الصفحة الرئيسية » مقالات الدكتور منير جمعة »
لماذا نصوم عاشوراء ؟ بقلم / الدكتور منير جمعة
فضل الشهر المحرم
-------------------------------
الأيام وعاء الأحداث ، ومستودع الجهود الإنسانية بخيرها وشرها ، وحلوها ومرها ، وإنما يكتسب الزمن قيمته من قيمة الحدث الذى تم فيه . وشهر المحرم من الأشهر الحرم ، التى حرم فيها القتال (يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ)(البقرة: من الآية217) . وهو الشهر الوحيد الذى ثبتت تسميته بشهر الله ، كما جاء فى الحديث عن أبى هريرة : " أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم " { رواه مسلم } وفى شهر الله المحرم يوم عظيم هو يوم العاشر منه ، وقد أطلق عليه ( عاشورا) للمبالغة والتعظيم ، لأن فيه ذكريات غالية ، ينبغى تذكرها ، ولذا قال رب العزة لموسى علية السلام ( وذكرهم بأيام الله ) أى بنعم الله عليهم من النجاة من فرعون كما قال القرطبى فى التفسير ( 9/341 ) فيكون عاشوراء بناء على هذا من أيام الله الخالدة فى التاريخ فلنقف معه قليلاً .
-------------------------------
الأيام وعاء الأحداث ، ومستودع الجهود الإنسانية بخيرها وشرها ، وحلوها ومرها ، وإنما يكتسب الزمن قيمته من قيمة الحدث الذى تم فيه . وشهر المحرم من الأشهر الحرم ، التى حرم فيها القتال (يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ)(البقرة: من الآية217) . وهو الشهر الوحيد الذى ثبتت تسميته بشهر الله ، كما جاء فى الحديث عن أبى هريرة : " أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم " { رواه مسلم } وفى شهر الله المحرم يوم عظيم هو يوم العاشر منه ، وقد أطلق عليه ( عاشورا) للمبالغة والتعظيم ، لأن فيه ذكريات غالية ، ينبغى تذكرها ، ولذا قال رب العزة لموسى علية السلام ( وذكرهم بأيام الله ) أى بنعم الله عليهم من النجاة من فرعون كما قال القرطبى فى التفسير ( 9/341 ) فيكون عاشوراء بناء على هذا من أيام الله الخالدة فى التاريخ فلنقف معه قليلاً .
يوم الأمل
---------------
ظل الحلم الكبير يداعب بنى إسرائيل حتى جاءهم موسى عليه السلام من مدين بغير الصفة التى خرج بها ، إذ أصبح رسولاً كريماً مكلفاً بحمل الدعوة ، وإنقاذ المستضعفين : ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) (القصص 5 :6) .وذهب موسى وأخوه هارون إلى فرعون ، ومعهما هداية السماء ، ودار بينهما حوار وجدال ، وتواعد فى يوم حاشد ، وظهر الحق الأبلج ، ولكن هيهات للظالمين أن يقبلوه !فلم يجد موسى علية السلام بداً من أن يدعو على فرعون ، ويستعدى عليه الله سبحانه بما حكاه القرآن : ( وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ) (يونس:88) . وكانت استجابة الله السريعة ، حين ( قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (يونس:89) . وأمر موسى ومن معه من بنى إسرائيل أن يخرجوا ليتحقق لهم الأمل الذى كانوا يتطلعون إليه ، وهو النجاة من فرعون والتمكين فى الأرض : (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ، فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ، إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ ، وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ ، وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ) (الشعراء 52 :56). وسار موسى ومن معه ناحية الشرق ، وسرعان ما اكتشف فرعون خروجهم ، فحمله غيظه منهم على أن يتتبعهم بجنوده على وجه السرعة ، حتى أدركهم على مقربة من شاطئ اليم : ( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ، قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الشعراء 61 :62) . وكانت ثقة موسى علية السلام بربه سبباً فى تمام النعمة وكمال المنة : ( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ)
---------------
ظل الحلم الكبير يداعب بنى إسرائيل حتى جاءهم موسى عليه السلام من مدين بغير الصفة التى خرج بها ، إذ أصبح رسولاً كريماً مكلفاً بحمل الدعوة ، وإنقاذ المستضعفين : ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) (القصص 5 :6) .وذهب موسى وأخوه هارون إلى فرعون ، ومعهما هداية السماء ، ودار بينهما حوار وجدال ، وتواعد فى يوم حاشد ، وظهر الحق الأبلج ، ولكن هيهات للظالمين أن يقبلوه !فلم يجد موسى علية السلام بداً من أن يدعو على فرعون ، ويستعدى عليه الله سبحانه بما حكاه القرآن : ( وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ) (يونس:88) . وكانت استجابة الله السريعة ، حين ( قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (يونس:89) . وأمر موسى ومن معه من بنى إسرائيل أن يخرجوا ليتحقق لهم الأمل الذى كانوا يتطلعون إليه ، وهو النجاة من فرعون والتمكين فى الأرض : (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ، فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ، إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ ، وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ ، وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ) (الشعراء 52 :56). وسار موسى ومن معه ناحية الشرق ، وسرعان ما اكتشف فرعون خروجهم ، فحمله غيظه منهم على أن يتتبعهم بجنوده على وجه السرعة ، حتى أدركهم على مقربة من شاطئ اليم : ( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ، قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الشعراء 61 :62) . وكانت ثقة موسى علية السلام بربه سبباً فى تمام النعمة وكمال المنة : ( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ)
(لأعراف:137) .
