أحدث الأخبار
مقالات اليوم

أبناؤنا وذكريات الهجرة

مدونة ورود الحق ـ موقع منارات 
حوار / عبير محمد  
خلال العام الهجري يتخلل أيام يحتفل فيها المسلمون بمناسبة معينة ويجب اغتنام تلك الأيام في غرس قيم ومفاهيم تخص الدين الإسلامي ولا يتحقق كل هذا إلا بالتخطيط الجيد لاستغلال هذه المناسبات العظيمة في رسم قواعد تربوية تسير عليها البيوت المسلمة، وتُعد ذكرى الهجرة النبوية الشريفة حدثاً هاماً وتاريخياً بارزاً لدي كل مسلم ويجب أن نتخذهذه المناسبة محطة لبث روح التغيير والنهوض والإصلاح لصالح الأمة الإسلامية، فهذه الذكرى الشريفة تجدد الأمل والتفاؤل في تجاوز جميع التحديات والعقبات كما حدث مع الرسول أثناء هجرته ولا يتثنى لنا معرفة مثل هذه المواقف إلا بدراسة سيرته العطرة.. ويجب كذلك أن يدرس الأبناء السيرة النبوية العطرة واستخلاص الدروس المستفادة من الهجرة النبوية الشريفة وأن تقام احتفالات تنويرية لتتواصل معاني الهجرة والإيمان فيما بين الأجيال...  
فكان هذا الحوار مع الدكتور/ حمدي شعيب 
استشاري أطفال وزميل الجمعية الكندية لطب الأطفال وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية. 
كيف نهيئ بيوتنا لاستقبال والاحتفاء بذكرى الهجرة؟ 
هناك محوران رئيسان لبرنامج الاحتفاء الأسري بهذه الذكرى..
الأول: لا تنس دورك:- ونقصد به أن يرى الأبناء القدوة في والديهم؛ وكيف يستعدان استعداداً روحياً خاصاً؛ ويحتفيان بقدوم الضيف المبارك، فهناك باقة رائعة من الرسائل الطيبة الإيجابية غير المباشرة والتي تصل للأبناء من سلوك الوالدين والتي تترسخ في العقل اللاواعي للأبناء بطريق غير مباشر، ثم لا تلبث بطول الأمد أن تترجم ظاهرياً في سلوكياتهم مثل:-
1- استشعار قدسية وأهمية هذه الذكرى في نفوس الوالدين.
2- استشعار مدى حب الوالدين للحبيب صلى الله عليه وسلم.
3- استشعار الجدية في سلوك الوالدين لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم.
4- جدد دوماً نظرتك للأحداث ورؤيتك للشخصيات، وطلِّق الروتينية القاتلة. 
الثاني: مهارات عملية وفنون ذكية لإحياء ذكرى الهجرة:
على الوالدين أن يفكرا ويخططا جيداً لإحياء ذكرى الهجرى بطرق عملية بسيطة مثل:1- الاهتمام بمشاركة الأبناء إيجابياً في إحياء الذكرى؛ فالفاعلية في تنفيذ أي أمر إنما تكون بالشورى والمشاركة في القرار وفي التنفيذ.
2- الإعداد لجلسة أسرية قبل الهجرة بأيام للتخطيط لإحيائها عملياً داخل الأسرة.
2-   تحديد هدف أسري معين وغاية يُرَكَّز عليها للهجرة هذا العام.
** من خلال أحداث الهجرة كيف نغرس في أبنائنا أهمية التخطيط؟
عندما نتأمل كيف وضع صلى الله عليه وسلم هدفاً مرحلياً (تكتيكياً)؛ وهو إقامة المجتمع المسلم في المدينة، وذلك على طريق الهدف البعيد (الاستراتيجي)؛ وهو إقامة الدولة المسلمة، والتمكين لدين الله في الأرض نجد أنه كان من أهم وأبرز الأهداف المرحلية؛ هو الهجرة إلى المدينة وحتى يتحول هذا الهدف إلى واقع أو إنجاز ملموس؛ فقد وضع صلى الله عليه وسلم لهذا الهدف خطة الهجرة؛ والتي تميزت بكل الصفات الإدارية لأي خطة.
