أحدث الأخبار
مقالات اليوم

الإسلام والتيارات الفكرية المناوئة

بقلم /ورود الحق
إن ما تراه أعيننا من ضياع هيبة المسلمين وتفرقهم وتمزقهم وتكالب كل الدنيا عليها بمخالبها كلٍ يتوثب على قطعة ينحل فيها بنحله ليس أمرا استعباطيا من نتاج تلك الطبيعة أو تلك الأمواج التى يتحاكى بها الشعراء تعبيرا على تغير الزمان ضد طموحهم .
إن هذا الضعف والهوان الذى يتعايشهما المسلمون إنما هو بأيد ليست خفية وليس لها من الجنَّة أو السحرة شىء ولا لها علينا سلطان يحكم ولا قانون ينفذ . فهم كإبليس حينما يغوى ونحن مثلما نضل ونسير على خطاه .هم بسطوا أيديهم مكشوفة مسمومة بأفكارهم البذيئة التى لا تتماشى مع ديننا لكننا لم نغسل تلك الأيادى ولم نضعها فى مكانها الصحيح بل تمادينا فى أخذ تلك السموم وبشغف كالظمآن حين يرتأى الماء . وهم ليسوا بالأسود ولسنا بالنعام حتى يتحكموا فى أمرنا ويغيروا ديننا لكننا نمرض ولا نموت بل نحن الأسود التى هى فى أسر المنايا أو أغفلها وأقعدها المرض كما يقول الشاعر على
شوقى :

