أحدث الأخبار
مقالات اليوم

المعركة المستعرة والأخوة المفتقدة

بقلم / ورود الحق
فازت مصر على الجزائر وكأنها تخطت خط بارليف من جديد وألهبت أعدائنا بالنيران والباررود وأغلقت عليهم بالأغلال والأصفاد كل الحدود . أو كأنها أعادت بنا من ظلمة الليل البهيم إلى ذلك الفجر الجديد . وكأنها أعادت للأمة كرامتها وعزتها المفقودة . وهُزمت الجزائر وكأن فرنسا عادت إليهم بعصر الظلم والطغيان بعصر الاحتلال فاجتمعوا على قذف العدو (مصر ) بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة بالسب واللعن والطعن وهذا ما جاء على ألسنة صحافتهم وصحافتنا .
إن معركة (أم درمان ) التى اندلعت عقب السيول الكلامية التى حدثت بين الجيشين كانت تحت مجهر اليهود المتحمسين لمعرفة من الذى أسقط الآخر وهزمه حتى يرسل له أجمل التهانى على هذا النصر العظيم . إن هذه المعركة أسفرت حتى الآن عن مقتل العقول الفكرية فى الجيشان ووفاة الوحدة العربية وانقباض روح الاخوة بين المسلمين وموت أحلام الرجال الذين كانوا يحلمون بيوم فيه الأندلس تمدح غزة شعرا أو ترسل فيه غزة رسالة شكر للخليفة القابع على كرسى الخلافة فى مكة عاى فتحه لبلاد الغرب الصليبى ماتت هذه الأحلام إثر هذه المعركة الملتهبة حيث سقطت من على فرسها مما أفقدها القدرة على النوم لكى تعيش حلما جديدا .