ولقد أعطى الحبيب صلى الله عليه وسلم درساً عظيماً في فنون توظيف الطاقات، ومهارات استغلال كل الإمكانات المادية والبشرية المتاحة لتنفيذ خطته حيث قام صلى الله عليه وسلم بتكوين فريق للعمل لإنجاز خطة الهجرة ؛ ليتحمل مسئولياته وينفذ إجراءات الخطة تلك:
1- تأمين الرفقة: وكان الصدِّيق رضي الله عنه هو المرشح لها.
2- مسؤولية تأمين المعلومات والأخبار: والمسئول هو عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنه.
3- مسؤولية تأمين التغذية: وكانت المسئولة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها.
4- مسؤولية التمويه: وشارك فيها كل المسئولين؛ خاصة الراعي عامر بن فهيرة، الذي كان يمحو الآثار بغنمه، بل إن سراقة بن مالك رضي الله عنه شارك فيها بعد فشل عملية المطاردة، ثم باتفاقه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يكون له الأمان ثم الحصول على سواري كسرى.
5- مسؤولية خريطة الطريق: وكان المسئول عنها أحد الإدلاء الخبراء بالطرق؛ وهو عبد الله بن أريقط، الرجل المشرك.
وإذا تأملنا فريق عمل الهجرة، والمسئولين عن تنفيذ إجراءات خطة الهجرة، لوجدنا تلك الملامح الإدارية الذكية:
(1) أن أسرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه كان لها الحظ الأوفر، مما يساعد على السرية.
(2) كان فريق العمل منوع المهارات والاختصاصات، بل والشخصيات؛ فمنهم الرجل ومنهم الفتى ومنهم المرأة ومنهم المسلم والمشرك.
(3) أن كل مسئول يعرف دوره، وما كلف به بدقة، فأداه في يسر وفي تنسيق وتعاون.
(4) كان يظلل الأداء سرية عظيمة.
(5) كان كل فرد يستشعر عظم دوره حتى وإن قل فتمت بذلك خطة الهجرة بنجاح، وتحقق الهدف منها، من خلال ما يعرف الآن إدارياً بالمؤسسية.
** ما هو أبرز موقف من مواقف الهجرة؛ والذي يبرز فيه معنى أن نغرس في أبنائنا معاني السمو بالغايات والرقي بالاهتمامات؟
ورد هذا الموقف العجيب أثناء أحداث الهجرة؛ والذي جاء فيه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسراقة بن مالك: كَيْفَ بك إذا أُلْبِسْتَ سِوَارَيْ كسرى؟ فلمّا أُتي عمر بسواري كسرى ومنطقته وتاجه دعا سراقة بن مالك فألبسه إيّاها وَكَانَ سراقة رجلاً أزبّ كثير شعر الساعدين وقال لَهُ: ارفع يدك وقل: الله أكبر, الحمد لله الَّذِي سلبها كسرى بن هرمز الَّذِي كَانَ يقول: أنا ربّ الناس وألبسهما سُراقةَ بنَ مالك بن جعشم أعرابيّاً من بني مُدْلِج).
ولقد خرج سراقة رضي الله عنه طامعاً في المكافأة المادية الثمينة؛ التي رصدتها قريش لمن يأتي بالحبيب صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق رضي الله عنه. ولكنه وبعد هذا الموقف تغيرت حياته وطريقة تفكيره، وتغير معها هدفه في الحياة؛ من مجرد الطمع في أشياء مادية زائلة؛ إلى قيمة معنوية لا تباع؛ لأنها أسمى من أن تقدر بماديات أرضية.
وكم كانت فرحته، وهو يحقق هذا الهدف العظيم؛ فيتسلم سواري كسرى من عمر رضي الله عنهما؛ وذلك بعد طول صبر، واشتياق وثقة في الحلم الواعد العظيم، طوال فترة معايشتة للحبيب صلى الله عليه وسلم، ثم عمله تحت إمارة الصديق رضي الله عنه.
وتدبر كيف كانت منهجيته صلى الله عليه وسلم؛ هي أن نرتقي باهتماماتنا؛ حتى لمن طلب الجنة "فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ". قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ: وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ".
** قد برز في أحداث الهجرة الدور العظيم للصديق رضي الله عنه؛ فماذا عن أهمية الصحبة في حياة الطفل؟ وهل توجد معايير لاختيار الصَديق؟
تُعتبر الصحبة أو العلاقات من أهم ركائز البناء الاجتماعي للطفل؛ لعدة أمور:
1- الصاحب يُعرف بصاحبه: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ". 