وها نحن أولاء – فى ذكرى التمكين للمستضعفين – نترقب الخلاص لأمتنا من ذلك الليل الطويل :
يا أمتى صبراً فليلك كاد يسفر عن صباح ****لا بد للكابوس أن ينزاح عنا أو يزاح
يا أمتى صبراً فليلك كاد يسفر عن صباح ****لا بد للكابوس أن ينزاح عنا أو يزاح
يوم العبرة بهلاك الظالمين
-----------------------
لم يتعظ فرعون – كشأن كل الطغاة والظالمين – حين رأى آيةً عظيمة من آيات الله أمام عينيه ، فها هو ذا البحر ينشق لموسى عليه السلام ،وهاهوذا طريق ممهد يظهر فجأة فوق الماء ، فتغافل فرعون عن ذلك كله وسار باطمئنان الجاهل ، واستخفاف الغافل يريد اللحاق بهؤلاء الفارين ولكنه وجد نفسه فجأة فى وسط الماء ، وأدرك مصيره الأسود المحتوم فحاول أن يصنع شيئاً ، ولكن الله بعدله العظيم ، لم يمكنه من النطق بكلمة التوحيد إلا فى الوقت الضائع ، حيث لا ينفع أحد إيمانه ؛ فكان سوء الخاتمة جزاءاً وفاقاً لما ارتكبه من جرائم وحشية فى حق الشعب ، ومن تطاول على رب العزة حين ادعى وهو الحقير الذليل أنه الإله المعبود وهكذا تعلمنا تلك النهاية أن جرائم الطغاة لا تذهب سدى فى لحظة عابرة ، وقد قال ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " إن جبريل عليه السلام جعل يدس فى فم فرعون الطين خشية أن يقول لا إله إلا الله ، فيرحمه الله ـ أخرجه ابن حبان و الترمذى وصححه الألبانى و الأرناؤوط ـ وما أجمل ما حكاه القرآن العظيم عن غرق فرعون حين قال : ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِين ، فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ) (يونس 90 :92) . إن الله عز وجل لم يكتف بعقوبة الآخرة – ويا لها من عقوبة !- ولكن سبحانه عاقبة فى الدنيا أيضاً بالغرق ، وجعله عبرةً فلم يسمح لجثته بالاندثار ، بل جعل بدنه يطفو على سطح الماء ويستقر على نجوة من الأرض – كما قال المفسرون – فأخذه المصريون واحتفظوا بجسده – كعادتهم بما مكنهم الله من أسرار التحنيط وسلطان العلم ، فصار لمن خلفه آية ، ليس لجيل أو جيلين ، بل لعشرات الأجيال ومئات السنين ؛ فسبحان الذى يمهل ولا يهمل !
