أحدث الأخبار
مقالات اليوم

(ورود الحق ) : أنا وأمى والقدر

 مدونة ورود الحق
إلى أمى الحبيبة الغالية إلى من ربتنى وعلمتنى إلى زهرة حياتى التى افتقدتها إلى كل من يقرأ هذه القصة أرجوكم الدعاء لها بالرحمة والمغفرة ؛ من أجلك أنت يا أمى ..........
----------------------------------------------------
الشمس قاربت الغروب وأنا كئيب النفس من شبح الغروب أريد أن أعرف أين الطريق ؟السفينة تسير ولا أحد يعلم أين مرساها ركبتها دون أنفى ولا أدرى أين ومتى أرحل عن سماها ؟ . فصارت حياتى مليئة بالعثرات والخفقات والآهات.فبينما أنا يلوح بى أفق المستقبل والخوف الشديد من الفشل وأشباح الماضى تريقنى وتزيد من العذاب على قلبى إذ بنداء أبى لى يقطع الأحزان والآلام ولكنه كان يستغيث بصوت باك فهرولت إليه مفزوعا لا أدرى ماذا ستفعل بى الأقدار .ولما رآنى ؛أجهشَ بالبكاء فقلت ما لك يا أبتى ماذا حدث خبّرنى فقال : أمك ياولدى لا أعرف ماذا جرى بها فهرولت إليها كى أراها فرأيتها كالقمر ليلة التمام ولكنها لا تتكلم تبتسم لنا وتنظر إلينا لكنها لا تحرك شفتاها لا يبدو عليها أية شىء سوى صمتها الذى يبكينا فرحت فى الطرقات أصرخ لإخوتى ورحت لأحضر الطبيب وعندما أتى أخلى الحجرة من الناس الذين اكتثوا بداخلها فقد كانت أمى ملاكا على الأرض يحبها الناس .