2- للصحبة آثار من جنسها: "عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ؛ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً". لهذا كان التحذير الإلهي: "وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا. يَا وَيْلَتِى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا. لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا". [الفرقان 27-29]
3- من أبرز عوامل تشكيل الجماعية في نفس الطفل، والعمل بروح الفريق.
ولذلك كان من واجب الوالدين أن يشاركا أولادهما في اختيار الصحبة الصالحة؛ بل ويحددا معهم معايير الاختيار.
1- المؤمن بالله عز وجل.
2- الملتزم بتعاليم دينه.
3- البار بوالديه.
4- الصادق في النصيحة.
5- الأمين كاتم السر.
6- الخلوق في المعاملة.
7- الناجح والمتقن في عمله.
8- المتوافق في الشكل والعمر والمستوى الاجتماعي.
9- المتميز؛ خلقاً، وعلماً، وفكراً، وهدفاً.
10- الذي تعيننا صحبته على تحقيق هدفنا وتشجعنا على العيش في حلمنا.
تأبى الرماحُ إذا اجتمعنَ تكسُّراً ... وإذا افترقنَ تكسَّرتْ أحـــادا
النملُ تبني قراها في تماسُكِها ... والنحلُ تبني رحيقَ الشّهدِ أعوانـا
** كيف نجيد مهارات وفنون حب ونصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم؟
كان من أبرز المواقف الطيبة للصحابة رضوان الله عليهم في الهجرة؛ والذي يجمعها حب الحبيب صلى الله الله عليه وسلم ونصرته؛ مثل:
1- الموقف الفدائي لعلى رضي الله وكيف ضحى بنفسه ونام في فراشه صلى الله عليه وسلم.
2- الموقف الإيجابي الرائع لكل أفراد بيت الصديق رضي الله عنهم في المشاركة الإيجابية في نجاح خطة الهجرة وحمايته صلى الله عليه وسلم.
3- موقف الأنصار الذين تبوأوا به الدار والإيمان.
4- الموقف المؤثر لأبي أيوب وزوجه رضي الله عنهما في القيام على راحته صلى الله عليه وسلم.
** فكيف نغرس في نفوس أبنائنا حب الحبيب صلى الله عليه وسلم ونصرته؟
لا شك أن حبه صلى الله عليه وسلم ونصرته ليس كلمات تُقال بل بأفعال نريها أنفسنا ومَن حولنا.
أو بمعنى آخر كيف نحبه؟ وهذا يلزمه أن نغرس في نفوسنا ونفوس أبنائنا الشعور الداخلي؛ بل وقناعاتنا الراسخة أننا نحبه. وهذا يحتاج إلى أمرين:
الأمر الأول: المعنى النظري والفكري لحبه ويشمل:
1- الاعتراف القلبي بحبه:
وهو أن يملأ داخلنا الشعور الغامر، والإحساس الدفَّاق بفضله علينا، وبقدره في نفوسنا، وبحقه علينا.
2- الاعتراف اللفظي بحبه:
 (1) أن نجاهر ونداوم بل وننشر بين الآخرين ذكر مقامه العظيم، ونفخر بفضله علينا، ونزهو بجميل هدايته لنا، ونسمو بقدره في نفوسنا، ونتذاكر بحقه علينا.
(2) أن ندوام على الصلاة عليه، وأن ندرك فضلها وثوابها:
أ- فهي عبادة وطاعة لله عز وجل: "إِنّ اللّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النّبِيّ يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ صَلّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً". [الأحزاب 56]
و(قال ابن عباس: أراد أن الله يرحم النبي، والملائكة يدعون له ويتبركون. وقيل: الصلاة من الله: الرحمة، ومن الملائكة: الاستغفار. فادعوا له بالرحمة، وحيّوه بتحية الإسلام. وقال أبو العالية: صلاة الله: ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة: الدعاء). 
ب- كيفيتها: عن أبي حميد الساعدي أنهم قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك. قال: قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته؛ كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته؛ كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد". " وصلوا علي، واجتهدوا في الدعاء، وقولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد".
ج- فهي هدية غالية منه: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة؛ فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم. فقلتُ: بلى فأهدها لي فقال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإن الله قد علمنا كيف نسلم عليكم؟. قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد؛ كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد؛ كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد". 
د- ومن ثمارها النفسية؛ أنها تقربنا منه وتحقق لنا شفاعته:
"إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة".