سمعنا بالعرين عواء عاوٍ وكان وما به إلا الزئير
وإن يسمع عواء فى عرين فإن لليثه حدثت أمور
أجل فالليث فى أسرالمنايا وإلا فالجميع هنا أسير
نعم الليث مقعد على فراش المرض وقد حدثت له أمور وأمور وإلا فما كان بمستطاع الكلب أن يعوى أو حتى يقترب من عرين ذاك الأسد. ولكن سيعقب هذا المرض وهذا الضعف التوثب والنفور حتى وإن طالت ليالى السقم والمرض فيقول هذا الشاعر:
لعا لك أيها الأسد الهصور أداء هد حولك أم فتور
وإلا فهو ربض دون عمد سيعقبه التوثب والنفور
وإن يطل ارتياح الأسد حينا فإن ظنوننا فيهم تثور
والله لأسودنا بها علة وستشفى وتعود لعرينها وتسكت عواء الكلاب .
لقد مر على الإسلام منذ أن ظهر بريقه وأشرقت شمسه أعداءَ شتى بطرق مختلفة إلا أنه فى المقابل كان هناك رجال عاهدوا الله كما قال الله عنهم فى كتابه العزيز ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفوراً رحيما)(سورة الأحزاب).
قد قاموا بكل ألوان التضحيات فى سبيل الله وسبيل إعلاء كلمته عالية خفاقة وكان أعدائهم أكثر عتادا ومالا وعددا إلا أن هؤلاء الرجال كان الواحد منهما يوزن بالألف من هؤلاء الأعداء بإيمانهم القوى وبنصرهم لله ودفاعهم عن حمى الإسلام بكل جوانحهم وجسدهم وأرواحهم .لقد شيدوا أمجادا وبطولات حربية واجتماعية وعلمية وأدبية وامتد عمر الإسلام قرونا وقرونا وما زال حتى الآن وحتى تقوم الساعة . وبلغ الإسلام أوج مجده بعد ذلك بأن بلغت دولته عنان السماء وملك الإسلام الدنيا قرونا كما يقول الشاعر :
ملكنا هذه الدنيا قرونا
وأخضعها جدود خالدونا
وسطرنا صحائف من ضياء
فما نسي الزمان ولا نسينا
حملت سيوفا لامعات
غداة الروع تأبى أن تلينا
إذا خرجت من الأغماد يوما
رأيت الهول و الفتح المبينا
وكنا حين يرمينا أناس
نؤدبهم أباة قادرينا
نعم ملكنا هذه الدنيا قرونا وأخضعناها وجعلناها صحائف من ضياء وما نسى الزمان ولكننا للأسف اليوم قد نسينا ومن نسى التاريخ الماضى كيف يصنع تاريخه الآتى لقدمر كما قلت آنفا على الإسلام أعداء شتى أمثال اليهود والنصارى والمنافقين وعبدة النار وغيرهم . لكن الإسلام برجاله صدوهم ونحروهم .هذه الأعداء اتخذت لها طرقا وأساليب فى محاربة الإسلام على مر العصور فكان العداء قبل القرن السابع عشر كان فى إطار الحروب بالسلاح والقتال أى أنه هناك ساحة يتبارز فيها الجيشان . إلا أنه تطور العداء والأفكار العدائية بوسائل أخرى وهى حرب القرآن والعقيدة بما يسمى بالحرب الفكرية وقد عبر عنها كثيرا من نصارى الغرب من قبل فها هو بطرس الناسك يقول :(إن القرآن
منبع الزندقات وسبب الحركات الهدامة التى تهدد كيان المسيحية , فإذا أريد القضاء عليه فلابد من دراسته والدعوة إلى أنه كتاب تعارض وتضارب وتناقض وأن ما فيه يرفضه العقل .....)(الأستاذ طيباوى :المستشرقون الناطقون بالإنجليزية وهو بحث نشره الدكتور البهى ملحقا بكتابه (الفكر الإسلامى الحديث )
وأيضا اليهود قد دخلوا فى جدل عقلى طويل مع المسلمين فى مسائل عقدية أيقنوا بعده (أن قلعة المسلمين العقلية حصينة , وأن النزاع العقلى المباشر قد ينتهى إلى دحرهم وانقطاعهم , فاتجهوا اتجاها آخر فى محاولة تقويض العقائد الإسلامية اتجاها آخر سريا يتفق مع الطبيعة اليهودية المغلقة التى تلجأ إلى التخفى حين تغلب على أمرها , وهذا الاتجاه هو الاندفاع إلى قلب العقيدة الإسلامية والقذف فيها بآراء تخريبية , أو مخالفة لعقيدة القرآن , ومحاولة إقامة نزاع عقلى ينتج عنه نزاع سياسى أو حربى ......)(الدكتور النشار : نشأة الفكر الفلسفى فى الإسلام ج1ص55 ) .
أى أن العداء تحول من ساحة القتال بين الجيوش إلى حرب على العقيدة الإسلامية وإلقاء السموم الفكرية الغربية فى أفواه المسلمين الذين قاموا بدور المرتشفين على أكمل وجه بحيث أنهم يرتشفوا الضربات تلو الضربات والصعقات تلو الصعقات ولم يتحركوا ولم ينهضوا لها ولكن كان منها من يستقى من أنهار تلك السموم الفكرية تحت مسمى مبادىء وهمية مثل العولمة وأننا فى عصر الانفتاح وأنه لابد من توالد روح التبادل الثقافى بين الشعوب وإلا فنحن جهلة ولسنا نواكب مسيرة الزمن وأن عجلة الزمن داهمتنا ولابد من لحاقها .
ومن هذا المنطلق أخذنا نأخذ من الغرب كل ما تراه الأعين دون وعى دون موازنة المأخوذ فى ميزان الشرع والدين دون غربلة الأفكار وتصحيحها قبل أن ترتشفها عامة الناس أخذنا منهم السقيم والسليم بل أننا أخذنا السليم فحولناه إلى سقيم يعدى ويمرض مرتشفيه .
فظهرت نتائج السنين الطوال التى عملت لها أيادى الغرب المسمومة على عامة الشعوب الإسلامية فتفرقنا إلى دول يفرقها حدود وكل له قوانينه أى أننا تركنا مبدأ الوحدة بتركنا الخلافة وتركنا شريعة الإسلام فى الحكم وأصبحنا نحكم بقوانين وضعية بعيدة كل البعد عن الدين الإسلامى الحنيف .وظهرت على الساحة الفكرية تيارات فكرية مناوئة للإسلام هى نتاج السموم التى ألقته النصارى واليهود فى أفواهنا مثل الاستشراق والتنصير والتبشير والعلمانية والقومية والقاديانية والبهائية وحتى الشيعة وسنفضى فى الحديث عن أهم قضايا وموضوعات الفكر التغريبى مثل :
1-الدعوة إلى الفصل بين الدين والدولة
2-الدعوة إلى تقليد الغرب
3-الدعوة إلى تحرير المرأة
سنكتب عن هذه الموضوعات الهامة جدا من منطلق رؤيتى بأن الغرب لم يحاربونا بالسلاح إلا وخسروا وباءوا بفشل ذريع ولكنهم للأسف حاربونا بالغزو الفكرى المسموم الذى نراه عيانا كل يوم فى أيامنا من انتكاس فى الأخلاق واضمحلال فى التفكير وضعف فى الإيمان وذل وهوان وخنوع أمام الأعداء وكثرة وانتشار البلاء . اللهم وفقنى إلى السداد فى القول والعمل .

ساعدنا فى نشر هذا الموضوع:

1 التعليقات على هذه المقالة شاركهم برأيك

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لقد ساقت قدماك إلى أكبر الأسباب التى أدت إلى ضياع هيبة المسلمين وضياع تراثهم القويم من مجد وصرح عظيم ونتمنى أن تسير على هذا النهج فى توضيح عرى اليهود والمرتزقة من بنى عمومتنا للأسف الشديد

اكتب تعليقك ورأيك

اشترك ليصلك كل جديدنا...
تابع خلاصة المدونة
بعد الإشتراك :ستصلك رسالة على بريدك الإلكتروني يرجي الضغط على رابط التفعيل فيها ليتم إدراجه في الخدمة الإخبارية , ان لم تصلك الرسالة على صندوق البريد الوارد حاول ايجادها في جنك ميل.!
Subscribe via RSS Feed
إعلانات مواقع أخرى
Template By SpicyTrickS.comSpicytricks.comspicytricks.com
للتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانى
الأكثر مشاهدة
أحدث موضوع
المدونة على الفيس بوك
أقسام مهمة
بحث
Categories
فيديو الأسبوع
أحدث التعليقات
أحدث المقالات