لقد أكلت هذه المعركة الاخضر واليابس بأرض الوحدة والترابط وجفت فيها الأبحر الغراء والأنهر العذباء واتضحت خلالها انهيار البنية التحتية للعقل عند المسلمين ـ الذين شاركوا فى هذه المهزلة وللأسف هم كثر ـ واتضحت الشروخ والفجوات التى خلفتها لنا جهود اليهود والغرب الصليبى على مدار ثلاثة قرون متواصلة من اضمحلال ثقافة المسلمين وانحدار التعليم الشرعى الصحيح وانتشار الأفكار الغريبة على الإسلام وبثها داخل الشعوب الإسلامية حتى أصبحنا من العالم الثالث وأن تفوق علينا من كان دوننا بمراحل كبيرة جدا جدا .
إن ما حدث على الساحة الرياضية ما هو إلا حلقة سخيفة من حلقات الجهل التى تعودنا عليها من خلال هذا الزمن الذى لم يحدث له مثيل سابقا فى عهد الخلافات المتواصلة ـ أعاد الله أنوارها ـ فلم نسمع عن هذه المهازل بين الأشقاء .
فقد كشف النقاب عن أمور عدة أهمها :
1- الجهل واضمحلال الفكر وانحدار التعليم الشرعى الصحيح .
2ـ جعلنا من كرة القدم قضية هامة يجب النفور من أجلها والتعصب لها وأصبحت كرة القدم أكبر أهمية من قضايا الأمة وآلامها مثل ( غزة والحصار المطبق ـ العراق ـ السودان ـ عمليات التنصير ...... وغيرها ) .
3ـ إلهاء الشعبين عن قضايا هامة سياسية فى كلتا البلدتين من فساد وظلم وديكتاتورية الحكم .
4ـ اندساس الحكومة وتمحكها على الساحة الكروية لجذب الانتباه لها أنها مع الشعب وأنها تعمل له جاهدة على تخليصها من خط الفقر الذى تعيشه وخط الجهل والفساد الذى يفوح فى كلتا البلدتين . حتى وصل الأمر إلى قول رئيس الوزراء فى كتابه (60 إنجازا .....) أنه من إنجازات هذه الحكومة بطولة افريقيا التى حققها المنتخب المصرى !!!! .
5ـ زرع على الساحة الإعلامية فضائيا وورقيا وعلى شبكة الإنترنت شخصيات تعمل لحسابها نفاقا وتدليسا وتقليبا للحقائق وهذه الشخصيات كان لها دور كبير بجهلهم القاتم فى إشعال التوتر بين البلدتين .
6ـ نجاح الحكومة فى شغل ساحة معارضيها بقضايا صنعتها بأيديها نعم لها أهمية لكنها لم تمسهم إنما تمس الشرع فتلاعبوا بالشرع لإلهاء الشعب بمعارضيه عن مقاصده ومفاسده فشغلهم فى النقاب رغم أنه ذات اهمية إلا أنه طالما بعيد عن الساحة السياسية فليلعبوا به كيفما شاء وحسبى الله ونعم الوكيل وقضايا اخرى غيرها كما قامت بصنع قضايا أخرى لتشغل الرأى العام أى للشعب كله مثل كرة القدم واستخدموها أسوأ استخدام هم ومن زرعتهم فى الإعلام كما قلت آنفا .
وقد نسينا قضايا كبيرة جدا ومنها ( حصار غزة والجدار العازل الملعون تصدير الغاز لأعدائنا وقضيى الأقصى والحفريات التى تحوم به وقضية التوريث والمادة 76 من الدستور وغيرها )
أخوتى إن ما حدث فى مباريات مصر مع الجزائر حدثا مألما يزيد من آلامنا وأحزاننا وليته لأمر جلل ولكن لشىء هين وحقيرأيحدث كل هذا الجدل والتشاجر والخلافات والسباب واللعان من أجل كرة القدم والتى هى للفرح والتسلية وتقوية للأجسام فالعقل السليم فى الجسم السليم نعم نحن نلعب نعم نشجع فى روح التنافس والحب لاسيما أن تكون بين أشقاء وأخوة واجب عليهم الوحدة تجاه قضايا أكبر ومهام اثقل وليس التنابز والطعن بينهم البعض . ومبدأ الأخوة الحديث عنه بالأدلة الشرعية شيئا تحدث فيه علماؤنا وأئمتنا كثيرا لكن لا مانع هنا أن نذكر بعضها .
أولا القرآن الكريم :
1- (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُـونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) (الحجرات: 10) فالمؤمنون جميعاً كأنهم روح واحدة حل فى أجسام متعددة كأنهم أغصان متشابكة تنبثق كلها من دوحة واحدة، بالله عليكم أين هذه المعانى الآن؟ فبسبب كرة صرنا نسب ونلعن فى بعضنا البعض . لذا فإن الأخوة فى الله قرينة الإيمان لا تنفك عنه، ولا ينفك الإيمان .
2- إن الأخوة نعمة من الله أعطاها لنا فألف بين قلوب المسلمين فجمع حمزة القرشى بسلمان الفارسى وصهيب الرومى وبلال الحبشى وصهيب الرومى وأبو ذر الغفارى جمعهم تحت راية واحدة تحت قول واحد هو :
أبى الإسلام لا أبَ لى سِوَاهُ إذا افتخـروا بقيسٍ أو تميمِ
فإن الله ألف بين هذه القلوب بعد أن كانوا فى ضلال وظلام الجاهلية وعبادة الأوثان والنار فألف الله قلوبهم تحت كلمة الإسلام فيقول المولى عز وجل فى كتابه العزيز {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102 )وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)}(سورة آل عمران ) كما قال أيضا {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }(الأنفال: 63) .
ثانيا السنة العطرة :
1 - كان مبدأ الإخاء أول ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى يثرب حيث آخى بين المهاجرين والانصار جسد هذا الإخاء هذا المشهد الرائع الذى جـاء فى الصحيحين من حديث أنس بن مالك قال: قدم علينا عبد الرحمن بن عوف وآخى النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بينه وبين سعد بن الربيع، وكان كثير المال، فقال سعد: قـد علمت الأنصار أنى من أكثرها مالاً، سأقسم مالى بينى وبينك شطرين، ولي امرأتان فانظـر أعجبهما إليك، فأطلقها حتى إذا حَلَّتْ تزوجْتَها. فقال عبد الرحمـن: بارك الله لك فى أهلك. دلونى على السوق، فلم يرجـع يومئذٍ حتى أستفضَلَ شيئاً من سَمْنٍ وأقطٍ، فلم يَلْبث إلا يسيراً حتى جاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعليه وَضَرٌ من صُفرةٍ فقال له رسول الله ((مَهْيَمْ؟)) قال: تزوجتُ امرأةً من الأنصار قال: ((ما سقت إليها؟)) قال: وزن نواة من ذهب أو نواةٍ من ذهب فقال: (أولم ولو بشـاة ) . ونحن الآن نتمنى حسن التعامل وليس مشاطرة الأموال !!! .