هـ - ومن ثمارها الأسرية؛ أنها تعمِّر وتنير بيوتنا:
"لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي؛ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم". 
و- ومن أعظم ثمارها؛ وجوب رحمته بنا وتشريفه لنا سبحانه:
"مَن صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا".(قال القاضي: معناه رحمته، وتضعيف أجره؛ كقوله تعالى: "مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بِالسّيّئَةِ فَلاَ يُجْزَىَ إِلاّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ". [الأنعام 160]
قال: وقد تكون الصلاة على وجهها وظاهرها تشريفاً له بين الملائكة؛ كما في الحديث: "يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني؛ فإن ذكرني في نفسه؛ ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ؛ ذكرته في ملإ خير منهم، وإن اقترب إلي شبراً؛ اقتربت منه ذراعاً، وإن اقترب مني ذراعاً؛ اقتربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي؛ أتيته هرولة". 
ز- أن نوقن أنها تصله فهناك مَن يبلغها:
"إن لله ملائكة سياحين في الأرض؛ يبلغوني عن أمتي السلام".
الأمر الثاني: المعنى العملي لحبه:
وحتى نصدق في حبه عملياً؛ علينا أن نجتهد في هذه الوسائل:
1- أن نترجم حبنا في الإقتداء به:
فتكون أنت دوماً مثلنا الأعلى؛ الذي نقتدي به في كل سكناتنا وأقوالنا وأفعالنا: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا". [الأحزاب21]
2- أن تكون لنا الرمز والأسوة التي نضحي من أجلها وأن نربي عليها أنفسنا، وكذلك نعلم أبناءنا قدسية مقامك.وتدبر مَن الذي أرسى هذا الحب الكبير للحبيب صلى الله عليه وسلم، مقابل هذا البغض الكبير لأبي جهل."عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ نَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي وَشِمَالِي فَإِذَا أَنَا بَيْنَ غُلَامَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا تَمَنَّيْتُ لَوْ كُنْتُ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا فَقَالَ: يَا عَمِّ هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟. قَالَ: قُلْتُ نَعَمْ وَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِي؟. قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ مِنَّا. قَالَ: فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِك.َ فَغَمَزَنِي
الْآخَرُ فَقَالَ مِثْلَهَا. قَالَ: فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَزُولُ فِي النَّاسِ فَقُلْتُ أَلَا تَرَيَانِ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي تَسْأَلَانِ عَنْهُ. قَالَ: فَابْتَدَرَاهُ فَضَرَبَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا حَتَّى قَتَلَاهُ ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ: أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟. فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُ. فَقَالَ: هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟. قَالَا: لَا. فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ فَقَالَ: كِلَاكُمَا قَتَلَهُ. وَقَضَى بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، وَالرَّجُلَانِ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ وَمُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ". [15]
3- أن نترجم حبنا في طاعته:
"قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبّونَ اللّهَ فَاتّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ". [آل عمران 31]
حيث (نزلت في اليهود والنصارى؛ حيث قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه. فقال الله تعالى: قل يا محمد إن كنتم تحبون الله وتعبدون الأصنام ليقربوكم إليه؛ فاتبعوني يحببكم الله، فأنا رسوله إليكم وحجته عليكم؛ أي اتبعوا شريعتي وسنتي يحببكم الله، فحب المؤمنين لله اتباعهم أمره وإيثار طاعته وابتغاء مرضاته، وحب الله المؤمنين ثناؤه عليهم وثوابه لهم وعفوه عنهم. وقيل لما نزلت هذه الآية قال عبد الله بن أبي لأصحابه إن محمداً يجعل طاعته كطاعة الله ويأمرنا أن نحبه كما أحبت النصارى عيسى بن مريم). و(المعنى طريق محبة الله تعالى حب رسوله صلى الله عليه وسلم وعلامة حبه صلى الله عليه وسلم اتباع شريعته بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه).  فطاعته مقدمة على أي طاعة بعد طاعة الحق سبحانه؛ وذلك لقوله تعالى"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ". [محمد 33]
ولوصيتك الجليلة: "مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي". 