يوم الصوم مع الذكرى والبشرى
--------------------------------
لم يتعظ فرعون – كشأن كل الطغاة والظالمين – حين رأى آيةً عظيمة من آيات الله أمام عينيه ، فها هو ذا البحر ينشق لموسى عليه السلام ،وهاهوذا طريق ممهد يظهر فجأة فوق الماء ، فتغافل فرعون عن ذلك كله وسار باطمئنان الجاهل ، واستخفاف الغافل يريد اللحاق بهؤلاء الفارين ولكنه وجد نفسه فجأة فى وسط الماء ، وأدرك مصيره الأسود المحتوم فحاول أن يصنع شيئاً ، ولكن الله بعدله العظيم ، لم يمكنه من النطق بكلمة التوحيد إلا فى الوقت الضائع ، حيث لا ينفع أحد إيمانه ؛ فكان سوء الخاتمة جزاءاً وفاقاً لما ارتكبه من جرائم وحشية فى حق الشعب ، ومن تطاول على رب العزة حين ادعى وهو الحقير الذليل أنه الإله المعبود وهكذا تعلمنا تلك النهاية أن جرائم الطغاة لا تذهب سدى فى لحظة عابرة ، وقد قال ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " إن جبريل عليه السلام جعل يدس فى فم فرعون الطين خشية أن يقول لا إله إلا الله ، فيرحمه الله ـ أخرجه ابن حبان و الترمذى وصححه الألبانى و الأرناؤوط ـ وما أجمل ما حكاه القرآن العظيم عن غرق فرعون حين قال : ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِين ، فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ) (يونس 90 :92) . إن الله عز وجل لم يكتف بعقوبة الآخرة – ويا لها من عقوبة !- ولكن سبحانه عاقبة فى الدنيا أيضاً بالغرق ، وجعله عبرةً فلم يسمح لجثته بالاندثار ، بل جعل بدنه يطفو على سطح الماء ويستقر على نجوة من الأرض – كما قال المفسرون – فأخذه المصريون واحتفظوا بجسده – كعادتهم بما مكنهم الله من أسرار التحنيط وسلطان العلم ، فصار لمن خلفه آية ، ليس لجيل أو جيلين ، بل لعشرات الأجيال ومئات السنين ؛ فسبحان الذى يمهل ولا يهمل !
يوم الصوم مع الذكرى والبشرى
--------------------------------
أراد الله سبحانه ليوم عاشوراء أن يظل بارزاً حياً ، وما ذاك – فى نظرنا – إلا لإحياء الذكرى بهلاك الظالمين ، والبشرى بحسن العاقبة للصابرين ولذا ظل هذا اليوم معظماً عبر القرون عند اليهود ، وانتقل تعظيمه إلى النصارى وإلى قريش فى الجاهلية ، إلى حد أنهم كانوا يصومونه ، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يصومه فى الجاهلية أيضاً ، فقد جاء الحديث عن عائشة رضى الله عنه قالت : " كان يوم عاشوراء تصومه قريش وكان النبى صلى الله عليه وسلم يصومه فى الجاهلية ، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه ، فلما فرض رمضان ترك عاشوراء ، فمن شاء صامه ، ومن شاء تركه " { متفق عليه } . والمراد بقول عائشة : " فلما فرض رمضان ترك عاشوراء " أى ترك وجوبه ، أما استحبابه فظل باقيا ، بل إن النبى صلى الله عليه وسلم رغب بعد ذلك فى فضل صومه بفعله وقوله ، فعن ابن عباس رضى الله عنه قال : " ما رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على الأيام إلا هذا اليوم يوم عاشوراء " { متفق عليه } . وبين النبى صلى الله عليه وسلم فضل صيام هذا اليوم بقوله : " وصيام يوم عاشوراء إنى أحتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله " { رواه مسلم } . إن السبب فى تعظيم ذلك اليوم والأمر بصيامه ، وتكفير السيئات به ، يعود إلى ماله من تأثير على حياة البشر ، حينما تظل ذاكرة الأمة المسلمة يقظة ومتوقدة للمواقف الفاصلة بين الحق والباطل ، ويدل على ذلك ما نلمسه من إدراك النبى صلى الله عليه وسلم لأهمية استشعار البعد التاريخى فى الأحداث المعاصرة ، والشعور بوحدة المعركة ، فهلاك فرعون موسى بشرى بهلاك فرعون كل مرحلة من مراحل الصراع ، ولذلك جاء فى الحديث الذى رواه مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم سأل اليهود : ما هذا اليوم الذى تصومونه ؟ فقالوا : هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه ، وغرق فرعون وقومه ، فصامه موسى شكراً ، فنحن نصومه ، فقال : فنحن أحق وأولى بموسى منكم " . والله يقول الحق وهو يهدى السبيل
مواضيع متشابهة:
إذا أعجبتك مدونتى قم بنشرها واشترك بها ليصلك كل جديدها.