2ـ وفى الحديث الذى رواه مسلم وأبو داود أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (والـذى نفسى بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم )
3ـ كما أن الأخوة لابد أن تكون بعيدة عن المصالح الشخصية وفى صحيح مسلم من حديث أبى هريرةـ رضى الله عنه ـ أن النـبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ((إن رجلاً زار أخاً له فى قرية أخرى، فأرصد الله له على مدرجته، ملكاً فلمَّا أتى عليه قال: أين تريد؟ فقال: أريد أخاً لي فى هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تَرُبّها؟ قال: لا. غير أنى أحببته فى الله عز وجل، قال: فإنى رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه)
ثالثا أقوال العلماء والأئمة :
1- يقول الأستاذ سيد قطب- يرحمه الله-: "ولقد وقعت المعجزة التي لا يقدر عليها إلا الله والتي لا تصنعها إلا هذه العقيدة، فاستحالت هذه القلوب النافرة، وهذه الطباع الشموس، إلى هذه الكتلة المتراصة المتآخية، الذلول بعضها مع بعض، المحب بعضها لبعض، المتآلف بعضها مع بعض، بهذا المستوى الذي لم يعرفه التاريخ، والذي تتمثل فيه حياة الجنة وسمتها البارزة- أو يمهد لحياة الجنة سمتها البارزة.. ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47)﴾ (الحجر).
إنَّ هذه العقيدةَ عجيبة فعلاً إنها حين تُخالط القلوب تلين قاسيها، وترقق حواشيها، وتندي جفافها، وتربط بينها برباطٍ وثيقٍ عميق، فإذا نظرة العين،، ونطق الجارحة، وخفقة القلب، ترانيم من التعارف والتعاطف، والولاء والتناصر، والسماحة والهوادة لا يعرف سرها إلا من ألف بين هذه القلوب، ولا تعرف مذاقها إلا هذه القلوبُ.هذه الأخوة المعتصمة بحبل الله نعمة يمتن الله به على الجماعة المسلمة الأولى، وهي نعمة يهبها الله لمَن يحبهم من عباده دائمًا .
2- يقول الإمام الشهيد حسن البنا- يرحمه الله-: "وأريد بالأخوة أن ترتبط القلوب والأرواح برباط العقيدة، والعقيدة أوثق الروابط وأغلاها، الأخوة: أخوة الإيمان، والتفرق أخو الكفر، وأول القوة قوة الوحدة، ولا وحدةَ بغير حب، وأقل الحب سلامة الصدر، وأعلاه مرتبة الإيثار: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ﴾ (الحشر: من الآية 9).
والأخ الصادق يرى إخوانه أولى بنفسه لأنه إن لم يكن بهم فلن يكون بغيرهم، وهم إن لم يكونوا به كانوا بغيره، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، و"المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا"، قال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ (التوبة: من الآية 71) .
وغيرهم الكثير والكثير مما تكلم عن الأخوة والحب فى الله لكنى أحاول الاختصار لأننى لست بصدد هذا الخلق العظيم ولكنه الآن كالأرض الخصبة التى اقتلعنا منها الجذور وجففنا فيها البذور وشققنا فيها الجسور وحولناها بجهل إلى أرض بور ووقفنا عليها كمن وقف على القبور يبكى على ميت لا رجعة فيه ولا نفور . أصبحت الأخوة لا مكان لها إلا على المنابر يجلجل فيه الخطيب قولته ويزلزل به مجلسه وإذا نزل من منبره تناسى كل مستمعيه ما كانوا يسمعوه . فالكلام يطلوه العذوبة والأفعال تغشاها الرطوبة .
إخوتى وأهلى بمصر والجزائر لقد انتفض الثرى يبكى لبكاؤنا على ما جرى فارجعوا إلى الأخوة ففيها عزة تملأ الورى وقوة على من افترى ووحدة شادت بها من قبل مجدا وعزة وحضارة لا ينساها إلا جحود أو قلب مات وأُقبر . فاستيقظوا من غفلتكم اليهود كل يوم تطرقنا بويلات من الضربات القاسمة وأخوتنا محاصرون بغزة وأرضنا محتلة والمسجد الاقصى الآن يخجل منكم كيف يدافع عنكم يوم الحساب ولن يصد عنكم أى عقاب فعودوا إلى الرشد وأنوار الهداية الربانية الصافية
ونهاية فالقول مستخلص وعبر فيأخذها كل من قلبه يعتبر والفعل والتطبيق شيءٌ منتظر فخذوا بها إلى أنوار الشمس المنتثر وأنهى الحديث بشعر يعتذر
الود يبقى وحب الله يجمعنا على الإخاء وطيب القول قد عبقا
والقلب يخفق إن هبت نسائمكم فصادق الود يجلو الهم والأرقا
والله يجزى أضعافا مضاعفة لمن لصاحبه مستبقا
-----------------------------------------------------------------------------

ساعدنا فى نشر هذا الموضوع:

1 التعليقات على هذه المقالة شاركهم برأيك

  1. جزاك الله خيرا وجمع العرب تحت راية واحدة وهى رايةالاسلام قريبا انشاءالله

اكتب تعليقك ورأيك

اشترك ليصلك كل جديدنا...
تابع خلاصة المدونة
بعد الإشتراك :ستصلك رسالة على بريدك الإلكتروني يرجي الضغط على رابط التفعيل فيها ليتم إدراجه في الخدمة الإخبارية , ان لم تصلك الرسالة على صندوق البريد الوارد حاول ايجادها في جنك ميل.!
Subscribe via RSS Feed
إعلانات مواقع أخرى
Template By SpicyTrickS.comSpicytricks.comspicytricks.com
للتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانى
الأكثر مشاهدة
أحدث موضوع
المدونة على الفيس بوك
أقسام مهمة
بحث
Categories
فيديو الأسبوع
أحدث التعليقات
أحدث المقالات