4- أن نتبرك بكل آثاره:
ونحاول أن نربي أبناءنا على هذا الحب العملي. وتأمل أنس رضي الله عنه وهو يسجل شهادته على عصر القمم، والذي برز فيه دور المربي، ودور المرأة، ودور الأطفال، فاستحق أن يخلد:"عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ بَيْتَ أُمِّ سُلَيْمٍ فَيَنَامُ عَلَى فِرَاشِهَا وَلَيْسَتْ فِيهِ. قَالَ: فَجَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَنَامَ عَلَى فِرَاشِهَا فَأُتِيَتْ، فَقِيلَ لَهَا: هَذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَامَ فِي بَيْتِكِ عَلَى فِرَاشِكِ. قَالَ: فَجَاءَتْ وَقَدْ عَرِقَ وَاسْتَنْقَعَ عَرَقُهُ عَلَى قِطْعَةِ أَدِيمٍ عَلَى الْفِرَاشِ، فَفَتَحَتْ عَتِيدَتَهَا ـ أي صندوقها الخاص بحفظ أعز حاجياتها ـ فَجَعَلَتْ تُنَشِّفُ ذَلِكَ الْعَرَقَ فَتَعْصِرُهُ فِي قَوَارِيرِهَا. فَفَزِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا تَصْنَعِينَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرْجُو بَرَكَتَهُ لِصِبْيَانِنَا. قَالَ: أَصَبْتِ". 
5- أن نحب ما يحب:
عن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعته يقول: إن خياطاً دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام صنعه. قال أنس: فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الطعام فقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خبزاً من شعير ومرقاً ـ أي شورباً ـ فيه دباء ـ أي قرع ـ. قال أنس: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حول القصعة. فلم أزل أحب الدباء منذ يومئذ".]
6- أن نسخِّر أنفسنا في رفع ذكره:
فلقد وعده الحق سبحانه بتكريمه وتشريفه: "وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ". [الشرح 4]
(قال الحسن: إذا ذكرتُ ذكرتَ معي.
وعن ابن عباس: يريد الأذان والإقامة والتشهد والخطبة على المنابر، ولو أن عبداً عبد الله وصدَّقه في كل شيء ولم يشهد أن محمداً رسول الله لم ينتفع بشيء، وكان كافراً.
وقال قتادة: رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. وقال الضحاك: لا تقبل صلاة إلا به ولا تجوز خطبة إلا به. وقال مجاهد: ورفعنا لك ذكرك يعني بالتأذين. وقيل: رفع الله ذكره بأخذ ميثاقه على النبيين وإلزامهم الإيمان به والإقرار بفضله). ونحن نأمل أن يشرفنا الحق سبحانه أن نحمل هذا التشريف والتكريم والرفعة لاسمه الحبيب. وذلك بأن نجتهد في تنفيذ مثل هذه الوسائل:
 (1)لا يخلو بيت من بيوتنا من اسمه.
(2)لا يخلو بيت من ملصق يومي أو أسبوعي أو شهري يذكرنا بنصائحك الطيبة؛ بعنوان (حبيبنا ينصحنا). مثل: (لا تكن بخيلاً) "إن البخيل مَن ذكرت عنده فلم يصل علي".
 (3)أن نجتهد في حفظ وفهم وتفسير وتطبيق أحاديثه الشريفة ونصائحه الغالية.
فنحاول الاجتهاد في تطبيق وتنفيذ نصيحة من نصائحك؛ والتي بيناها في (حبيبنا ينصحنا) ونذكِّر بعضنا بالالتزام بها لمدة أسبوع أو شهر؛ حتى تترسخ في سلوكياتنا.

ساعدنا فى نشر هذا الموضوع:

0 التعليقات على هذه المقالة شاركهم برأيك

اكتب تعليقك ورأيك

اشترك ليصلك كل جديدنا...
تابع خلاصة المدونة
بعد الإشتراك :ستصلك رسالة على بريدك الإلكتروني يرجي الضغط على رابط التفعيل فيها ليتم إدراجه في الخدمة الإخبارية , ان لم تصلك الرسالة على صندوق البريد الوارد حاول ايجادها في جنك ميل.!
Subscribe via RSS Feed
إعلانات مواقع أخرى
Template By SpicyTrickS.comSpicytricks.comspicytricks.com
للتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانى
الأكثر مشاهدة
أحدث موضوع
المدونة على الفيس بوك
أقسام مهمة
بحث
Categories
فيديو الأسبوع
أحدث التعليقات
أحدث المقالات