا يناصر فيه الحقّ ، {وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: 53].
والحياء في أسمى منازله وأكرمها يكون من الله ـ عز وجل ـ  ، فنحن نَطْعم من خيره، ونتنفَّسُ في جوِّه، وندرج على أرضه، ونستظلُّ بسمائه، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34].
إن من حياء المسلم أن ينزَّه لسانه أن يخوض في باطلٍ ،  وبصره أن يرمق عورة، أو ينظر شهوة، وأذنه أن تستَرِقَ سرًّا، أو تستكشف خبأً ،  وأن يفطم بطنه عن الحرام؛ فإن فعل ذلك عن شعورٍ بأن الله يرقبه، ونفورٍ من اقتراف تفريط في جنب الله، فقد استحيا من الله حقَّ الحياء.
والحياء بهذا الشمول هو الدِّين كله، فإذا أُطلق على طائفة من الأعمال الجميلة فهو جزء من الإيمان وأثر له ؛ قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ  : "... وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ"[6].
-------------------------------------------
[1] ابن ماجه: كتاب الزهد، باب الحياء (4181) عن أنس بن مالك ـ رضى الله عنه ـ ، والموطأ - رواية محمد بن الحسن (949)، قال الألباني: صحيح. انظر: السلسلة الصحيحة (940).
[2] البخاري: كتاب المناقب، باب صفة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (3369) عن أبي سعيد الخدري ، ومسلم: كتاب الفضائل، باب كثرة حيائه ـ صلى الله عليه وسلم ـ  (2320).
[3] الحاكم (58) عن عبد الله بن عمر ـ رضى الله عنه ـ ، وقال: هذا حديث صحيح على شرطهما فقد احتجا برواته، ولم يخرجاه بهذا اللفظ. وتعليق الذهبي في التلخيص: على شرطهما. وابن أبي شيبة: المصنف 5/213 (25350).
[4] الترمذي: كتاب البر والصلة، باب ما جاء في الحياء (2009) عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ ، وقال أبو عيسى: وفي الباب عن ابن عمر وأبي بكرة وأبي أمامة وعمران بن حصين، هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجه (4184)، وأحمد (10519) تعليق شعيب الأرناءوط: صحيح، وهذا إسناد حسن. وقال الألباني: صحيح. انظر: السلسلة الصحيحة (495).
[5] الطبراني: المعجم الكبير 19/450 عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ ، والبيهقي: شعب الإيمان (1741)، وقال الألباني: ضعيف. انظر: السلسلة الضعيفة (1610).
[6] البخاري: كتاب الإيمان، باب أمور الإيمان (9) عن أبي هريرة ، ومسلم: كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان... (35).

ساعدنا فى نشر هذا الموضوع:

0 التعليقات على هذه المقالة شاركهم برأيك

اكتب تعليقك ورأيك

اشترك ليصلك كل جديدنا...
تابع خلاصة المدونة
بعد الإشتراك :ستصلك رسالة على بريدك الإلكتروني يرجي الضغط على رابط التفعيل فيها ليتم إدراجه في الخدمة الإخبارية , ان لم تصلك الرسالة على صندوق البريد الوارد حاول ايجادها في جنك ميل.!
Subscribe via RSS Feed
إعلانات مواقع أخرى
Template By SpicyTrickS.comSpicytricks.comspicytricks.com
للتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانى
الأكثر مشاهدة
أحدث موضوع
المدونة على الفيس بوك
أقسام مهمة
بحث
Categories
فيديو الأسبوع
أحدث التعليقات
أحدث المقالات