ومرت علينا دقائق بل سنين فخرج الطبيب وسمعت همساته لأبى دون أن أعرف شيئا لكنى رأيت الدموع تنسكب ووالعيون تلونت والعقول تشتت فقال الطبيب : يجب نقلها لابدإلى المستشفى فذهبت ألهث عابثا لا أدرى ما وجهتى لكى أجلب سيارة تنقل أمى . أمِن اليمين أم اليسار فساقتنى قدماى فرحت أسرع والعين لا ترى أمامها من الدموع وشهقات القلب لا تهدأ بل تزداد فى الحريق والليل مظلم حالك السواد والمارُّون فيه القليل وأنا فى بلوتى أصرخ وأنادى ولا أحد يرد على صرخاتى وأناتى حتى رآنى صديق عائلتى رآنى أعبث بالنظرات يمنةً ويساراً فنادانى متسائلاً عن شتاتى وصراخى واحمرار عيناى فأجبته وأسرعته فالوقت يمضى والمرض لا ينتظر الكلام ولا يجليه أنات القلوب ولا نحيب النساء. فسرنا إلى البيت ولما وصلنا إلى البيت الذى نظرت إليه وكأنى أول نظرة فى حياتى إليه فقد تغيرت ملامحه واسودت جوانحه من الفرح إلى الأحزان والآلام فرأيت عيونه تبكى . رحلت أمى إلى مكان نجهله إلى المصير المجهول وظلت أنا أنظر إلى الأزقة والبيوت المرصوصة وأسأل نفسى علّها تجيبنى ولكن هيهات!
فأسأل نفسى أترى ما هذا المرض الخبيث الذى تعانيه الآن أمى ؟ وترى ستشفى وتعود معنا ؟أم ماذا ستفعل الأقدار بها ؟ فلاح لى فى الأفق شيطانا يقول إنها نهاية حياتها فرددت بصرى إليه وقلت لا لا ستشفى أمى وستعود معنا نعم ستعود معنا وتنهى معنا مسار الحياة .
دخلت أمى إلى المستشفى ونحن وراؤها وأيادينا تارة على القلوب تسنده وتارة أخرى إلى السماء تدعو وترجو خالقها بالشفاء .وأمر الطبيب بحجزها رأيت ذلك فى عيون أبى فأمرنا بالرحيل فعدنا نحن ولم تعد أمى معنا .
عدنا إلى البيت فى صمت فقد اختبأ الكلام وراء ستار الحزن والألم فلا يدرى أى منا كيف ستدور الأيام وما عسانا أن نقول؟
وبتنا ولا أعرف كيف بتنا لا العين فارقتها الدموع ولا الجفن يرضى الخضوع   ولا العقل كف عن السؤال فما توقفت  عن التفكير وبت أسأل وأبحث عن جواب أبحث عن خبايا الأقدار وأنى لى ذلك ؟ وظلت أنا وأبى نبكى فجلس كل منا يريد أن يهدأ الآخر من روع ما حدث ومن روع ما تخبئه الأقدار بأمى .
فمرت الساعات حتى أشرقت الشمس وليست كعادتها فغابت عنها أشعتها وأنوارها فكأنها ما زالت وراء السحاب تنتظر المصير معنا فأسرعنا إلى المستشفى لكى نضع نظراتنا على أمى ونعرف ماذا قد حل بها فنحن لا نعلم أى قدر ينتظرها وينتظرنا فدخلنا إليها والألم يعتصرنا ويحرقنا حتى رأيتها يا الله ! ماذا أرى جسدا لا يرى فيه علة ولا نصبا وكأنها بدر يضئ سماء الكون بأنواره  فوجهها كحبة من حبات التفاح ولكن ماذا جرى لا أدرى فدنوت منها تلامست يدانا وتلاقت أرواحنا وتشابكت أنفاسنا فانسدلت دموعنا كل هذا بلا كلمات بلا همسات فلاح لى قول ذاك الشيطان الذى أخبرنى بدنو الموت منها فانتهى وقت الزيارة بسرعة البرق الخاطف وعند خروجى رمقتنى بنظرة حسبتها نظرة الوداع فاحتبس الكلام وجفت بشفتىّ الدماء.ومرت أيامٌُُ معدودات دون تغير مما زاد من الأحزان والآلام فيا ليل ما لك لا تنجلى وتسحب بساطك كى تنسدل الشمس من جديد تحيى النبض وتعيد البيت كما كان نابضا حياً سعيدا! وذهبت إلى دراستى حزينا وكئيب النفس لا أبالى من يرانى ومن يكلمنى ولا أبالى بمن راح يملى علينا من علمه فكنت مع أمى فى خيالى أسبح فى بحر حبها لى ومواقفها الجميلة لى فأسعد واطير فرحا وما أتذكر أنها فى مرض يقشعر بدنى وينساب منى لسانى بترهات الحزن والتعب وفجأة انقطع حبل الوصال بينى وبينها فى ذاك الخيال فقد هتف علىّ أخى فأجبت خائفا وكان القلب مقبوضا
فقلت  :   السلام عليك يا أخى .
فقال باكيا : أمك قد قابلت قدرها المحتوم .
قابلت القدر المحتوم !!!!!