الأكثر مشاهدة
المشاركات الشائعة
-
كاتب المقال مشرف مدونة ورود الحق بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجعين وبعد : فقد طالعتنا الصحف والمجلات و...
-
أولا: مفهوم الثبات والمرونة : تنقسم أحكام الشريعة الإسلامية على قسمين : ا لأول : أحكام ثابتة : وهذه لا سبيل إلى البحث فيها ، ولا تقبل الت...
-
موقع الإخوان المسلميبن ـ ورود الحق بقلم: د. عماد عجوة القيروان.. مدينة تونسية تقع على بُعد 156 كم من العاصمة تونس، وعلى بُعد 57 كم من مدين...
-
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على أشرف الخلق وبعد : مدونة ورود الحق حينما كنا طلابا في الصف الثالث الإعدادي بل وفى ال...
-
موقع إخوان أون لاين ـ مدونة ورود الحق إذا كنا نحتفل بيوم الهجرة فيجب أن نكون جديرين بالاحتفال بهذا اليوم، يجب ألا يكون احتفالنا بالهجرة ...
-
تأليف صاحب مدونة ورود الحق عندما تغرب الشمس ويقفر الطريق ونفقد الرفيق ويشتد فينا الحريق حيث لا ماء لا بريق عندما يضيع المرء فى بحر من الأوه...
-
خاص ـ ورود الحق هلاك الظالمين نعمة كبرى ومنة عظمى ، قال تعالى ، ( فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين ) " الأنعام 45...
-
كاتب المقال مشرف مدونة ورود الحق بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ( رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأ...
-
مدونة ورود الحق ـ الإسلام اليوم هانئ رسلان تعيشُ الخُرطوم هذه الأيام أجواءًا من الترقُّب المشوب بالقلق؛ بسبب...
-
حينما يشتد الظلم وتشتد ظلام الأيام وتتفرق الأمانى والأحلام وتتشتت الأسرة بين دياجى الظلم والطغيان تنزف الدموع وتنسكب ويتحسر القلب وينفجر وتض...
يتم التشغيل بواسطة Blogger.
أحدث موضوع
المدونة على الفيس بوك
أقسام مهمة
التسميات
- أزمات الأمة (38)
- الخلافة الأموية (1)
- الدولة العثمانية الجزء الثانى (12)
- الدولة العثمانية الجزء الرابع (3)
- الدولة العثمانية الجزء الأول (8)
- الدولة العثمانية الجزء الثالث (10)
- السودان وأزمة الانفصال (10)
- الشيشان جرح ينزف (7)
- النصرانية ما بين التعريف والتحريف الجزء الأول (1)
- تاريخ الأندلس (1)
- تاريخ أمة (42)
- تاريخ حماس والدفاع عنه (1)
- تاريخ فلسطين (2)
- تحليلات هامة (11)
- تربية الأطفال (1)
- تركستان جرح ينزف (8)
- حدث فى مثل هذا (2)
- دروس فى الفقه (1)
- شخصيات إسلامية (2)
- شخصيات أسلموا (2)
- صحابة الرسول (1)
- عجائب التكنولوجيا (1)
- على الصلابى (1)
- عن الإخوان والبنا (4)
- غرائب من الحياة (1)
- غزة بين النار والحصار (7)
- فتاوى اقتصادية (1)
- فتاوى الدكتور منير جمعة (5)
- فتاوى عامة (6)
- فقه السنة (3)
- فلسطين (9)
- فيديو مؤثر (4)
- قالوا عن الإسلام (3)
- قصص من روائع حضارتنا (23)
- كتاب الكبائر للإمام شيخ الإسلام الذهبى (4)
- كشمير جرح ينزف (7)
- كوسوفا جرح ينزف (5)
- مساجد لها تاريخ (1)
- مقالات الأستاذ ثامر عبد الغني سباعنه (1)
- مقالات الدكتور منير جمعة (17)
- مقالات المشرف (13)
- مقالات رمضانية (1)
- مواعظ الإمام ابن الجوزى (16)
- نقاشات (1)
بحث
بحث هذه المدونة الإلكترونية
Categories
المتابعون
فيديو الأسبوع
أحدث التعليقات
أحدث المقالات
0 التعليقات على هذه المقالة شاركهم برأيك
اكتب تعليقك ورأيك