أحدث الأخبار
مقالات اليوم

أ. فهمى هويدى يكتب :رجاء: كفانا نزاهة !!

مدونة ورود الحق ـ جريدة الشروق المصرية
أ. فهمي هويدي
من يطالع الصحف الحكومية الصادرة يوم الثلاثاء الماضي (30/11) يلاحظ أنها ما برحت تلح في عناوينها وتعليقاتها وتقسم بـ"الثلاثة" على أن الانتخابات كانت نزيهة وشفافة، وأن الأمن كان في أروع أدواره. من ثَمَّ فإن "الليلة الكبيرة" في عرس الديمقراطية مرت على أفضل ما تكون.. إلى غير ذلك من المبالغات التي افترضت في الناس البلاهة والغباء.
وهو مسلك لا يفسر إلا بأنه محاولة انطلقت من عمق الشعور بالذنب استهدفت تغطية الفضيحة وستر العورة عبر الإصرار على إقناع القارئ بتكذيب حواسه، وتصديق ما يتعذر عليه تصديقه.
ربما كان مبكرًا تحليل نتائج الانتخابات الآن، قبل جولة الإعادة يوم الأحد المقبل، التي يفترض أن يتنافس فيها المرشحون على 250 مقعدًا.
لكن ثمة مؤشرات ظهرت في الجولة الأولى جديرة بالملاحظة بينها ما يلي:
أن اللجنة العليا للانتخابات كانت غائبة تمامًا عن المشهد، وأبسط دليل على ذلك أن الذين كانوا يذهبون إلى مقرها لم يكن يستقبلهم سوى ضباط أمن الدولة، الذين كلفوا بإدارة العملية الانتخابية من أولها إلى آخرها.

أن رجال أمن الدولة أشرفوا على تزوير الانتخابات وتقفيل الدوائر في بعض اللجان. وقصة القاضي الوليد الشافعي تشهد بذلك، حين ذكر الرجل صراحةً أن رئيس مباحث البدرشين هو الذي احتجزه ومنعه من الدخول لكي يتابع ما يجري في اللجان، التي كان التزوير فيها جاريًا على قدم وساق.
وحين يتصرف رئيس المباحث على ذلك النحو فتلك لا تعد مبادرة شخصية من جانبه، لكنه هو وأمثاله نفذوا تعليمات صدرت إليهم.
أن القضاة الذين انتدبوا لمراقبة سير العملية الانتخابية (عددهم 2000) تم اختيارهم بمواصفات خاصة، وكان رئيس اللجنة العامة لدائرة "البدرشين" نموذجًا لذلك؛ حيث رفض أن يتخذ أي إجراء في واقعة احتجاز القاضي الوليد الشافعي، فرفض أن يحرر مذكرة بالواقعة، بل رفض تسلم المذكرة التي سجل فيها الوليد تفاصيل ما جرى.
وتبين أن أولئك القضاة المراقبين اختارتهم جهة مجهولة (أظنك تعرفها) من وراء ظهر مجلس القضاء الأعلى الذي يشترط القانون موافقته المسبقة على ذلك. وهو ما أكده المستشار أحمد مكي النائب الثاني لرئيس محكمة النقض في تصريح نشرته "الشروق" (يوم 30/11)، كذَّب فيه الادعاء بأن مجلس القضاء وافق على الانتداب، وقال إنه حضر جميع جلسات المجلس ولم يعرض عليه هذا الموضوع.
أن النتائج التي أعلنت في الجولة الأولى كانت حافلة بالدلالات؛ إذ ليست مصادفة أن ينجح جميع الوزراء المرشحين بلا استثناء، وأن يسقط جميع الأشخاص الذين رفعوا أصواتهم ومارسوا بعض الجرأة أو المشاغبة في المجلس السابق، وليست مصادفة ألا ينجح أحد من جماعة الإخوان المسلمين، الذين كان يمثلهم في المجلس السابق 88 عضوًا.
بدا واضحًا أن التفاهمات أو الصفقات التي عقدت مع قادة بعض الأحزاب السياسية تم تجاهلها، والوعود التي أعطيت لتلك الأحزاب نسفت على نحوٍ فاجأ أطرافها وصدمهم. وكنت واحدًا من الذين سمعوا في وقت مبكر من أحد شهود اللعبة بيانًا بالمقاعد التي ستوزع على تلك الأحزاب، حددت حصصًا لكل من الوفد وحزب التجمع، وحدًّا أقصى غير مسموح للإخوان بتجاوزه.
ولكن النتائج التي أعلنت عصفت بكل ذلك وجاءت مخيبة للآمال. وحين سألت في ذلك بعض أهل الذكر في الموضوع، كان ردهم أن الذين عقدوا الصفقات كانوا غير الذين أداروا العملية الانتخابية، وأن حسابات كل طرف كانت مختلفة عن الآخر، وحين تعارضت الحسابات فإن رموز الحرس القديم في داخل الحزب الوطني خرجوا خاسرين، وكان الفائز بامتياز هم رموز الحرس الجديد الذين تمثلهم لجنة السياسات.
الذين أطاحوا بالصفقات المعقودة فضَّلوا أن يفتحوا الباب لتمثيل الأحزاب المجهولة؛ لكي تشكل "ديكورًا" للمعارضة في المجلس الجديد. وبعض هؤلاء تم إنجاحهم من الجولة الأولى بنسبة عالية من الأصوات، في حين أنهم غير معروفين في المجال العام، ناهيك عن أن أحزابهم لم يسمع بها أحد.
إن الذين أداروا اللعبة في الحزب الوطني وقعوا في خطأ استراتيجي كبير، حين جعلوا المنافسة في بعض الدوائر بين مرشح قبطي وآخر مسلم، وأحيانًا مرشح قبطي في مواجهة مرشح من الإخوان المسلمين؛ لأن من شأن ذلك إحداث نوع غير صحي من الاصطفاف الطائفي، الذي يهيئ مناخًا مواتيًا للفتنة.
فشلت جهود الحصار والتعتيم التي تنافست فيها أجهزة الدولة للتستر على فضائح الانتخابات. والفضل في ذلك راجع لجهود بعض الشبان الشجعان الذين مكَّنونا من متابعة ما يجري عبر مواقع الإنترنت، كما نجحوا في تصوير وتسجيل الأحداث التي وقعت، حتى إن إحدى منظمات مراقبة الانتخابات توفر لديها 60 شريطًا مصورًا للتزوير والعنف اللذين مورسا في اللجان.
إذا كانت هذه هي الانتخابات النزيهة، فهل لنا أن نحلم بأن نشهد يومًا انتخابات غير نزيهة؟

ساعدنا فى نشر هذا الموضوع:

0 التعليقات على هذه المقالة شاركهم برأيك

اكتب تعليقك ورأيك

اشترك ليصلك كل جديدنا...
تابع خلاصة المدونة
بعد الإشتراك :ستصلك رسالة على بريدك الإلكتروني يرجي الضغط على رابط التفعيل فيها ليتم إدراجه في الخدمة الإخبارية , ان لم تصلك الرسالة على صندوق البريد الوارد حاول ايجادها في جنك ميل.!
Subscribe via RSS Feed
إعلانات مواقع أخرى
Template By SpicyTrickS.comSpicytricks.comspicytricks.com
للتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانى
الأكثر مشاهدة
أحدث موضوع
المدونة على الفيس بوك
أقسام مهمة
بحث
Categories
فيديو الأسبوع
أحدث التعليقات
أحدث المقالات