ماتت أمى ! ....... ماتت أمى ! دعنى صديقى فقد اغتال الليلُ النهار ماتت أمى .....! فكيف تتوالى الأيام  وقد ماتت فيها الشمس فى وضح النهار . فتركت ما بيدى أصرخ وأسمع صدى صرختى . فظلت صرخاتى وصداها فى الوجود تسمع دويه الأذن ولو بها صمم . فماتت أمى وغادرت دنياى ومرت الأيام واعتصرتنى الأحزان فحاولت أنسى وكيف لى أنسى التى للدنيا آتتنى وقامت على تربيتى وعلمتنى . أيتها الأقدار خبرينى عن غدا هل سأعيش والحزن يحاصرنى أم هناك شيئٌ فى الأيام يواسينى . خبرينى أيتها الأقدار ولا تهربى من الجواب خبرينى كيف أخرج من هذه الهموم ومن ذاك المحن.
عجبا لكى أيتها الأقدار أتسألينى أين المحن ؟ ألا موت أمى من الآلام ما يقتل ؟ أم لا ترين ذاك الغد المجهول الذى انتظره ؟ .فوقفت أهذى بهذه الكلمات أياما وأياما حتى كادت الروح أن ترحل وتزج بى إلى قدرى المحتوم .
أمى ....!  أمى .....!
رد علىّ يا أمى ولا ترحلين فسمعت صوتها ينادينى والناس حولى طبعت عليهم الدهشة من أمرى .
فقلت بأعلى صوتى : أمى لم تمت يا أبى ! أمى تكلمنى أمى تنادينى .
فصمت الجميع وتملكتهم الدهشة فقالت :
ـ بل رحلت عن دنياك يا ولدى
ـ كيف يا أمى وأنت الآن تحاكينى .
ـ أنا رحلت يا ولدى أنا هنا فى روضة النعيم
ـ أمى ماذا تقولين يا أمى .
أيها الطبيب أجبنى عما رأيت ألم تقولوا أنها قد ماتت وقد فارقت الحياة لما كذبتم علينا . فقال لى :
ـ بالفعل ماتت فأنفاسها انقطعت والقلب توقف عن النبضات .
ـ كيف ماتت وهى الآن تكلمنا
تنادينى مرة أخرى :
ـ بنى اقترب ولا تعجب فإنى رحلت من دنياكم
ـ ماذا ترين يا أمى أمامك خبرينى ؟
ـ أرى يابنى جنة لم أبلغ فى البلاغة قمة حتى آتيك بوصفها.
.ـ أترين يا أمى الرسول ؟
ـ نعم يا ولدى وأكلمه .
ـ سليه يا أمى عن حالنا وماذا جرى فى مجدنا ؟
ـ يقول لك يا ولدى إنكم بعتم الآخرة بالدنيا ونسيتم ذكر الله وذكرنا ؟
ـ هل ترين يا أمى أبا بكر ؟
ـ نعم أراه يا ولدى ها هو يدخل قصره .
ـ سليه يا أمى ماذا سيحدث غداً؟
يقول يا ولدى ما سيحدث فى علم علام الغيوب لكن سيأتيكم صباح مشرق بالنور الساطع .
ـ هل ترين يا أمى عمر ؟
ها هو يا ولدى جالساً مع الرسول .
ـ سليه يا أمى عن العدالة ؟
ـ يقول يا ولدى بالعدالة تحيا الأمم وبها ستنهضون إلى القمم .
ـ أمى لمذا تبتعدين عنى يا أمى ؟
ـ دعنى يا ولدى الله ينادينى .
ـ أدعوك يا ربى دعها تواسينى .
ـ بنى دعنى ولا تبكنى وابك على دنياك .
ـ لما تبعدين عنى وأنا فى شوق ولهفة إلى لقياك .
ـ دعنى ياولدى فأنت تحدثنى عن دنيا الفناء .
ـ لما تتركينى وحيدا يا أمى مع الأقدار ؟
ـ تلك الأقدار يا ولدى سمحت لى من الدنيا بالفرار
ـ إلى أين يا أمى تذهبين ؟
ـ إلى جنتى ففيها صارت حياتى ومجلسى فهى دار الخلود .
أمى ......! أمى ........! أمى ...........!
وصاح بى أبى يوقظنى :
ولدى.....ولدى.....
ـ نعم يا أبى ماذا حدث .
ـ ألا تدرى يا ولدى ماذا حدث .
ـ نعم أدرى ماتت أمى وتفرقت أمتى .
-------------------------------------------------------------

أسأل من كل من قرأ هذه القصة أن يدعو لأمى بالرحمة والمغفرة وأن يسكنها فسيح جناته وأن يرحم أموات المسلمين جميعا ولكم كثير الشكر والامتنان .
هذه قصة حقيقة فيها خيال وشوق لماض الزمان وأمل يتدفق فى الوجدان

ساعدنا فى نشر هذا الموضوع:

0 التعليقات على هذه المقالة شاركهم برأيك

اكتب تعليقك ورأيك

اشترك ليصلك كل جديدنا...
تابع خلاصة المدونة
بعد الإشتراك :ستصلك رسالة على بريدك الإلكتروني يرجي الضغط على رابط التفعيل فيها ليتم إدراجه في الخدمة الإخبارية , ان لم تصلك الرسالة على صندوق البريد الوارد حاول ايجادها في جنك ميل.!
Subscribe via RSS Feed
إعلانات مواقع أخرى
Template By SpicyTrickS.comSpicytricks.comspicytricks.com
للتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانىللتبادل الإعلانى
الأكثر مشاهدة
أحدث موضوع
المدونة على الفيس بوك
أقسام مهمة
بحث
Categories
فيديو الأسبوع
أحدث التعليقات
أحدث المقالات