أحدث الأخبار
مقالات اليوم

ابتعد عن المعاصى واجنى بعض ثمرات الطاعة

سلسلة مواعظ الإمام ابن الجوزى
ابتعد عن المعاصي
إِلى متى تميل إلى الزخارف، وإلى كم ترغب لسماع الملاهي المعازف، أما آن لك أن تصحب سيداً عارف، قد قطع الخوف قلبه، وهو على علمه كاكف، يقطع ليله قياماً، ونهاره صياماً، لا يميل ولا آنف، دائم الحزن، والبكاء متفرغٌ له، ومنه خائف، ومع ذلك يخشى القطيعة والانتقال إلى صعب المتالف، وأنت في غمرة هواك وعلى حب دنياك واقف، كأني بك وقد هجم عليك الحمام العاسف، وافترسك من بين خليلك وصديقك المؤالف، وتخلَّلى عنك حبيبك وقريبك ومن كنت عليه عاطف، لا سيتطيعون رَدَّ ما نزل بك، ولا تجد له كاشف، وقد نزلت بفناء من له الرحمة والإحسان واللطائف، فلو عاتبك لكان عتبه على نفسك من أخوف المخاوف، وإن ناقشك في الحساب، فأنت تألف، أين مقامك من مقام الأبطال يا بطال، يا كثير الزلل والخطايا، يا قبيح الفعال، كيف قنعت لنفسك بخساسة الدون يا معنون،
 وغرتك أمانيك بحب الدنيا يا مفتون، هلا تعرضت لأوصاف الصدق فاستحليت بها القالب الحق: (التَّائِبُونَ العَابِدُونَ الحَامِدُونَ) إلى متى أنت مريض بالزكام؟ ومتى تستنشق ريح قميص يوسف عليه السلام يا غلام؟ لعله يرفع عن بصيرتك حجاب العمى، وتقف متذللاً على باب إله الأرض والسماء، خرج قميص يوسف مع يهوذا من مصر إلى كنعان ، فلا أهل القافلة علموا بريحه، ولا حامل القميص علم ، وإنما قال صاحب الوجد : (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ)، كل واحد منكم في فقد قلبه كيعقوب في فقد يوسف، فلينصب نفسه في مقام يعقوب، ويتحسر وليبك على ما سلف، ولا ييأَس، كيف طريق التحسس قطع مرحل الليل وركوب نجائب العزم إنضاء بعير الجسم ومصاحبة رفقة الندم والمستغفرين بالأسحار0
----------------------------------------------------------------------------
بعض ثمرات الطاعة
إخواني : من أراد دوام العافية فليتق الله، ما أقبل مقبلٌ عليه إلا وجد كل خير لديه، ولا أعرض معرض عن طاعته إلا وتعثر في ثوب غفلته:
واللَهِ ما جِئتُكُم زَائِراً ... إِلَّا الأَرضُ تُطوى لي
وَلا انثَنَى عَزمي عَن بابِكُم ... إِلَّا تَعَثَّرَت بأَذيالي
روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (قال ربكم عزَّ وجل: لو أنَّ عبادي أطاعوني لسقيتهم المطر بالليل، وأطلعت عليهم الشمس بالنهار، ولم أُسمعهم صوت الرعد)0 قال أبو سليمان الداراني: من صفا صفا له، ومن كدر كُدر عليه، ومن أحسن في ليله كفى في نهاره0 وقال الفضيل بن عياض: إني لأعصى الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وجاريتي0 فيامن من يريد دوام العيش على البقاء، دم على الإخلاص والنقاء، وإياك والمعاصي، فالعاصي في شقاء المعاصي، والمعاصي تذل الإنسان وتخرس اللسان، وتغير الحال المستقيم، وتحمل الاعوجاج مكان التقويم0 قال يحيى بن أبي كثير: لما أصاب داود الخطيئة نفرت الوحوش من حوله، إلهى رد على الوحوش كي أستأنس بها، فردها الله عليه، فأحطن به واصطففن إليه فرفع صوته بقرآنه الزبور، فنادته هيهات هيهات يا داود قد ذهبت الخطيئة بحلاوة صوتك، فكان يقول: بح صوتي في صفا أصوات الصديقين، وأصبحت كالبازي المنتف ريشه يرى حسران كلما طار طائرٌ:
يَرى طائِراتُ الجَوِ يَخفِقنَ فِى الهَوىَ ... فيذكر رِيشاً مِن جناحيهِ وافر
وَقد كانَ دَهراً في الرِّيَاضُ مُنَعَّماً ... عَلى كُلِ من يهوى مِن الصَّيدِ قادر
إِلى أَن أَصابتهُ مِن الدهر نَكبَةً ... فأَصبحَ مَقصوصَ الجناحينِ حاسر
مَضى السابِقونَ الأَوَّلون لفورهم ... وقصَّرت في أَمري وإِني لخاسر

ساعدنا فى نشر هذا الموضوع:

0 التعليقات على هذه المقالة شاركهم برأيك

اكتب تعليقك ورأيك

اشترك ليصلك كل جديدنا...
تابع خلاصة المدونة
بعد الإشتراك :ستصلك رسالة على بريدك الإلكتروني يرجي الضغط على رابط التفعيل فيها ليتم إدراجه في الخدمة الإخبارية , ان لم تصلك الرسالة على صندوق البريد الوارد حاول ايجادها في جنك ميل.!
Subscribe via RSS Feed
إعلانات مواقع أخرى
Template By SpicyTrickS.comSpicytricks.comspicytricks.com
للتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانى
الأكثر مشاهدة
أحدث موضوع
المدونة على الفيس بوك
أقسام مهمة
بحث
Categories
فيديو الأسبوع
أحدث التعليقات
أحدث المقالات